بعد أن تواعدنا على أن يحقق كلً منا حُلم الاخر ، قلة لقاءتنا و أصبحت أكثر نضجاً من ذي قبل ، وأصبحت هي مهتمه بما تدرسه والسبب الذي يجعلني في تلك الفترة أذهب من أجل زيارتها بأنني كنت أستذكر لها ماكانت تدرسه وأستعصى عليها معرفته ، وعندما يصيبها الأعيء و تغفوا بأحضاني مرهقه و مُتعبه كنت أكمل عنها الأبحاث و الواجبات التي لم تكملها ، هكذا كانت الليالي التي ألتقي بها ، اما بالنسبة لليالي التي لا نلتقي و لا يظهر بها قمري ، كُنت أساعد و الدي و سكان القرية ، فنبني و نعمر القرية و مساعداً كل من يحتاج المساعدة ، كُنت أشعر بأنني مسؤول عن كل هولاء ، تلك الأيام كانت تعلمني كل يوم درساً جديد ، فبرغم قسوة تلك الدروس لكنها كانت عميقة ولن تصبح رجلاً نبيل و صبور بدون أن تقضيها بمشاقها و أتعابها ، تلك الدورس كانت في غاية الألم و القسوة لكنها كانت صادقة ، ستكون هذه المبادىء و القييم في كل ليلة في أختبار معها ومع التمسك و النظال من أجلها ، فهنا يكون الأختبار حقيقةً و واقعاً تعشيه لا هراء و حديثاً تهذي به على مسامع الناس ، فمن السهل أن يتحدث ثري و تاجر جشع بأنه لديه الكثير من المبادىء و القييم فهو لم يكذب يوماً ولم يسرق ، ذلك مجرد هراء فهو لم يحتاج لن يكذب خوفاً او رغبة كسب مال او سرق من أجل أن يعيش فقط .
وتتحدث أخرى من نساء الأغنياء قائلة بلا أكترث لما تقول تمجيداً لنفسها ، بأنها لم ولن تتنازل عن مبادئها ، أتسال ما الذي كانت ستفعله هذه السيدة لو لم يكن لها نجاة من الفقر هي و أطفالها سوى أن تمنح جسدها الطاهر مقابل المال حتى لا تموت عائلة و أسرة من الفقر و الجوع ، هذه السيدة وحتى وأن بأتت للحمقىء بعكس ذلك فأنني أراها سيده عظيمة شريفة منظالة ، لكن الحياة لم تمنحها تلك الحياة التي تستطع بها امرأة هجرها زوجها مع أبناها ناجحه فقد سُلب منها كل شيء ، ضحت بشرفها حتى تنجو فهي لم تغوص بذلك الوحل للمتعه بل للنجاة فحسب .
فترأها كل ليلة تتصارع مع نفسها و واقعها ، فهي بالطبع كانت أحلام الصباء بالنسبة لها بأن تكون طبيبه أو مُعلمة أو أيً يكن ، تلك الأحلام أصبحت وهم سراب وهباء ، فالفقر لا يسرق السعادة بل كل شيء الأحلام و الأمنيات ، كان الخصم الذي يقتل و يدمر دون أن يعاقب ، فالمبادىء كذبة و هراء أختاروه الأغنياء ، لا تتحدث عن صفة و تمجد نفسك بها مالم تغوص بوحل الفقر و الشقاء .
أتىء العام الأخير و أقتربت نهاية العام الدراسي ، العام الأخير بالنسبة لي أما لها فكانت تصغرني بعام ، مرت أيامه سريعه جميلة خالية من الأحزان و الكثير من السعادة و الفرح ، وكانه الهدوء الذي يسبق العاصفة ، في فترة الأختبارات النهائية ، أنتهت الدراسة وحصلت على التفوق وبالطبع لم لاكن اشعر بالرضا بما دون ذلك ، كان من حولي من الطلبه يتسألون في ما بينهم أين ستذهب بهم سفن مستقبلهم ؟
أما بالنسبة لي فالموضوع قد حُسم فاجمل أقداري قد أختار مصيري ، وعند الباب المدرسة وقفت مودعً و أطلت النظر فالمكان و تفاصيله ، هذه المبنى الغريب فمن هنا يتخرج المجرم و الجندي و المُذنب و القاضي و الخادم و الوزير ، فهذا المكان الأخير الذي يتساوى به البشر على تلك المقاعد ، تلك الاحضان و الأعناق مجرد نفاق في نفاق ، فتلك المشاعر مؤاقته كاذبة خادعه كمجموعة ممثلين في مسرحية ، ستمر الأيام و السنين وسوف ينسى كلً منكم الأخر ، سوف تلتقون كغرباء ، وعندما يعرف أحدكم الأخر و تلتقون في أحد محطات الحياة ، سيسأل الأخر ماذا أصبحت طبقتك ؟ هل ملكت المال أم بأنك مُحبط و خائب ؟
وبعد الأجابة ستتحد طريقة السائل و شدة المصافحه ، فأن كان صاحب مال وجاه أخذه بالأعناق واستقبلته الاحضان ويقسم ويهلل بأنه أشتاق لأيام الصباء و تلك المقاعد التي جمعتهما ، بينما أذا طاطاء براسه و حطمته الحياة و أحطه الفقر وتجعد حاجبيه ، تحرك و أنصرف وجعله نسياً منسيا ومضى لحال سبيله حتى دون أن ينبس بكلمة مودعً .
طوال سنوات الدراسة كانت المدرسة بعيدة عن المنزل ، ساعات العودة كانت تحت وطاءة حرارة الشمس و بالليل أسامر و أسهر مع القمر ، كنت بين الكواكب الأول يشهد على المعاناة و الأخر يشهد على الحُب ، كنت أعود لوحدي في ذلك الطريق و في بعض المرات يرافقني فيصل اذا لم يجد مركبة تقلعه للعودة ، أما فحال يوسف فالذين مثله لا تخشى عليهم في هذه الظروف فهم يختارون أصدقائهم حسب المنفعه و المصلحة التي يُريدون الحصول عليها ، وهولاء هم من فالعادة يحصلون على حقوق الفئة الصامته ذأت الأخلاق و المبادىء ، فالعالم ليس عادل بل ينتصر به المنافقين الملاعين ، لا أنسى حينما يمر بتلك المركبه و أن أسير على أرصفة الصبر و تعلوا ضحكته و تشرق بسمته ، في كل مرة أتسأل متى سيكبر و ينضج هذا الأحمق ؟. لكن في كل مرة يزداد حماقةً و غطرسة .
فالمرة الاخيرة التي أسير على ذلك الرصيف الذي كان أشبه بالصديق تمتمت بشكره فقد حملني بالصيف و الشتاء ، بوطاءة الشمس و أنهمار المطر ، حملتني منذُ ان كنت طفلاً ولم تشتكي ولم أتعثر يوماً بك ، قد لا تجيب و ربما لا تسمع ، لكنني مُمتن لك كثيراً يا رفيقي .
وصلت ألى المنزل أستقبلتني والدتي كالعادة ، أحتضنتها بعد أن قبلتها .
- والدتي ها قد كبرت و غدوت رجلاً سيبحث عن حياته لكنني سأكون طفلاً دوماً أمامك ، فأنتِ أول سيدة أحببتها و تعلمت منه الحُب و الصدق و الكفاح .
بعد ذلك ذهبت ألى والدي و أخبرته بأنني قد تخرج بالنسبة الأعلى بين أقرأني و زملائي لم يكترث و ذهب دون أن ينظر ألي ، في أقسى مراحل سعادتي كان والدي يعاقبني ، لم يفخر بي يوماً و لم يسعد بي ، حتى أننا لا نتحدث ولا تدور بيننا الكلمات ، ولكنهُ بالنهاية والدي و الرجل الذي لو طلب أن أقتحم النيران وأقف هناك حتى يتتدفىء لفعلتها بلا تردد .
ألقيت نفسي على الفراش بعد أن تلاشت الفرحه بالرغم بأنها ليست المرة الأولى التي يفعلها والدي لكنها في كل مرة تصيبني بنفس الخذلان و الالم الا منتهي ، لم يكن بستطاعت النوم و نسيان ماحدث فذهبت تحت جُنح الظلام الى حبيبي و جميلتي ، صعدت الى الشرفه و جدتها تنتظرني وقد أرتدت أجمل ما تملك ، فنكسف القمر من جمالها و حسنها و خجل أن يظهر تلك الليلة ، وما أن وطاءت أقدامي من الشرفه ، حتى أتت راكضه و أرتمت بأحضاني فكدت أن أسقط و يختل توازني .
- أخبريني ماذا بكِ ؟
وقالت وما أجمل ما قالت ، هل حديثها الجميل او جمالها يبهرني بكُل ما قالت
- لقد تجاوزت المرحلة بالدرجة الأعلى و لقد تفوقت على الجميع .
قبلتها على جبينها فقد كانت كطفلتي التي لا أسعى الإ أن تكن بالعلا ، وقد أخبرتها بأنني انا ايضاً فعلت كما فعلتِ ، أرتمينا على الفراش و بدأنا بالحديث عن المستقبل و الحياة ، أخبرتها بأنني سأذهب الى الالتحاق بالجيش كما وعدتكِ و سأغيب عنكِ لأربعة أعوام ، سأفتقدكِ سأشتاق وربما هذا ليس بالأمر جديد فا أشتاق اليكِ و انتِ بين بيدي و في اكناف احضاني ، لكن ربما هذه المرة ستأتي المشاعر ولا تأتين أنتِ ، فأغدو كالجسد بلا روح و مشاعر .
لكنها أخبرتني بعد أن أمتلئت الدموع في عينيها بأنه لن تستطيع أن تفعل كما فعلت أنا وحققت حلمها بأن أكون جندي ، فهي لا تستطيع دخول التخصصات العلياء و منها الطب سوى بالمال ، سحقاً حتى الأحلام و الفرصه الوحيدة للنجاة من عالمنا جعلوها بالمال حتى يجعلون أبنائهم فقط في تلك الطبقة العالية و نحنُ نظل كما كنا ويستمرون بسحقنا ، أما بالنسبة للجيش فهو طريق تظنه للنجاة ولكنه قد يؤدي بك الى الموت ، لذلك لن توضع عليه رسوم ولن يطلب منك مال فلو فعلوها لسقط البلد فمن يحميه سوى اجساد و ارواح الفقراء ؟.
أخذت بيدها ونظرت صوب عينيها الحزينتين وحدثتها .
- أنكِ ستفعلين و تذهبين رغم كيد المُفسدين واطماع الجشعين ، فلن ألتحق بالجيش هذا العام وسأظل هنا و أعمل طوال العام حتى أوفر لكِ رسوم و المال لتحقيق و الوصول ألى حلمنا .
فقالت مقاطعه حديثي وهي تبتسم و الدموع تنهمر
- أحقاً ستفعل ماتقول ؟
- وهل قلت شيء ولم أفعله يوماً ؟ لم أكذب يوماً فكيف أذا كان الحديث مع السيدة التي أحببتها ، منذُ غداً سأعمل حتى نهاية العام ، فلا يشغل بالكِ أي أمر يا حبيبتي .

أنت تقرأ
الجندي الذي وأجه الشيطـان !
Aventureجندي ينشى في حي فقير تحت وطاءة طبقة من الأغنياء ، يُستدعى للحرب و النضال من أجل الوطن و أثبات مقدرته على قيادة الجيش للأنتصار ، ليكتشف أن الجيش في خدمة الأغنياء فحسب ، ويحاول جاهداً أحداث ثورة وأن يقود الجيش بنفسه ، فيظل حائراً بين الحرب أو محبوته ا...