انطلق قطار حياتي و ما أعسره ، و تمايلت ذات اليمين و ذات الشمال كالأشجار في مهب الرياح تارة تجتاز غيوم سوداء قاتمة فتزلزل مخاوفي و تارة أخرى تطل الشمس ليولد أمل جديد ، ومن ضمن القطار شخصان عزيزان تملأ عيناهما نظرة الحنان و الاشتياق هما الوالدان ، و جزاءهم الحب البريء الحساس .
أكمل القطار مساره رويدا رويدا، فجأة توقف في محطة ملؤها الحب الصادق، الطمأنينة و الراحة ، هذه هي الأخوة.
تحديدا في هذه المحطة أحسست كأنني سائرة إلى اللافناء ، مشيت من مقطورة إلى أخرى (تحديدا إلى المقطورة الثالثة) بحالة من اللاوعي ،و جدتها هي هاهنا خوفها علي يقارب خوف أبي،حنانها يقارب حنان أمي ، عطفها يقارب عطف إخوتي ، هي جدتي ، وجدت في حضنها دفءا مختلفا لا هو شبيه بحضن أمي و لا بعناق أبي ، أصابني الذهول و فعلا أنا في حالة من اللاوعي.
أكملت وجهتي نحو الشباك فتعثرت ،وجدت إنسانة كادت أن تكون رسولا هي معلمتي التي أهدتني نبعا من العلم ، علمتني كيف امسك القلم و كيف افتح الكتاب و اعتبره خزانة من العلم و الثقافة ، أهدتني أيضا مفتاح الخزانة و قالت لي تجولي فيها أينما شئت فهذا الباب إذا تفتحيه فهو كالبحر تدفعك أمواجه إلى حيث لا تتوقعي فأحببت هذا المفتاح و حافظت عليه طيلة حياتي ، و فعلا عشقت المجازفات فيه .
نهضت و سرت في حالة من الحنين ، وجدت أشخاصا أعز على من روحي هم الأصدقاء منهم من بني لأسراري بيتا، و سندت رأسي على كتفه ، و منهم من تخلى عني في نصف الطريق فأرغمت على وداعهم و أثر في فراقهم.
فجأة لفت نظري شخص يختلف عن الأشخاص الذين صادفتهم من قبل ، يجذبني نحوه شيئا فشيئا و شوقي للاقتراب منه يزداد يوما عن يوم ، أحسست كأني فاقدة للوعي مزج عقلي بين الجنون و بين الشقاء و السعادة.
و لكن المسافة بيني و بينه بعد السماء و الأرض ، سمعت انه ما يسمى بفارس الأحلام ، فسبحت في بحر أحلام دافئ و ممتع كدت أمسك النجوم من سعادتي و للأسف ذلك الشخص ليس بوسعي الوصول إليه فبكت عيناي شوقا للقائه و لازلت احلم الركوب فوق حصانه الذهبي أأمل أن ينسيني تعبي و حزني في هذا القطار .
و بعد معرفتي لهؤلاء الأشخاص كلهم استنجت شيئا فريدا هو أن وقود قطار الحياة هو الحب استحالة يمكن السير بدونه.....