نهيلة أحسني
حب وشهوات
ارتدت آخر قطعة من ملابسها , عانقته و لثمت فاه مودعة إياه بكلمات رقيقة معهودة , غادرت بيته بعدما تأكدت من خلاء الأزقة ... توجهت إلى غرفتها الواقعة بنفس الحي , لم يكن اختيار غرفة السكن هذه السنة عشوائيا بل تعمدت كراءها بالقرب من بيت حبيبها . كان لقاؤهما الأول بالقطار , كلاهما كانا عائدان إلى مدينة مكناس , هو لعمله كشرطي مرور و هي لدراستها كطالبة لغة إنجليزية بجامعة المولى اسماعيل , تبادلا رقميهما الهاتفيين , بدأت علاقتهما بداية كصديقين عبر الهاتف وتطورت إلى لقاءات و لقاءات حتى صار حبيبين , أحبته كما لم تحب أحدا من قبل و آمنت في قرارة نفسها بحبه الشديد لها, وقد تواعدا على الزواج عند تخرجها , مر على لقائهما الأول عام ونصف , و لقاؤهما اليوم تلى حفلة أعدها لها -بمناسبة تخرجها كانت- ليلة البارحة, وصلت إلى غرفتها بشقة الإيجار , كانت تكتري غرفة .... من أصل ثلاث غرف ومطبخ ومرحاض مكونة للشقة , بينما تستأجر طالبة أخرى الغرفة جانبها أما الغرفة الباقية فكانت لفتاة عاملة بشركة خياطة بمكناس .
أتمت جمع ما لم تجمعه من أغراضها , أخبرها أبوها أنه سيأتي من مدينة إفران ليأخذها ويأخذ الأغراض بسيارته , عائلتها متوسطة الحال, أبوها بائع خضر و فواكه و أمها ربة بيت , إلا أن كونها وحيدتهما وفر لها حياة كريمة , لم تكن مضطرة للسكن بالحي الجامعي أو الاقتصاد في صرف المال أو انتظار المنحة , لم تعان ما يعانيه الكثير من الطلبة . لكن في مقابل هذه الرفاهية لم تخيب ظن أسرتها , كانت طالبة مجدة تحرز علامات جيدة , تمكنت من التخرج خلال ثلاث سنوات , قبل أن تتعرف إلى حبيبها كانت تنوي أن تسافر إلى خارج البلاد لإتمام دراستها خاصة أن لها خالة تعيش ببريطانيا وعدتها بمساعدتها على ذلك إلا أن والديها رفضا الفكرة لكونها وحيدتهما ولكنها كانت تنوي إقناعهما إلا أن اللقاء بمعشوقها غير كل أحلامها , صار حلمها أن يجتمعا في بيت واحد ويعيشا معا.
ركبت سيارة والدها , ثم توجها معا إلى مدينتها . وصلا و مغرب الشمس , عانقت والدتها و أنزلت الأغراض مع والدها ... بعد ساعتين وضعت والدتها العشاء على الطاولة تناولوه في جو من المرح , توجهت بعدها إلى غرفتها , بدأت بترتيب ملابسها داخل الخزانة بابتسامة لا تفارق ثغرها ,تذكرت تغزله بشعرها الطويل المموج وعيناها العسليتين , وقامتها الهيفاء, لم تخبره هي أن له قد رجولي مثير وسمرة بدوية طالما عشقتها كما عشقت كل ما فيه . كانت تفكر أن هذه الملابس لن تعمر الصيف كله داخل الخزانة , لقد وعدها حبيبها البارحة أنه بعد أيام قليلة سيخبرها لتكلم والديها بشأنه , وعدها أنهما سيجتمعان معا قبل انتهاء عطلة الصيف , كانت تعلم ذلك مسبقا أ لم يتواعدا على الزواج بعد تخرجها ؟
مرت أربعة أسابيع على قدومها إلى البيت , لم يتصل و لو مرة , لم يرسل ولا رسالة , اتصلت به مرارا و تكرارا لكن بدون رد , خطر لها أن مكروها قد أصابه , صارت دائمة الشرود غائبة الذهن ,كانت خائفة بشدة أن يكون قد حصل معه بأس , قررت أن تفتح حسابا على " الفايسبوك "رغم أنها وعدته بعدم فتح حساب و اكتفت بحساب مشترك –يحمل اسمه و اسمها - بينهما كونه يغار عليها بشدة , لكن الحساب المشترك لا يفتح و قد حاولت ذلك مرات , فتحت واحدا جديدا , كتبت اسم الحساب المشترك على خانة البحث لكن لا وجود له , ثم كتبت اسمه فوجدته بالفعل , تصفحت منشوراته الأخيرة و هي حديثة النشر , أرسلت له رسالة تسأل عن سبب غيابه , كتبت أنها اشتاقت له , كتبت أنها قلقة جدا , طلبت منه أن يتصل بها , طال انتظارها اليوم كله لكنه لم يجب , بعد يومين من الانتظار قرأ رسالتها لكنه لم يجب , أعادت إرسال رسالة جديدة تخبره فيها أنها تريد الاطمئنان على حاله , هذه المرة لم يطل انتظارها , بعد خمس دقائق رن هاتفها , أجابت بسرعة , سمعت صوته فاغرورقت عيناها, بدأت تعاتبه و تبكي لغيابه المفاجئ , رد قائلا :
- لقد حدث مشكل , عندما ذهبت و أخبرت أمي عنك تجهم وجهها و خيرتني بينك و بين ابنة خالتي و بالتالي بين سخطها أو رضاها , أحببتك كثيرا لكن لا أستطيع إغضاب أمي لأن رضا الله من رضا الوالدين , أعتذر كثيرا , ستجدين من هو أفضل مني , كنت أتمنى أن نكون معا ولكنه القدر , وموعد زواجي بعد أسبوع من الآن , آسف .
انسابت الكلمات من بين شفتيه بكل سهولة , بينما ثقلت شفتاها , أرادت أن تعاتبه أرادت أن تسبه لكن الكلمات اختفت من ذهنها , أحست أن كل شيء توقف , الزمن وقلبها, اختنقت أنفاسها , دموع حارة تمطر من عينيها , ثم بدأت تضحك بهستيرية , دموع و ابتسامة , أعاد هو كلمات الاعتذار على مسمعها , قال أنه قدر إلهي , نبست هي بعبارات وكلمات مبهمة , قطع الاتصال بعدما لم يفهم ما تقوله , أحبته كما لم تحب أحدا و ذاقت جراء حبها له ألما لم يسبق أن عرفته , و في لحظة أحست بكره تجاهه , احتقرت نفسها كثيرا , كنت عاهرة بالمجان , حقيرة أنا , لقد قمت بما لا تقوم به العاهرات لإسعاده , أ لم يكن ذلك كافيا ؟! الله , يا الله , لقد أراد رضاك , لذلك وافق أمه , أ لم يكن الله يحضره عندما كنا نلتقي ؟! أ كان عندها ملحدا ؟! تألمت , احتقرت و سخرت منه و من نفسها ومن الكون ومن الحياة .
مر شهر على الاتصال , لم تنساه بعد , عقلها يكرهه لكن قلبها يحبه , أحاسيس متناقضة , حتى أمها لاحظت تغيرها , سألتها لكن بما ستجيب , طالما وثقت بها و اعتبرتها ابنة عاقلة عفيفة , و لولا غيابها –الوالدة- يوم الاتصال لانفضحت و ظهرت حقيقة الفتاة العفيفة الطاهرة . يوما بعد يوم بدأ الجرح يطيب , قدمت خالتها و أبناء خالتها من بريطانيا , فاستمتعت بوقتها معهم و تناست أمر الحب و الألم , تقدم ابن خالتها لخطبتها , قبلت و قبلا والديها على شرط أن تكمل دراسة الماجيستير ببريطانيا , لم تكن تحبه و لكنها لم تعد تهتم لما تمليه العواطف , بدا لها شابا وسيما ذا حال ميسور , و الأهم أنها ستحقق حلمها القديم عن طريقه , تم عقد قرانهما بسرعة و احتفلا بزواجهما داخل حفل عائلي بسيط و كانت تلك رغبتها , و قد قررا أن تكون ليلتهما الأولى بفندق بنفس المدينة , لشد ما فرح زوجها عندما رأى دما على الفراش , كان يفكر بطريقة تقليدية و لذلك فضل أن تكون زوجه مسلمة عفيفة طاهرة , طالما اعتبر بعض الرجال أن عفة و طهارة المرأة توجد بين رجليها , و حتى هي آمنت أنها مريم زمانها , فرغم كل ما قامت به لم تخسر رمز شرفها , وحمدت الله في باطنها , وعاهدت بنسيان الماضي وعيش الحاضر بسعادة .
توجها إلى مدينة طنجة من أجل شهر العسل , ومرت الأيام بسرعة , انتهى شهر العسل ,كانت الأيام الأولى منه جيدة , إلا أنه وقبل انتهائه بدأ الملل يصيب علاقتهما الزوجية , صحيح أنها بدأت تعجب بشخصه و صحيح أنه يبادلها نفس الشعور , غير أن شيئا ما لم يكن على ما يرام , كان هو يحس بنقص , كلما توجها إلى غرفتهما بالفندق أصابه تقزز واشمئزاز , بدأ يقارن بينها و بين حبيبته السابقة أيضا , كان يريد منها أن تفعل ما كانت تفعله الأخرى , و كانت هي الأخرى تقارن بين جسمه و جسم حبيبها , طريقته وطريقة الآخر , لم تكن تجاربهما الجنسية السابقة نافعة بقدر ما كانت مضرة , إلا أنهما اعتقدا أن الأمر سيصير جيدا مع الوقت .
بقلمي ,,,, ããäæÚ ÇáäÞá ÈÏæä ÐßÑ ÇÓãí Ãæ ÞÈá ØáÈ ÇáÅÐä
أنت تقرأ
حب و شهوات
Short Storyقصة قصيرة تحكي عن سيرة طالبة جامعية خلال سنتين , و عن حياتها العاطفية و الجنسية . ... و كإشارة هي ليست قصة إباحية و إنما كتبتها للعبرة .