ليلة شتوية عاصفة ، اختلطت فيها الاجواء الباردة مع أجواء الحرب المليئة بدماء الابرياء ، و هنالك كانت تستلقي ميادة على سريرها في غرفة طليت جدرانها باللون الرمادي الكئيب الحزين و جبينها مليء بالعرق الذي يسقط على ثوبها ذو اللون الاحمر الدموي ، تردد بصوت مبحوح : "أين أنت ، متى تعود لقد تأخرت لقد تأخرت "، و فجأة تسمع أصوات تقشعر لها الابدان تزرع في نفسك خوفا لا مثيل له ، أصوات أناس يطلبون النجدة ، نهضت ميادة بشكل هستيري متجهة نحو النافذة و تطل من جزء متحطم بها و تضم يداها إلى فمها لتدفئهما لم ترى شيئا فظلام كان سيد المكان زاد الموقف رهبة ، رجعت إلى سريرها مسرعة خائفة لاقتراب الاصوات إلى البيت ، ضمت جسدها إليها بشكل مبعثر و عيناها دموع الخوف و القلق على اخاها الاكبر الذي تأخر على غير العادة ، توقفت تلك الاصوات و كأنها لم تكن و عاد إلى المكان ذلك الصمت الرهيب ثانية ، اعتدلت الفتاة و وضعت يدها اليسرى على خصلات شعرها و عيناها مغمضتان و كأنها تريد أن تفهم ماذا يجري و ما سر اختفاء الاصوات بهذا الشكل السريع ، و بعض لحظات من التفكير تسلل إلى مسامعها صوت دقات الباب ، ذهبت إليه مسرعة و تقول في نفسها :" ها قد جاء أخي الحمد لله " فتحت الباب و تجمد الدم في عروقها و تصمرت في مكانها و عيناها مفتوحتان كليا ، لا أحد على الباب ! اغلقت الباب مسرعة و عادت باكية و هي تقول في نفسها :" هل جننت أنا سمعت الدقات بشكل واضح " ، قطع كلامها مع نفسها صوت دقات الباب ثانية ، ارتعدت خائفة لأن الصوت الدق كان قويا هذه المرة ، تقدمت بخطوات بطيئة و صرخت :" من هناك " لتسمع صوتا تعرفه جيدا يقول : " افتحي ميادة هذا أنا " ، تسلل الصوت إلى جسدها و زادت سرعة خطواتها و فتحت الباب لترى المشهد الجهنمي المألوف و تشعر بغليان وسط جمجمتها لهو المنظر ، أخاها مشنوق أعلى الباب . استيقظت لتكتشف أنه نفس الحلم منذ دخلوها المصحة العقلية و رددت بصوت مسموع لقد مات مشنوقا أمام