مذكرات أخ

313 21 6
                                    

هل يتغير المستقبل عندما يرون جثة إيلان ..هل تتوقف الحرب ، هل تستيقظ الضمائر و تتوقف طواحين الحرب أم أنهم سينسون .. أم أنهم سيتناسون
اخبرهم يا أخي بما فعلوه بنا .. إن لم يسمعك أهل الأرض فالذي في السماء يسمعك
هذا أنا و هذه مذكراتي .. ربما لن تستطيعوا قراءتها لأنني لن تتسنى ليا الفرصة لأكتبها لأنني لا أحمل قلم ولا آيباد ولا هاتف محمول ولا جهاز تسجيل كل ما أحمله هو عقلي الذي يسجل خواطري آملاً أن تحملها الأشباح إلي يدا كاتب ليسجلها ، أو لا يهم لأنكم لن تبالوا ..
لكنني سجلت في ذاكرتي تلك اللحظة ، عندما غرقت أمي .. عندما رست جثتها إلي قاع البحر .. كان من الفترض أن تتطفو لكن ربما الحزن علي و علي إيلان أثقلها فغرقت .. لربما غطتها الأمواج و التهمتها القروش .. لكنني أظل أتذكر نظرتها الأخيرة لي عندما فقدت حياتها .. كانت تموت و لم تكن تبالي سوي بنجاتي .. غرقت و غرق الجميع ، كل من حولي .. و كأنني في مقبرة جماعية الكل يغرق .. هكذا هربنا من الحرب التي إجتاحت ديارنا .. فررنا من الموت بنيران القنابل إلي الموت غرقاً ..
إنها لحظات مهمة بالنسبة لي لأنها قد تكون آخر لحظاتي .. قد أغرق مثل الجميع .. و أستدير بعوامتي لأنظر إلي وطني ، سوريا .. التي ابتلعتها نيران الحرب .. أنا حيث أنا لا أميز من موطني الذي بعدتني عنه أمواج البحر لا أميز منه إلا الدخان المتصاعد ... هناك حيث كانت مدرستي و حيث كان منزلي و حيث كانت أحلامي ..
كنت أعتقد أن الحرب بعيدة لم أكن أصلاً أعلم ما هي الحرب .. مثل أي طفل كنت أحلم بالحياة الكاملة الجميلة حتي احترق كل شيء .. حيث هربنا من الجحيم و ها أنا أطفو متشبساً بعاومتي .. و أنظر إلي الأمام المستقبل
و عيوني تدمع حزناً لأنني أتذكر أخي إيلان أول من غرق
لازلت أتذكر نظرت أمي له و هي تحاول أن تحميه حتي خطفته منها الأمواج ليكون أول من يتركنا و يرحل .. وأمي تصرخ ولكن لا أمل .. لقد سبقنا إلي المستقبل
لا أعلم أين سترسو جثته لكنني أعلم أين رست روحه .. و أتساءل ماذا سيفعل العالم عندما يروا جثة ذلك الملاك ترسو علي الرمال .. أنا أعلم يقيناً أن الأسماك و القروش لن تجروء علي المساس بجثمانه خوفاً من براءته .. سوف تحن له قلوب القروش ... لكن ماذا ستفعل براءته في العالم .. ماذا سيفعل العالم عندما يري جثته ... هل سوف ينتفض العرب . هل سوف ينتفض البشر .. أم هل سيحزنون و يبكون حتي تطفيء دموعهم نيران القنابل .. هي سينعونه حزناً حتي تلوي كلماتهم بنادق الجنود ..
عندما أصل للمستقبل أتوقع أن أجد العالم قد تغير .. أن تكون جثة أخي غيرت قلوب البشر ليوقفوا الحرب و ينقظوا ما بقي من الملائكة
أم هل سينسون كل ذلك
هل سيكون مستقبلي أفضل أم سأموت و أنا لم أصل لبر الأمان .. و تضيع ذكرياتي و أحلامي ..
لربما هم لا يبالون ...
سوف ينسون كل شيء .

عندما رأيت موت أخيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن