عجلات المركبة بدأت بالتباطؤ شيئاً فشيئا حتى توقفت عن الدوران ، ركنا المركبة على قارعة أحد الارصفة وقد هرع المحققين لتفقد ما حل بها ، أما أنا فقد ترجلت و نظرت أليهم وهم منهمكين في محاولة معرفة ما أصاب المركبة فتحدثت أليهم ساخراً .
- يا رفاق يبدو بأنكم محققين حمقىء فهم لا يستطيعون حل و معرفة ما اصاب مركبتهم ، وما يدهشني هو بأنكم تظنون أنفسكم أذكياء و محققون بارعون ، فهل تستمرون بقول هذه الأحاديث و الاكاذيب لبعضكم البعض ؟
فلو كنت قريباً لأحد الضحايا في واحده من الجرائم التي سيأتي بها محققون أمثالكم لحلها و تفقد الواقعه والجريمه ، لنتظرت وتأملت بأن تستيقظ الجثة و تقف على قدميها و تخبرني من القاتل و المجرم بدلاً من أعلق أمالي على مجموعة من المهرجين يرتدون بزات و معاطف سوداء ولا ينزعون القبعات من روسهم ، حسناً سأتفوه لكم بسر أنزعوا تلك القبعات فالناس يكتشفون أنكم بلا عقول من أفعالكم و ليس من مشاهدة رواسكم ، أظن أنكم حمقى فلا تستوعبون ذلك الأمر .
لم أفتعل تلك الواقعه و أتحدث بذلك الحديث لسبب أنني أمقتهم فحسب ، فهم في مرتبة أدنى من أحمل لهم أي مشاعر ، لقد فعلت ذلك من أجل أن تزداد حدت غضبهم تجاهي و يتصرفون بلا مسؤولية و يطردوني من تلقاء أنفسهم من البقاء معهم ، فهم لم يتوقفوا عن الشعور و الاعتقاد بأنهم مهمين بالنسبة لي .
وفعلاً حدث ما أردت فصرخ أحدهم مقاطعاً تهكمي و سخريتي منهم .
- من تظن نفسك أيه الشاب التعيس ؟ بل نحنُ التعساء الذي صادف مرورنا وجودك و تشرفت بالصعود معنا ، نحنُ التعساء و ليس أنت .
وبدأت أفواههم تتحد على شتمي ولعني ، كانوا أشبه بقطيع من الخراف تتسابق على الضغاء عند مشاهدتها للذئب و تظن بذلك بأنها تخيفه و تبعده فلا يكترث ولا يهتم .
وحينا زادت حدت الشتائم تحدث المحقق المسؤول الذي كان صامتاً طوال الوقت .
- أرحل من هنا أيه الملعون فلم أعد أحتمل مشاهدتك أمامي ، فبسببك نحنُ الان نقف هنا مطرودين من خارج القصر و المركبة متوقفه تحت زخات المطر و برودة الطقس ، أرحل و أتمنى بأن تكون مهمتنا القادمة بأن تكون الكشف على جثتك مرميه على أحد الأرصفة و قد تجمدت اطرافك من البرد و هزل جسدك من الجوع و العطش .
صعد المحققين المركبة جميعاً و أغلقوا على أنفسهم بالداخل ، تحركت من مكاني و مثلت بأنني تائه لا يعلم أين يذهب فأصبحت أبحث عن ماوى و هم يشاهدون و يسخرون على حالي ، فلم أختفيت عن أنظارهم بدأت بالركض كالمجنون تحت زخات المطر و قوة الرياح العاتيه ، كنت في سباق مع الوقت فسوف تصل أليهم المساعدة و العون و يعودون ألى القصر من أجل أستكمال التحقيق و أخذ الجثة و نقلها للتشريح ، كان المطر يضرب في جسدي و الريح أتحدت معه و كانت تبطىء من سيري و الوقت يداهمني ، لكن مع هذا كله لقد و صلت الى الحي الذي به القصر و أنا ألهث من شدة الأعياء و التعب ، فأخرجت اموالاً قد خبائتها تحت سترتي كنتُ قد أخذتها خلسة من خزائن القصر و رحت ألقي بها على الشارع المقابل للقصر ، فأصبحت تتطاير فالسماء و تسقطها قطرات المطر حيث ما تشاء ، للمرة الأولى أتصرف كما يتصرف الأثرياء و الأغنياء و أصبحت أرمي و أقذف الأموال فالسماء دون أن أكترث لها ، فلما شاهدتها متناثرة على الطريق وليس من السهل على رجل واحد جمعها دون أن يشاهده الاخرين و تحدث جلبه و ضجيج و ربما سيتشاجرون من أجلها عمال القصور فتصل الأخبار اليهم بوجود أموال متناثرة على الطرقات بلا سبب ، فيظنون و يعتقدون بأن اللص فر مرتعداً منهم و سقطت منه بعض تلك الأموال التي تثبت فعلته ، وبعد أن تخلصت من تلك الأموال و أبقيت جزءاً منها لأمر مهم بالنسبة لي ، بل ربما يكون هو السبب لكل هذه الواقعه ، تحركت من مكاني و صعدت الى سطح وأعلى أحد البنايات القريبة و المطلة على واجهة القصر ، من أجل أتفقد و أترقب مالذي سيحدث ، و كيف ستسير الخطة و هل سوف تنجح الفكرة و تنجو الفتاة من حبال المشنقة و تغلق القضية ألى الأبد ؟
وصلت ألى سطح البنايه التي اتخذتها موقعاً للمراقبه ، فأذا بها قد أتت على تلك الشرفة و كنت أراها و هي لا تراني ولا تعلم بوجودي ، فأخذت بيديها كومة من الأموال و بدأت بحرقها و تطاير رماد الأموال في كل أرجاء القصر و أعمدت الدخان تملىء السماء ، كانت تفعل ذلك وهي تبكي لم تكن من أجل أتمام و أنجاح الخطة ، فقد كرهت كل هذه الأموال التي أختفت حينما أرادت بأن تنقذ والدها ، و ما أسوء الأشياء التي نصبر على مرارتها و طول الطريق اليها و عندما نصل ألى النهاية نجد هناك بأن الذي صارعنا و كافحنا من أجله لم يعد هنا و أختفى و لن يعود أبداً .
أجهشت فالبكاء و بلحظة يأس و فقدان أمل و بعد أن حققت ما كانت تسعى اليه منذُ رحيل والدها بعد أن أنتقمت من ذلك المسن الجشع ، صعدت على سور الشرفه و فتحت يديها ألى الهواء بعد أن أغلقت عينيها و سلمت نفسها لنسيم الرياح لتسقطها و تسقط معها كل الذكريات الحزينة و ترحل و تلتحق بمن أحبته ذلك الأب المسكين .
أرادت الانتحار و الموت ، فهي ليست مكترثه لكل هذه الأموال و القصر و تحفه و أثاره التي ستخلفها وراها ، أغلقت عينيها عن جميع ذلك و لم يكن في خلدها سوى صورة أبيها و ذكرياتها ، الان هي تقف والبسمه تشرق على محياها فقد أصبحت تتذكر لحظات الطفولة و أجمل أيامها و ماهي سوى لحظات حتى ستبدأ بتذكر مرضه وتعبه ووفاته و رحيله دون أي أمل لعودته ، و عندها ستقفز من الشرفه و لن تنتظر الرياح تتخذ هذا القرار منها ، كانت بسمتها تزداد و ربما وصلت ألى الحد الذي جعلها تضحك عندما تذكرت أحد تلك الطرف التي كان يلقها والدها على مسامعها ، سحقاً للذكريات فهي تبقى حزينة في كل حالاتها فأذا تذكرنا الحظات الحزينة نحزن ولا نرغب بعودة ذلك الشعور القاسي ، أما أذا كانت ذكريات جميلة فسوف تبتسم أبتسامة باردة ثم يتحدث ذلك العقل اللعين الذي لم يخلق سوى لشقائنا و يذكر لقلبك في غمرة فرحته بأنها مجرد ذكريات ولن تعود ابداً فينقبض قلبك حزناً و الألمً .
زادت الرياح بقوتها و كأنها تستعجل برحيلها من قصرها ألى قبرها ، وبدأت تتمايل على السور كطائر كروان يتمايل على ذلك الغصن الذي تحركه الريحاح يمنه و يسره ، لكن الفرق هنا الطائر سيطير و ينجو و هي ستسقط و لن تعيش ، و ما أسهل المقارنات و ضرب الإمثلة و ما أقسى الواقع و الحياة ، وقد كاد الفجر أن ينقشع و يطل ضوء الشمس من خلف الغيوم المتلبدة بالسماء .
توقفت عن التأمل و المشاهدة و صرخت بأعلى صوت .
- توقفِ أرجوكِ عن فعل ذلك !
لا تقتلين والدكِ مرتين ، مرة برحيله و مرة أشد و أقسى بلحاقكِ به .
من ذا الذي سيحيي ذكره و كل تضحياته أن رحلتي من هذا العالم ؟ لا أحد ستنقطع سلالتكم و سيختفي ذكركم و لن يعلم أحد عن كل المعاناة التي عانا منها و الدكِ .
لقد قرات خلستاً تلك الرسائل التي كنتم تتناقلونها في بينكم حتى لا يكتشفها ذلك المسن اللعين الذي طغى و أستكبر و فضل المال على الأنسان و حياته ، فا أنا لم أفعل كل هذا معكِ الإ لأنني كنت مدركاً بأنك قد خضتي من المصاعب و الأوجاع ما هو أقسى وأكثر رعباً من حبل المشنقة ، بعد تلك الرسائل أقسمت بأنني سأخرجك من تلك القضية ، فلا يمكن لمن هو مثلكِ بأن يعاقب على شيء توتجب عليه بأن يفعله .
الإ تتذكرين تلك الرسالة التي يطلب منك بأن تجعلين أول أبنائك يحمل أسمه ؟
وأن كانت فتاة أسميها بأسم والدتكِ فقد أحببتك لأنك قطعها منها عوضاً عن ذلك الحب الذي يكنه الأب لأبنته ، و أجعليهم ينالون التعليم و المناصب العلياء أرجوك يا أبنتي كم أن حياة الفقراء قاسية وموجعه ومهلكه ، فلا تجعلينهم يذوقون مرها و بؤسها ، لا تعاقبيهم و أشعريهم بالحب بل أحبيهم كما أحببتك انا وهذا يكفي لتفعلي كل شيء بالشكل الصحيح ، يا أبنتي و طفلتي و حبيبتي انا أحتضر و أنفاسي تنقطع و قلبي يكاد أن يتوقف ، أكتب لكِ هذه الرسالة و أعتذر على رداءة الخط ، فيدي ترتعش من برد الرحيل ، سأرحل خلف و الدتكِ سأخبرها كم أنتي جميلة و فتاة ناضجة و بأن أبنتنا كبرت و غدت تشبهك كثيراً ، يا أبنتي سارحل و أنا أحبك و سأبقي على ذلك الحب السرمدي الذي لا ينقطع فهو دائم ولن يزول حتى برحيلي ، سأموت من أجل أن تعيشين ، سأتوقف عن مقاومة المرض و سأرحل ، لأنني أعلم كل ليلة ببكائك و حزنك أشعر بكِ و كانك بجانبي تضعين رأسي على أكتافي ، وأنتِ تسمعيني أتحدث عن جمال الحياة من أجل أن نحيي الأمل بنا ، كنت أعلم بأنكِ لم تصدقيني فأنا و أن كنت غير متعلم لكنني أعلم بكل ما تفكر به أبنتي و طفلتي حتى وأن حاولت أخفى ذلك عن أبيها ، فلا يمكنك بأن تخفي مافي الوعاء عن الغطاء ، ختماً يا أبنتي لا يوجد لدي مال ولا قصور من أجل أن ترثيها ، حتى هذا المنزل الذي سكناه و يوجد به كل ذكرياتنا سوياً هو ليس ملكاً لنا ، وسوف يأتي صاحبه بعد رحيلي و موتي و يبحث عن فقير أخر يجعله يعمل و يكدح طوال اليوم حتى يوفر مرقداً هانئاً لعائلته ، بعد موتي سوف تستمر الحياة ويستمر الشقاء على الفقراء ، أتعلمين يا أبنتي بأنني كُنت دوماً أحلم بأن أموت على فراش أبيض بغرفه فسيحه و يحيط بي أحفادي و أنتي ممسكه بيدي و تروين على مسامعي قصص نجاحاتهم ، لكن ها قد ضعفت و سقطت قبل ذلك ، أعلم بأنك لم تتوقفين ولو لوهله من أذلال نفسك لزوجك من أجل يدفع ثمن العملية التي كانت سبيل نجاتي ، أنني يا أبنتي لم أكن لأوافق على القيام بها فقد عشت بما يكفي و رأيا من الشقاء مايجعلني لا أخشى الموت ابداً ، كل ما أردته بزواجكِ منه بأن لا تعيشي كما عشت أنا حياتي فقيراً معدم ، فلا سعادة بدون مال فلا تصدقين تلك الخطابات الرنانه التي تقول عكس ذلك ، فكم بكيت و تألمت من الليالي التي تعودين بها من المدرسة و أنتِ تبكين لأنهم سخروا من رداك الممزق الذي كنت فاشلاً في خياطته و حياكته ، تخبريني و تسألني كل عام أبي لماذا لم تحتفل بعيد ميلادي هذا العام الإ تحبني كبقية الأباء ؟ كان هذا السؤال أقسى من هذه اللحظات التي أحتضر بها الأن ، فأخبرك في كل عام بأنني قد اصبحت شيخً كبيراً ولم تعد ذاكرتي صالحة لستذكار الايام و التواريخ و تحزنين لذلك القول ، لطالما كنت أتمنى بأن تتوقفين عن ذلك السؤال عن هدايا اعياد الميلاد و عندما وصلتي للسنة العاشرة من عمركِ ، لم تسأليني لأننك أدركتي بأنني لا أملك المال كبقية الأب ، تحققت الأمنية و بكيت حزناً و الألماً ، فقد أدركتي يا طفلتي مدى شقاء و ضعف و الدك في تلك السن الصغير ، كان السؤال أجمل و ألطف بكثير من الصمت و أدراكك ، وفي عامك الخامس عشر أستطعت بأن أحضر لك تلك الهدية و المرآة الصغيرة حتى تشاهدين جمالكِ و حسنكِ لقد ظننت بأنكِ ستمثلين علي كعادتك من أجل أن تفرحيني بما فعلت ، ولكنكِ بكيتي من شدة الفرح و أحتضنتيني طويلاً ، يؤسفني حقاً بأنني لأن أكون حاضراً معكِ في بقية أعياد ميلادك ، كان ذلك عامنا الأخير و من الجيد بأنني قدمت لكِ شيئاً به ، و داعاً يا أبنتي و كوني متوقنه بأنني ساظل دوماً احبكِ .
فأجهشت فالبكاء و غطت عينيها بيديها .
- أماني تلك المرآة التي بين الذهب و الفضة كانت أجمل شيء معلق بهذا القصر ، أحتفظتي بها من أجله ، فلماذا لا تكملين و تفعلين أمنياته التي لم يراها ؟ أسم أبنك الذي حلم به أو أسم أبنتك الذي يجعله يستذكر و الدتك ، أحفادك و أن تحبيهم كما أحبك هو ، ألخيار خيارك ، أسقطي و ستسقط معكِ كل أحلام و الدك و تلك المرآة المعلقة ، صوت الحطام سيسمعه والدك و سيحزنك كثيراً لأنكِ لم تحققين كل تلك الأحلام .
فصمت عن الحديث و انا أنتظر قرارها و أن تحكم هي بمصيرها ، فأذا بها ترمي بنفسها داخل الشرفه و تحتضن نفسها و صوت بكائها و هي تردد أسم والدها يعلموا المكان ، وفي تلك اللحظات وصل المحققين و مع سماع صوت بكائها دخلوا القصر و شاهدوا رماد الأموال يغطي فناء القصر و هرعوا لها يركضون حباً فالمال و أن لا تحرق و تتلف ما تبقى منه .
أخذو يهدوأنها و يتوسلون و يطلبون منها الهدوء بينما هي كانت تبكي ولم تكترث لهم و لما يقولون ، في تلك اللحظات وصلتهم الاخبار بوجود أموال قد وجدت على قارعة الطريق فأنصبت التحقيقات على أن اللص قد فر ببقية الأموال فعكفوا على البحث و سؤال عنه سكان الحي حول أن شاهدتم رجل رث الملابس و همجي و غير متحضر يحمل حقيبة ، لقد تخيلوا حتى شكل اللص و المجرم ومن أين قد أتى ، فما أسرع أحكامهم و أسذجها .
أخرجوا الجثة من القصر و وأغلقوا أبواب القصر دون عودة ، بعد وعود و عهود بأنهم سيقبضون على ذلك اللص و ولو أضطروا لأحراق أحياء الفقراء و أخراجه من هناك .
أما بالنسبة لي الأمر الذي أتيت من أجله لم يكن هذا فحسب فهناك رحلة لأبد بأن أقوم بها قبل أن أعود ألى المقر و يتم عقابي و سحب تلك النجوم التي و ضعوها على أكتافي و بين رأسي .
أبقيت في جعبتي بعض الأموال لهذه الرحلة ، كانت رحلة ألى من طاقت نفسي شوقاً لرؤيتهم ، عائلتي و محبوتي .. لقد أشتقت لهم كثيراً و أريد أن يشاهدوني و أنا برتبة ضابط قبل سحب ذلك المنصب مني عقاباً على ما فعلت ، وكان ذلك اليوم يوافق تخرجها شروق فقد كنت أحسب الأيام و الليالي لذلك اليوم ، ستتخرج و يكون هذا يومها الأول كطبيه متزينه برداءها الأبيض ، لم أكن لأفوت هذه الفرصه و لو ضطررت لتحمل عقاب الجنرال الشديد ، قبل أن أغادر متجهاً لحينا الفقير بين كل هذه القصور و العمران ، نظرت ألى أماني نظرت الوداع الأخير ، كنا و اقفين كلً منا يحدق بالأخر هي تكفك و تمسح دموعها و أنا أنظر أليها مبتسم بأنها قد نجت و تغلبت على يأسها ، لوحت لها بيدي مودعاً و هي أعادت لي التحية بالمثل ، و قد تحاملت على أحزانها و كفكفت دموع عينيها و أبتسمت و هي تحتضن مرآة والدها .. و غادرت .
و وقفت على قارعة الطريق مددت يدي ، توقفت سيارة الأجرة ، وبها رجلاً عجوز نحيل الجسد جاحظ العينين شاحب الملامح قد أهلكه التعب و قضى على وجهه بؤس السنين ، تحدثت بعد ان ركبت السيارة .
سيدي من فضلك أذهب لأكثر الأماكن قسوتاً للفقراء و البسطاء و العمال و أما بالنسبة لطبقة البيروقراطية و البرجوازية فهو مكان الفرح و الأنشراح ، ذلك المكان الذي يجمع أجسادنا لكن أرواحنا تختلف ، فهناك نشقاء وهم يفرحون و هناك نبكي وهم يضحكون ، ذلك المكان الذي نغادر به ألى الشقاء و الهم و الكدر ، وهم يغادرون لأنه شعروا بأنهم قد ملوا و سئموا روتين حياتهم و عالمهم و أنهم بحاجة ألى التغيير ، نحنُ نذهب من أجل أن نبقى أحيياء ولا نموت ، أما هم من أجل اللهوى و المتعه ..
وفي وسط حديثي توقفت المركبة .
سيدي لقد وصلنا ألى مكانك المنشود ، أبتسم ساخراً على حالنا وأردف قالاً مكان شقاءنا كيف لا يكون محطة مغادرة المسافرين ، وتلك الطائرات التي صنعت لسببين أما الحرب فتقتل أبنائنا و تهلك أبائنا و تيتم صغارنا ، فتلك الطبقة بلا وعي أو أدنى أدراك و في لحظة طيش و فورة غضب يصدرون قرار الحرب ، ويموت الجنود و تبكي الأمهات فقط لأنهم غضبوا ، وفي لحظة رخاء و أسترخاء في قصورهم يصدرون قراراً أخر بأيقاف الحرب والنهب و القتل ، بائسة تلك الحياة ، وبعد أنتهى الحرب تأتي الطائرات الأخرى لتنقلنا نحنُ العمال المساكين لنبني و نعمر ما دمروه بقراراتهم ، و يتحدثون بكل قبح بأنهم هم من عمروا تلك الأوطان .
أبتسمت لشقائه و حُسن فهمه و أدراكه ، أخذت حقيبتي بعد أن ودعته .
أنت تقرأ
الجندي الذي وأجه الشيطـان !
Przygodoweجندي ينشى في حي فقير تحت وطاءة طبقة من الأغنياء ، يُستدعى للحرب و النضال من أجل الوطن و أثبات مقدرته على قيادة الجيش للأنتصار ، ليكتشف أن الجيش في خدمة الأغنياء فحسب ، ويحاول جاهداً أحداث ثورة وأن يقود الجيش بنفسه ، فيظل حائراً بين الحرب أو محبوته ا...