من ذاك الفتى الذى يجلس بضع طاولات أبعد عنكِ ، لتلك الفتاة التى تقرأ ذاك الكتاب الرائع ..
عزيزتى ، أهديكِ هذا ..
حين رأيتك أول مرة كنا فى الجامعة ، كنتِ تضحكين مع بعض الأصدقاء ، ثم ودعتهم و ذهبتي فى طريقك ، و بصراحة ، لم أستطع ترككِ هكذا ، كنت مأسورًا بتلك الضحكة و تلك الأعين ، فتبعتكِ ..
تبعتكِ و أنت تسيرين تجاه موقف الحافلة ، ثم صعدتُ خلفكِ ، كنتِ تجلسين بجوار النافذة الثالثة ، و كنت أنا وراءك بالضبط ..
من ذاك القرب اشتممتُ رائحة عطرة ، غريبة ، و لكن لها نشوة الادمان .. كانت رائحة عطركِ ..
حينها تناهي الى مسامعى ذاك اللحن الذي استطاع أن يغرقكِ بداخله ، كان لحنًا مميزًا مثلكِ ..
سرعان ما تركتِ الحافلة ، فلم أستطع سوي ان أتبعكِ مرة أخري .. ثم دخلتِ ذاك المقهى الصغير الهادئ وحدكِ ، برفقة كتابٍ ، كوب عصير ما ، و تلك الألحان المميزة الخاصة بكِ ..
ببعض الصعوبة استطعتُ قراءة اسم الكتاب ، و سرعان ما أصبحت مهتمًا به ، و بكِ ..
كان اسمه "الآخذ : سيد الوقت " ، اسم يشعل الفضول فى القلوب الضعيفة .. مثلي ..
حين أتى النادل ليأخذ طلبي سألته عنكِ ، فقد أخذ طلبكِ مسبقًا و قد أعطيته تلك البسمة الآسرة .. أكان ذلك حسدٌ ما مر بقلبي الأن ؟!
قال أنكِ غالبًا ما تأتين كل يوم أو اثنين ، فقط تقرأين ، و قد تأكلين أو تشربين شيئًا ، قال أنكِ فتاة لطيفة و أن كل العاملين هنا معجبون بكِ .. ربما أنا كذلك ..
كثيرًا ما أصبحتُ أصادفكِ فى الجامعة ، أو ربما هى عادتى المقيتة فى اتباعكِ ، و لكنى لم أستطع يومًا الاقتراب أكثر ، و لم أملك حتى الابتعاد ..
فى يومٍ جئتِ بصحبة دفتر للرسم ، و حين اختلست نظرة صغيرة صرتُ مفتونًا بهم ، و بكِ .. فقد كنتِ تملكين حسًا فنيًا أخاذًا ، موهبة حقيقية ، و أسلوبًا خاصًا بكِ كذلك ..
سمعتُ مرة أنكِ تكتبين ، الهى ، كم أتمنى أن أقرأ ..
دائمًا ما تحملين معكِ ذاك الدفتر الصغير ، دفتر فاتن يعكسكِ بجدارة .. تري ماذا تكتبين ؟ أهى أحرف سعيدة أم حزينة ؟ أهى قصص قصيرة أم روايات ؟ تري أتكتبين الأغانى أم الشعر ؟ أهى مذكرات أم هى خواطر ؟ لا أدري لماذا ، و لكنى أشعر أنها خواطر حزينة ، فتلك النظرة التى تحملينها حين تكونين وحيدة تخبري أنكِ مفطورة الفؤاد ، تلك النظرة هى دليلى ..
سمعتكِ فى مرة تهمهمين ذاك اللحن لتلك الفرقة المشهورة ، كم أحببتُ اللحن ، و ربما أحببتُ صوتكِ كذلك ..
كل بضعة أيام تأتين برفقة كتاب جديد و عنوان آخر يشعل الفضول و الدفء بداخلى ، لذلك أهرع بعدها للبحث عنه ، لربما أستطيع أن أشارككِ بعض ما تشعرين ، و فى كل مرة يعجبنى الكتاب الذي تختارين ، هم مذهلون ، مثلكِ تمامًا ..
أنت تقرأ
Few Tables Away [ H.S. - one shoot ]
Fanfictionالي تلك التي أسرتني ، الفتاة التي جلست بضع طاولات أبعد ، أهديكي هذا ..