جريمة جديدة

79 8 0
                                    

يلعب الأطفال الثلاثة في صحن الدار، عزة ومريم وسيد تسعة أعوام وسبعة أعوام وثلاثة أعوام، يلهون ويجرون هنا وهناك.

جاء سالم من الحقل متأخرًا جرى الأطفال نحوه ليحيوه، احتضنهم وقبَّلهم.

بعد تناول العشاء أخذت الأم الأطفال لتساعدهم على الاغتسال ومن ثَمَّ الذهاب إلى النوم.

غطت الأم الأطفال ووقفت تراقبهم لتتأكد أنهم استقروا في فراشهم وأغمضوا أعينهم استعدادًا للنوم ومن ثَم أغلقت باب الحجرة ورحلت.

بمجرد رحيلها سرعان ما نهض الثلاثة ليقفوا أمام النافذة، يتأملون الأجواء المظلمة بالخارج ويناقشون مواضيعهم الطفولية بينما يستعد الأبوان للنوم.

بعد بضعة دقائق دخل المنزل خمسة من الرجال السود حليقي الرؤوس هؤلاء، اتجه اثنان منهم إلى حجرة الوالدين وثلاثة انتظروا خارج حجرة الأطفال في انتظارهم كي يناموا، ويبدو أن الأطفال لم يقرروا ذلك بعد.

انتفض سالم وزوجته فجأة من النوم، شعرا بقشعريرة تسري بجسديهما، عاد الرجل للنوم بينما ذهبت الأم لتطمئن على الأطفال.

ضبطت الأم الأطفال تائهين في عالمهم الطفولي أمام النافذة بينما تجاهلوا تعليماتها تمامًا مما أثارها فبدأت بتوبيخهم وإجبارهم على العودة إلى فُرُشهم،

وبينما تتوعدهم بأن تفعل بهم الأفاعيل بالصباح الباكر فإذ بالزوج يصرخ ويصرخ، يكاد يلفظ طحاله من فمه.

هُرِعت الزوجة إلى حجرة نومهما وتبعها الأطفال، حاولوا قدر المستطاع إيقاظ الزوج دون جدوى وسيد ذلك الطفل الصغير مازال يقف عند باب الحجرة يأبى الدخول.

أمام الباب يقف في صمت، يبدو أنه على وشك الدخول في صدمة يحملق في ذلك الرجل الأسود الذي يحدق بوالده المفزوع.

توقف الأب أخيرًا عن الصراخ وتمدد جثة هامدة بينما بدأت الأم بالصراخ والعويل ولطم وجهها.

ظل هو واقفًا هناك..حول ذلك الكائن أخيرًا نظرَه عن الأب موجهًا انتباهه نحو الطفل المشدوه، متسع العينين، اقترب الكائن من الطفل الذي لم يبرح مكانه بينما تبول لا إراديًّا ودموعه تنهمر.

لا يظهر أي تعبير على هذا الوجه الأسود الجامد أمام كل تلك البراءة التي تحدق به..هو خارج سيطرته الآن فهو ليس نائمًا..

رحل الكائن بهدوء دون أن يلتفت خلفه تاركًا وراءه الكثير من الصراخ والعويل والبكاء.

العين الثالثةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن