فتحت عينيّ فجأة لأجدني أرتدي ملابس الحرب..القديمة
خوذة حديدية وقميص حديدي، في حزامي سيف، وفي يدي خنجر، مختبئ خلف أحد التلال ومعي حوالي خمسة عشر رجلًا نراقب هذا المشهد المروِّع..
كيانات تشبه الإنسان لكنها أنحف قليلًا وأطول، لا يوجد لوجهها أي ملامح، لا عينان ولا أنف، فقط فمّ مليء بالأسنان الطويلة والحادة.
"ما هذا بحق الله؟"
اقترب مني أحد رجالي سائلًا بتركية قوية
- ماذا سنفعل يا سيدي؟
ارتبكت قليلًا فبدأت الذكريات تصطدم برأسي كالمطرقة وأصبح فجأة لدي ذاكرة مزدوجة الأولى أني سامي ريان الوسيط السكندري الشاب في أوائل العشرينات
والثانية أني أيخان (تُنطق أيهان) دنيز Ayhan Deniz القائد العثماني مرموق القدر من قادة إحدى فيالق فرق الإنكشارية في منتصف الثلاثينات من عمري.
سألني الجندي مرة أخرى فبدأت خبرتي القديمة من حياتي التي لم أعشها والغريبة عني تمامًا كأيخان دنيز تتدفَّق إلى ذهني وبدا الوضع واضحًا
غِيلان، هي التي نراقبها من خلف التل، نوع من الغيلان، عنيفة وقوية على الرغم من عدم وجود العينين إلا أنها تستطيع تحديد الاتجاهات وتستشعر بوجود أحد بالجوار، سريعة كالفهد وقوية للغاية..نحن في مأزق على ما يبدو.
ألقيت نظرة على رجالي، جميعهم وسطاء وكذلك أنا وسيط فقط ولست فارسًا
- ماذا سنفعل يا سيدي؟
سأل مرة أخرى منتظرًا الإجابة، يتطلع إليَّ الجميع ويبدو أنهم لا يشكُّون بحكمتي، هم في انتظار الخطة المحكمة.
في ذهني مازلت أتكيِّف مع تلك الذكريات التي لم أعشها يومًا، فأنا أقود هذا الفَيْلَق الصغير جدًّا والمُلَقَّب ﺒ Gizli Kolordu أو الفيلق السرِّي، وهو فيلق صغير من الوسطاء نخرج في غفلة عن باقي فرقة الإنكشارية كي نصطاد بعض مخلوقات الظلام التي توجد في الجوار، فرقة الإنكشارية التي ننتمي إليها لا تعرف أي شيء عن نشاطنا السرِّي، ننضم إليهم في الحملات والحروب كجزء لا يتجزّء عنهم ولكن عندما تصلنا إخبارية بأن هناك شيئًا مظلمًا في الجوار نذهب للقضاء عليه.
- هل هناك خطة ياسيدي؟
سأل الجندي مرَّة أخرى.
نظرت إلى هذا المشهد والغيلان على ضوء القمر تلتهم على ما يبدو أنهم بعض البشر اختطفوهم من إحدى القرى المجاورة، تلتهمهم بشراسة وحيوانية، فقلت لرجالي
- حسنًا إليكم الخطة
نظرت للجندي الذي لا يتوقّف عن سؤالي وقلت له:
- عزيز، اذهب للمعسكر وأحضر لنا بعض كلاب الحراسة
- حاضر يا سيدي
أسرع الجندي بجِد ورشاقة يركض متجهًا نحو المعسكر والذي لم يكن بعيدًا، فقلت للجنود
- سأسمي هذة الخطة" خدعة الطعم الثاني"أروني أولًا خناجركم
رفعوا خناجرهم فجميعها كالذي أحمله مكتوب على مقبض كل منهم كلمة عربية وهي "الجلَّاد" أتذكر عندما كنت أدرس بالأكاديمية في حياتي كسامي أنهم أخبرونا أن أسلحة (الجلاد) خاصة بالوسطاء تقتل مخلوقات الظلام بشكل أسرع من الأسلحة العادية،
فقلت لجنودي بعد أن شرحت لهم الخطة
- تذكروا أن تستهدفوا الرأس، كونوا ثاقبين، وثقوا بأنفسكم ولا تترددوا، جاهزون؟
أجابو جميعًا بالإيجاب، حضر عزيز ومعه خمسة من كلاب الحراسة الخاصة بمعسكر الإنكشارية أو (اﻠﯿﯖﯽ ﭽﺮى)، فقلت له
- حسنًا، الآن أطلق الكلاب
انطلقت الكلاب متجهة نحو بقايا اللحم والعظم الموجودة وسط الغيلان، انتبهت الغيلان لهم وبدأت بمطاردتهم ولم يستغرق الأمر إلا دقيقة واحدة، فأمسكت بالكلاب وبدأت بالتهامهم فخرجت أنا وستة من الرجال أثناء انشغالهم بالتهام الكلاب فانقضضنا عليهم من الخلف وبطعنات قوية في الرأس قتلنا عددًا لابأس به، انتبه الآخرون لنا وفي لمح البصر كان يمسك بكل منا اثنان إن لم يكونوا ثلاثة على وشك التهامنا وهنا خرج عزيز مع الثمانية الآخرين ووجهوا طعناتهم إلى رؤوس هؤلاء المسوخ وقتلوا منهم عددًا آخر وعندما يحول هؤلاء المسوخ انتباههم نحو عزيز ورجاله أنقضُّ عليهم أنا ورجالي حتى قضينا عليهم جميعًا
..................................................................................................................................................
الإنكشارية كلمة محرّفة عن الأصل التركي فبالعثمانية تُكتب
هكذا (ﯿﯖﯽ ﭽﺮى) (ﯖ): تُسمّى كاف نونية وتُنطق (ن)
(ﭽ) تنطق مثل(ch ) بالإنجليزية
وبالتركية الحديثة تُكتب yeni çeri أي الجيش الجديد
أنت تقرأ
العين الثالثة
Avventuraهل ستفتقده.. ذلك العالم الذي تعيش فيه؟ أستطيع أن أحكي لك قصتي.. قصة مليئة بالشجاعة والبطولات، لكني سأكون كاذب.. أنا لستُ بطلاً. انتظار.. وانتظار.. وانتظار.. هذا ما تجمدت عنده أفعالي قصر محاط بالظلام.. هذا ما تقلص إليه عالمي. آسف أنا. .لقد أطلقت شيئا...