- أولا و قبل كل شيئ .. هذه إحدى محاولاتي القديمة .. و الأولى ربما ، لهذا فلا أجدها جيدة كفاية للنشر .. لكنني أحبها ، لأنها خطوتي الأولى ، و التي لولاها ما كنت لأكتب -
* * *
أقطع ردهات المستشفى اللعين ككل صباح ..أجتر كرسيي ..و أجتر معه مرارة و خيبة عميقين ..أتفحص وجوه المرضى العابسة ..كل شيئ ملفع بلون رمادي مقيت ..كاب و حزين .- تقول ممرضتي العجوز كل صباح و هي توقظني فاتحة ستائر غرفتي أن الجو جميل اليوم..ان السماء باسمة ، و الهواء عليل ، و قرص الشمس يتوسط السماء في كبرياء و غطرسة .. و كم أن الجو خارجا يشرح النفوس و يمتد بلمسة حانية على القلوب الكسيرة .
- لكنني لا أراه كذلك ..تطنب ممرضتي في الوصف كثيرا ..فالايام في هذا المستشفى اللعين ليست سوى يوم واحد يعيد نفسه في إلحاح ..
- عبوس أوجه المرضى..و صراخ الأطفال..و عمل الممرضين المؤدى بطريقة آلية ..عملهم الذي من المفترض أنه يحتاج الدقة و العناية..و الكثير الكثير من الحب ، كلها أشياء تجعلني ألفظ أنفاسي على مضاضة ، و أغرق في حزني أكثر .
- أخرج كل صباح إلى حديقة المشفى ..أطل من سياجه على ملعب كرة سلة- هوايتي الوحيدة فيما مضى و كل ما أجيد فعله - قريب من هناك ..أشاهدهم يلعبون ..كنت لأكون معهم الآن نتقاذف الكرة ..لولا تلك الحادثة اللعينة التي جعلتني ألتصق بهذا الكرسي المتهالك .. و ربما إلى الأبد .
- دخلت إلى المستشفى بعد انتهاء مباراة كرة السلة التي اعتدت مشاهدتها يوميا..أو بالأحرى بعد أخذ جرعتي الصباحية من الإحباط .
- كنت قاطعا الممر نحو غرفتي ،أدير عجلاتي فتدور معها أفكاري .. أتفحص المعالم من حولي في برود كما اعتدت دائما ، ضائع في بحر هواجسي .
فحدث أن رأيتها ..هي .. كانت تبدو جميلة في ثياب المشفى ..لم يكن يبدو على ملامحها الحزن و التعب الذي يكتسي وجوه المرضى عادة بمن فيهم أنا،نظراتها ،عيناها ،ربطة شعرها ..كل شيئ فيها كان جميلا ، بديعا ، يشي بالسعادة ..
-كانت تقف وسط الممر ..كانت تشير لي في بيدها أن أتوقف..ما إن صرت مقابلا لها استجبت لها ..و كففت عن التقدم ، بنصف فاه فاغر ..
- استغربت من تصرفها المفاجئ ذاك ، شيئ غير اعتيادي في غمرة أيامي المملة الاعتيادية .
- مدت لي يدها ..ابتسمت قليلا و قالت : " هل تصبح صديقي ؟ "
- لا أعلم الذي حصل في تلك اللحظة ..دون أدنى تفكير ، ظللت مشدوها أتأملها ، أتأمل تفاصيلها ..مددت لها يدي أيضا، تصافحنا .. أحسست كأن اللحظة طالت..امتدت لتصبح يوما..سنة ..لتصبح حياة .