‎العناصر الأربعة

2.7K 19 3
                                    


عرف القدماء العناصر الأربعة مقارنة بالحالات الأربعة للمادة :الصلبة ،السائلة ، الغازية ، المحترقة ، كل ما هو صلب أطلق عليه اسم تراب ، كل ما هو سائل ،ماء؛ كل ما هو غازي ،هواء؛ كل ما هو محترق أي حرارة أو نور -نار . ، هذه العناصر الأربعة ، نجدها في الوجبات التي نتناولها كل يوم ، لأن الطعام يحتوي على العناصر الأربعة ، فلهذا تعتبر كل وجبة فرصة للتواصل مع أملاك العناصر الأربعة : ملك التراب لكي يأتينا بالثبات و الصلابة فهو الذي يعطي القاعدة أو الساس فمن دونه لا شئ يمكنه الثبات ، ملك الماء الذي يؤتينا بدوره الحياة و الطهارة و النقاء ،ملك الهواء الذكاء و الخفة و السرعة ،ملك النار ليدفئ بالنور و نار المحبة الإلهية
بالنسبة للقدماء المادة متكونة من نسب مختلفة من بعض كميات النار و الهواء و الماء و التراب ، كما أن هذه العناصر ليست مستقرة و لكن تتغير من عنصر لآخر كما الحالات المادية : التراب إلى الماء ، الماء للهواء ،الهواء للنار و العكس صحيح النار للهواء ، الهواء للماء ،الماء للتراب .
هذه العناصر الأربعة أو ما يطلق عليها بالطبائع تؤثر على طبيعتنا و مكنوننا ، و الذي يستحوذ يعطي للإنسان مزاجا خاصا يتميز به و الأمزجة الأربعة حسب نظرية أبقراط لها علاقة بالعناصر الأربعة تعود هذه النظرية إلى القرن الخامس قبل الميلاد. حيث يقسم فيها أبقراط الأمزجة إلى أربعة أنواع وفق نوع السائل الغالب في الجسم. وهذه الأمزجة هي:
الدم: عندما يغلب الجانب الدموي في الجسم يكون الفرد مرتاحاً، شديد الانفعال، متسرعاً.
السوداء: وينسب هذا النمط إلى الدم المتخثر في الطحال، وعندما يغلب هذا النمط يكون الفرد بطيء الاستثارة، منطوياً، ومكتئباً.
الصفراء: وينسب هذا النمط إلى المرارة الصفراء في الكبد. وعندما يغلب هذا النمط يكون الفرد سريع الغضب، منفعلاً، وميالاً إلى الحزن.
البلغم: وينسب هذا النمط لزيادة البلغم في الحلق، وعندما يغلب هذا النمط يكون الفرد ذو انفعالات هادئة، وقد يميل إلى الضعف والبطء والبلادة أحياناً.
و إلى الآن يعود بعض الأطباء إلى هذا التصنيف القديم لأنهم لا يجدون أفضل منه
العناصر الأربعة متواجدة أيضا في التركيبة الإنسانية فالتراب يتوافق مع الجسم الفيزيائي ،الماء مع الجسم النجمي،القلب،الهواء ،الجسم العقلي ،العقل،النار النفس و الروح ذلك أن طبيعة النار مزدوجة فهو يتجلى كحرارة و كنور ،نحس بالحرارة و نشاهد النور .الحرارة تجلي للنفس بو النور تجلي للروح .
ألا تلاحظون على أن الحياة تجبر الإنسان على التبادل باستمرار مع العالم الذي يحيط به ،من أكل و شرب و تنفس و تواصل مع الناس و الكائنات و الطبيعة نفسها و هذا التبادل يترك في منظومته الفيزيائية كما في منظومته الذهنية العديد من الشوائب و الأوساخ و التي وجب عليه تعلم كيفية التخلص منها ،هناك طرق عديدة للطهارة و من أجودها التعامل مع أملاك العناصر الأربعة فالعناصر الأربعة كما ذكرنا سابقا متواجدة فينا و لهذا يمكننا التواصل مع ملك التراب ليتخلص من أوساخ جسمنا الفيزيائي ،ملك الماء ليطهر قلبنا ،ملك الهواء ليطهر تفكيرنا ،ملك النار ليقدس أنفسنا و روحنا بإشعالها بلهيب المحبة الإلهية
إن موضوع العناصر الأربعة هو موضع دراسة العديد من الحكماء و الخيميائيين على مر الحضارات و قد تم تمثيلهم عبر أشكال رمزية غير مفهومة ما دام لا يمكن رؤية علاقتها بهذه العناصر الأربعة فمثلا رمز الصليب و أبو الهول و أيضا دائرة الأبراج لا يمكن تأويلها إلا من خلال العناصر الأربعة ،الى أن في حقيقة الأمر العناصر الأربعة كما نعرفها في البعد المادي ليس إلا الجانب الأكثر كثافة للعناصر الأربعة الإلهية و التي جذورها متواجدة (سفيرا "سفر""طائر صغير"كثيير )"التاج" و قد أعطتها الكابالا اسم هيوت هالكديش أي الحيوانات المقدسة والذي ينطبق في الديانة المسيحية مع السرافيم ،هذه الأربعة حيوانات مقدسة لها شكل الأسد و الثور و النسر و الإنسان باعتباره ليس إلا حيوانا كالآخرين و هذا لا يعني بالتحديد أن السرافيم تشبه هذه الحيوانات و انما فقط وسيلة لتمثيل يجعلنا نحس بالعلاقات الدقيقة بينها و بين مختلف حالات المادة التي تمثلها
كما نجد الأربع حيوانات في دائرة الأبراج و هما برج الأسد ، الثور ،الدلو الذي له صورة الإنسان والعقرب الذي هو شكل آخر للنسر ،لماذا الآن العقرب مكان النسر ؟ لإبراز فترة سقوط الإنسان الأول ،النسر الذي يرمز الى القوة الجنسية السامية،تحولت الى عقرب رمز القوة الجنسية الغير محكمة
صورة الحيوانات المقدسة منتشرة في الفن المسيحي من خلال رسوم ومنحوتات و التي للأسف غير مفهومة و قليل من الناس يشكون أنها مليئة بالمعاني
هذه الاربع حيوانات المقدسة هم أملاك العناصر الأربعة و هم أعلى تعبير لهذه المادة التي نجدها مكثفة و مجسدة في عالم الملكوت ،فالأصل و الجذور متواجدة في الأعلى بالقرب من الله ،لأن المادة بالنهاية أصلها إلهي، و هذه الدرجة من الطهارة و الدقة تكون مبهمة غير قابلة للتصور، لأنها تكون متحدة مع الروح
إن ملائكة العناصر الأربعة هم عباد الله و خدامه ، لهذا و يجب أن ندعو ربنا ليرسل لنا هذه الأملاك حتى تساعدنا في أعمالنا الروحانية ، فكل واحد منا يحمل في عمق عقله الباطن بعض الجراثيم الضارة التي لطالما وجدت ظروف ملائمة للتكاثر ثم تعطيل وجودنا ، لهذا حينما يصل أحد طلبة هذا العلم الى مرحلة متطورة،يؤتى القدرة على الدخول الى أعماق باطنه مرفقا ب ملائكة العناصر الأربعة ،ملك التربة ،ملك الماء ،ملك الهواء ،ملك النار ،فيعمل على دفن ،و إغراق و إبعاد و إحراق جميع الجراثيم الضارة بداخله
و من دون التعامل مع العناصر الأربعة ،لا يمكن الحصول على الطهارة المطلقة ، فكل عنصر يحتوي على خصائص ينفرد بها ،فما يقدر عليه الهواء ،النار أو التربة لا تقدر عليه ،فلندع الله العليم القادر على أن يرسل ملائكته . ملك التراب ليمتص القذارة من الجسم الفيزيائي كي نستطيع التواصل به و تتجلى إرادتنا من خلاله، ملك الماء كي يطهر قلوبنا من النجاسة و الأحقاد، حتى تحل فيه المحبة و نستطيع العمل من أجل مملكتك و عدلك ، ملك الهواء ،لينقي أفكارنا حتى تحل الحكمة والنور فيه ،و ملك النار للتقدم سر أنفسنا و حتى تكون مدنا للحقيقة .
وضع الله لما الأربع عناصر في حوزتنا و لذا وجب استعمالها و و توظيفها جيدا ذلك أنها عناصر قوية تسكن فيها كائنات حية : في النار تعيش العظاية و في الهواء "السلف"و في الماء حوريات البحر،في التراب أقزام
و حتى و نحن نتكلم ، يجب معرفة أنه من خلال الكلمات تنزلق بعض الذرات المادية التي تعطي لحديثنا قردة على الفعل ،ذلك أنه في الطبيعة هناك دائما واحدة من الأربع عناصر تنتظر اللحظة التي يمكن أن تلبس فيها ما نفكر فيه و نعبر عنه إن التنفيذ و إخراج الأفكار إلى الواقع لا يقع دوما متى شئنا ، في بعض الأحيان لا نرى شيئا مما انتظرناه أو تمنينا وقوعه ولكن بفضل التفعيل للعناصر ،يقع و ينفذ ما نريده و إن كان بعيدا عنا لي بعض الأحيان ، و هذا حقيقي في مجال الجيد و السيئ ،يظن بعض الناس أنهم لا يعملون سوى الأشياء الصالحة و الجيدة في حياتهم ،حتى يكتشفوا بعد ذلك مدى سوء النتائج ،فيحصدون خبث ما يزرعون
بسبب تواجد العناصر الأربعة التي تؤدي بالضرورة إلى تفعيل الأشياء و تحقيقها ،يجب الحذر و الانتباه من أفكارنا و أقوالنا لأنهم لا يختلفون مع البذرات التي تزرع في التربة ،و يجب التركيز على زرع البذرات الصالحة الجيدة و هكذا حتى تكون مرتاح البال
باستعمال العناصر الأربعة دون انقطاع فنحن نجمع كنوزا في البنك ،لذا فكروا في الأمر . خلال عملية التنفس ،نستنشق الهواء ،هل تساءلتم ما العنصر التي خصبت حين طرحكم للهواء ،بالتأكيد سيكون هواء فاسدا و لكن لن يكون كذلك إذا ما علمتم كيف تظهرون كالكائن الصالح الطيب الكريم المليء بالمحبة ،الهواء الخارج من الشرير يلوث كل ما يأتي أمامه ، سواء كان هواء ماء طعام ،فأنتم مسؤولون عن كيفية تخصيب العناصر لتي تمر حول جسمكم و الذي تطرحونه بعد ذلك ،فأنتم تردونه للطبيعة التي تحوله و تستعمله من جديد لتعمل به ،الذي يود المشاركة بوعي في العمل الذي تقوم به الطبيعة ،يجب أن يهتم بما يطرح من عناصر التي لا تكون ملوثة بما يملك من فيروسات تسكن عالمه النفسي
يقول الموروث أن بعض الصالحين الطاهرين و المتصوفون حين يقعون في النشوة ينشرون حولهم روائح الأزهار و الطيب .هذه حقيقة : طهارة الفكر ،طهارة الحس تنتج روائح طيبة
الطبيعة تؤتينا جميع العناصر التي نحتاجها لتواجدنا ،أما الحياة التي نعيشها ،تظهر لنا ما ان كنا نعرف نستمتع أو لا بما أفادتنا به ،كونوا كالنحل ٨٣
هل لاحظتم أن من بين العناصر الأربعة ،التربة تبقى الوحيدة التي من خصائصها الثبات ، العناصر الأخرى كالماء الهواء النار تتحرك تنتقل ، أما عنصر التربة يبقى ثابت و يمكن أن نقول أيضا أنها المادة التي تستى من خلالها العناصر الأخرى حتى تشكلها خصوصا النار
لكن النار الذي أتحدث عنه و الذي يفعل و يتعامل مع هذه التربة كما يتضح ليس هو الذي معتادون على استعماله و إنما نار الشمس ، و التي هي أصل جميع الحركة ،فجميع التغيرات التي تقع على الأرض ناتجة عن الشمس ،فمن دون الشمس الهواء لا يتحرك ،الماء يصبح راكدا و التربة لا تتشكل ،إن عنصر النار هو الذي يؤدي إلى الحركة
و بواسطة المماثلة ،يمكن أن نقول أن الروح هي أصل الحركة التي تطرأ على المادة ، فالمادة جامدة تستستقبل و تستمد الحياة و الحركة من الروح و هذا ما كان يشرحه موسى في سفر التكوين الاصحاح الأول : وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ.
فور إدراكنا لهذه الحقيقة علمنا أن الأفكار دائما هي من تحكم و تصمم العالم ،المجتمع ، الأفراد .
و بالتالي فإن من يود امتلاك قدرات على نفسه ،عليه أن يفسح لروحه حرية أكثر للتعبير و الاشتغال على مادته ، الذي في الأعلى يجب أن يسيطر و يحكم على الذي في الأسفل ، كل شئ يأتي من الأعلى و ينعكس على الأسفل ، وصورة الشمس و الأرض لخير مثال يفسرها ،إن الحياة أو الموت على الأرض ليس الا نتيجة التأثير البسيط لأشعة الشمس حرارتها ،و كذلك حياتنا الفيزيائية و جسمنا المتعلقين بحركة أرواحنا ، و هناك نقطة أخرى مهمة فكما تلاحظون الشمس لا تتعامل مع الأرض بطريقة مباشرة و إنما بواسطة الهواء و الماء ،وكذلك تحتاج الروح لواسطة حتى تتفاعل مع الجسم الفيزيائي ،فإن استخدمنا الرسم البياني للأبعاد الثلاثة ،نقول أن تفعيل الروح على الجسم الفيزيائي يتم مرورا بالنفس أي العقل و القلب ، و ان استخدمنا الرسم البياني الخاص ب ٦. أجسام نقول أن الجسم الروحاني يشتغل على الجسم الفيزيائي مرورا بالجسم البودي أو الإشراقي و السببي و العقلي و النجمي
كما يمكن النظراالأشياء أيضا بطريقة أخرى و رؤية وجود وسيط آخر بين الروح و الجسم الفيزيائي السمبثاوي و بالخصوص الضفيرة الشمسية ،فقياسا بوجود الدماغ المتصل بالجهاز السمبثاوي ،إن كان بواسطة الضفيرة الشمسية يستطيع الإنسان أن يجعل ممرا بين الوعي و العقل الباطن يمكن أن يفعل و يتحكم في الجسم الفيزيائي
و هل تساءلتم كيف يمكن تشغيل و التعامل مع الضفيرة الشمسية ؟) بواسطة الجسم النجمي ،باستعمال الحس .الفكر (الهواء)يتحكم و يفعل الحس (الماء) و الحس يتحكم و يفعل بدوره الضفيرة الشمسية ، هذا الخزان من جميع الطاقات الحيوية
يجب إدراك جيدا حقيقة هذا التسلسل الهرمي بين العناصر من النار الى التربة فالذي لا يحترم هذه الخريطة لن يستطيع أن يسيطر على نفسه و أن يبني نظاما يمشي عليه ، و سيكون دائما تحت رحمة الأحداث و الحظوظ ،متجاهلا بذلك وجود عوامل أكثر قوة على المتواجدة في البعد الفيزيائي ،والتي عليه الاشتغال عليها فيبقى ثابتا في مكانه لا يستطيع الوقوف و التعامل والسيطرة على الوضع ، و الذي يفهم المعنى الحقيقي للعناصر الأربعة و بناءها الهرمي ينطلق نحو النصر ،نحو تحقيق ذاته المثلى فيكون سيدا على نفسه من يريد النجاح عليه أن يهتم بشمسه أي روحه فهي التي ستحرك رياحا توجه بها سفنكم حيث أن هذه الرياح بدورها أي أفكاركم تتجه إلى الأماكن التي يتواجد فيها ماء أي في عوالم الحس لتحركهم و أحاسيسكم بدورها تنحث المادة المحيطة بكم فكما للماء قدرات كبيرة يملكها على التربة كذلك الحس يملك القدرة على ترميم الجسم الفيزيائي و إعطاءه أشكالا
فكل من يريد أن ينحث في نفسه شيئا و أن يعطي لجسمه شكلا أو طابعا خاصا او صحة ملائمة أو ثباتا أو مقاومة أو تواصلا جيدا عليه أن يعلم بقانون حكمية الروح ،تريدون الوصول إلى شئ أو حل مشكل ركزوا على الروح حتى تتجلى أي تحكموا في الأفكار و بدورها هذه الأفكار ستتحكم في الأحاسيس و العواطف و بالتالي فإن الصوت و الحركة و الكلام يصبح أيضا مطيعا و بالتالي تتخذون القرارات الصائبة و لكن كل شئ يبدأ بالروح كالتواصل أو ضغط زر التشغيل ،تضعون كيانكم تحت سيطرة الروح و شيئا فشيئا كل شئ ينظم , فتتحركون بتناغم و توازن يجعلكم تحصدون الأرباح ،إن استطعتم أن تجعلوا للروح المركز الأول في حياتكم للنور ،للمحبة ،للحكمة ،أينما حللتم تصنعون نتائج إيجابية من حولكم و التي تبدأ في تغيير مواقفها تجاهكم
مهما فعلنا لا يجب أن ننسى البناء الهرمي الخاص بالعناصر ،انظروا فقط كوكبنا البحار و المحيطات تملأ فضاء أكبر مقارنة بالقارات ،الهواء المحيط به يملك فضاء أكبر من الماء والنار فضاء أوسع ،
الماء يساعد التربة و يغذيها ،الهواء يساعد النار و يغديه ،الماء أعلى رتبة من التربة ولكنها خادمته و و مرضعته في حين يظل الهواء أدنى رتبة من النار و هو يخدمه و يرضعه، الهواء و النار ذكور فحين يشتغل أو يعمل النار على الهوا تعطي الكبريت و حين يشتغل الهواء على الماء يظهر عنصر آخر و هو الزئبق و أما تفعل الماء على التراب يعطي الملح ، و إن معرفة العمل بالعناصر التالية الكبريت ،الزئبق ، الملح يؤدي بالخيميائي لاكتشاف حجر الفلاسفة

مداخل في علم الباطن و الروح للمبتدئينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن