أخبرت مارك اني سأطمئنه ما ان ألتقي ببيتر و أنهيت المكالمة.
نهضت و وقفت امام البوابة ، غير قادرة على فعل شيء سوى انتظار بيتر و انا اشعر بالغضب لتصرفاته الحمقاء. كانت الرؤية غير واضحة تماماً بسبب الثلوج و أحسست بالقلق عليه .بدأت ادعو الله ليبقيه سالماً .
سمعت طفلاً كان يقف امام النافذة مع أمه يحدثها بصوت عالٍ و هو خائف " ماما السيارة صدمت الشجرة! انظري .. انظري !"
جريت الى النافذة لأجد ان ما قاله الطفل حقيقة و الاسوأ انه كان يتحدث عن سيارة بيتر !
ركضت كالمجنونة خارجة من المبنى . و قبل ان يتمكن احد من إيقافي كنت امام تلك السيارة ابكي و انادي على بيتر دون ان يجيبني .
فتح باب السائق الذي كان مغلقا و كنتابحثعن شيء لكسر نافذته، فقط لأجد بيتر يصارع كي يبقى واعيا و دماء تسيل من رأسه . جمدني خوفي للحظة قبل ان اجذبه من السيارة بصعوبة وامشي به ساندة اياه الي مبتعدة بضع خطوات قبل ان يساعدني فريق الإسعاف الخاص بالمحطة الذين كانوا قدوصلوا للتو الى المكان .
كنت لا ازال ابكي و انا اطلب منهم انقاذه و احدهم لم ارى شكله يحاول تهدأتي .
****
أخبرت مارك اني وجدت بيتر وانه لا يستطيع محادثته لانه في الحمام .أبقيت الحادث الذي وقع سراً عنه ،خوفا من ان اقلقه هو الاخر او ان يعاتبني بيتر على ذلك لاحقا. شربت بعض القهوة الساخنة و هدأت من نوبة الهلع التي أصابتني . انتظرت احدهم ليعلمني بحال بيتر . كانوا قد اخبروني ان حالته ليست خطيرة منذ البداية لكن ذلك لم يوقفني من القلق و ترقب ما سيحصل .
بعد ان ظهر المسعف و بشرني بأن بيتر بخير و يحتاج لبعض الراحة تنفست الصعداء .
دخلت الى الغرفة حيث كان بيتر مستلقياً فاقداً للوعي و جلست بجواره لبعض الوقت .
كنت ممتنة جداً لانه بخير أمسكت يده وشعرت بدفئها يتسلل الى قلبي فشعرت بالراحة .
استفاق بيتر فتركت يده بسرعة و ابتسمت " انا سعيدة انك بخير "
تكلم بيتر و قد ابتسم هو أيضاً " لا تقلقي انا بخير تماماً" نهض واقفاً بسرعة جعلتني اخاف ، شعرت بأن تصرفاته الغبية ستفقدني صوابي يوماً ما لاقتله انا بنفسي . لانه ما ان وقف حتى فقد توازنه و كاد يقع لولا امساكي به .
انا " انت بحاجة للراحة بيتر " قلتها بصعوبة لان وزنه كان ثقيلاً و لم يكن بإمكاني التحمل كثيراً.
بيتر " انا مرتاح الان . انتِ رائعة جايني "
كان يتصرف كالأطفال و كنت متأكدة انه مصاب بارتجاج او ما شابه .
انا " انت مرتاح! ماذا عني اكاد اموت هنا انت ثقيل بعكس ما تبدو عليه "
عندها بحركة مفاجئة استقام بيتر و رفعني عن الارض على ذراعيه كما لو لم اكن املك وزناً.
بيتر " اذن انا سأحملكِ"
انا بغضب " لا تحملني فقط عد لفراشك . و انزلني الان!"
أفلت فوراً بيتر ذراعيه من حولي لأسقط على السرير بعد ان توقف قلبي من الخوف اني سقطت الى الارض .
جلست على السرير مصعوقة لثانية قبل ان اعود للواقع و بيتر قد جلس امامي على السرير ينظر الي ّ .
اردت ان اعاتبه لقيادته في ذلك الجو لكنه من العدم احتضنني فجأة و بقوة .
بيتر " سعيد لانكِ لم تغادري جايني ، انا حتى لم اودعكِ بشكل لائق."
شعرت بقلبي يخفق للمرة الاولى و عجزت عن الحركة كما لو اني اردته ان يضمني اليه لوقت أطول . عندها عدت لصوابي و إزحته عني بلطف محاولة ان لا أشعر بالخجل مما كان قد حدث .
ظل بيتر يراقبني دون ان يغمض عينيه فأحسست بوجهي يتحول الى اللون الأحمر لذلك نهضت و انا اقول مبررة " سأذهب لأرى ان كان بإمكاننا الذهاب الى المشفى الان "
نهضت لاغادر من الغرفة ، لكنه أمسك بيدي موقفاً سيري .
ألتفت إليه و نظرت الى يده الممسكة بيدي.
بيتر " لا تذهبي جاين فقط ابقي معي "
استدرت لأرى وجه بيتر الذي ينظر نحوي بأمل . كان قد أفلت يدي و ينتظرني ان اقول شيئاً .
بتوتر مني و قد بدت اللحظة سحريةحاولت بطريقة ما ان اقتلها " انا سأذهب لدقيقتين ثم اعود أيها الطفل المزعج، لا تقلق !"
كنت أراقب ملامح بيتر عن كثب ، و علمت انه اراد قول شيئا لكني لم اترك له مجالا. هممت بالمغادرة و كدت انجح لولا انه كان اسرع مني و أمسك بذراعي مجدداً. فتنفست بصبر و استدرت مجدداً لأراه.
انا " ماذا الان ؟"
بيتر " لقد اتيت كل الطريق الى هنا لاخبركِ ان لا تذهبي ، جاين انا .."
انا مقاطعة " ارجوك لا تطلب مني البقاء . انا لا استطيع ان أتخلى عن إيجاد كايل .. ليس بعد ان قطعت كل هذه المراحل "
لم اكن انظر إليه لاني علمت ان لبيتر تأثير عليّ يجعلني اريد ان افعل اي شيء كي لا أراه حزيناً . لكن تلك المرة شعرت برغبة بأن امضي بما اريد فعله حتى وان لم يتقبله .
ظل بيتر ممسكاً بيدي رغم ما قلته ، ودفئه الذي يشبه دفء امي تسرب الى قلبي و شعرت بأن بإمكاني الاحساس بألم بيتر في تلك اللحظة حتى دون ان انظر اليه .
رفعت رأسي لأرى تلك العينين التي اعتدت على جعلهما يبتسمان فكان مؤلماً ان ارى انني كنت من سبب لهما بالحزن تلك المرة . مرت لحظات ثم قلت " حسناً سأبقى اليوم معك كي نتسكع سوياً قبل ان أغادر"
بيتر" لمٓ ليس ليومين "
انا " لديك اليوم ولن أساوم "
بيتر " انتِ لستي لطيفة كما تبدين "
قلت مازحة " انت الان تعترف بأني ابدو لطيفة على الأقل و هذا يكفي" غمزت بعيني معلنة انتصاري . فابتسم بيتر و علمت اني خسرت فابتسامته كانت كالشمس دافئة و تضيء عالمي.
****قضيت وقتاً لا يقدر بثمن مع بيتر في ذلك اليوم . و بالرغم من انه استمر في الطلب مني لعشرات المرات ان أبقى في مدينته في كل فرصة رآها سانحة الا انه كان يبدو ظريفاً .
لم يكن صعباً عليه هو وحده رحيلي فقد كنت اشعر بأني سأترك جزءاً مني بمغادرتي المدينة.
شعوري بأني احتاج البقاء هناك لمدة أطول زاد في تلك اللحظة التي اخبرت بيتر ان ليس عليه المجيء لتوديعي في اليوم التالي .
و وجدت نفسي غارقة بين ذراعيه في حضن طال اكثر من المفترض مما جعلني غير قادرة على اتخاذ قرار الرحيل .
من جهة كان طلب الشبح الغريب لي بالبقاء ،ومن جهة اخرى مشاعري التي رغم محاولات أنكاري كانت تنمو كل يوم ناحية بيتر .
ذلك في الحقيقة كان يقلق راحتي فأنا كنت اعتقد طوال السنين ان كايل هو من احببت .
لكن مشاعري التي كانت تنمو تجاه بيتر كانت شيئاً مختلفاً لم استطع وصفه كوني لم اكن قد اختبرته من قبل .
كان يشوشني و يجعلني لا افهم نفسي . ثم اغضب من قلبي فكيف له ان يحب اثنين؟!
ودعت بيتر و ليلتها كنت قد قررت اني يجب ان اجد كايل اولاً ،و قبل ذلك لن ادع مشاعري نحو بيتر تظهر له او يكون لها قيمة بالنسبة لي . كانت تلك الليلة بداية المآسي.©ManarMohammed
أنت تقرأ
مــن انـت ؟ ( مكتملة )
Science Fictionتنطلق شابة في رحلة البحث عن من احبت .شخص لم تعرف عنه الكثير لكنها رغم ذلك لم تستطع ان تعيش بدونه ، في كل المدن وبلا كلل الى ان يستوقفها رجل غامض انتحاري ! عندها تتعقد خطتها البسيطة ، وتتوالى الاحداث.