نالت سالي نظرة عالية السُمّية من أوليفيا عندما وصلت غرفة الطعام متأخرة... أسرعت لتلقي التحية على جدها متجاهلة نظرات زوجة خالها فقبلته قبلة صاخبة و فعلت المثل مع خالها ثم أومأت برأسها لزوجته باختصار، راقب مارك ما يحدث و هو يمنع ابتسامته من الظهور... يبدو أن سالي تكيفت جيداً و بسرعة فهي تعامل كل شخص بطريقته لكن لفت انتباهه جده التي تغلبت سالي على صلابته... ها هو ينظر لها بخضوع و بدا له أنه سيكون كالعجين بين يدي حفيدته، وصلت حيث يجلس و ابتسمت بإشراق:
- كيف حالك يا ابن الخال؟
سألت أوليفيا بحدة :
- أتعرفان بعضكما؟
ابتسم:
- التقينا بالأمس... لقد ظنتني سالي لص.
صاحت والدته باعتراض:
- لص؟ كيف...
قاطعها:
- لا أعتقد أنها ارتكبت جريمة و أي شخص في مكانها لكان فعل المثل فقد فاجأتها من الخلف و كان الوقت متأخر.
لم تعرف سالي أتندهش من طريقة تحدثه مع والدته التي تخلو من أي ود و تنضح بالنفور و التهجم أم من مسارعته في الدفاع عنها... نظرت إلى حاجبيه المعقودين في غضب و شكرت الله انه اعتبرها صديقة فرجل مثله لا تحب أن تكون عدوة له أبداً.
نظر لها بود:
- أشكر الله أنكِ لم تقتلعي عيني أو تركليني ركلة مؤذية.
احمرت بحرج بينما رفع جدها حاجبيه باستفهام فقال مارك:
- إن حفيدتك محاربة قوية... ما إن فاجأتها حتى بدأت في كيل اللكمات و الضربات في كل الاتجاهات.
أكمل مارك مازحاً:
- بإمكاني السير معها في طريق مظلم و أنا مطمئن أن بإمكانها الدفاع عني.
لفت نظر مارك لمعان عيني جدة بتلك الطريقة التي تنبئ بأنه طرأت على رأسه فكرة لن تسره... تمنّى أن لا يكون هو المستهدف بهذه الفكرة فقد نال كفايته من تدخل جده في حياته.
*************
طلب جدها من مارك أن يصطحبها في جولة في الفرع الرئيسي للشركة ، نظرت لمارك فرأت وجهه تجهم فقالت بسرعة:
- أريد أن أذهب مع خالي لأن مارك أخبرني بموعده مع ذلك المخرج....
صمتت و قد فقدت القدرة على إكمال كذبتها... نظرت إلى مارك باستنجاد و قالت:
- ذلك الموعد الذي أخبرتني عنه بالأمس.
نظر لها باستفهام ثم انفرجت أساريره... إنها تخلصه من الموقف:
- نعم... إنه موعد مهم... أتمنى أن تعذريني يا سالي.
- لا عليك ... ثم إنني أنوي أن أورطك في زيارة إلى شركتك الخاصة.
أحست أنه شعر بالسعادة لدى ذكرها شركته الخاصة بينما ساد الغرفة توتر لاحظته على جدها و خالها و زوجته، وقف مارك:
- سوف أترككم الآن لألحق بموعدي.
وقفت سالي و جمعت بعض الأطباق فحاول الكل منعها ، نظر لها جدها:
- ماذا تفعلين يا صغيرة سوف تأتي ماري أو كريستين لتجمع الأطباق.
قالت أوليفيا باعتراض:
- أتركي الأطباق إنها مهام الخدم.
قالت:
- و ما المانع أن أساعد... إنه أمر غير متعب.
تركتهم يهمهمون باعتراض و ركضت للمطبخ... وجدت مارك يتحدث مع كوليت التي ما أن رأتها حتى صاحت بها: - ماذا تفعلين؟
سألتها بمرح: - ماذا حدث؟ إنها مجرد أطباق أحملها... لماذا يتصرف الكل كأنني ارتكبت جريمة.
ابتسم مارك و تقدم ليأخذ منها الأطباق لكنها ابتعدت: - سوف تلطخ بدلتك.
ضحك: - ها أنت تتصرفين مثلهم.
ناولته طبقين ثم همست كأنها تتآمر معه:
- ألن تخبرني ماذا أصاب هؤلاء الناس.
نظر لها بدهشة ثم تفاعل مع مزاحها:
- تصرفاتك العفوية مستغربة في هذا المنزل الحجري القديم الطراز... كأن الأرواح غادرته منذ زمن.
كانت كلماته المازحة تخفي تحتها مرارة لاذعة ، قالت لكوليت المعترضة:
- لم أعتد أن يخدمني أحد... يجب أن تتعودوا من الآن و صاعداً أنني لن أجلس مكتوفة الأيدي بينما الكل يدور من حولي ليلبي متطلباتي... إن ذلك سيشعرني بالمرض.
نظر لها مارك بإعجاب ثم قال لها:
- جيد أنني رأيتك قبل أن أذهب... أشكرك.
- لما الشكر؟
- لأنك أنقذتنني من ...
قاطعته:
- لا عليك يا ابن الخال.
ناولت كوليت الأطباق و ألقت التحية على ألفونسو قبل أن تخرج:
- صباحك جميل أيها الفرنسي الساحر
ضحك ألفونسو و كوليت بينما نظر مارك إلى الباب المغلق وراءها و فكر أنها هي الساحرة، أشارت كوليت لزوجها تجاه مارك الساهم النظرات و تبادلا نظرات ذات معنى.
**********
صرخ مارك في الهاتف بقوة حتى أن سكرتيرته دخلت الغرفة راكضة فأشار لها أن تخرج و تغلق الباب خلفها... حاول أن يهدئ من صوته لكنه خرج حاداً بالرغم من محاولته:
- ماذا تقول يا جدي؟ أتزوجها؟... من أين لك بهذه الأفكار؟
أجابه جده:
- أعطني سبب واحد يمنعك من الزواج منها.
سوف يصيبني هذا العجوز بالجنون... و إن لم أجن سوف أكون قاتل... يوماً ما سوف أقتله.
- يمكنني أن أعطيك آلاف الأسباب... لما لا تبدأ بفيكتوريا... فيكتوريا من أحب و من سأتزوج.
صاح العجوز هادراً:
- لا تذكر اسم هذه الفتاة... أنت تعرف رأيي بها.
- لكن لست أنت من سيتزوجها... أنا من سيتزوجها... دعني أكمل لك الأسباب التي تمنعني من تنفيذ اقتراحك...
قاطعه:
- إنه ليس اقتراح يا مارك... إنه أمر.
أمسك مارك نفسه حتى لا يتفوه بكلام يجعله يندم لاحقاً:
- يبدو انك ألغيتني و ألغيت رأيي من حسبانك... هل يمكنني أن أعرف دور سالي في هذا الأمر؟
- لم أخبرها بعد.
لم يستطع مارك أن يتمالك نفسه أكثر من ذلك، صرخ في جده:
- انزع هذه الفكرة المجنونة من رأسك... هل تفهم؟
أغلق السماعة في وجه جده ثم وقف ليذرع الغرفة جيئة و ذهاباً... إذن هذا ما كان يفكر فيه... هل جن؟... حتى لو استثنى فيكتوريا من الأحداث كيف له أن يقترح مثل هذا الاقتراح و أنا و سالي لم نرى بعضنا إلا بالأمس.
طرقت سكرتيرته الباب ودخلت:
- سيد مارك كان عندك موعد الآن؟
- كان؟
حاولت أن تمنع نفسها من الضحك:
- نعم... كان... فالشاب عندما سمع صوتك و أنت تصرخ خرج مسرعاً.
انفجر مارك بالضحك:
- أي رجل هذا...
قاطعته جوليا:
- أي شخص يملك العقل السليم عندما يسمع نبرتك تلك يجب أن يفر... لابد انه السيد ريتشارد الذي دفعك أن تصيح بتلك الطريقة أليس كذلك؟
نظر إلى سكرتيرته و ابتسم... إنها لا تقدر بثمن... لا يذكر أنها ذعرت منه عندما يثور أو أنها وقفت عاجزة أمام أحد أعباء العمل التي يحملها لها.
- باستثناء موعدي الهارب هل هناك شئ آخر؟
- لا يا سيدي.
خرجت جوليا فجلس ثم عاد ليذرع الغرفة ذهاباً و إياباً... غضبه يمنعه من الجلوس في مكان واحد... يشعر أنه بحاجة للحركة و إلا سينفجر... اتصل بالبيت و سأل على سالي... ردت عليه ماري و أخبرته أنها خرجت مع والده للشركة.
كان على وشك الخروج من المكتب عندما تعالا صوت سكرتيرته عبر جهاز الاتصال الداخلي:
- مخابرة تليفونية لك؟
- من يا جوليا؟
- سالي ....
قطعها:
- صليني بها فوراً
تناهى له صوت سالي المذعور:
- مارك... جدي... جدي...جدي....
- اهدئي يا سالي... تنفسي بعمق.
ساد صمت طويل فصاح:
- سالي... مازلت معي؟
قالت بصوت مبحوح:
- هل أخبرك جدي باقتراحه العظيم... صمتت ثم قالت بغضب أعطى صوتها القوة:
- لا ليس اقتراح... بل أمر... لقد كان يأمرني... يأمرني أن أتزوجك...
كان صوتها يتصاعد مع كل كلمة حتى قارب الهستريا: - سالي... اهدئي حتى نتحدث...
- لن نتحدث في شئ... سوف أجمع أغراضي و أرحل... لقد صدمتني طريقته في أمري بذلك... صدمه... صدمه.
- أين أنتِ الآن؟
- إنني في إحدى المقاهي... لقد خرجت و لم استطع العودة للبيت... لم استطع.
- أخبريني في أي مقهى و سوف آتي لكِ حالاً... لا تفكري في كلام جدي و لا تضعيه في حساباتك...معاً سوف نضع حد لتصرفات ذلك الرجل العجوز.
أنت تقرأ
أنت بذاكرة قلبي - للكاتبه فاطمه الصباحي (زاهره)
Romanceكل حقوق الملكيه خاصة للكاتبه فاطمه الصباحي (زاهره) ملخص "أنت بذاكرة قلبي" تزوجته بناءاً على طلب جدها الذي طلبت منها والدتها قبل أن نموت أن لا تعصي له أمراً، تزوجته و كل ما يجمعها به مودة تكنها فتاة لابن خالها الطيب، كان زواج يسوده التوتر و الصراعا...