نقطة تحول !

121 6 2
                                    

أصبحنا نلتقي كل ليلة و نتبادل اطراف الأحاديث الطفولية ، وفي ساعات الصباح الباكرة كنا نأخذ اغنام القرية و نسرح بها فهناك نأخذ كل حريتنا فلا أحد حولنا سوى تلك الأغنام التي نوجهها حيثما نُريد ، كنا نخرج ومعنا قطعه من الخبز و الشاي تساعدنا في تحمل مشاق الرحلة ، بالطبع لقد كان عملاً شاق ، لكننا لم نكن نشعر به كذلك ، بل كان يمثل لنا ساعات أضافية من اللقاء و من الحرية و البعد عن ضجيج القرية و الكبار و متطلباتهم التي لا تنكف ولا تنتهي ، لذلك نحول تلك الرحلة ألى نُزهة بين المحب و المحبوب ، كنا نرتدي ملابس و ثياب رثة فنهرب عن أعين كل مركبة تمر و تعبر من جانبنا ، لكن صوت ضحكاتنا و مشاهدة الأغنام تفضحنا في كل مرة ، فيتوقف لنا البعض ، هناك من يصفحنا و يمضي لحال سبيلة ، و الأخر يقدم لنا الحلوى ، وهناك من يسعفنا ببعض الماء .
فنرفض لكن براءة الطفولة تفضح وجوهنا التي يتضح عليها الأعيا و التعب ، تلك الوجوه التي تكاد تنطق حينما ترفض " بأرجوك هيا ألح علينا و أمنحنا ما عندك و لا تصدق كل ما تنطق به الألسنه .
فنأخذها ونذهب هرباً من أشعة الشمس الحارقة تحت ظل تلك الشجرة التي هي عجزة عن أن تقي نفسها من لهيب الشمس و حرارتها ، لكنها بأنها أفضل من لأشيء ، فنجلس و نتبادل الطعام و البسمه لا تختفي عن من وجهها ، ولأنها كانت تبتسم فحتماً أنا سأكون كذلك ، نظل هناك حتى تكأد تهلك أجسادنا و تخرج أرواحنا من شمس الظهيرة ، عندها نعود بالأغنام الى القرية .
تلك هي حياتنا لاشيء مختلف عن الأمس و سيختلف غداً ، فلم نكن نعلم بأن الذين بنفس سننا و عمرنا ، الأن يجلسون على كراسي العلم ، كنا نظن بأن الجميع لا يختلفون عننا بأي أمر لكننا متأكدين بأنهم أقل سعادة من تلك السعادة التي نشعر بها .
كنا نسمع الحكايا الكثيرة عن المدينة و جمالها والحضارة التي تغلف شوارعها و مبانيها ، وأن سكانها يرتدون الملابس الأنيقة ولا يتعاملون مع الأغنام بل كنا نسمع الحكايا الساخرة بأنهم يرتعبون و يهربون منها ، فقررت بأن أصطحبها يوماً ألى المدينة و نذهب سوياً دون أن يعلم أحد بذلك ، وكانت طريقة الذهاب بأن ننتظر العم أبو حسن أن يذهب ألى المدينة من أجل أن يجلب البضاعة لدكانه ، فكنا في كل يوم أربعاء من كل أسبوع يذهب ألى المدينة و يعود ظهراً ، فأذا صعدنا بالشاحنة التي معه فلن يفقدنا أحد ، لكن كانت مهمة أن نسرح بالأغنام تعيقنا ، فلا أحد مكلف برعيانها سوانا ، لكن بحثت عن بعض صبيان القرية و أخبرتهم بأن يتكفلون بها غداً في غيابنا و المقابل كان بالطبع بعض الوعود بأن نعود وفي جعبتنا الكثير من الحلوى فأتت الموافقه بلا تردد .
وفي الموعود يوم الأربعاء وما أن بزغ الفجر أتت شروق بخطى خفيفة متسارعه تختبي حتى لا يرمقها أحد خارجة في ذلك الوقت ، أخذت بيدها وصعدنا الشاحنة و أختبنا خلف كومة من الكراتين ، وماهي ألا لحظات حتى أتى العم ابو حسن و صعد المركبة وتحركت العجلات و انطلقنا ونحن نضع يدينا على أفواهنا نضحك على نجاح خطتنا وبأن الحيلة أنطلت على العم أبو حسن ، كنا طوال الطريق ننظر ألى جوانب الطريق حتى دخلنا المدينة فأنبهرت العينين بما رأت فكنا شيئاً عجاب لم نعتده ولم نستوعبه ، كل ماسمعناه لم يكن يصف تلك المشاهد ، فالمباني عالية و شاهقة و جميلة ، والمركبات في كل شارع و على كل طريق ، تتوقف بنتظام أمام أشارة تضي باللوانها الحمراء و الصفراء و الخضراء ، وكان سكانها يرتدون ملابس أنيقة وفي غاية الجمال كما قيل عنهم ، ويهتمون في مظهرهم و ترتيب شعورهم ، وهذا الأمر لا يحدث كثيراً في قريتنا ، كانت المركبات ملونه و مختلفه بأشكالها و أحجامها حتى ، لكن هناك أشياء كانت تثير فضولي أكثر من غيرهم ، فهم يسيرون دون أن يتحدث منهم للأخر أو يتصافحون ولا يعرفون بعضهم البعض ، ففي القرية نعرف بعضنا جميعاً ونعلم أن دخل في قريتنا شخص غريب ، لكن هناك الكل متساوين و كلً منهم مختلف و غريب عن الأخر ، لا يتشابهون بأي أمر حتى في مظاهره و ملابسهم و ألوانها و أشكالها ، وكأن كلً منهم قبل أن يخرج من داره يحدث و يتحدى نفسه بأن يكون الأكثر أختلافاً بينهم .
بينما نحنُ هناك توقف العم أبو حسن عند أحد الأسواق المكتضة و المحتشدة بالزبائن من أجل أن يقتني بعض المقتنيات لدكانه ، فنزل و نزلنا خلفه دون أن يشعر بنا فنحنُ نخاف بأن يغيب عن ناظرنا و يعود و نظل هناك لوحدنا ، فكنا نتجاول وقد أمسكت بيدها و نشاهد تلك الحلوى و تلك الفاكهة و هناك ركن الملابس البراقه التي أسرت عينيها فدخلت الدكان الذي يعرض الملابس و راحت تنظر أليها و تحلم بأرتداها متخيلة كيف ستبدو بها ، كنت أرى أحلامها بعينيها لكن يديها لا تملك مالاً يحققها ، فنظرت أليها و حدثتها بعد أن شددت على يدها .
- سنكبر و سوف أشتري لكِ كل ما ترغبين به ، كل هذه الملابس التي ترغبين بها و التي لا ترغبين بها ، أتمنى أن أقدمها لكِ الأن لكن لو أشتريتها لك فلن تتسع شاحنة العم أبو حسن لها و سيكشف أمرنا و هذا ما لا نريده .
أبتسمت لحديثي و لعذري الوأهي ، وبينما نحن على هذا الحال فأذا بصاحب المحل قد شأهدنا و تقدم ألينا وهو يرمقنا بعينيه و يتفحص و جوهنا و ما نرتديه من ملابس رثه والتي كانا نظن بأنه كانت جميلة بمقياس القرية ، وبلحظات دون أدراك منا لما يفعل صرخ في وجوهنا .
- أخرجوا من هنا يا حثالة ، لأ أعلم لماذا يخلق الأله هولاء الحثالة المتسولين الأوغاد ، الذين لا ينكفون عن الظهور أمامنا .
خرجنا ونحن نركض لا نعلم ما أصابه وما كان يقصده بحديثه ولماذا غضب منا ، فنحنُ لم نعبث بأي شيء في داخل محله كل مافعلناه هو أننا كنا نحلم ! وهو الأحلام هنا تستوجب العقاب ؟!
عندنا ماكنا نركض خارج المحل هرباً من صراخه و شتائمه لقد ظننت بأن أولئك المتواجدين سيخاطبونه بأنهم صغار لماذا تقسوى عليهم ويمنعونه من ذلك ، لكن ما حدث عكس ذلك ، فقد حدقوا بنا بازدراء و أحتقار نساءاً و رجالاً ، لم أكن أفهم لماذا يظهرون لنا تلك النظرة فلم أعتدها ، وأصبحت أسمعه يتهامسون في مابينهم وليس خوفاً من أن نسمع حديثهم بل ربما شاهدونا بأن لأنستحق بأن يمنحون قدراً أكبر من حديث محتقر به الكثير من الأحتقار .
لم نتحمل تلك النظرة و تلك الكلمات التي كانت تخترق ضجيج المكان و تقرع في قلوبنا و تستقر في أذهاننا ، فخرجنا هرباً من الكلمات و النظرات ، وعدنا ألى الشاحنة بنتظار عودة العم أبو حسن ، وخلال أنتظارنا كان هناك مدرسة للصغار قريبة من شاحنتنا المركونه ، فكان وقت أنصرافهم و خروجهم من المدرسة ولم نكن نعلم عن سبب وجودهم هناك ولماذا هم مجتمعين و يرتدون نفس الملابس و الثياب وكانت وجوههم صافية البشرة ، كانوا يضحكون في مابينهم ويبدون في غاية اللطف و الود ، فتحركت شروق للذهب ألى أولئك الفتيات من أجل محادثتهم و التعرف عليهم رغبة المعرفة سيطرت عليها أكثر من أي أمر أخر ، وما أن وصلت أليهم وألقت ألتحية عليهم وهي مبتسمه و في غاية الجمال ، لكنهم لم ينظرون ألى بسمتها ولم يستمعون لتحيتها ولم يهمهم جمالها فنظروا ألى ما ترتديه من ملابس قديمة كملابس أبناء الريف و القرى ، فأجتمعوا حولها ينظرون أليها و يتنمرون و يتهكمون عليها بأقبح الكلمات و أبشع الألفاظ .
لقد كان جمال مظاهرهم مختلف عن بشاعة و فضاضة أفعالهم و تصرفاتهم و كلماتهم ، فقد كانت الوجوه و المظاهر كالملائكة لكن قلوبهم كالشياطين ، أخذت بيدها وقد ظهر على وجهها الحزن الذي تملكها لما قالوه لها ، فأردت أن أعود بها الى الشاحنة فأذا بمجموعة من الصبيان توقفوا امامي وهم يضحكون على حالنا ، لازلت لما أفهم لماذا الجميع يتصرفون بهكذا طريقة معنا بالرغم أنهم للمرة الأولى التي يشاهدوننا بها في مدينتهم ، وما أقسى أن يعاقبك البشر على أشياء لا تعلمها أو لا تملك القدرة على تغييرها أن كنت تعلمها و الأقسى من ذلك أن تلك الجريمة تولد معك فأن أن تكون قبيحاً أو فقيراً أو مريضاً سيعاقبك عليها البشر معتقدين بأنك أنت من أختار أن تولد هكذا .
بعد أن توقف الصبيان أمامنا و الفتيات من خلفنا وكنا محاطين بتلك الدائرة التي لا مخرج منها ومن قسوة الكلمات التي تمر على مسامعنا ، أخذت بيدها وحاولت تجاوزهم ، لكن أحد الصبيان دفعني بيده ألى الخلف فأرتطمت بشروق وقد ألمها ذلك أو أنها وجدت أخيراً سبباً لتبكي من أجله بعد كل مامرت به ، في تلك اللحظات مرت أحد السيدات لتأخذ أبنتها من المدرسة وكانت أبنتها من بين الذين أحاطونا و أرتفعت أصوات سخريتهم و ضحكاتهم بل أن ألام من فرط علو ضجيج صوت ضحك أبنتها علمت بوجودها هنا دون عنا البحث عنها ، فما أن وصلت أليها و أمسكتها بيديها ونطرت ألينا بعينيها مستمعه للهزل الذي ينصب علينا بأذنيها ، حتى أشمأزت من مظهرنا و ما نرتديه من ملابس معتقه تحادثت بصوت غاضب من أبنتها
- ماذا تفعلين مع هولاء الحثالة أنظري ألى مايرتدوه من ملابس !
فأخذتها و ملامح ألاستحقار لم تغيب عن وجهها حتى أختفت عن عيني .
نظرت ألى شروق وهي لازلت تبكي ، فحاولت جاهداً تهداتها لكنها لم تتوقف عن البكاء فكررت محاولة تجاوزهم من أجل العودة بها ألى الشاحنة لكنه كرر فعلته وهو يضحك و يضحك كل منهم حوله ، لقد كنا أشبه بحيوانات السيرك هي تتعذب من سوط ذاك المدرب و من على مدرجات السيرك يظنون بأن تلك الحيوانات سعيدة بعملها لأنها تسعدهم و تدخل السرور و الفرح على قلوبهم ، بل أنهم يدفعون أموال طائلة من أجل ذلك المشهد الذي يأتي ذلك الحيوان المسكين الذي تعرض لكافة أنواع التعذيب و التنكيل لسنوات عدة حتى يظهر أمامهم مطيعاً لكل أمر من ذاك المدرب الذي يلوح بسوطه في كل مره مذكراً ذلك الحيوان المسكين في حالة أن تصرف على سجيته و قرر أن يكون حيواناً كما ولد ، كل ذلك الشقاء يحدث من أجل مشهد في لحظة سعادة لأنسان .
عند ذلك لم أعد أحتمل فأندفعت و أسقطته أرضاً و أنهلت عليه بالضرب والشتائم فبدأ بالبكاء و أصبح كل الأطفال الذين هناك يصرخون و يطلبون و يستنجدون بأعلى أصواتهم أنقذوا صديقنا من ذلك الوحش .
لكنني لم أتوقف عن ضربه أو تستعطفني دموعه ، فلم أكن أملك حتى ذلك القرار لقد أندفع كل حقد و شر من داخلي ولم يكن عقلي قادراً على ردعه .
فأذا بمركبه فارهة قد توقفت أمامنا و ترجل منها سائق و فتح باب الذي يجلس بها راكب في الخلف ، فأذا برجلاً يرتدي بزة عسكرية  ، طويل القامة عريض المنكبين ذو عينين تلمع من القسوة و القوة ، عندما شاهده الجميع عم الصمت فالمكان ، كان أشبه بشيطان يحمل بين كفيه الموت و الرعب على كل من يقفون أمامه ، فأقترب مني وقد تركت الصبي الذي كنت أخوض معركتي معه ، فلما وصل ألي ذلك الضابط لم يتحدث لكن عينيه كانت تحمل كل الحقد و الكره الذي يريد قوله .
فرفع قدمه عالياً و وضعها على صدري و دفعني بها بكل قوة ، فسقطت ، فأذا به يضع قدمه على صدري و يقف عليها بكل قسوة حتى شعرت وكأنها ستخترق جسدي و تسحق قلبي و تحطم عظامي .
فنظر الى الأطفال الذين يقفون صامتين حولنا ، هكذا يجيب أن تتعاملون معهم وأن لا تمنحوهم أي فرصة لمقاومتكم ، يجيب عليكم أن تسحقوهم حتى أن وصل الأمر بأن تقتلوهم لا يهم ذلك أفعلوها ، فالقانون معكم و في صفكم مع هولاء الحثالة الملاعيين .
كانت عينيه مخيفه وهي ترمق نظراتي التي أمتلئت حقداً على مافعله و أصبحت تفضح مشاعري بالحقد نحوه .
ثم أمر ذلك الصبي الذي كنت أتشاجر معه بأن يقوم ويفعل بي كما فعلت به وأن يصفعني حيثما يشاء ، وقدمه لازالت على صدري بثقلها و الألمها .
فنكب ذلك الصبي بكل شراسه وحقد وبأدر بصفعي ولكمي دون حولً مني ولا قوة ، فقط كنت أشاهد مايفعله ذلك الكبير وبأنه لم يرحم جسدي الهزيل ولا حرارة الشمس التي أشعلت الطريق الذي يكاد بأن يحرق جسدي ، كنت أرى شروق تنظر ألي وهي تبكي مشفقتاً على حالي فلم أبكي من أجل أن لا تشعر بألمي و تعاستي تحت أقدام ذلك الضابط ، وعندما أكتفي وشعر بالممل أو ربما أشكر حرارة الشمس ولهيبه التي كانت رحيمتاً بي وجعلته يذهب بعد أن شعر بحرها و لهيبها ، كنت أنظر أليه وهو يسير مغادراً بخطىء متزنه وأثقة تنثر الرعب في كل ماحولها ، منذُ تلك اللحظة تمنيت بأن يحترمني ويقدرني الناس لأنني أخيفهم وليس لأنني منهم فحسب ، فعندما أتىء لم يتجرىء أحد على الحديث أو حتى النظر ألى عينيه ، كان كالشيطان الذي لا يحمل أي مشاعر من مشاعر البشر ، كان من الرجال الذي سيقتلك أذا لم تحسن الحديث معه أو ربما سيفعلها من أجل المتعة و مشاهدة الموت الذي لأيخشاه .
في تلك اللحظة حلمت بي شروق كجندي ذو هيبة مثل ذلك الضابط الذي تزين صدره بالأوسمة و كتفية بالنجوم  ، فغادر معه جميع الأطفال أما أنا فقد كنت مثل الدمية المهترة ساقطتاً على قارعة الطريق ، فتحركت شروق ومددت يدها فنهضت مستنداً بها نجر خطاءنا و الالمنا سوياً حتى وصلنا وصعدنا على متن الشاحنة .
وماهي حتى لحظات عاد العم أبو حسن و قد حمل الشاحنة بكل مايرغب بحمله و عاد بنا الى القرية دون أن يشعر بنا .
كنا طوال رحلة العودة لما نتكلم فقط محتضنين بعضاً البعض ، غير مستوعبين ماحدث ولماذا حدث ذلك !
كانت التساؤلات تحاصرني فلا أجد لها مُجيب ، هي ايضاً كانت شاردة التفكير و تتسأل عن نفس الأسئلة التي تتبادر في ذهني و فكري .
لماذا تم عقابنا دون أي ذنب نقترفه ؟!
لماذا تم حكم العقاب دون محكمة أو شهود أو حتى قاضي أصدر الأمر ؟!
كانت الأسئلة كثيرة .
كنا صغاراً من أجل أن نجيب على تلك الأسئلة ، في ذلك اليوم كرهت كل سكان المدينة الأثرياء ، الذي يظهرون كالملائكة لكنهم كالعفاريات ، كان الدرس قاسياً لكن من الجيد بأنني تعلمت من قسوته مبكراً من أجل لايسحقني ذلك أن علمت به متأخراً وعندها لأيمكنك تغيير واقعك ، لذلك أمسكت بيدها وأخبرتها بأننا في هذا العام سندخل المدرسة و نحقق أحلامنا ، لايمكننا أن نضيع حياتنا بالسير خلف الماشية كل صباح فالوقت الذي يتسابقوا أولئك الحثالة على تحقيق مالا يستحقونه ، أن أردنا عالمنا جميل فيجب أن نكافح في طفولتنا ، أن أردت بأن تزرع نبته تتغذاء عليها في فصل الربيع فلن تحتاج للكثير من العمل و سترىء النتيجة فوراً في فصل الربيع ، لكنها ما أن يلبث حتى تموت فقد أنتهى موسمها ولن تنفعك في أي أمر ، ستذهب بكل سهولة كما أتت بسهولة ، لكن أن أردت بأن تزرع شجرة تقيك من شمس الصيف و مطر الشتاء و تستمر تغذيك طوال فصول العام ، فأنت سوف تتعب في زراعتها وفي أنتظارها فترة طويلة لترىء نجاحها ، ستتعب و تكدح كثيراً لكنها ستظل معك طويلاً ولن تخذل كل ذلك التعب الذي بذلته من أجلها ، أن الناس يعلمون بأن الشجرة التي يطول أنتظارها هي خيراً لهم لكن نفوسهم تحب و تهوى النبته التي تظهر نتائجها مبكراً ، يالا الغرابة يعلمون و يدركون بأمر و يفعلون نقيضه !
وصلنا في لحظات التفكير الى القرية ظهراً ، وهربنا من الشاحنة دون أن يشعر بنا أبو حسن ، فتعاهدنا على أننا سندخل المدرسة و أن نخرج من القرية بالعلم لأ بشيء أخر .
في ذلك العام تقدمت ألى مدرسة القرية كاطالب وتم قبولي بينما هي تم رفضها لأننها كانت دون السن المسموح بها في قريتنا ، لكننا بالأمس نلتقي فأخبرها بكل ماتعلمناه وكأنت سريعة البديهة و التعليم فلم يشكل لنا ذلك الأمر أي مشكلة ، وفي العام الذي يليه تقدمت ألى المدرسة وتم قبولها كاطالبة ، كل ذلك بسبب ذلك اليوم السيىء تغيرت طفولتنا ألى الأفضل ، لكن من الغريب بأنني لم أنسى وتفاصيل وجه ذلك الضابظ وظل يطاردني في طفولتي ، كم رغبت باللقاء معه و الأنتقام أو الحديث و أخباره بأنني قد تغييرت للأفضل بعد لقائك .

الجندي الذي وأجه الشيطـان !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن