الخيانة العظمـى !

100 6 4
                                    

التفكير و الحيرة تقتلني من ما حدث قبل لحظات لقد كان ينفجر من رأسي من التفكير و التساؤلات لماذا لم تضغط الزناد ايها العاجز !
كان جرس المعسكر رحيماً برأسي عندما قرع ، توقفت عن التفكير ونهضت مع الأصدقاء الذين معي فالسكن الى ميدان التدريب فوقفنا في نفس الطابور ، لم أستطع أن أرفع بصري لشاهد القائد عقاب أن كان موجود أما لا ، ليس كما أخبرتكم دوماً لشعوري بالخوف قطعاً لم يكن الأمر كذلك ، أنما أنني قررت عدم النظر أليه حتى لا أصدق أنني قد تركت الشيطان على قيد الحياة حينما حانت لي الفرصة لقتله ، لقد أنتظرت أن يأتي أحد الضباط بتلاوة الورقة التي تحمل بين طياته أسمي بتهمة الخيانة و محاولة اغتيال و يأتي بحبل المشنقة و الاصفاد فكبل و يتم زجي بالمشنقة و يتم أعدامي في مرى من الجميع على ذنب كنت عاجزاً على اقترافه .
لكن لم يأتي ذلك الضابط فكل شيء يبدو يسير كعادته ، فرفعت بصري شاخصاً نحو الشيطان فأذا هو واقفاً في نفس المكان و رداءه مبتل من المطر ، فأدخلت يدي تحت ردائي فلا زلت أرتدي القلادة التي بها صورة شروق وكنت افضل الموت وهي قريبه من قلبي ، فكنت لا أرتديها فالتدريب ، فعلمت بأن كل ماحدث لم يكن خيالاً اتخيله بل هو الواقع بأنني كنت امام الشيطان ، لم يكن ينظر الي حينما نظرت اليه وغير مكترث ، يبدو بأنه شعر بأنني مجرد جندي عاجز عن فعل قرارته ، لقد كان ذلك اسوء شيء لم أتوقعه ، فقد ظننت بأنني سيتم أعدامي أمام الجميع ، لكن هاهو الأن لا يكترث وكل مايجعلني أشعر به هو الحقد و الشفقة على حالي ، لقد جعلني ذلك أثور كالمجنون فالتدريب و الركض ، حتى قرع الجرس من أجل وقت الأفطار ، في هذه المرة لم أذهب الى القاعة التي يتناول بها الجنود طعامهم كعادتي بل أنني قررت أن أذهب الى القاعة التي بها الضباط ، وكان سبب ذلك أنني أمر في مزاجي سيئ ولم أرغب بالحديث و ربما هرباً من تساؤلاته عن الثورة ، دخلت القاعة و أخذت طاولة منعزلة عن بقية الضباط ، توافد الضباط للقاعه وأصبح كل من يدخل و يشاهدني يحدق بنظرة بلهاء ماذا يفعل الأحمق على غير عادته هنا !
لقد بدوأ يتهامسون في مابينهم لكنني لم أكن أفكر سوى في نفس السؤال الذي سيرافقني طويلاً .
لماذا لم تضغط الزناد لقتل ذلك الشيطان ؟ لكن لا جواب لهذا السؤال .
تقدم أحد الضباط وكان أكثرهم وقاحة و خبثاً ، فجلس على نفس طاولتي ممسكاً بالملعقه و السكين و تحدث بصوتاً جهور .
- سنبدأ بتعليم هذا الغجري أدب الطعام من أجل أن يكون كائناً رأقياً ، فالأدب يبدأ بتعلمه فوق موائد الطعام .
فضحك جميع من هم فالقاعة و اصبحوا يقهقهون بصخب و ضجيج بكل مابهم من وقاحة .
فنهضت و أمسكت بالسكين التي نزعتها من يده و قد وضعتها على رقبته بشده حتى ظهر بعض الدماء وأصبحت أنظر الى عيناه بكل غضب .
- أقسم لك و لجميع الحثالة هنا أن لم تتوقف عن قول تلك السخافات سأمزق حنجرتك التي تتفوه بها و أخبر الطاهي بأن يجعلنا نرى كيف يبدو طعم الكلاب بين اطباق الطعام .
ثم أني ألقيت بالسكين بجانبه و غادرت القاعة دون عودة ، فعدت الى القاعة التي بها الجنود و ألتقيت بهم و أخبرتهم بأن في هذه الليلة سيستمر المطر و سنشعل الثورة على هولاء الحثالة و أنا من سيطلق النار على القائد عقاب و أن لم أفعلها فأطلقوا علي النار فوراً لأنني مجرد جبان عاجز مثير للشفقة ومن هم مثلي لا ينبغي عليكم سوا قتلهم .
لقد رفضوا في بدأية الأمر لكن أقسمت بأن لم يفعلوها أنني أنا من سيفعلها بهم ولن يبقي منهم أحد ، فوافقوا مرغمين على ذلك .
لم أصدق تلك الوعود و العهود من قبلهم بقتلي أن لم أقتل القائد عقاب لذلك قررت بأن أصعد بهم في نفسي المركب فنرتبط بالمصير ذاته ، أخبرتهم بأننا سننفذ الثورة و عمليات الأغتيال في نفس الوقت ، والذي لن يفعلها سيكون خائناً كتب على الجميع الأعدام على حبال المشانق ، عليكم بتصفية القاعة من جميع الضباط الذين يرتعون بها ، أرغب بأن أسير في بركة من دماء أولئك الحثالة
أنني لم أفعل ذلك من أجل أن العملية سوف تتم بل من أجل أن لا أقف أمام ذلك الشيطان كالابله العاجز ، فالمساء سينهمر المطر بلا توقف ستحين لحظة الثورة ، ولنبقي هذا الأمر بيننا فلا يبوح أيً منكم بأمر الثورة لأحد ، سننطلق تحت جنح الظلام و هبوب الريح و زخات المطر دون أن يشعر بنا أحد ، تعاهد الجميع على ذلك وأفترقنا على أمل أن نلتقي مساءاً .
حينها عدت الى التدريب ومن أجل تبين و أستطلاع جميع الأمور ، لقد كل شيء يسير كالعادة ولا شيء يثير القلق ، وبعد ساعات عم الصراخ و الضجيج في أصدى المعسكر وكان الصوت يصدر من جهة السكن ، فذهبت مسرعاً من أجل أستطلاع الأمر فوجدت الجنود مجتمعين ومن بينهم صديقي بالسكن معاذ وهو أحد الذين سيكونون معي بالثورة بالرغم أنني حاولت أبعاده لأنه يمتلك قلباً رقيق فتشعر بأنه لاينتمي الى هنا ، لكنه أصر على أن يكون أحد الثائرين على الظلم و الطغيان ، وبأنه اقسم لأمه و أخواته الصغار بأنه يمتلك الشجاعة بعكس ماكانت تظن به أمه فقد كانت تشتمه دائماً أمام أخواته بأنه مجرد جبان و فاشل ، تلك الشتائم هي من جعلته يقف في صف الثورة ويأبى و يرفض أستبعاده من أن يكون أحد ثوارها ، لقد كان دائماً مبتسم الوجنتين ضاحك الثغر ، بالرغم من الحزن الذين كان يلمه و يشتكي لي من قسوة الأيام الا أن ذلك الحزن لم يستطع هزيمة أبتسامته فقد وقفت تلك الابتسامة كالطوفان امام تلك الأحزان ، لقد كان يبكي في اللحظة التي وصلت بها أليه فأخذت بيده و طلبته بأن يخبرني مالذي أفجعك وقد أحزنك واخفى بسمتك و اظهر دمعتك ؟
لقد تحدث بعد أن مسحت أدمعه بكفي .
- أن صديقيه الأخوة عمار و عامر قد وصلهم الخبر بأن والدتهم قد توفيت بعد أن أحترق منزلهم وهي بداخله ، لم يكمل حديثة حتى أجهش فالبكاء و أمسك بيدي و حدثني بكل رجاء و تؤسل بأن أن تكون الثورة غداً ، فهو يريد البقاء معهم في هذه الليلة وبأنه لايستطيع أن يتخلى عن أصدقائه لأي سبب ، فأبتسمت له و أخبرته .
- بأن الأمس هو اليوم وهو ايضاً غداً ، أن الايام لا تختلف أنما يختلف ما سنفعله بها ، وستكون الثورة غداً كما أردت و توقف عن البكاء ولا تدع مشاعرك الهشه تثور و تخرج كل ما أردت هي ذلك .
لقد عدت الى التدريب دون أن أشاهد عمار و عامر ، مرت الساعات حتى أتى المساء وعدت الى السكن فوجدت جمعاً غفير من الضباط متسلحين بأسلحتهم قد أجتمعوا أمام السكن الذي كنت أقطن و اسكن به ، أكملت سيري نحوهم حتى وصلت اليهم فأذا هم يصرخون بأصدقائي التسعه الذين يقطنون و يسكنون بنفس الغرفة التي اسكنها ومن بينهم كان معاذ ، فشعرت بالغرابة فقد كانت تجري الأمور كعادته فلماذا جميع هولاء الحثالة هنا !
لقد كانوا يمنحون الأسلحة لجميع منهم فالغرفة و يأمرونهم بأرتدى رداء الحرب .
كانت وجوه أصدقائي تبدو حزينة مرتعبه خائفة وكيف لا تكون كذلك فالأمر كان من قبل جميع الضباط ولايمكنهم عصيان هذا الأمر فهي خيانة عظمى ، كان القرار يحتم عليهم مصيرين جميعهم أتفقا على السوء فما الحرب او الخيانة ، كانت هذه المرة الأولى التي يتم أستدعاء كتيبة من الجنود الذين لم يستكملوا تدريباتهم من أجل خوض غمار الحرب ، لقد طلبوا بل لم يكن طلباً لقد كان أمر لا يمكن رفضه ولا سيتم شنق الجميع على حبال المشانق ، لم أكن قادر على حمايتهم من هذا القرار الظالم المجحف لكن كانوا جميع الملاعين متفقين على القرار وقد تجاوز عددهم المئة من الضباط ، لقد كانت الوجه و الجهة التي تم أرسالهم أليها هي أحد القرى القريبة فهي ليست بعيدة ويمكنك الوصول أليها بعد ثلاث ساعة من السير على قدميك فلا يمكنك الوصل لها بغير تلك الطريقة البدئية فقد كانت تحاصرها الجبال من كل حدب و صوب فكانت أشبه بالجزيرة المحاصرة بين الجبال الشاهقة ، لقد كانت من أعتى و اصعب القرى التي يسكنها المتمردين الذين بدوأ بالظهور مواخراً بعد أن توقف القائد عقاب عن حملات البطش و الطغيان التي كان يستمتع بفعلها .
وعندما شاهدت بأن الأمر لايمكن أيقافه وبأنه قد خرج عن السيطرة ، لم أكن أرغب بالتخلي عنهم فقد كانوا ينظرون ألي بنظرات أشبه بمن يرغب بالصراخ متؤسلاً بأيقاف أمر الحرب لكن الأمر كان خارج السيطرة بالنسبة لمحادثتهم فقد كانوا يزدرون ، وايضاً شعرت بأن الأمر يحدث بسبب مافعلته في الصباح حينما كنا في قاعة الطعام من خصام و شجار مع هولاء الملاعين ، لقد فعلوا ذلك أنتقاماً مما فعلت ، لكن أن الأمر المؤسف بأن أخبركم بأن خطتهم قد نجحت و مارادوه قد حدث ، فقد أرادوا أقحامي فالحرب عندما مشاهدتي لأصدقائي الجنود ، ولأننا جميعاً بنفس المرتبة العسكرية لم يكن لهم أي سلطة بأمري بهكذا قرار ، لذلك لم يكن لهم خيار سوى اقحامي و الانتقام بهكذا فكرة و طريقة ، لقد تقدمت دون أن أشعر بأنني أسقط فالكمين و الفخ الذي قد نصبوه و حدثتهم بأنني أنا من سيتولى قيادتهم في هذه الغارة الحربية .
لم أكن أرغب بطلب الغاء الغارة فهم عندما أجازف بكرامتي و اطلب ذلك الطلب سيبدون بالسخرية و الاستخفاف كما اعتادوا على ذلك ، لكن بعد كل هذا الأذلال سيرفضون الطلب غير مكترثين لكرامتك و تؤسلاتك ، وربما ذلك سيجعل فرحهم مضاعفاً فهانا أسقط بالفخ الذي لا مناص ولا مهرب منه و ايضاً أشارك في الحرب التي يرغبون بسحقي بها .
لقد اجابوني و ابتسامة النصر البلهاء تظهر على محياهم وأننا سوف نمحنك الحق في القيادة كما رغبت ، لكن عليك تحمل مسؤولية القيادة و مايتبعها من نتائج .
أجبتهم بأنني سأوافق على كل مايرغبون لكن لأبد لي من قيادة الجيش في هذه الغارة ، فلم أرغب بتركهم يحاربون لوحدهم فهم لازالوا بلا خبره في مواجهة و مجابهة الخصوم ، والسبب الأخر هو أنني رغبت بأن أشاهد كيف سيخوضون الحرب من أجل أن يكونون مستعدين لثورة ضد هولاء الملاعين حينما مايكتب لنا النصر و نعود الى المعسكر .
ولأخفيكم بأنني كنت أنتظر الفرصة لخوض غمار الحرب من أجل أن أثبت للجميع بأنني قادر على قيادة الجيش .
بدأنا بالأستعداد للخروج من المعسكر و الذهاب لتلك القرية التي يقطنها المتمردين واللصوص ، ظل الضباط حولنا يراقبون كل مانفعل بنتباه ، ثم أنني تحركت و اتجهت الى مقر الضباط من أجل الذهاب لتوقيع الأمر بقيادة الجيش وبأني سأكون في المقدمة و حينما تنتهي المعركة سأكون أخر المغادرين أمضيت بتوقعي على تلك الورقة و التي كنت سأفعل هذا الأمر بدونها ، وعند عودتي بعد لقيادة الجنود شاهدت الغرفة التي يقطن بها عمار و عامر فأتجهت نحوه وكانت قد أمتلئت بالجنود الذين قدموا الى الموسأة و التخفيف عنهما لفقدان والدتهم فقد كان الجميع يساعد بعضهم بعضا ، دخلت الى الغرفة فأذا بهما قد جلسا بين زحام من الجنود المعزين وقد غرقت أعينهم بالدموع و الوجه تحول الى شاحب و حزين ، لكنني أقسم لكم بأنه مجرد تمثيل ، لقد يمثلان ذلك و الدموع تتساقط لأنهما أرادا بأن يبدو المشهد في غاية الأتقان ، لم أصدم لذلك الأمر فقد كنت أعلم بأن الضباط قد علموا بأمر الثورة لذلك أتيت لأستطلاع الأمر فحسب وكنت محقاً فيما كنت أشعر به ، ثم أنهم لأحظوا بأنني كنت أنظر أليهم و أتامل ملامحهم و أحزانهم فأزدادوا فالبكاء ، لقد كانا ممثلان بارعين لكنهم بنفس البراعة كانا أحمقان ، فلوحت لهما بيدي مصفقاً مبتسماً .
- لقد صدقكم الجميع أيهما المغفلين ، أنني متأكد بأن والدتكم علمت بهذه المسرحية التي تملئها المشاعر المزيفة و الدموع الكاذبة لبكت خجلاً و حرقتاً لأنجابها رجال يمكن شرائهم بالمال و بالمقابل سيبيعون كل مايملكون المبادىء و القيم و الأصدقاء ، ثم أنني أدرت ظهري و غادرت وسط ذهول الحاضرين وصمتهما عن حديثي ، لم أنتظر الرد فهو لأيهم فالأمر قد حدث وما سيكون أمامنا ليست مجرد حرب للأنتقام بل أنها محاولة أغتيال وتصفية الجنود الذين يُريدون اقامة الثورة ، لقد أدركت بأن معاذ صدقهما و أخبرهم بما نرغب أن نفعله ليس لأنه خائن فهذا لايحدث من رجل نبيل كمعاذ ، أنما المسكين لم يتمالك مشاعره وكان يشعر بأنه ستكون هذه اخر معاركة وسيكون ضحية تحت نيران الضباط لذلك أراد بأن تصل وصيته وكلماته الأخيرة الى والدته و أخواته الصغار ، أن البشر لا يتحدثون بالأسرار لأنهم يرغبون بأفشاها لكن أن حبسها أشبه بحبس سجين يصرخ في كل ليلة داخلك طالباً الخروج وأن من الأفضل لو خرج فهو لسبب لبقائه قابعاً في داخلك ، لذلك يشعر البشر بالراحة لأخراجهم ذلك السجين ، فلا يمكن بأن ألقي اللوم على معاذ اطلاقاً ، لذلك عدت أليهم دون أن أحدثهم و أخبرهم بأمر تلك المسريحة فلم أرغب في تحبيط عزائمهم او ربما أن أحمل معاذ مايحدث او ماسوف يحدث للجيش .
حمل كلً منا سلاحة و أرتديت انا قلادتي التي بها صورتها وتقدمتهم وقد خرج جميع الجنود الذين بالمعسكر لتشجعينا و موازرتنا في هذه الحرب ، لقد وقفوا متصطفين و كنا نمر بينهم ، وسط الكلمات الرنانه و المحفزة و الدعوات ، لم يمتلكوا سوى أن يشاركونا بتلك الكلمات و الأمنيات .
غادرنا أسوار و بوابات المعسكر ، كان ذلك في فصل الشتاء وكان موسم تهاطل الأمطار ، يالا تلك الليلة التي كان صباحها ثورة ضد الضباط و مساءها حرب لأجلهم و بأمرهم ، كانت المسافة طويلة لذلك كنا نسرع في السير رغم شدة المطر و هبوب العاصفة و عتمة الليل ، فأنت تشعر بأن كل ماحولك قد بدأ حرباً معك و يحاول هزيمتك قبل أن تصل الى معركتك ، كنت أسير فالمقدمة فأذا بمعاذ قد يسير في محاذاتي و تتساوى خطواته مع خطواتي نظرت أليه وابتسم كعادته ، فوجهت لهُ سؤالاً لم أستطع قمعة .
- هل ملئت سلاحك جيداً بالرصاص ؟
فأجابني بأن الرصاص لم يعد لهُ مكان فقد أمتلى به السلاح .
- أذاً عليك بأن تبقي رصاصتين لأتفرغهم حتى لو لم يبقى لك سواهما ، أننا نحتاج الرصاص أمام أصدقائنا أكثر من ذلك الرصاص الذي نبقيه للاعداء .
ثم أننا أكملنا السير لبرهة دون  أن نتحدث ، لكنه أزال ذلك الصمت بحديث بأنه يشعر بالسعادة لأنه في في أصعب و أهم مهمه و وظيفة يحتاجها البشر و يقدسون فاعلها .
لكنني لم أتفق مع حديثه ولا تعتقدوا بأن عدم أتفاقي معه لأنني كنت غاضباً لأنه أفشى سر و امر الثورة وها نحن نواجه مصيرنا المشأوم من أجل عدم كتمانه للسر ، فلم اكن غاضباً منه اطلاقاً وسبب أختلافي هي أنني لا أتفق مع تلك الفكرة فحسب فقد حدثته .
- بأن كل البشر يظنون بأنهم يقومون بالعمل و المهمه الأكثر اهميتة في هذا العالم ، فالطبيب يرى بأنه بدون لن يعيش البشر ، و المعلم سيظن بأن البشر سيبقون جهال و مغفلين ولن يتعلموا الطب بدونه ، و الجندي يظن بأنه لن يعيش الطبيب ولا المعلم بدون وجوده ، أنها سلسلة لا تنتهي وكلً منهم يؤمن بأن جانبه هو الصحيح ، لكن ليس وحدهم من يؤمن بذلك فنحنُ ايضاً نجعلهم يبقون على تلك الأفكار ، فالمريض طريح الفراش الذي ارهقه المرض لن يرى اهمية المعلم و الجندي فهم الأن لايشكلون له أي أهمية كما هو الطبيب فمصيره مرتبطاً به ، وذلك المستضعف الذي قد سلب حقه و أنتهكت حرمته لن يرى اهمية الطبيب او المعلم بقدر مايراه في أهمية الجندي من أجل أن ينصره ويعيد ماقد سلب منه ، والذي يُريد تعلم حرفه و مهنه من معلم لن يكترث لأهمية الطبيب فهو بكامل صحته ولا الجندي ان كان يشعر بالأمان فكل ماهو مهم بالنسبة له هو ذلك المعلم الذي سيعلم مايرغب بتعلميه ، أن أهمية الأشخاص و الأشياء التي حولنا تحددها حاجتنا لها فحسب ، وبمجرد امتلاكها و الحصول عليها ستبدو لنا بلا أهمية فالماء يهم الظمآن وبمجرد أن يرتوي ستجده يسكبه ويبحث عن أمر أخر يبدو مهماً بالنسبة له .
ظللنا على حالنا نتبادل و نتجاذب اطراف الحديث من أجل أن لا نشعر بطول و وعورة الطريق المكتظ بالصخور ، وحينما وصلنا ألى مشارفها أمسكت بيد معاذ وأخبرته بأن يعود الى الخلف مع الجميع و سأتقدم عملية الأقتحام ، ثم أنني أخبرتهم بأننا قادمين فقط من أجل التخلص من اللصوص و المتمردين ، ولكننا يجب علينا قبل ذلك أن نبدأ بسؤال أهل القرية أن كانوا حقاً لصوص أم مجرد ثائرين ضد فقرهم ، ذلك الأمر هو الذي كان يشغلني فحسب فلم أرغب في قتل رجال نحمل سوياً نفس الأفكار ولا يميزني ويفرقني عنهم سوى تلك السترة و البزة العسكرية التي تغطي افكاري و مبادئي التي أحملها ، أما هم ربما مايكونون مساكين لا يجدون مايغطي و يدثرون اجسادهم عن البرد و يقيهم من زخات المطر فكيف يهتمون لتغطية أفكارهم التي لا مهرب من فقرهم سواها !

الجندي الذي وأجه الشيطـان !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن