31- وعد لم ينطق

18.9K 1.2K 51
                                    

ساد الصمت للحظات قليلة بينما حدقت في كايل كما لو كان حلماً ( اخيراً وجدته!)
لم أرى غيلبرت الا بعد ان بدأت استوعب انه ليس حلماً بمساعدة بيتر الذي كان يصرخ ساحباً إياي للواقع " من انت بحق الجحيم ! و ما دخلك بي و جاين "
أمسكت ذراع بيتر الذي كان غاضباً و منعته من الهجوم على كايل و انا اقول بنبرة باردة مرتعدة " بيتر ، انه كايل "
شعرت ببيتر يزداد توتراً ، ألتفت إليَّ و هو يقول "هل انت متأكدة جايني؟ انا.. "
قاطعته " انه حقاً كايل " اردت البكاء
تكلم كايل بصوته الأجش " لم ارد مقاطعة خطتك سيد بيتر لكن ان دخلت بجاين في ذلك القارب الى البحيرة فسوف تضيع منا  الى الابد و هذا شيء لن اسمح به و لا غيلبرت حتى و ان كلّف الامر حياتينا"
بيتر بغضب رد عليه " غيلبرت مجدداً؟! و من انت لتتدخل في حياة جاين و كيف تطلب مني تصديقك؟؟"
اجاب كايل و تأثر واضح على وجهه " اسمع جيداً ايها الغبي! لقد جئت للتو من المستقبل و لأكون اكثر دقة جئت من تلك اللحظة التي  كنت فيها على القارب مع جاين بعد ان أقنعتها بصعوبة ان تصعد عليه. و كان كل شيء بخير قبل ان تسحبها مخلوقات السحر الاسود الى قلب البحيرة ! لم يتمكن احد من انقاذها.. بيتر هل تستوعب ما اقول؟"
شعرت بالخوف يزحف الى جسدي و يجمده، شعرت بالبرد .
كنت لا ازال ممسكة بذراع بيتر و قد شعرت بتوتره و هزة ذراعه التي ارتجفت جفولا لتخيل حدوث ما قاله كايل للتو.. كنت اشعر بحاجة للاختباء او الاختفاء ،لقد ارادت مخلوقات شريرة آخذي الى مصير مجهول .
بكيت بصمت بينما احاطني بيتر بذراعه يضمني اليه مطمئناً .
كايل " لقد أخذني غيلبرت الى هنا لاحذرك بيتر . انت لا تستطيع رؤية غيلبرت ،لكنك انت الوحيد القادر على حماية جاين حالياً . انا لا استطيع البقاء هنا لوقت أطول و الا سيعلم داني بمكانكما.. جاين إلبسي هذه "
مددت يدي لأخذ  قلادة عبارة  عن حلقة مصنوعة من حجر كريم ازرق و ملبد بالأخضر القاني.
و ما ان لمستها حتى تغيرت ألوان العالم من حولي ، كنت ارى الأشجار تبعث اضواءً خضراء و البحيرة مغلفة بدخان ازرق مبيض و كأن كل شيء حولي كان جامداً اصبح ينبض بالحياة .
كايل " جاين اياكِ ان تتركي القلادة  و لو للحظة فهذه القلادة هي الحامي الوحيد لكِ حالياً من تلك الوحوش و يجب ان تأتي  الى فندق كيلزبورن في أقصى وقت لانه المكان الوحيد الذي يستطيع غيلبرت فيه ان يأخذكِ "
انا بخوف " يأخذني الى أين ؟"
بيتر " لن ادع جاين تذهب معك .مالذي يجعلك تعتقد انني سأصغي الى ترهاتك"
كايل " لاني اعلم ماذا تخبئ في جيبك . و اعلم انك تهتم لسلامة جاين و رغم انك تريدها معك لكن عليها ان تأتي معنا لبعض الوقت حتى نتخلص من امر داني . هنا لا مصير لجاين  سوى الموت . و انت يستحيل ان تدع ذلك يحدث . فقط لا تتمسك بها هذه المرة و الا ستكون السبب في موتها "
بعد لحظات صمت غريبة توجهت قلقة الى كايل ، و مددت يدي فوضع بعناية كايل القلادة عليها و ابتسم بالكاد ابتسامة . ثم اختفى من امام اعيننا كما لو انه لم يكن هناك قبل لحظة من الزمن.
شعرت ببيتر يمسك بذراعي بقوة و هو يرتعد بشكل طفيف . اردت ان ابكي لكن غيلبرت الذي كان قد اختفى مع كايل ظهر مجددا و كان هناك يحدق بي كما لو كان يقراؤني دون كلمات . عندها تغيرت ملامحه و هو يقول " اني اشعر باقترابها .. جاين أرتدي حالاً القلادة لقد  حان الوقت لتهربا من هنا ،فهذه الوحوش يمدهم داني بالقوة كل يوم و أصبح بامكانهم الوصول اليكٍ و ايذائكِ في ارض الواقع كما رأى كايل . الان ! غادرا! "
صرخ بي و انا جفلت رعباً ثم لبست القلادة و بدأت اجر بيتر و هو يسألني ماذا اخبرني غيلبرت .
أخبرته " دعنا اولاً نغادر من هنا "
صعدنا على سيارة نقل لأحد المزارعين و أوصلنا الى المحطة و هناك كنّا سنصعد على احد القطارات باتجاه المدينة .
كنت قد اعتدت رؤية الاشياء ذات الالوان الغريبة بتلك القلادة فقط كانت الاشياء الحية عدا البشر  تملك اشعاعاً غريباً . لم اعرف جدوى تلك القلادة الا عندما شعرت بالرياح تشتد حولنا و سمعت اصواتاً مخيفة ، تجمدت في مكاني " بيتر هل سمعت هذا؟" نظر نحوي بقلق " ماذا! لم اسمع شيء"
نظرت الى مصدر الصوت في اعالي السماء فوجدت مخلوقات ضخمة تطير في السماء بلا ملامح ، فقط رأيت إشعاع أجسامها و شعرت بأني هالكة لا محالة.
اخبرت بيتر اني ارى وحوشاً في السماء تقترب من المكان كان بيتر قلقاً فأمسك بيدي لندخل المقطورة. كنت ارتجف خوفاً و تخبأت في حضن بيتر طوال الطريق .
*****
نزلنا من المحطة و انا لا ازال متوجسة و خائفة .اتجهنا حيث ترك بيتر سيارته . اخذنا بالمشي نحو السيارة عازمين الاتجاه الى الفندق القديم الذي اخبر عنه كايل . فكرت بأن القلادة تجعلني اخاف و أعجز عن التصرف لاني كنت ارى الوحوش التي تلحق بي .فخلعتها و امسكتها اناولها لبيتر و انا اقول " احتفظ بها عندك بيتر هذه القلادة تجعلني في حالة هشة و انا احتاج ان اكون قوية "
بيتر و قد أمسكني دون ان يتركني للحظة منذ لقاءنا بكايل . أمسك بالقلادة بيده التي لم تكن ممسكة بيدي و قال " لكن كايل اخبرنا انها ستحميـ "
توقف عن الكلام او انني توقفت عن سماعه . لاني شعرت بقبضة قاسية مؤلمة و ضخمة تمسك بي و ترفعني نحو الأعلى ،كل ذلك خلال ثانية او اقل !!  صرخت بكل ما لدي .
يد بيتر المتشبثة بي لم تتركني بالعكس فقد تمسك بي و هو يحاول التأرجح لسبب ما بينما ارتفعنا عن الارض  و سرعان ما أمسك بيتر بيده رأسي بقوة و انزلق شيء ما . سمعت صراخ الوحش الممسك بي كما لو كان يحترق و أفلتنا فوراً و عرفت انها القلادة .
سقطنا على الارض بارتطام قوي لكني وقعت على بيتر و لم  اشعر بألم كبير عدا مرفق يدي  .
بيتر مرعوباً " لقد سمعت صراخه ... يا الهي لقد رفع كلينا الى الأعلى  كما لو كنّا قطع ورق !ماهذا النوع من الشر !" تحرك بيتر ثم تأوه  كان  متألماً .
نهضت اتأكد ان كان بخير لكنه تشبث بيدي و تلك الحركة اخبرتني دون ان يتكلم اني كنت شيئاً ثميناً يخشى فقدانه . ربما كان خائفاً من ان يأخذني وحش اخر .
بيتر " ارجوكِ جايني لا تتركي يدي او القلادة "
نظرت الى السماء الملبدة بالوحوش الكثيرة لكن لم يجرؤ اي منها على الاقتراب .
استجمعت شجاعتي انا " هل انت بخير ؟" ساعدته على النهوض و قد بدى متألماً الا انه لم يخبرني.
توقف امام باب سيارته و لكنه صعد الى مقعد الراكب المجاور للسائق .
انا " حسناً اذن سأتولى القيادة"
لكنه أوقفني بيده الممسكة بيدي " انا من سأقود"
انا " لكن لمٓ دخلت من باب الـ" لم اتمكن من الكلام لان بيتر فاجأني بجره لي نحو الداخل .
بيتر " انا لن اترك يدك حتى تصبحي بأمان جايني"
جر نفسه من مقعد الراكب الى مقعد السائق و انا اتبعه ممسكة به كما اراد.
كان بيتر يقود بيد واحدة مصمم على عدم تركي . كنت قد يئست من محاولة إقناعه ان يترك يدي لانني لن اختفي.

انا " لا اصدق اني على وشك ان اذهب الى عالم اخر . لا اريد الذهاب بيتر !"
بيتر " انا أيضاً لا اريد ان تغادريني جايني .. لقد اردت ان تكوني معي لقد اردت اخباركِ اشياء كثيرة .. لكن الان لا يهم . لا شيء يهم سوى سلامتكِ"
انا " بيتر انا لا أظن اني استطيع تحمل كل هذا!"
بيتر " بلى انتِ قوية و تستطيعين فعل اي شيء تريدينه . انتِ تفعلين ما تريدين و لا شيء بامكانه ايقافكِ.... لذا اريدكِ ان تعديني شيئاً "
انا " ما هو ؟"
بيتر " ان تعودي اليّ "

©ManarMohammed

مــن  انـت ؟ ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن