44- شغف

332 30 115
                                    

قررت ألا أجلس في غرفتي اليوم .. أخذت الرواية التي اقرأها و تمشيت قليلاً بحثاً عن مقهى أتناول فيه طعام الإفطار .. كان الطعام لذيذاً بحق و كانت الرواية تزداد حماساً في كل صفحة .. و كان طارف لا يزال مختفياً و لا أثر له !

كنت أتفقد هاتفي بين فترة و أخرى و لا أجد أي إشعار جديد .. خرجت من المقهى و قد نصحتني النادلة بزيارة السوق الشعبي الذي يقام في ساحة المدينة .. كان المكان مزدحماً مما أشعرني بالإرتياح كثيراً .. كنت ألمح السعادة في وجوه الكثير .. أتبادل الابتسامة مع الباعة و الزوار .. هناك الكثير ممن يبيعون لوحاتهم هناك و الكثير ممن يصنعون شيئاً بأيديهم .. كان ذلك المكان أشبه لدي بالتحليق بالسماء في يوم ربيعي لطيف ..

وصلت إلى كشك صغير تبيع صاحبته التي تقاربني بالعمر الميداليات المختلفة و بأشكال جميلة جداً .. أخذت واحدة على شكل قلب لطيف لأمي و أخرى لطفل سأهديها لمحمد الصغير .. كان لديها قسم خاص بالمهن و قد أخذت منها ميدالية على شكل حبة دواء لخلود و ميزان عدل لماجد و ريشة لعادل و أخذت الكثير من الميداليات على شكل حقيبة العمل الرسمية الخاصة بأصحاب الأعمال لي و لأبي و لأعضاء الفريق .. و لمحت ميداليةً مكتوب عليها ( أفضل معلم ) قلبتها بين يديّ باسمةً و أنا آمل أنه سيكون بخير ..

أخذت كل هذه الميداليات من عندها مما جعل صاحبتها مسرورة جداً .. بل و تبادلنا أيضاً أطراف الحديث فعرفت أنها قد بدأت في هذا العمل حديثاً لأنها تحب الأعمال اليدوية كثيراً كما أن عليها مساعدة عائلتها في أمورهم المادية .. سألتها إن كانت تمتلك خيوطاً عريضة أو خيوط صوف فأحضرت لي واحداً .. قلت لها أنني سأعلمها الشيء الوحيد الذي أتقنه من الأعمال اليدوية و عليها أن تفكر بالتوسع في الأيام القادمة بإضافته إلى ما تبيعه حين تتقن صنعه .. كنت أصنع سواراً كالذي صنعته لطارف .. و حينما انتهيت منه ألبستها إياها فبدت سعيدةً جداً .. قضيت معها وقتاً ممتعاً جداً ثم أكملت باقي جولتي في التسوق

عندما شعرت بالتعب من المشي قررت العودة إلى غرفتي لأخذ قسط من الراحة .. هذا إذا ما لم يفزع قلقي النوم و يبعده بعيداً جداً .. كنت أخبر نفسي بالكثير من الإحتمالات الواهية لأقنع نفسي أنه بخير، لكنني في الأعماق أخاف أن يكون على غير ما يرام !

عندما استلقيت على سريري و تفقدت هاتفي و لم أجد منه رداً و هاتفه مغلق منذ الأمس أرسلت له : " إذا لم ترد عليّ خلال خمس ساعات فأنني سأناديك دكتور طارف لشهر كامل .. لقد حذرتك "

ثم ألقيت بهاتفي بعيداً عني و كنت على وشك النوم حينما تذكرت أمر الغداء مع عادل و محمد .. يا إلهي ، كيف نسيتهما ! أخبرني محمد بالأمس أن موعد استراحة الغداء عند الثانية عشرة و النصف .. إنها الثانية عشرة و عشر دقائق الآن ! قفزت من مكاني على الفور لاتجه إليهما .. أحتاج خمسة عشرة دقيقة لأصل إذا لم أكن مسرعةً جداً .. وصلت قبل بدء الاستراحة بدقيقتين و أخذت ألتقط أنفاسي و أشرب بعض الماء قبل أن أدخل للداخل بحثاً عنهما ..

بعد كل شيء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن