جمع الحاج سالم ماله بعرق جبينه وقد دخل معترك الحياة منذ صغره ..اشتغل في كل شئ وبأي مبلغ كان يقرره صاحب عمله ..اشتغل في المخابز والمقاهي وسوق الخضرة وورش غسيل السيارات ..أين ما يجد عملا يشتغله وكان يتيم الأب ربته أُمه مع زوجها القاسي جدا عليه ..كان دائما يتحجج بالعمل فلا يعود باليوم واحيانا في ساعات متأخرة من الليل كي لا تقع عينا زوج أُمه عليه ويدخل على رؤوس أصابعه خشية أن يستقيظ وياويله اِن ضبطه عند عودته.., وكان يراجع دروسه خلسة على ضؤ شمعة بنهم يدفعه الأمل في الحصول على غد افضل ,ومن عادته أنه كان يصطحب معه عشاءه ..سندوتش جبن أو تونة وزيتون و قنينة مشروب صغيرة ..كانت هذه اللحظات بمثابة جزاء حسن لنفسه على تعب النهار ,,وكان برغم تعب الحياة المضني وشقاءها دائما مبتسما تملأ صدره القناعة والأمل . ..وكانت أُمه تحنو عليه وتحاول بكلماتها الحنون أن تخفف عنه وطأ زوجها , وكانت بالنسبة اِليه تشكل عالمه كله ويعتبر وجودها في حياته كل سعادته ..ان لا يهتم كثيرا بمضايقة زوج أُمه له والذي لولا تسليمه كل شهر مبلغا ماليا من سالم لَطرده منذ زمن...ولكن حتى هذه السعادة المنهوبة استخسرها فيه القدر ..ففي ذات يوم وهو لم يبلغ عمر السادسة عشر عاد لبيت زوج أُمه وكالعادة اشترى عشاءه وعندما عاد وجد باب دارهم مفتوحا على مصراعيه والجيران يدخلون ويخرجون ..سأل سالم أحدهم_ ماذا حدث..؟
أجاب الجار_ تعيش أنت والدتك توفت الصبح اليوم وهى في المستشفى تنتظر دفنها.
لم يبك ولم يزد بكلمة بل أنصرف مبتعدا حتى وصل لأبعد مكان ونام لياتها على أحد الأرصفة, في اليوم التالي ذهب لمدرسته ومن ثم التحق بعمله وعندما ازمع العودة للبيت لما وصل وجد ملابسه القليلة في صُرة ومعها كيس نايلون فيه كراساته وكتبه ومشطه وقطعة صابونه ومنشفته امام باب المنزل فعرف أن زوج أُمه لم يعد يريده في المنزل وعليه الرحيل حالا ..حمل حاجياته وذهب قاصدا ورشة معلمه فوجدها مقفلة فبات ليلته أمامها وفي الصباح قصد أقرب مسجد توضأ وصلى ووذهب لمدرسته ,وعندما أزف موعد عمله قصد الورشة وهناك قص على معلمه ماحصل معه فحن قلبه عليه وأعطاه مفتاح الورشة ومَنَ عليه بالمبيت فيها ..
مرت الأيام تجر السنين وكبر سالم وتخرج من معهد المعلمين فأصبح استادا لمادة الجغرافيا والصحة في مدرسة اعدادية ,,وبالطبع لم يعد يشتغل في الورشة وتحسن حاله فأجر مع اثنين من المدرسين بيت اقتسموا قيمة اِيجاره فيما بينهم وكان اِلى جانب التدريس يشتري الخضرة من تجار الجملة ويصفًها أمامه في صندوقين أو ثلاث وما ينتهي باقي النهار المتبقي له من عمله كمدرس حتى يبيع كل ما لذيه من خضرة..وكان ..
__يُتبع ..
وكان يجمع القرش على القرش ولا يصرف اِلا فيما يخص قسطه من أُجرة الشقة وما يبقيه حيا ..كان مقتسطا لأبعد الحدود ..ومع مرور الوقت كون مبلغا لا بأس به فأشترك مع أحد اصدقائه في فتح مشروع متجر لبيع كل ما يخص الأسرة من ملابس وما يخص فرش المنازل وخلافه.ونجح المشروع وتوسع وأصبح له فرع ثم اثنان ثم ثلاثة وأفترقا الشريكان كلا وأخذ حقه كاملا واتجه لاِقامة مشروعه الخاص ..,استمر سالم في اِرتقاء سلم النجاح ولم يتزوج اِلا في سن الأربعين فرزقه الله بأبن ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع وهو الأصغر الذي توفيت أُمه عند اِنجابه..,لم يشاء الزواج بعدها وقد كانت في نظره لا يوجد من يماثلها رقة وحنوا عليه واخلاصا له..ربى اولاده لوحده وبمعونة مدبرة منزله التى كان يناديها اولاده بالأُم عيشة ..كانت حنون وفية وليس لها من أحد لا قريب ولا ابن سوى هذه الأُسرة الجميلة ..كانت من اصل مغربي جاءت باحثة عن عمل كمربية لأنها لا تتقن سوى هذا العمل فهى قد قضت عمرها في العمل فيِه ..سجلت في مكتب تأمين الخدمات للوافدين وحين قدم سالم للمكتب وبين مطلبه اشاروا عليه بعيشة المغربية التي كانت تنتظر عملا كمربية في أحد المنازل ..وافق سريعا واتم الأِجراءات وسرعان ما جاءت لمنزله وبقيت تخدمهم اِلى أن تزوج أخر الأبناء وتوفيت عندهم في أخر عمرها ,كانت سيدة تخاف الله كثيرا وتعتبر عملها واجبا اِنسانيا قبل أن يكون مصدرا للعيش ,كانت تبدل أكثر من مجهودها في خدمة هذه العائلة المكونة من الأب والثلاث أولاد حتى أنها صارت جزاٍ لا يتجزأ منهم وأصبحوا يعتبرونها الأُم الثانية التي منحها الله لهم ..,
قرابة ثلاثين عام قضتها تلك المربية في منزلهم وصار الأبن الأكبر في الثلاثين وقليل من الأشهر من العمر وأخوته أصغرهم في الخامسة والعشرين وأوسطهم في الثامنة والعشرين والأب في الخامسة والستين عندما أنتقلت المربية اِلى رحمة الله ..وكانوا جميعهم متزوجون ..بقى الأب في منزله يتناوب على خدمته أولاده عن طريق زوجاتهم المختلفات الطباع وكن يجمعهن شيئا واحدا وكن يسرنً به لبعضهن بعضا ..وهو متى يرحل العجوز ويقتسمن ثروته بما فيها هذا المنزل الوارف الأتساع بحجراته وحديقته وبما يزخر من روعة اثاث وفرش ..كان سالم يحبهنً كما كنً بناته انجبهنً من صلبه ..وكان لا يبخل عليهم بشئ ويعشق احفاده حتى الجنون..لكنه كان في نظرهنً يُشكل عقبة في زيادة الخير خيرين وكنً يخشين أن يتزوج بواحدة يمثل سنهنً فتنجب غرماء يشاركون أولادهن الاِرث وتحتل هذا المنزل الذي يشبه قصرا ملكيا..وكنً يفرغنً شكوكهنً لأزواجهنُ في أنه قد يتزوج خاصة وهو مازال على قدر كبيرمن القوة والوسامة ووجيه وثري.., وبالفعل أنتقلت عدوى الشك الشيطاني لهم وبدأوا يفكرون في طريقة ليسبقون بها والدهم فيمنعونه من تنفيذ ه فكرة الزواج ..كان الأب المسكين لم يفكر قط في الزواج ولو كان فكر فيه لتزوج وهم صغارا ..ولكنها نزعة الشك فيهم ..نزعة الشيطان النسائي وكيدهن ..وضعفهم أمام زوجاتهم ..,
لاحظ تغيرا في تصرفات كنائنه ..زوجات اولاده ..بدأن يضيقن عليه بالأسئلة ..هل تريد الزواج مرة أخرى وقد صرت وحيدا تماما..
هل فيك شئ من ميل للأِقتران بواحدة تؤنسك وتملا عليك ارجاء بيتك الواسع ..هل وهل وهل..وكان يجيبهنً بالصمت مما زادت الشكوك حوله وفسرنً لأزواجهن سر صمته وقد صدقوا مزاعمهنً وبدأوا يفكرون مليا في منعه! ..في اِيقافه عن اِقتراف ما سيضرهم .., في صرف هذه الفكرة من رأسه ولو اقترفوا بسببها جريمة القتل!.
يا اِلهيِ!!_ أيصل ثأتير المال على الروابط الأُسرية سلبا بهذا الشكل؟!
أيفعل المال بسطوته ما يجعل الأبن يفكر في زهق روح والده أو أُمه؟!
أتصل سطوة النساء الماكرات على ازواجهنً اِلى هذا الشكل وتصلنً بهم اِلى هذا المنحنى الخطير بسهولة؟!
..نعم فعل المال ذلك وتفعل النساء السافلات ذلك ,ويصبح الرجال الضعاف الشخصية الذين استسلموا لاِغواء الشيطانات وشياطينهم مقودا سهلا لهم.. شياطين وشيطانات.
وفي يوم وقد أجتمع الأولاد وزوجاتهم في منزل أحدهم بعيدا عن مسمع الوالد ..وكانت جلستهم الشيطانية بصدد التفكير في خِطة تبعده عن فكرة الزواج التي كا منها المسكين برئ تماما..قال أكبرهم:_ يجب اِقصاءه بشتى الطرق عن التزوج بأخرى واِدخال غريبة ستنجب غرباء فيشاركونا مالنا.
رد الأوسط___ الأمر صعب جدا ..كيف سنمنعه وهو بيده كل شئ ونحن تحت سيطرته؟
__ قال الأصغر ____ نقتله!!!!
قالت زوجته:_______ لا ابدا لن تفكر بهذا الشئ لأنهم سيتفيدون لوحدهم وستُسجن وتُعدم وبالتالي لن اتحصل على شئ فاِْن كان لابد فلتفكروا بطريقة ثتبث أنه فاقد الأهلية وبالتالي يُسهل رميه في دار رعاية المسنين..!!؟!
كانت فكرة القتل غير مستحسنة لذيها ليس لأن الجريمة في حد ذاتها جريمة وانها تفوق حد الجريمة بقتل الوالد ..! ولكن لعامل الأنانية والجحود والمُكر ..وافقها الأولاد جميعا وأيضا الأثنثان من زوجتىهما .وطفقوا يفكرون مليا فلم يصلوا لنتيجة واتفقوا على اللقاء مرة أخرى...,..
YOU ARE READING
الورثة
ChickLitقصة اب في السبعين من عمره ميسور الحال صحيح البدن قوي الشخصية محبوب من جميع عائلته ومعارفه له من الأولاد اربع ذكور ..وبحسب الزمان ودورته وتغيره وعدم دوامه على حال ..فجأة اصبح الأب في موقع لذي اولاده المصدر للهَم ومشكلة يجب التخلص منها وبك...