موعد لقاء !

99 8 4
                                    

بعد أن أستيقظت من ذلك الحلم الذي أقلق مضجعي ، أصبحت حتى أفكر بأن لقائي من شروق كان مجرد أبغاض أحلام ولاشيء حدث من ذلك فالواقع ، فأصبحت لأذكر من الأمس الإ آحزانه و آلأمه فصراخ أبي و ركلة لي أمام أعين الجميع لأيزال يقبع بذاكرتي وكأنني أشعر به كما الأمس ، رغم علمي و يقيني بأنني ألتقيت بها لكن عقلي لم يكن يُريد أقناع قلبي بهذه الفكره ، فهو يعلم بأنني أكثر صبيان القرية شقاءاً و بؤساً ، وبدأ وكانه يصرخ لا تصدق هذا المسكين ، سيتحطم سيموت غيضاً و حيداً فلا تصدقه و تمنحه مصيرك و قرارك بل أجمل احلامك ، لكن قلبي كان رده بأنني أستحق بأن أختار قدري و مصيري هذه المرة فحسب ، كان الصراع يشتد بين العقل و القلب و أنا القتيل بينهما في تلك المعركة ، التي لن تفرح بأنتصار طرف على أخر ففي النهاية قد تكن خسرت أن لم يتعانقا ويكون قرارهم واحد ، لكن هذا قطعاً لا يحدث ، أن محاولات جمع القلب و العقل أشبه بمحاولة جمع الجليد و النار أو الظلام و النور ، لا يمكنك ذلك ابداً فكلاهما مختلفان و لكلً منهم مصير و قدر أخر ، لكن أن مصير القلب و عاطفته أشد هلكاً و قتلاً فلن تنجوا أذا فشلت في ذلك المصير و ستغدو جثة بلا روح و ستموت مع روحك كل المشاعر التي كنت تمنحها لذلك القلب المسكين .
بعد أن نهضت من فراشي ، رحت أقوم بجميع الأعمال التي أقوم بها على عادتي من أجل أن أكون متفرغاً بالكامل في ساعات الليل ، فقد قررت بأن أكون هناك للقاءها و التأكد بأنه لم يكن مجرد حلم عابر بسعادة عابرة و مؤقته .
كنت أفكر طوال النهار بكيف سيكون اللقاء أن تحقق الحلم و أوفت بوعدها و أتت !
فعلمت بأن لأشيء سيختصر الكثير من المشاعر سوى الهدايا ، قد تكون أشياء مادية لكنها ممتلئة و مفعمه بالمشاعر .
فعملت طوال النهار تحت أشعة الشمس الحارقة ، حتى أحصل به على القليل من المال و أشتري له هدية تعبيراً لها عن مشاعري تجاهها ، وبالفعل بعد ساعات من العمل ها قد حصلت على المال فأصبح بأمكاني شراء لها هدية بهذا المال رغم قلته لكنني كنت أريد بأن تفكر بي لا بالهدية ، حسناً هكذا نحن الفقراء لا نحب بأن نلقي اللوم كثيراً على فقرنا و نبحث عن أسباب تجعلنا نفكر و نظن بأن كل القرارات نحنُ من يختارها ، فقد حلمت بأن أجعلها ترتدي الجواهر و الذهب لكنني طفل فقير و مسكين لا يملك من الدنيا سوى بؤسه و أحزانه ، أخذت المال وذهبت به و أشتريت به ورداً و حلوى ، لقد فضلت الورد و الحلوى على بقيت الأشياء ، بأنها أشياء سوف تذبل و تختفي ولن يعد لها وجود أو أثر ، فقد كنت أفكر بأنها سترفضني أو ربما لن تأتي ألى الموعد الذي بيننا ، لم أكن أرغب بأن يظل شيء معي يذكرني بأن قلبي قد تحطم في تلك الليلة سوى ذكرياتي والتي لا يسكنها سوى الشقاءا و الكدر ، عدت الى المنزل عند غروب شمس ذلك اليوم  فلبست أجمل الثياب التي أمتلكها و أغتسلت و غادرت المنزل و أنا أسير في أنحاء القرية متجهاً للشاطىء ، كان أهل القرية يحتفلون جميعاً سوياً ، الكل سعيد هناك أما بالنسبة لي فشعور الخوف يتملكني بأن لأتأتي فأتاكد بأني مجرد شقي بائس لعين لا يستحق أن يسعد في حياته .
وصلت ألى مكاننا بالأمس وسط الظلام الحالك و برد المساء ولم أجدها هناك ، فجلست منتظراً قدومها و أنا أفكر بها و بقلبي المسكين أذا أخلفت وعدها فلم تأتي مين سيضمد جراحه و يعيده بعد أن تكسر و أنفطر !
مرت اللحظات ولازالت غائبة فلا أمامي سوى البحر و صوت تلاطم أمواجه العاتيه و باقة الورد و الحلوى ، فأدركت بأنها كانت مجرد أحلام ولم ألتقي بها فرحت أبحث عن أثار أقدامي بالأمس وهل كنت لوحدي أم كانت هي معي ، لكن لا أثر هناك لقد طمست الرياح كل الأثار ، فعدت جالساً بجانبي وردي الذي تتلاعب به الرياح ، وكم رغبت أن أحفر حفرة و أخفيه بها ، فلم أعد قادراً على تحمل بأنها لأن تأتتي .
لقد كنت أعلم بأنه ليس حلماً وأنني قد ألتقيتها بالأمس ، كل تلك الأفكار و ألاوهام التي أحاول صنعها وبأنها مجرد طيف حلم جميل لأنني كنت أعلم بأنها لن تأتتي ، لقد حاولت مواساة قلبي فلم أستطع فقد أدرك الحقيقة ذلك المسكين ، لقد وعدتك فقد لأنها مشفقة و حزينة على حالك ، لقد ضحكت لك لأن والدك سحقك و أذلك أمام الجميع ، هي الشفقة لأ أكثر لقد أستريت بالركض خلف السراب ، لقد أستسلمت و خسرت و خرجت من المعركة فلماذا أتيتي و قدمتي ألي و أعادتيني لتلك المعركة ؟
هل رغبتي بأن أسحق و أذل من أجلك أكثر ؟
هل كانت معركتك بحاجة لمهرج هزيل يلطف أجواء تلك المعركة ؟
هل جلست معي كل هذا الوقت تقديراً و أمتناناً على ما فعلت ،
أشتد البرد و شعرت بقلبي يكاد ينفجر حزناً و الألماً ، فكنت أرتجف من البرد أو ربما من الحزن و قسوته ، تأهت الأفكار و تبعثرت المشاعر فوضعت أكفاف يدي على وجهي فبكيت على حالي و وحدتي تلك الليلة كانت الأخيرة في طفولتي التي بكيت بها ، لم أبكي الالماً بل بشعور الوحدة و العزلة أجتمعت جميع الأحزان في تلك اللحظات و تذكرت بأن الذي سحقني بالأمس و حطمني كان والدي ، كانت تلك اللحظة التي أدركت بها أن أبي لم يحبني منذُ يوم والدتي ، لم يتحدث لي يوماً ولم يسألني عن ماصرت أليه أو ماهي أحوالي ، أرجوك يا أبي عاقبني و أسحقني ألف عام لكن أمنحني يوم أعيشه معك كبقية الصبيان ، يوم بلا بكى و أحزان ، يوم بلا تجاهل و شتم و لعان ، أمنحني حديثاً من أب ألى أبن ، أريد أن يبقى أثر بيننا غير أثار السوط الذي قد مزقت جسدي ، أمنحني كلمة و حديثاً يخبرني أنك بالنهاية أبي لا تسحقني فتصمت و تعاقبني فلا تتحدث ، حلفتك بالله أن تنطق أو تهمس فبكيت دون صوت فقط دموع تنهمر و تتساقط من عينيَ .
فأذا بي أسمع قرع خطوات متسارعه تدنو و تقترب شيئاً فشيئا ، وماهي سوى لحظات حتى أطل القمر و سط كل هذا الظلام المعتم و أنارت الأرض بنورها و ضيائها ، فلقد كانت شروق أبتسمت و أنغمرت الفرحه أرجاء قلبي بينما عقلي ظل مستغرباً متعجباً بأنها أتت و بأنك قد فزت بها و أحبتك بحق .
قمت أليها فأخذتها من يديها فجلسنا وهي تلتقط أنفاسها من التعب و الجهد الذي بذلته حتى تصل ألي ، فسألتها عن سبب تأخرها !
أجابت بأن والدها كان معها ملازماً لها فلم تستطع أن تغيب عن ناظرة و تأتي على نفس وقت موعدنا ، فأنتظرت اللحظة التي سينشغل بها عني و حدثت تلك اللحظة و أغتنمتها و أتيت على عجل .
وهي تتحدث شاهدت ولحت لها أثأر الدموع بعيني فوضعت يديها على خدي و مسحت باكفافها ذاك الأثر ، وأقترب مني وأسندت رأسها على كتفي و أمسكت بيدها ، فظللنا نظر ألى البحر وضوء القمر و يتلالاء بأمواجه ، لم نكن نتحدث بألسنتنا لكن قلوبنا و مشاعرنا كلنت كذلك تتحدث دون تصمت أو تثير ضجيجاً ، فطلبت منها أن نسير على الشاطىء ، فنهضت و أصبحنا نسير و أقدمنا تداعبها أمواج البحر تأرة وتارة أخرى تغوص تلك الأقادم في رماله ، فتقدمت أمامها و قدمت لها باقة الورد فأبتسمت و فرحت بها و أحتضنتها فسقطت ورده من بين الورود ، فأنحنت من أجل أن تلتقطها فأمسكت بيدها و جعلتها تسير و أصبحت أسير الى الخلف و انا أنظر اليها فأصبحت أغني و أصفق بيدي .

تلك الورده يا جميلتي و قمري لم تسقط من خطأكِ .
بل وقعت لتقبل الأرض التي سارت عليها قدماكِ .
مسكينة تلك الورده لم تستيطع مقاومة جمال عيناكِ .
هيا فلنصفق فلنحيي تلك الورده التي أنحنت لحسنكِ .

أصبحت تنشد معي و تصفق و أصواتنا ترتفع كنا أشبه بالسكارى .

ذاك بحر و وتلك رمال أما الورده لقد أنحت الورده .
فلتسقط النجوم و ليتبعها القمر فلتقف جميلتي شامخه .
هيا فلنغني و نرقص لتلك الورده فلتعيش تلك الورده .

فأحتضنتها فأصبحنا نرقص و نتمايل مع أمواج البحر .

هيا قبيليني أو دعيني أنا أفعلها يا سيدة الملكات .
هيا لنجمع الكلمات فقد حصلت على اجمل السيدات .
هيا ننشد فلنغني فليسمع العالم كل هذه الأغنيات .
هيا قبيليني و دعيني أسعد رجلاً بين الأرض و السماوات .

فقاطعت تلك الأغنية و قبلتني و أرتمت بجسدها علي و سقطنا في البحر ، وأخذ كلً منا يقبل الأخر و الموج يحملنا و يصفعنا ، فأحتضنها كل ما أقترب حتى لا يصيبها فظللنا نضحك و نغني ، فخرجنا من البحر فلجسنا على على الشاطىء نتقاسم الحلوى في مابيننا ، لقد تحققت أحلامي فقمري أصبحت بجواري ، فأصبحت أن أضع الحلوى في ثغرها و أتأمل جمالها لقد كان ذلك الجمال قادر على محوى كل البؤس الذي عشته في طفولتي حتى تلك اللحظة ، في وسط تلك النظارات تحدث وقلت .
- سأخبرك بأمر أريده .
أجابت ماذا تُريد ؟
- أريدكِ
أريدك بأن تحبيني بالقدر الذي أحبكِ به ، أو أرغب بنصف ذلك الحب فهو يكفيني ، أريدكِ بأن تكونين أسعد لحظات حياتي ، لا تحطمين قلبي فقد ضاع و تاهه في حبك ، فلم يعد قادر على بعدك و حزنك .
فأجابتني بوعد و عهد بأنها ستبقى معي مهما حدث ، ولن تتخلى عني مهما كانت الظروف التي سنمر بها و سنمضي سوياً و نتخطها ، ولا شيء سيبعدها عني سوى الموت فهو هادم اللذات و مفرق الأحبة و الجماعات .
عند ماذكرت الموت وضعت يدي على ثغرها و أبتسمت يكفي حديثاً فأنا أثق بكِ و أحبكِ كثيراً كذلك البحر بل كحجم و سعة السماء بما فيها من نجوم و قمر كواكب ، فأمسك كلً منا يد الأخر و أقسمنا بأن نبقى سوياً و أن يسند كلً منا الأخر و أن نجعل ذلك الحب سرمدياً حتى الموت ، وأن يرشد كلً منا الأخر أن ظل الطريق و أن نصحح أخطأنا و أن نبني مستقبلاً نفخر به سوياً ، كانت وعود كثيره بعضها مضحكه و ساذجه كانت منها أنها جعلتني أقسم بأن لأكل الحلوى بدونها أو أن لأ أحب أو أغني لفتاة سواها ، وهي لم تدرك بأن قلبي لم يتسع للحب الذي أكنه لها و الذي يزداد كل لحظه معها أو في غيبتها ، لم يكن الأمر يختلف فالحب كان يزداد فأحببتها بكل جوارحي و مشاعري .
أقتربت شمس الشروق من البزوغ و لحظات الفجر الأخيرة أعلنت الرحيل ، فقبلتها و تعاهدنا بأن نلتقي كل ليلة هنا لوحدنا و نتبادل الحكايا و القصص و الأغنيات و الضحكات .
فذهبت هي وأصبحت أمشي خلفها خوفاً و خشيتاً عليها دون أن يشعر بنا أحد حتى دخلت منزلهم ، وأنا ذهبت الى منزلنا و الأرض لا تكاد تحملني من هول سعادتي و فرحي ، فقد حصلت على أول احلامي بل أجمل أمنياتي ، لقد أنتصرت في تلك المعركة دون أن أخوض شجاراً أو عراك ، بضع كلمات جعلتها ملكة تتربع على عرش قلبي ، لقد كنت أشبه بمن خرج من فوهة البركان مبتسماً في وجه النيران ، فظللت أحدث نفسي بأن لا تستسلم عن أحلامها فحارب من أجل تلك الأحلام ، لا ترفع تلك الراية البيضاء اللعينة معلناً السقوط و الشعور بالأنهيار ، حارب من أجل من تُحب فأنا أجمل المعارك التي تنتصر بها و أنت تظن بأنك مجرد وغد خاسر ضعيف عن الظفر و الانتصار في تلك المعركة ، أنت من تستحق تلك الحياة التي تحلم بها وليسوا هم ، أحلامك لأبد أن تعيشها و أن لا تجعلها مجرد أحلام عابرة .

الجندي الذي وأجه الشيطـان !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن