كان امجد شاب نشيط في عمله يحبه زملاؤه يحترمه معارفه وكان كما يراه الجميع دائما مرحا يوزع المرح والفرح اينما حل..لكنها تراجيديا سوداء ..كان يخفي عالمه المختلف عن الناس في داخله .. بركان يريد أن يفجره فيستريح,نار تشتعل ببطء فاكلت حبه للحياة والرغبة فيها..هى تراكمات من ماضي طفولته الشقية..كيف يستطيع سلخ ذلك الماضي رغم أن ابطاله كلهم ماتوا..أُمه,والده..يا الله كيف يقتلع هذا النواح الدائر في رأسه, كيف يزيح عنه انينها ..انين أُمه من الجروح والكدمات التي سببها لها ابيه السكير,وصوت اباه وهو يصرخ في وجهها وكانت تحاول تهدئته وتقول له :حسنا اضربني كما تشاء فقط اخفض صوتك حتى لا ننفضح أمام الجيران , كان كلما يهم بضربها يأتي امجد أمامها وقامته لا تتجاوز نصف ساقها..وكانت لا تزيحه من امامها طمعا في تراجع ابيه عن ضربها..يا اِلهي.طفلا صغير لم يبلغ السبع سنوات تحتمي به أُمه من جلدها بحزامه لها والذي يخاله ثعبان يتحرك لينفث سمه في جسم أُمه لا مجرد حزام ..الغريب بلا ذنب يضربها في كل عودة له من خمارة اصبحت بمثابة المعبد له مع رفاق السؤ من اصحابه,كان كلما ابصر اباه عائدا من بالكونة بيتهم يهرع لأُمه ويخبرها ببراءة أن تقفز من الدور الثاني وتهرب,تضحك رغم المها وتقول له أنها ستموت اِذا قفزت,فيرد :عادي ماما الموت افضل من بابا!
فلسفة انتجتها طفولته بثأتير عذاب أُمه ..,مرت الأيام بشكلها المعهود حتى ذات يوم وهو يقفز على سريرها واستغرب أنها لم تنهره كعادتها ,ضنها نائمة ومرت دقائق فساعة فيوم بطوله وأُمه لم تستيقظ بعد..حاول أن يجعلها تصحو لكنها ظلت نائمة..وقبل أن يأخذه النوم فيرساعة متأخرة من ليل بائس جهم دخل المطبخ لأحساسه بالجوع فلم يجد اِلا خبزا ..اخذ قضمة منه ثم نام اينما كان..في المطبخ على ارضيته.
ماضي بعيد له عقدين من زمان مرا مر السحاب..كبر في دار الايثام وتعلم فيها وعانى الأمرين من مشرفيه الذين كانوا في غاية القسوة عدا أحدهم كان رقيقا جدا معه وكان يهبه الشكولا والحلوى ..اعتقد أنه طيب وان معاملته الرقيقة هكذا لله! حتى ذات ليلة والكل في الدار نيام عدا بعض المشرفين..احس وهو نائم بمن يزيح الغطاء عنه ويتحسسه في مكانه الحميمي..ضن انه مجرد حلم لكنه والأمر زاد عن حده استيقظ هلعا ونظر اليه..الى المشرف الطيب! يالهي أهذا أنت؟! ماذا تفعل بي؟..رد الرجل بهمس يشبه فحيح الأفاع..هذا أنا اتحسسك ..قم معي لتنم معي..صرخ الصبي ذو الثانية عشرة ..انقدونيييي.., دوت صرخته في الحجرة الواسعة ذات الثلاثين سريرا ,استيقظ الجميع من الأولاد اليتامى مثله او الذين تم الأستعناء عنهم من قِبل ذويهم , وبدأوا بدورهم يصرخون مع امجد..اقبل بقية المشرفين ووجدوا الرجل مازال واقفا وكأنه سُمر بمسامير وثُبت في الأرض..أُكتشف أمره ..أمر المشرف ..وتحدث بعض الفتية عن ما حصل معهم ايضا من طرف هذا المشرف فبعضهم صمت وقد تم انتهاكه مرات ومرات حتى تعود الأمر المخزي وبعضهم أسر بالأمر للمشرف العام الذي تم من طرفه تحدير المعتدي ولم يعاود فعلته مع من بلغ عنه ولكن هذه المرة وقد بلغ السيل مداه فحوكم المشرف وتم سجنه ..,لكن .هل تم الأمر بأنتهاء الحدث و بسجن الرجل القذر ؟.. لا بالطبع فنتائجها بعيدة المدى فقد تنتج معتدي جنسي في المستقبل أو شاد فقد رجوليته للأبد أو حتى قاتل متسلسل ..
بقيت تلك الحادثة في رأس امجد لا تفارقه اِلا لمما ..وفقد الثقة في الجميع وأن كان يضحك ويسخر ويجعل من حوله يضحكون على خفة دمه فأن الأمر بالنسبة اِليه مجرد ثمتيلية يعرف يؤديها أمام الناس أما في الواقع فهو لا يعرف الضحك أو المرح .. معقد حتى العظم .. فاقد الثقة فيمن حوله بشكل الامتناهي ,فالجميع عنده .لهم مآرب وهذا نتاج حالة عدم استقراره الأسري وما تعرض له في الميتم .
سأل نفسه: ماالفائدة أن الناس يضنونه سعيدا وهو في حقيقة الأمر تملأ نفسه العقد ويعاني من الفقد! ..الأهم أنه هو يعرف أنه بالفعل سعيد..يا الهي! هو لم يعد بقادر على الثمتيل ..واستقال من عمله وأخرج ما جمع من مال من المصرف وقطع تذكرة اِلى ابعد مكان في العالم وأجر كوخا مجهز بكل ما يحتاجه في جزيرة نائية لا يغشاها الناس اِلا وقت السياحة وهو الربيع والصيف أما باقي الفصول فلا أنسي غيره موجود..
نعم هاهو استطاع الهروب من مجتمعه لكنه هل يستطيع الهروب من نفسه ,من افكاره, من ماضيه؟ بالطبع لا يمكن .
في رأي كل او اغلب المرضى نفسيا او حتى المجرمون هم ضحايا ماضي اليم معقد فأما الأسرة من هى خَطَت مستقبل مريض بتداعيات اسسها وبضعف الروابط الأسرية ,وأما مؤسسة خدمية كدار رعاية الأيتام وخلافه يكون سببا لمئات المعقدين جنسيا أو معاقين دهنيا او حياتيا..أي الضحايا ينتجون ضحايا على حسب رأي.
YOU ARE READING
الهروب
Short Storyهرب بنفسه باع سيارته واخرج مخزون ماوفره من حسابه وسرج حقيبته سرا وسافرالى جزيرة نائية ونأى بنفسه عن اصحابه, زملاء عمله, عائلته واستطاع الأختفاء والهروب عن الجميع حتى نسووه اِلا نفسه.. لكن هيهات فلا يفلح في اقتلاع بؤسه من داخله اِلا الموت .. شاب...