أعلن آشرون و هو يسند ظهره إلى الخلف في مقعده و يحرك كأس الشراب بيد أنيقة "حان الوقت كى تخبرينى شيئاً عن نفسك."
شعرت تابى بالارتباك. فغرفة الطعام الكبيرة و الطاولة المزينة بالورود و الأطباق الفاخرة لأول وجبة يتشاركانها كعروسين جعلتها تشعر كأنها سندريلا عند وصولها إلى الحفل من دون أمير يرافقها. راقبها و هى تراقبه لتعرف اى شوكة و اى سكين تستخدم مما جعلها تشعر ابلاحراج و تتمنى لو لا تعترف له بجهلها.
"ما الذى تريد معرفته؟"
رفع آشرون حاجبه قبل ان يقول "لنكتفى بالامور الأساسية .... خلفيتك؟"
بدا مسترخيا جدا إلى حد أثار غيظها, و قد ارتدى سروالاً ضيقاً من الجينز الفاتح اللون و قميص اسود تركه مفتوحاً عند العنق. بدلاً من ان يتأنق, اختار ملابس غير رسمية لكن هذا لم يقلل من سحره بل بدا مذهلاً, بشعره المجعد قليلاً بسبب الحمام, و ذقنه العنيدة خشنة بسبب لحيته النامية, و عينيه الداكنتين اللامعتين اللتين تأملتاها بحدة و اللتين لم تستطيع قراءتهما. لم تستطيع قراءته ابداً, و لم يكم لديها ادنى فكرة عما يفكر فيه.
حذرته قائلة "خلفيتى ليست جميلة."
هز كتفه و كأنه يرفض اعتراضها فصرت تابى اسنانها و تشنجت اعصابها قبل ان تقول "اتخيل انى جئت إلى هذه الحيارة نتيجة خطأ. لم يكن والداى متزوجين. اخبرتنى امى ذات مرة انهما كان ينويان التخلى عنى لتتبنانى اسرة ليلاس اخرى لكنهما اكتشفا ان وجود طفل يعنى حصولهما على دخل إضافى و مزيد من المساعدات من دائرة المساعدات الأجتماعية. كانا يتعاطيان المخدارت."
لم يعد آشرون يبدو مسترخياً و استقام في جلسته قبل ان يسأل عابساً "مدمنان؟"
"حذرتك من ان ماضيّ ليس جميلاً. كانا يختاران المخدرات الأرخص ثمناً و يرضيان بما هو متوفر. لم يكونا والدين بالمعنى الحقيقى للكلمة, و لا اظن انهما اهتما يوماً لأمر بعضهما البعض لأنهما اعتادا ان يتشاجرا كثيراً لم اكن سوى زهرة منسية الطفلة التى تعيش معهما. و كنت اعرقل امورهما.... بشكل متكرر لأن للأطفال حاجات و يحتاجون من يلبيها لهم.
أسند آشرون ظهره إلى الكرسي, مخفيا ذهوله مما اخبرته به خلف قناع من الجمود. و كاد يقول لها, و هو الذى لم يعتاد ان يبوح بأسراره, إن ثمة قواسم مشتركة كثيرة بينهما, أكثر مما يجمع القط و الفأرة.
سألته تابى برجاء "هل سمعت ما يكفى؟"
فردّ بصوت هادئ, و قد بدأ يدرك العزلة المؤلمة و عدم الأمان اللذين عاشتهما و جعلاها تكتسب هذا السلوك العدائى, المبتذل "اريد ان اسمع كافة التفاصيل."
اضطرت تابى ان تتعلم في سن مبكرة كيف تحارب من اجل البقاء و هو يفهم هذا تماماً.و اعترفت بصراحة, إنما كارهة كل كلمة تتلفظ بها, لكنها أرادته ان يعرف انها قادرة على التعامل مع طفولتها المضطرة, المليئة بالجرائم و انها استطاعت ان تتغلب عليها و تمضى قدماً "كنت الطفلة في الملابس غير المناسبة في المدرسة... هذا إذا ما ذهبت إليها, و لم يكن ذلك يحدث غالباً. ثم بدأ ابى يصحبنى معه لأراقب المنازل التى سيسطو عليها. تدخل جهاز الخدمات الاجتماعية عندما اُلقى القبض عليه متلبساً و وضعت في دار رعاية لأننى كنت اتغيب عن المدرسة كثيرا و لأنهما لم يستطيعا ان يعتنيا بىّ بشكل لائق."
اعترف آشرون بتجهم "كما حدث لىّ. كنت في العاشرة من عمرى. كم كان عمرك انتِ؟"
حدقت تابى فيه ذاهلة و سألته "أنت... في دار رعاية؟ لكن والديك ثريان جداً؟"
اجابها آشرون بصوت اجش "و هذا لا يعنى بالضرورة ان يتصرفا بمسؤولية اكثر من والديك. مال امى لم يحمينى صدقينى, علماً بأنه حماها حتى اليوم الذى توفيت فيه بسبب جرعة مفرطة. سارع محاموها إلى إخراجها من البلاد لئلا تُلاحق قضائياً بسبب إهمالها لىّ."
استفهمت تابى بصوت ضعيف, و هى لا تزال مصدومة لأن هذا الرجل الذى يبدو واثقاً للغاية, هذا الرجل الثرى و المحمى عاش في دار رعاية مثلها "وماذا عن والدك؟"
و شعرت فجأة بالذنب بسبب الاحكام المسبقة التى اطلقتها.
شرح لها آشرون بهدوء "لم يدم زواجه من امى سوى خمس دقائق فقط. عندما ملت منه, اخبرته ان الطفل الذى تحمله –اى انا- هو طفل عشيقها السابق.... وصدقها. على اى حال, لم يكن قادراً على محاربتها و المطالبة بحق حضانتى. قابلته لأول مرة حين كنت في العشرين من عمرى. أتى إلى لندن لرؤيتى لأن احد اقاربه لاحظ الشبه الكبير بيننا في صورة في الصحيفة."
سألته تابى و هى ترتشف بعض الماء "إذن, ما الذى فعلته أمك لك؟"
"القليل القليل. أمّن الاوصياء على ملايينها فرقة للعناية بها و إخفاء تصرفاتها المتطرفة عن الصحافة. كانت مدمنة على المخدرات ايضاً. عندما لم اعد طفلاً لم يعد لأى من موظفيها سُلطة علىّ و كانت امى منتشية في غالبية الاوقات. بالتالى, رحت افعل ما يحلو لىّ مما لفت نظر السلطات في نهاية الامر. لم يكن لدى أقارب آخرين ليعتنوا بىّ."
لاحظت ظل الذكريات البائسة في عينيه فمدت تابى يدها عبر الطاولة من دون تفكير و وضعتها على اصابعه الطويلة و الأنيقة التى اراحها على الغطاء ثم همست "انا آسفة."
رفع رأسه الأسمر المتعجرف في حركة دفاعية فيما هو يطبق بيده على يدها ثم التفت إلى يديهما المتشابكتين في ذهول و كأنه لا يستطيع ان يدرك كيف حصل هذا الارتباط. و سألها "لِمَ تُبدين الآسف؟ اتخيل اننى نجوت بأضرار اقل منك. اعتقد انك تعرضتِ لسوء المعاملة.........؟"
جمد وجهها البيضاوى و همست بصوت يكاد لا يُسمع "نعم."
اعترف آشرون قائلاً من بين اسنانه المطبقة "لم اعرف العنف الجسدى إلا بعد دخولى منظومة الرعاية. كنت حينذاك طفلاً بغيضاً و مزعجاً و لعلى نلت ما استحقه."
جادلته تابى قائلة "ما من ولد يستحق الألم."
"عشت سنتين من الجحيم حيث تنقلت من منزل إلى آخر حتى توفيت امى و انقذنى الاوصياء. اُرسلت إلى مدرسة داخلية خارج البلاد لما تبقى من فترة طفولتى."
اعتصر قلب تابى و جف حلقها بعد ان ادركت انه كبر مثلها لا يعرف معنى الحب و الأمان اللذين يوفرهما البيت السعيد و الابوان الملتزمان.كانت مخطئة بشأنه و تملكها الخجل لأنها تصرفت بتحيز لمجرد ان امه كانت وريثة إحدى الأسر اليونانية الثرية الشهيرة, فقالت بصوت مرتعش "لا يمكن ان تنسي ابداً.... كم شعرت بالضعف و الضياع و عدم الحيلة."
نظر آشرون إليها و قد التمعت عيناه المذهلتان و قال باقتضاب بعد ان افلت يدها فجأة "تتركين هذا كله خلفك و تمضين قدماً."
"نعم, لكنه يبقى في مكان هنا في ذهنك."
و فيما هى تسحب يدها, التقت عيناها بعينيه فجعلها الدفء فيما تشعر بأنها تحلق عالياً كالطائر و قطع انفاسها وجعل الرعشة تسرى في جسمها.
أكد لها آشرون بنعومة "لن يحصل هذا إذا ما دربت نفسك."
حثته تابى التى بدأت تستشعر عودة التحفظ البارد الذى راح يزحف إلى ملامح وجهه النحيل الوسيمة "اخبرنى عن وصية والدك."
"في وقت لاحق. تطرفنا ما يكفى عن الأمور الشخصية هذه الليلة.... أليس كذلك؟"
كبحت تابى التى يقتلها الفضول عادة فتبقى متعلقة بالموضوع كالمغناطيس, رغبتها في معرفة المزيد, مقرة بأنه كان صريحاً للغاية معها, و هو الرجل المشهور بتكتمه و تحفظه, علماً انه لم يكن مضطراً لذلك إذ لم تقرأ يوماً عن طفولته و لم تظهر اى من هذه القصص في وسائل الاعلا. ابتلعت اسئلتها و رفعت شوكتها لتتناول التحلية التى وضعت امامهما على الطاولة. منتديات ليلاس
اعترفت له "اعشق حلوى المرنغ. و هذه مُعدة بشكل ممتاز. مقرمشة من الخارج و طرية من الداخل."
ارتسمت ابتسامة عريضة على ثغره قبل ان يقول "مثلك, إذن؟ محاربة من الخارج و رقيقة و حنونة عندما يتعلق الأمر بطفلة امرأة اخرى؟"
شعرت تابى بدقات قلبها تتسارع عند رؤية هذه الابتسامة النادرة "جل ما اريده هو ان امنح أمبير ما لم احصل عليه يوماً."
"طموح مثير للاعجاب. لم ارغب يوما في الانجاب."
"لم اكن يوماً من النوع الذى يحب الاحتضان و الرعاية."
لعقت الشوكة قبل ان تغمسها مجدداً في التحلية الشهية, و قد شعرت بالتململ لأن العينين الداكنتين راحتا تتبعان كل حركة من حركاتها. و تابعت تقول "لكنى كنت مع صونيا عندما ولدت امبير و اضطررت لأن اعتنى بها في الاسابيع الأولى حتى اصبحت امها قادرة على مغادرة المستشفى بعد الجلطة التى تعرضت لها. حينذاك, كنت قد تعلقت بالطفلة بقلبى و روحى.... تعلقنا ببعضنا ببساطة و من ثم تعرضت صونيا لجلطة ثانية و توفيت على الفور."
و توقفت عن الكلام للحظة ثم رفعت عينيها لتلتقيا بعينيه فشعرت بفمها يجف, لكنها استطاعت ان تقول بنبرة خفيضة "ارجوك, توقف عن التحديق بىّ."
عندئذٍ, قال آشرون بصوت ابح "إذن, توقفى عن اللعب بالشوكة."
احمر وجهها فجأة و اسقطت الشوكة من يدها مُحدثة جلبة "هل تفكر في امر آخر غير رغباتك؟"
سخر منها آشرون و هو يتأملها بحدة الهبت وجهها "و انت ألا تفكرين في هذا ايضاً؟"
شعرت ببشرة وجها تحترق اكثر من ذى قبل لأنه كان محقاً تماماً في كلامه, فرجولته الصارخة جذبتها إلى حلقة مفرغة. بدت طاولة الطعام كحاجز بينهما, حاجز رغبت ان تسقطه. ارادت اشياء لم تخطر لها قط من قبل و لم ترغب فيها. و لعل الأسوأ هو ان مجرد التفكير في هذه التجربة جعلت الدم يتدفق سريعاً في عروقها. إذن, هذه هى الرغبة! و راحت تؤنب نفسها في سرها قائلة انضجى و تعاملى مع المسألة كـ امرأة و ليس كـ طفلة صغيرة خائفة.
دفع آشرون كرسيه إلى الخلف و وقف بطوله الفارع و قال "هيا بنا....."
"لا, أجلس.
قالت تابى جملتها هذه بصوت مرتجف, و هى التى اخافها ان تدرك تماماً إلى اين يريد اصطحابها و ما اخافها اكثر هو انها مستعدة لأن تجاريه إذ لم تشعر قط في حياتها بشعور قوى و بدائى كهذا التوق الذى ايقظه فيها .
نصحها آشرون الذى استدار حول المائدة ليقف خلفها و يسحب الكرسي الذى لا تزال تجلس عليه "لا تنظرى إلىّ بهذه الطريقة و من ثم تحاولى ان تملى علىّ ما ينبغى فعله يا عزيزتى. هذا لن ينجح."
اعترضت تابى بيأس "يجب ان يتصرف احدنا بمنطق و عقلانية."
انحنى آشرون و رفعها من الكرسي كما لو انها طفلة و هو يسألها بصوت اجش فيما انفاسه تداعب عنقها "لماذا؟ نحنى لا نؤذى احداً. نحن حُرّان. يمكننا ان نفعل ما نشاء......"
"هذا ليس اسلوبى في الحياة.
جادلها آشرون و هو يجتاز البهو فيما لا تزال هى بين ذراعيه "اوقعت نفسك في فخ من القواعد غير المنطقية لأنها تجعلك تشعرين بابلامان. لكنى استطيع ان ابقيك آمنة."
إنما يمكنه ان يؤذيها بسهولة تضاهى قدرته على إسكاتها و على إدارة رأسها و إفقادها صوابها. اعترفت تابى بذلك بحرارة فيما كانت اصابعها ترفض ان تخضع لإرادتها و ترتفع لتلامس رسم حدود فكه القاسي.
"انت لا تجعلنى اشعر بالامان."
اجابها آشرون و هو يرمق وجهها القلق بنظرة "لكنك لا تثقين بأحد. و هذا ينطبق علىّ انا ايضاً. إنما يمكننى ان اعدك بأنى لن اكذب عليكِ."
"هذا لا يرحينى لاسيما أنك تستطيع ان تقدم النصائح لـ ميكافيللى حول الوصول إلى اهدافك بطرق ملتوية."
كلماته هذه جعلت آشرون يطلق ضحكة مفاجئة فيما هو يصعد السلالم. و ادركت تابى ان وقت اتخاذ القرار جاء و انقضى.
انزلها على السجادة ليفتح الباب الأول, ممسكاً بيدها و كأنه يخشي ان تهرب في اللحظة الأخيرة ثم جرها خلفهإلى غرفة نومه "و اخيراً, انت حيث اريدك. هل تصدقين ان هذه الليلة هى ليلة زفافنا؟"
"لكنها ليست كذلك..... فزواجنا ليس زواجاً حقيقياً."
استندت تابى إلى باب غرفة نومه وقد بلغ توترها اشده إذ لم تعد تشعر بالراحة و بالكاد استطاعت ان تتحكم باعصابها. و تابعت تقول "دعنا لا نخدع انفسنا بهذا الشأن. لم يخطط اى منا لجعل هذا الزواج زواجاً حقيقياً. لعلعى اضع خانم زواج لكن لا معنى لهذا."
لم يعرف آشرون امرأة يمكن ان تذكره بهذا الواقع في هذه اللحظة بالذات او يمكن ان تأتى إلى غرفة نومه من دون ان تحدد في ذهنها اهدافاً طموحة و اطماع. و خطر له ان تابى نسمة هواء عليلة في حياته, إلا ان هذه الفكرة الغريبة لم تجعله يشعر بالراحة.
اقترب آشرون منها كـ صياد يتربص بأيل خائف و اطبق يديه الأثنتين على يديها ليشدها إلى ما بين ذراعيه. و قال بصوت أجش "لا يمكن لاى شئ مثير بهذا القدر ان يكون من دون معنى."
"إنها مجرد هرمونات."
"هذا كلام امرأة لا تملك ادنى فكرة عما سيحصل."
"اعرف بالطبع ما سيحصل....."
لكنها مازالت لا تعرف ما الذى تفعله هنا, خارقة القواعد التى وضعتها لحماية نفسها عبر جعله يقترب منها إلى هذا الحد, مخاطرة ان تصاب بالضعف الذى طالما تجنبته. و تابعت تقول "إنه مجرد جنس."
تنبأ آشرون "سيكون رائعاً!"
و شدها نحوه, ضاغطاً جسمها على جسمه مما جعلها تشعر بمدى الإثارة التى تتملكه.
همست تابى بانفاس متقطعة "احب ثقتك."
"ظننت انها تزعجك."
وقفت تابى على رؤوس اصابعها لتشبك ذراعيها حول عنقه و تُنزل رأسه ليصبح بمستواها. قالت له بضعف و قد اسرتها عيناه الداكنتان اللتان لمعتا في وجهها كنار ذهبية مستعرة "اصمت."
رفعها آشرون عن الارض و حملها حتى السرير حيث وضعها أرضاً لينزع لها حذاءها قبل ان يقول "لا اريد ان اؤذيك او اؤلمك."
"إذا كان هذا مؤلماً فلا مفر من ذلك."
قالت تابى هذا بواقعية, مصرة على ألا تستسلم للخوف فبستثناء تعلقها الشديد و الاستثنائى بـ امبير, لم تختبر هذا القدر من المشاعر سواء على الصعيد العاطفى او على الصعيد الجسدى. افترضت انها تعانى من نوع من الافتتان به لكنه سيذبل و يضمحل مع مرور الزمن. و سألتها بفظاظة "هل هذا لمرة واحدة فقط؟"
رفع آشرون بصره إليها, و التسلية مرتسمة على فمه المثير و المغوى ثم اجاب "لا يمكن ان تخططى مسبقاً لكل شئ يا تابى."
فقالت له بإقتضاب "هذا ما أفعله. احتاج دوما لأن اعرف موقعى و ما افعله."
فتح سحاب ثوبها و اخرجها من طياته بسهولة و دقة جعلاها ترتجف لأنها اكتشفت انها لا تحتمل التفكير فيه مع نساء اخريات شحذن خبراته.
شعرها بعد ان شعر على الفور بعودة التوتر إليها "ما الأمر؟"
لعلها في داخلها امرأة غيورة و متملكة جداً. هذا ما خطر لها فاربكتها افكارها و تساءلت كيف يمكن لها ان تكتشف حقيقتها في حين انها لم تعش اى علاقة عميقة و حميمة مع رجل من قبل. ها هى تجلس هنا, مرتجفة على الرغم من ان الغرفة دافئة.
اخذت نفساً عميقاً فيما استمر هو في تأمل وجهها المضطرب بعبوس و ردت "لا شئ."
ثم تابعت تقول و كأنه اعاد طرح السؤال "حسناً! كنت افكر في انك بارع في نزع ملابس المرأة!"
انفجر آشرون ضاحكاً, مستمتعاً بصراحتها, مقدراً انها يمكن ان تقول بكل بساطة كل ما يخطر لها من دون ان تفكر في النتائج بدلاً من ان تقول ما قد يرغب في سماعه. و هذه الميزة نادرة ايضاً في عالمه. مازحها قائلاً "شكرا لك.... على ما اظن."
اعترضت تابى "و مازالت ترتدى الكثير من الملابس.
و كافحت كى لا تفكر انها نحيلة جداً في الاماكن التى يُقال انها تهم الرجل. على أي حال, كان يرغب فيها على الرغم من عيوبها. هذه الفكرة رفعت معنوياتها لا سيما بعد ان رأت عينيه الداكنتين تتأملانها برغبة و تقدير لم يحاول إخفائهما.
جف حلقها و هى تنظر إلى رجولته الآسرة. وقف هناك, بذقنه الداكنة بسبب لحيته النامية, و بعينيه اللامعتين و شعره المسرح فبدا رائعاً و مذهلاً كنمر في بلورة : لامع قوى و جميل.
اشاحت بوجهها و مدت يدها لترفع الغطاء و تنسل تحته في محاولة منها كى تبدو و كأنها تسيطر على اعصابها.
"انا ارغب فيكِ بشدة........"
قال هذا بصوت اجش.
"كما اريد انا اراكِ, ان اتأملك........"
قالت بضعف و هى تتراجع إلى الخلف لتختفى بين الوسائد "ليس هناك الكثير لتراه!"
اطبق آشرون يديه على احد كاحليها النحيلين و شدها بنعومة. و بحركة واحدة, اصبح إلى جانبها على السرير.
"انا لست جميلة...."
قاطعها قائلاً "لا اريد ان اسمع مثل هذا الكلام!"
و غرقت اصابعه الطويلة في بحر شعرها الأشقر ليبقيها ثابتة و هو يطبق بفمه على شفتيها. إنه يجيد التقبيل, آهـ, نعم, إنه يجيد التقبيل.
همس آشرون و هو يتأملها بعينين بلون الكراميل الذائب تظللهما رموش سوداء كثيفة "أنتِ رائعة!"
ثم انزل يده على كتفيها و راح يقبلها بشوق. تعالت من حنجرة تابى آهة, و ما لم تستطيع ان تفهمه هو انها انتقلت في غضون لحظات من حالة عدم الثقة بما تفعله إلى حالة الشوق الشديد إلى ما يقدمه لها.
قال لها بصوت ابح "إذا اردتينى ان اتوقف في اى لحظة, فيكفى ان تقولى لا."
فهمست و يداها ترسمان خطوط صدره المفتول العضلات "ألن يكون هذا صعباً جداً عليك؟"
"أنا لست مراهقاً, و يمكننى ان اسيطر على نفسي."
لكنه اضاف فيما هى تمرر يدها بنعومة على طول جسمه مثيرة فيه رد فعل قوى "طالما انك لا تكثرين من لمسي بهذه الطريقة."
تملكها شعور بالرضا حين اكتشفت انها تؤثر فيها بقدر ما يؤثر فيها, و فجأة, احست بألم حاد فصرخت بذهول مما جعله يجمد مكانه.
سالها آشرون على عجل "هل تريديننى ان اتوقف؟"
"لا داعى لذلك."
كما ان الالم سرعان ما اختفى فيما استمر الم الشوق الذى اثاره فيها. مدت ذراعيها لتحتضنه و تدنيه منها اكثر و ارحت اصابعها تداعب ظهره البرونزى العريض.
خبرته اثارت دفقاً من المشاعر و الاحاسيس التى صدمتها لحدتها و جعلتها تشعر و كأن آلاف الالعاب النارية تشتعل في داخلها. و اجتاحتها عاصفة من الشغف مع قلب بدا و كأنه يقرع كالطبول في اذنيها.
استلقت تابى المشوشة بين اغطية السرير, تراقب آشرون الذى قطع الغرفة بخطى واسعة ليلتقط شيئاً ما قبل ان يتوجه إلى الحمام الذى سرعان ما وصلها منه صوت المياه المتدفقه. ما ان انتهى حتى ابتعد عنها و لم يبذل اى جهد كى يلمسها مجدداً. و آلمها ان تدرك كم كانت تود لو يحضنها بطريقة حميمية و عاطفية, طريقة تعترف بالحميمية التى جمعتهما كما ازعجها ان تشعر بهذا القدر من الألم جراء انسحابه. على اى حال, لم تكن تتطلع إلى الحب او الالتزام او تتوقعهما, أليس كذلك؟ لا, فهى ليست بهذه السذاجة.
إنها المرة الأولى في حياتها التى تشعر فيها برغبة جامحة في ان تختبر هذا البعد الإضافى مع رجل, إلا ان مغادرته السريعة للسرير خيبت املها و جعلتها تشعر انها تعرضت للاستغلال و النبذ. و قالت لنفسها إن ما تفكر فيه سخيف لأنه لم يستغلها ابداً. في الواقع, كانت مستعدة نوعاً ما لأن تعترف بأنها هى من استغلته حين قدّرت انه يتمتع بالخبرات و المواهب القادرة على جعل تجربتها الأولى ممتعة. لكن هذا لا يعنى ان تسامحه بعد ان خيب املها لأنه لم يتصرف بشكل حساس.
نزلت تابى من السرير و ارتدت ملابسها على عجل ثم سرحت شعرها باصابعها و ابعدته عن وجهها قبل ان تقترب من باب الحمام.
كان آشرون يستعد للخروج من تحت الماء و قد لف منشفة على وركيه
قالت تابى بسخرية و هى تكبح ذبذبات حضوره الطاغى القوية المسيطرة "تحصل على ممتاز في ممارسة الحب و على صفر في المتابعة."
نعم, إن آشرون ديميتراكوس رائع و مذهل لكن ليس مهماً في نظرها مقارنة مع الطريقة التى عاملها بها.
أنت تقرأ
أكثر من حلم أقل من حب روايات عبير للكاتبة لين غراهام
Romanceتابى كلوفر, الفتاة العنيدة و السليطة اللسان مستعدة ان تفعل اى شئ كى تجعل البليونير اليونانى آشرون ديميتراكوس يدعم طلبها لتبنى ابنة قريبه الصغيرة, لكن آخر ما تتوقعه هو عرض الزواج! لم يكن امامها من خيار سوى القبول.... حتى لو لم يتوقف الثرى المتعجرف عن...