Random Short One Shots · Ꮮ.Ꮪ

XXIII

     سنتين، فقدتُ كُلّ شيءٍ مُنذ سنتين مِن الآن؛ فقدتُ عائِلتي، فقدتُ أصدِقائي المُقرّبون و بِالذات أقربهم لِقلبي هارولد. أو بِوصفٍ أدقّ، أنا من رحل؛ لقد مررتُ بِأشياءٍ كثيرة و لَم أستطِع التحمُّل أكثر لِذا بِبساطة لقد رحلت!

   كُنت ضعيفًا على تقبُّل الواقع، ضعيفٌ على مُواجهة المصاعِب؛ و قلبي لَم يقوى.

  لقد كرهت شعوري بِالمسؤوليّة آنذاك، و كرهتُ كوني أقلق كثيرًا على أتفه الأشياء؛ قد أكون تغيّرت مِن هذهِ النّاحية، لكِنّي أشتاقُ لِكُلّ شيء، حرفيًّا كُلّ شيء.

  كوني مُحاطًا بِأصدِقائي طوال الوقت، سُخريتهم الدّائِمة مِنّي و إستفزازهم لي؛ لا أنكر أني لَم أُحب ذلك قط. لكِن الشيء الوحيد الذي لَم أشتق له فِعلًا هي عائلتي، لَقد حصلتُ على ما يكفي منهم و هُم الآن يجهلون حتّى أين رحلت و إن كُنت على قيد الحياة حتّى!

   و أكثر ما إشتقتُ له خصّيصًا؛ هي مشاعري تِجاه أحدهم، التسكُّع معه و قضاء الوقت حوله، كوني معه على وجه العموم. و الآن أنا أتّخِذ خطواتي في شوارِع قريتي التي قد تغيّرت مِئتان و سبعون درجة!

   واضِعًا النّظارات الشمسيّة على عينيّ و وِشاحّ خفيف حول عُنقي ذا لونٌ أبيض و مِعطفي الأسود الطويل، بِبساطة كُنت مُتخفّيًا.

   هارولد، لطالما كان من سكن فؤادي مُنذ أن تعرّفتُ عليه، أحببتُ كُلّ شيءٍ بِشأنه؛ المزيجُ بين الأخضر و الأزرق في عينيه هو أوّل ما جذبني إليه!

  تِينك الغمّازتين العميقتين لو كانت أحد الحُفر في طريقي لوقعت بِلا نهوض لِأجله.

  قِلادة الصليب التي أهديتُها إيّاه لَم يخلعها يومًا، و كانت تُعطيه مظهرًا أكثر إثارةً حتّى؛ ثُم الخواتِم التي تُزيّن أصابعه أكثر حتّى، فَـيديه تبدوان جذّابتين عِندما يرتدي خواتمه الفِضيّة!

  وقفتُ أمام باب المنزِل الذي لطالما دخلتُه عِندما كُنت في ريعان شبابي؛ منزِل صديقي زين، كُنّا نجتمِع هُنا كُلّ عُطلة أو نِهاية أسبوع لِقضاء الوقت معًا، و عادةً إكتسبناها، كُلّ جُمعة نقضي يومنا هُنا معًا.

  و مِن حُسن حظّي، اليوم هو الجُمعة؛ طرقتُ على الباب ثلاث طرقاتٍ ثُمّ إبتعدتُ خُطوةً لِلخلف مُنتظِرًا الباب لِيُفتح. و عِندما حدث، إبتسمتُ لِرؤية زين يقِفُ هُناك بِملامحٍ مُتحيّرة لِأخلع النّظارات الشمسيّة فورًا فَتّتسع عينيه؛ و بِلا أن ينطق بِشيء كان قد إندفع لِيحتضنني بين ذِراعيه فأغلقتُ عينيّ مُستشعِرًا الدِّفئ.