رحلة بحث !

126 7 2
                                    

بينما كنت أسير متجولً بين كل هذه الارائك و التحف وقد امتلأ عقلي بالتساؤلات التي لم أجد بعد أجوبة لها ، كيف حدثت الجريمة ؟ ولما حدثت وما الدوافع لها ؟ وهل أستمتع من أرتكب الجريمه بفعلته ؟ و هل سينجو من المحققين وحبل المشنقه ؟ بدأت الأفكار و التساؤلات تحاصرني ، حتى أنني كنت أتسائل مالذي سأفعله حينما أرى ذلك المجرم العظيم ، فهل حينما نلتقي لوحدنا منعزلين سأبادر بألقى التحية أم بأنني سأنتظره أن يفعلها ، لم تكن فكرة ألقى القبض عليه من أفكاري أبداً ، فقد نصبته بطلاً لنفسي .
صعدت ألى الطابق الثاني فوجدت صور تلك الفتاة الجميلة مع زوجها المُسن ، ألتقطت أحد تلك الصور و بدأت بالتمعن بأبتسامتة الفتاة و ملامحها ، كانت غريبة مصطنعه مزيفه لم تكن أبتسامة حقيقية ابداً ، أخذت مسرعاً أنتقل واشاهد بقية الصور المعلقة على حيطان القصر لقد كانت جميعها بكل تلك المشاهد المصطنعه و المزيفه ، لما أكن أقف و أشاهد سوى ممثلة تلعب دورها ذلك المُسن المغفل الذي كان جاهلاً بأنها يقف بجانب ممثله تؤدي أدوارها بكل أتقان .
نظرت ألى تفاصيل كل ما حولي بتمعن فأذا الذهب و الالماس والتحف وهذا القصر الفسيح ، بلا أدنى شك كل هذا سيكون دافعاً لها من أجل أن تتزوج هذه الفتاة التي لما تتجاوز العشرون عاماً هذا المُسن الجشع قبح المظهر وفير المال ، الذي أراد بأن يمتلك كل شيء بماله .
عدت مسرعاً ألى مكان وقوع الجريمة أردت مشاهدتها وهي تكمل مسرحيتها التي ستنتقل بها من تمثيل دور الزوجة السعيدة الى الضحية الحزينة  ، وسوف يتسنى لي بذلك أن أعلم أن كانت هي من أبحث عنه ؟
وقفت بعيداً عنها بحيث أنها لن تلحظ وجودي بين كل هولاء المحققين ، لقد كانت تبكي و تستغيث زوجي وهي تردد بصوت حزين .
- لقد رحل زوجي الحبيب يا قلبي ويا حبيبي أخبرني من ذا الذي فعل ذلك بك ، سأفتقدك وسأشتاق أليك كثيراً ، فكيف سيمضي نهاري بدونك ، و أنام ليلي ببعدك ؟ ثم أجهشت بالبكاء .
بعد أن شاهدت ذلك منها تقدمت نحوها و تجاوزت الجميع و أقتربت منها ، لقد كنا بعيدين عن المحققين ، ذلك البعد الذي يسمح لي بالحديث معها على أنفراد دون أن يشاركها أحد بالأستماع لما أقول ، كانت مطأطأة براسها نحو الارض فلم تشاهدني حينما أتيت وأقتربت ، تحدثت أليها بصوت خافت والأبتسامه قد بدت ظاهره على محياي .
- سيدتي من الجيد بأنني قد وجدت من يشاركني الحقد و الكرهه على هولاء الذين ظنوا بأن المال كل شيء وبأمكانهم فعل كل مايرغبون به فقط لأنهم أمتلكوا مالاً .
رفعت رأسها وعقدت حاجبيها وحدقت نحوي وقد ظهر عليها جلياً التعجب و الدهشه مما سمعت او ربما رأت ، فهل ما قد أدهشها هو وجود شاب في مثل سني بين كل هولاء المحققين الكبار ؟ أو ربما لأنني مرتدياً سترة الجيش ومختلف عن لباس الجميع هنا ، أو لأني أقتربت من كشف ذلك القناع الذي كانت ترتديه طول هذا الوقت .
نظرت ألي  ثم أنها تظاهرت بعدم الأكتراث و المبالة لما قلت و أستنتجت ، وأجابت بعد برهة من الصمت .
- حسناً من الجيد بأنك وجدت من شاركك تلك الأحقاد و الأفكار ، فعليك الأن أن تجد المجرم الذي تمكن من قتل زوجي الحبيب ، فهل ستجده كما مافعلت مع شريك فكرك ؟
أجبتها ببتسامة ساخرة وقد أدهشني الثقة التي كانت تجيب بها .
- يا سيدتي لكل سؤال في هذا العالم أجابتين وحتى لو ظنوا بعدم وجود ذلك ، أجابة نعلمها و نظن بأنها الأجابة الوحيدة و الصحيحة لهذا السؤال ، لكن يوجد أجابة أخرى أكثر صحه و وضوحاً لكن لم نتواصل أليها بعد ، و من الجيد بأنني لهذا السؤال و جدت تلك الأجابتين ، فمن أبحث عنه هو شخص وأحد ، قاتل ثائر أمتلك الجرأة بأنه سوف يفعل الجريمة ثم سيشاهد التحقيق كيف يحوم حول الجميع بستثناءه وبلا شك هو متأكد بأنه سوف يحضر مراسم الدفن و العزاء والبكاء على الفقيد أنه بلا ريب مجرم ذكي و أيضاً هو ممثل بارع بأستطاعته بأن يُخفي بسمه و يظهر دمعه ، فيعتقد من ينظر أليه بقلبه و بصره بأنه مُجرد مسكين ضعيف هزيل تتحكم به العاطفه ، ومن ينظر أليه يرأه بعقله فحسب يرأه على حقيقته بكامل قوته و طغيانه و سيطرته على كل من حوله .
بدأت تظهر على ملامح وجهها الجميل و البريء ملامح الشر و البسمه البارده و الثقة و القوة و العظمه ، وحدقت بعيناها نحوي وشاهدت بأني قد نزعت ذلك القناع الذي تختفي به مجرمه و قاتله ، لم تنبس او ترد لكنها تحركت بسرعه وتركتني خلفها ، وبخطى متسارعه أتجهت ألى المحققين وهي تبكي وتسأل عن مُستجدات التحقيق ، وكان بين أسئلتها الكثيرة ، من ذلك الشاب و أشارت ألي بيدها ، أجابوها بأنني مجرد شاب معتوه جاء يتعلمم كيف نفكر و كيف نجد المُجرمين ، هو مجرد مُستجد فلا تكترثي لوجوده ، وايضاً هو لا يجيد في حياته سوى القتل وأطلاق الرصاص وإلقاء القنابل ، وليس مهماً به سوى جانبه البدني أما العقلي فلا يحتاجه في مهماته العسكرية ابداً ، نحنُ فقط من سيجد لك هذا القاتل و نعيد لك حق زوجك المسكين أليك فأرجوك لا تشغلي فكرك بذلك .
بعد أن علمت بأنني لأنني لأشكل لها أي تهديد شعرت بأنها تنفست الصعداء وعادت أليها بسمتها التي غابت للحظات التي كانت تخفيها ببكاءها وعادت ألى مكانها تكمل دور الضحية المكلومه .
أما بالنسبة لي فقد تحركت و عدت ألى البحث في زوايا القصر بحثاً عن دليل بأمكاني معرفة المجرم به ، كنت اتجول في القصر الفسيح حتى وصلت ألى مطبخ القصر و قد صفت آنيته و نظمت أقداحه و نظفت أرضيته ، كان مكاناً مناسب للجلوس بعيداً عن ضجيج الحمقى و التفكير وأن أختلي بنفسي وأفكر في خيوط هذه الجريمة المعقدة ، وبالطبع كانت الفتاة هي من أستحوذت على جل تفكيري ، فأن كانت هي المجرمه التي أبحث لماذا هي وأثقه كل هذه الثقة ولا يوجد متهم في هذا القصر سوأها ، فهل تظن بأن البكاء و الجمال فقط سيكفيها لتخرج من هذه الجريمة ؟ هذا محال فلا يمكن أن تكون بهذه السذاجه ، لايدهشني بأنها تزوجته و ربما قتلته من أجل المال فحسب ، لكن لماذا كل هذه الحقد و أخراج قلبه و أقتلاع عينه ، بصفقة هي الرابحه الأكبر بها ؟
سحقاً لا يوجد لدي كل هذا الوقت لكل هذا الأفكار و التساؤلات ، فبأي لحظة قد يطلب مني أولئك الملاعين المغادرة لكل من ليس لهُ علاقة بالذكاء و التحقيق .
قمت بأعداد القهوة من أجل أن تعيد ألي القليل من التركيز ، فأذا بصوت المحقق المسؤول الذي لو أهتم في معرفة المجرم كما أهتم في مضايقتي لتمكن من أيجاد القاتل و تعليقه على حبل المشنقه يصرخ بي .
- ماذا تفعل يا معتوه ؟ هل عزمت نفسك على القهوة في هكذا مكان و زمان ؟ أم أنك للمرة الأولى تدخل قصراً و تجد مطبخاً نظيف ، يالك من مسكين .
كنت مشتت التفكير قليل الادراك فقدت السيطرة وأخذت أحد السكاكين الموجوده أمامي و ضربتها بالطاولة الخشبيه التي تفصل بيننا فخترقتها وأستقرت بها ، نظرت أليه بكل حده .
- سيدي هل من الممكن أن تدعني أعمل بطريقتي وبأن تكف عن عدم التدخل بشؤوني وما أفعله ؟
فما كان منه الإ أن عض شفتيه مغضباً من ما فعلت و لم يتحدث و غادر .
فأصبتي الندم بعد أن عدت الى رشدي ، هنياً لك لقد قمت بالرد بكل قوة و عنفوان والان سوف يجعلك تغادر مع أول مركبه تخرج من القصر أيها الأحمق ، فلم يكن ينبغي بأن أظهر مشاعر الغضب و الأمتعاظ وأن أتقبل كل من يسخر بي طالما كنت في لحظة الضعف ، تصرف حسب ماتملي عليك به حالتك ومقدرتك ، لكن ما حدث قد حدث وليس بأمكاننا أعادة الوقت و تصحيح أخطائنا التي أرتكبناها بحماقة ، أخذت قهوتي و ذهبت ألى مسرح الجريمة ، وقد كان في نفس الغرفة التي بها حدثت بها الحريمه وسقطت بها الجثة طأولة قد لُمعت و زُينت بالذهب و الفضة فصعدت وجلست و جعلت أقدامي تتدلى في أسفلها ، أما بالنسبة للجثة فقد كانت أمام مرىء عيناي ، ظلت أحدق بها و أتخيل مشهد القتل و جميع التفاصيل ، أما بالنسبة للمحققين فظلوا ينظرون و يتسألون ماهذا الشاب الأحمق و المعتوة أولم يجد مكاناً أخر ليرتشف به قهوته سوى أمام الجثة ؟ ربما يُريد بأن يخبرنا المسكين بأنه لا يخاف الموت ولا الموتى ، ولم يعلموا بأنني تمنيت بأن تكون لي سلطة و أأمرهم بجعلهم يعلقون الجثة في سقف القصر ليسهل لي ألنظر أليها وهي تتدلى وقطرات الدماء تتساقط على أرضية قصره التي جلب أمواله من الجشع و استغلال الفقراء .
و بينما أنا على تلك الحالة كانت هي لم تزل على بكاءها و عويلها و أستغاثتها ، وهم حولها لمن المصدقين المتأثرين بها و بحزنها ، لقد أجادت الدور فصدقها كل من هم هنا ، بالنسبة لي قد علمت بأنني مجرد مُستجد فلا يهمها أن شاهدتها بقناع أو بدونه ، لقد كان كل مايحدث هنا أشبه بقصة الجميلة و الوحش ، الأختلاف الذي هنا هو أنا الجميلة هي الوحش نفسه ، عينها تلمع بكل شرور العالم أبتسامتها بارده تنبع عن حقداً دفين .
غادرت الغرفه محاطه بالمحققين وهم من حولها ولازالوا مصدقين تلك المسرحية الملئية البكاء و العويل .
وبعد أن أصبحت الغرفة خاوية من الجميع لقد كنا انا وجثة فقط فتقدمت نحو الجثة ، نظرت ألى وجهه البشع القبيح ، كم رغبت بأن أرفع قدمي ألى الأعلى و أهشم بها رأسه بكل ما أمتلك من قوة و قسوة ، فقد حصل على جميع أحلام الصبا التي نكافح من أجلها و نموت ولا نحقق أيً منها ، قصراً فسيح و مال وفير و زوجه جميلة ، تمالكت نفسي و هدأتها و غادرت خلف الجميع .
أستمرت الساعات ولا جديد في التحقيق ، العمل الكثر لكن بدون أي نتيجة ، واصلنا على هذا المنوال حتى منتصف الليل وهبت عاصفة ممطرة عصفت فالمكان ، فظهرت لمعة البرق و هزيم الرعد الذي صدح بالمكان ، هرع جميع من هم فالخارج و في فناء القصر ألى اللجوء بالقصر ، فأصبح القصر مزدحم بالمحققين ومن يرافقهم ، فأذا بها قد أتت ساخطه و متذمرة من كل هذا الأزدحام وبأن الجريمة لم تحل بعد وتحدثت بسخرية و أمتعاض .
- لماذا لا نغلق الأبوأب و تنامون هنا فقد تحول هذا المكان ألى مسكن للجميع !
أجاب المحققين والخجل يعتريهم بأنهم مجرد ما أن تنتهي العاصفة الممطرة سيرحلون ، فلا تكترثي لوجودنا .
وبالفعل لم تكترث لهم ولم تنتظرهم حتى ينتهون من الحديث و مضت و صعدت الدرج متجهه ألى الطابق الثاني ، و بالنسبة لي بعد ذلك الحديث الذي دأر بينهم ، تحركت للمغادرة و المكوث بالفناء و التفكير بكل تفاصيل الجريمة و ثقة القاتلة و أستخفافها بكل من حولها ، فأذا على باب القصر مجموعة من المحققين ينظرون ألى أنهمار و غزارة المطر ، فتحدث أحدهم داعياً ألهي أجعل هذا  المطر و العاصفة خير و سلام ، نظرت أليه بتعجب بعد أن صمت لبرهة متأملاً بحديثه و دعائه .
- سيدي ألم تخجل من نفسك وأنت تدعي بأن الأله يجعل المطر و العاصفة خير و سلام وأنت تاركاً خلفك جثة دون أن تبحث عن من فعلها !
لماذا تريد الأمور التي ليست بيديك أن تسير بأفضل حال و تغضب و تحزن أن حدث عكس ذلك ، والأمور التي بأمكانك أن تغير و تؤثر بها لا تكترث لها ؟
أفعل ما أنت جيد به و تم وضعك من أجله في الأرض ولا تكترث لغير ذلك ، ولا تفكر بغير ذلك و بما يُريده الأله فالسماء .
أشعلت السيجارة و نزلت الى الفناء تاركاً خلفي الكثير من الجدل ، ومجرد أن وضعت قدمي بالفناء أنطفت السيجارة من غزارة المطر لكنني أبقيتها بين شفتي ولم أسقطها ، أخذت أسير تحت المطر حتى وصلت ألى أحد المقاعد التي كانت موجهه ألى أطلالة القصر و أبوابه و شرفته ، نظر ألي المحققين بأندهاش و تعجب ماذا يفعل ذلك المعتوة ؟
ولماذا يخرج في هكذا طقس ؟
فهل لازال المسكين يحاول يثبت لنا بأنه قوي و لا يقل قوة عنا !
لم أكترث لحديثهم و تجاهلته كعادتي معهم ، نظرت ألى شرفة القصر فأذا بالفتاة قد ظهرت منها ، ووقفت بكل شموخ وقد أستندت بيديها على سور الشرفه ، وكان المطر لم يتوقف عن الأنهمار بغزاره ، فالتصق فستانها الأبيض القصير بجسدها وكان ضوء الغرفه من خلفها يظهر كل تفاصيل جسدها الساحر و الفاتن ، أخذت بيديها وقبلتها و لوحت لي بها وكأنها تلقي علي تلك القبلة ، علمت بأنها تحاول تشتيت أفكاري و بأن تسخر مني و أن أنضم لبقية القطيع الذين لا يرون منها سوى جمالها و فتنتها ، أخذت بيدي و وضعتها على رقبتي و أحكمت عليها فتمتمت لها بأحرف متقاطعه " م ش ن ق ه "
أبتسمت و ظلت في مكانها وكلً منا ينظر ألى الأخر ، نحدق في بعضنا البعض دون حديث و كلام فقط الصمت و المشاعر ، سأعترف كنت معجباً بها ليس لأنني أعجبت لجمالها أو سحرها الفاتن ، بل لأنها تفكر بنفس الطريقة التي أفكر بها تماماً ، بنفس الثقة و النرجسية .
وفي كل مرة يلمع البرق بضوءه تظهر ملامحها الحقيقية وعندما تختفي لمعته تعود لبرائتها ، كانت متناقضه كالأبيض و الأسود ، الجليد و النار ، المضحك و المبكي ، السعيد و التعيس ، الشمس و القمر ، النور و الظلام ، الصديق و العدو ، الضحية و المجرم ، الشيطان و الملاك ، كانت جميلة بكل هذه التناقضات التي تسحر الضرير و المبصر ، و المجنون و العاقل ، و الكبير و الصغير ، لقد ظلت ثابته رغم كل هذه الرياح و المطر الغزير ولم يرعبها هزيم الرعد ، فظلت ساكنه صامده لا يتحرك بها سوى شعرها الحرير مع كل نسمة هواء ، أرتفع منسوب المياه مع كل هذا الأنهمار الغزير للمطر فأصبحت المياه تغطي نصف أقدامي و كلً منا لا يزال ينتظر الأخر يعلن أستسلامه و يهرب من العاصفه  .
وفي وسط كل هذه الأجواء المضطربه و الباردة فحينما لمع البرق لأحظت في حينها شيئاً بها كان مختلفاً عن جميع ما شاهدته في صورها التي تزين جدران القصر ، وحينما تأكدت من ما رأيت أبتسمت لها بأبتسامه بارده لقد تبددت الشكوك أنها بلا ريب هي المجرمه ، وهذا يكفي فلا أريد أن يتسلسل البرد أليها فتمرض من أجل معركة تنافسيه أختلقناها ، نهضت  من ذلك المقعد و تحركت أقدامي بالمياه وهي مثقله حتى وصلت ألى أبواب القصر ، نزعت السترة المبتلة و ألقيتها وأبقيت علي رداء خفيف فقط يغطي جسدي ، تحركت من بين المحققين خلستاً و صعدت الدرج دون أن يلحظ أحداً ذلك ، صحيح بأنهم لن يكونوا ليفتقدوني ولكن لم أكن أريد أن يعلموا بأمر صعودي أليها في منتصف الليل لوحدي .
و بين كل غرف القصر الكثيرة و المتراميه وصلت ألى غرفتها التي كانت تطل من شرفتها ، فقد حفظت كل غرف القصر في لحظات البحث عن ظهر غيب ، طرقت الباب فأذا هي تجيب .
- أدخل يا جبان يا من فضل الدفاء على الانتصار ، كنت أظنك ستصمد لكن لقد ظهرت بأنك لا تختلف كثيراً عن من هم هنا .
فتحت الباب و دخلت فأذا هي على حالها وأقفه على الشرفه و المطر لازال ينهمر ، تقدمت أليها و وقفنا سوياً على الشرفه بعد أن أغلقت علينا الباب ، نظرت وأبتسامة النصر تغطي ثغرها الجميل ، فأنسلت يدها بخفه فأخذت السيجارة التي أبقيتها بين شفتي طوال هذه الفترة و وضعتها بفمها ، وتحدثت بكل ثقة و لباقه هذه السيجارة هي ثمن و جائزة للمنتصرين .
وبعد برهة من الصمت و النظر في العاصفه تحدثت أليها .
- توقفي عن الأوهام فأنا لم أهرب ولن أهرب من أي مواجهه ، لكنني سأخبرك بأمر ، أنا أعلم لما وقفتي كل هذا الوقت و تحت كل هذه الظروف بالشرفه لكنك لأ تعلمين لماذا أنا كنت هناك ، لقد علمت بأن الجلوس هناك هو من سيوصلني أليكِ لا محاله ، هناك في الأسفل أنكشف و ظهر لي كل شيء ، فلا يوجد فتاة في هذا العالم تغيير من أطلالتها و مظهرها الذي أعتادت عليه طول هذه السنوات فقط حباً لتغيير بل ربما يوجد سبب أخر ، كموعد غرامي او مواعدة ضحية ، لكنك لم تغييري أي أمر بستثناء لون طلاء أظافرك ، فقد كنتي تظهرين في جميع الصور مفضلة الألون الفاتحه الون بعكس ما تضعينه الليلة من اللون الأحمر الفاقع ، فأخذت بيدها و قبلتها وأمسكت بها حسناً لا يوجد شيء في هذا العالم بأمكانه أن يخفي رائحة الدماء ، هذا الطلاء سيكشف بمجرد أستخدام مادة اللومينول و سيظهر الون الأزرق على تلك الأنامل التي حاول الطلاء إخفاءها ، هذا الدليل سيعلقك على حبل المنشقة فوراً ، لكن هذا ليس ما كنت أقضي كل وقت المطر بالجلوس تحت المطر من أجله ، متحملاً كل هذه الظروف ، فعندما علمت فقدان مبلغ من الأموال التي كانت تملىء خرائن القصر ، الأحمق فقط هو من سيظن بأن ما حدث هنا سرقة فحسب ، اختفىء حدث بعد فعلتِ فعلتك ، اختفىء المال حدث بعد المتعه و الشعور بالنشوة و بالتأكيد كانت الفقرة الممله بكل ما فعلتيه هنا من متعه ، المال أختفىء و أصبح شيئاً من العدم ، و فتاة مثلكِ لا يمكن بأن تعتمد على شخص أخر بنقل المال لخارج القصر ، فكل جريمة يتشارك بها مجرمين هي مجرد مزحه و ستكشف فوراً ، لذلك أستخدمتي الطريقة الأنسب و الأقدم بالتاريخ لخفىء الأشياء ، وهي الحرق .. الحرق كان حلاً قديماً بدئياً لكنه كان منسياً لكِ ، الحرق الذي يستخدمونه القدمى في بعض البلدان لأخفىء موتاهم عن الأله و العذاب و يظنون بذلك أنهم قد أخفوا كل ذنوبهم و خطأياهم ، لذلك أنا لست ضيفاً ثقيل يعزم نفسه على القهوة في منزل ليس منزله ، كل ما كنت أريد أن أرى أن كان هناك أثار لحرق شيئاً ما أو لا ، و بالطبع لم أجد أي أثر في مطبخ القصر ، فما أن هبت العاصفه و أنهمر المطر ، حتى ذهبت ألى الفناء على للجلوس على ذلك المقعد ، منتظراً بكل صبر بأن يطفوا رماد الأموال المحترقه و يختلط سوادها بصفاء المياه ، وهذا ما حدث بعد أن أخذت بيدي بعض المياه و شاهدت الرماد ، كنتِ تشاهديني و أن أكتشف الحقيقة بل كنتِ تسخرين بي في تلك اللحظات .
وبينما أنا أتحدث وضعت يديها على السور فحملت نفسها بخفها و جلست فوقه و وضعت وجهها مقابلاً لي و كأنها تُريد أن أن تنقض علي في أي لحظة ، لم تكن خائفه ولا مكترثه لما أقول ، كانت بلا مشاعر كانت خاويه من الخوف او الأحساس به ، لم تكن تمثل الصمود و القوة و الصلابه كما كانت تمثل الحزن و المآساة ، لقد كانت أمامي بلا قناع من ذلك ، لا يوجد عبارة تصفها في تلك اللحظات سوى بأنها كانت شيطلأئكية ، جميلة مخيفة ساحرة مُرعبه .
أومأت و اشارت ألي بأن أستمر بتلك الأستنتجات ، و كانت مستمتعه بكل ما أقول من تلك الأحداث وكانني أسرد أليها أنجازاتها وقصص نجاحها تفخر بالاستماع أليها .

الجندي الذي وأجه الشيطـان !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن