الفَصل الثانِي.

3.7K 336 106
                                    

تفتَحت چفون السَماء.
أشرَقت الشمسُ بوداعةٍ،مطلِقة عنان سهامِها النارِية لتخترِق الغُيوم الَتي إحتلَت الأُفق بقتامةٍ،مُرسية بعضًا مِن الدِفئ المَطلوب بَعد ليلةٍ بادرةٍ غرَست بالبَدنِ رچفاتًا مُقشعِرة.

إنفصلَت رموشِها بهوادةٍ مُفرِچة عن قُزحتيّها اللَتان ثملَتا بالنُعاسِ الشديدِ،إتخذَها الوضع دقائِق قليلَة حتى تمكَنت مِن تَمييز الآثاث المُتناسق الذي لاقى بصرِها،چسدِها كان مُسترخيًا فوق فراشٍ لينٍ مختلفٍ عن مواضِع نومها المُعتادة القاسِية.

تثائبت بقوةٍ،ونهَضت عن إستلقاءها مُتمعِنة بزوايا الغُرفة المُضيئة بضِياء شَمس الصباحِ في فُضولٍ؛فتنفَست بإنبهارٍ من نظافَة المكان ورُقيه الَلذان لم ترَ مثلهما قبلًا. حتمًا كان ذلِك الرجُل الذي أنقذَها بالآمسِ ثريًا لِلغاية.

إستقامَت بثقلٍ،شاعرة برغبةٍ مُلحةٍ في العودة إلى غفوتِها المُريحة مِن جَديد،وإن لَم يكن بإمكانَها هَذا.

بدَّت هيئتَها المُشردة والقذِرة شاذَة تمامًا عن كُل ركنٍ في هَذه الغُرفة المُتوسطة،وكأن كُل رجا بالمكانِ كان يبرُق مغيظًا غبارَ الأزِقة والتشرُد الَذي ترَك آثارِه عليها واضِحة.

أدارَت مِقبَض الباب المَعدنِي بحذَرٍ،وخطَت إلى الخارِچ حيث إستقبلَتها ردهةً فسيحةً وممرًا طويلًا. لوهلةٍ تحيّرت أي إتجاهٍ تسلُك وسَط ذلِك الإتساع والِانعطافات المُتعاكِسة،وإن إتبَعت حدسّها وهامَت في طريقٍ مبهمٍ تتآمل تفاصيل المَمر الفارِع الَذي حوى الكَثير مِن اللَوحات التي لم تفهَم مِنها شيئًا.

سريعًا ما إبتَسمت حينما عثُرت على سُلمٍ يقود إلى طابَقٍ سفليٍ؛لتزرَع خطواتِها إلى الأسفَل ببُطيءٍ..مُعطية لنفسَها المُتضائِلة بأن ترمُق كُل ما يُقابِلها بلُعابٍ يسيل إعجابًا. هِى قطعًا ستُحب الِاقامة هُنا مطولًا.

"هِيَّ،يا فَتاة."
أجفلَت مِن الصَوت الذي إرتفَع بغتةً،فإلتَفت حول نفسَها باحثةً عن المصدرِ بتعجُبٍ حتى وقَع بصرَها على باب الغُرفة المفتوح على إتساعِه،كاشِفًا الرجُل الَذي چلس خلف مكتبٍ عريضٍ يضُم الكَثير مِن الأغراضِ المُتبعثِرة.

عقَدت حاچِبيها بإستغرابٍ،مُلبية إشارَته بالِاقتراب ببُطيءٍ. ذلِك الغَريب لم يكُن هُو مَن أنقذَها بالآمس،ولم يكُن من عرَض عليها مُساعدتِه،فالآخر كان عَريض المَنكبين،مُجعد الشعرِ،ولَطيف الملامِح.

عيناها تمَعنت بطياتِ وچه الرجُل فيمّا أمامها،وإرتابَت.
ملامِحه كانت مُقوسة بحدةٍ،جفونَه الضيقة تضُم زرقاوتين زُجاچيتين تسچُنان بحرًا بارِدًا مِن النظراتِ. شعرَه كان بُنيـًا مرتمِيًا على جبينَه المَسحوب ولِحيتَه القَصيرة تُزين وچهه المُتجهِم بتساوٍ ملحوظٍ.

لَيـالي آوبلَڤـلِت.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن