الفصل التاسع

11.2K 364 11
                                    

  في بيت عاصم..
في الساعه الثالثه فجراً ..
كان عاصم يغط في نوم عميق الي ان ..
فُتح بابا الغرفه بهدوء شديد .. و انين خافت مزعج يصدر من الباب ..
بهدوء شديد و شهقات متتابعه خافته تصدر اثر البكاء .. تدخل ملتفه ب الغطاء ..
سلا بصوتاً باكي و هي توقظ عاصم : عاصم .. عاصم ..
استيقظ عاصم سريعاً فهو لا ينام مُستريح البال في كل الاحيان..
عاصم ب قلق : في ايه ؟!!
سلا ب خوف : عاصم انا خايفه..
اشعل عاصم الضوء الذي ب جانبه و من ثم رأها ..
رأها ب هيأتها المُزريه .. عينيها المُنتقخه اثر البكاء .. الدموع تغطي وجهها ب اكمله .. وجهها اخذ اللون الاصفر ..
عاصم ب قلق و خوف عليها : مالك في ايه ؟!! خايفه من ايه ؟!!
سلا و هي تمسح دموعها ب يديها ك الاطفال : انا عايزه انام جمبك و مش هضايقك ..
عاصم و هو يتنحي جانباً ليفُصح لها المجال لتجلس : تعالي .. مش هتضايقيني اكيد ... تعالي ..
تمددت سلا ب جانبه و من ثم تمدد هو ..
اقتربت سلا منه و احتضنته ..
تمسكت به دافنه رأسها في صدره لتحصل علي الدفء و الامان ..
حاوطها عاصم ب ذراعه و قربها اليه اكثر ..
عاصم و هو يمسح علي شعرها : مش هتقوليلي كان مالك ؟!!
دفنت سلا رأسها اكثر في صدره و من ثم اردفت : كابوس .. شوفت كابوس وحش اوي ..
عاصم ب طمأنه : ده مجرد كابوس بس .. مش هيحصل حاجه يعني متقلقيش ..
شددت سلا اكثر من احتضانه و من ثم اردفت : انا خايفه اوي يا عاصم .. الكابوس ده وجعلي قلبي اوي ..
عاصم : بعد الشر عنك .. احكيلي شوفتي ايه ؟؟!
تنهدت سلا ف لا تعلم ماذا تقول له !!
اتقول له رأيتُك تُقتل امامي ب دون ادني هواده !!
رأت هي منصور و اسماعيل و هم يبتسمون ب شر و ايديهم مُلطخه بالدماء ..
و رأت ما انتفض قلبها فزعاً لاجله .. رأت عاصم تغطي دماءه البريئه جسده ب اكمله ..
تركها اسماعيل و اتجه الي عاصم و من ثم حانت منه التفاته الي سلا .. ابتسم ب خبث .. ثم اعاد نظره الي عاصم مره اخري و بيديه المُقززتين .. وضع يديه علي رقبته و قام ب اخناقه ..
ظلت سلا تصرخ .. بينما منصور يقترب منها ببطاء مخيف و علي وجهه ابتسامه خبيثه .. شريره .. مُقززه ..
انهي اسماعيل قتله ب دماءً بارده و من ثم اتجه الي سلا ب خطوات وئيده تدبُ الرعب ب اوصالها ..
سلا ب فزع و خوف : ابعدوا عني عايزين مني ايه !! ابعدوا عني ...!! يا عاصم .. الحقني يا عاصم !! متسبنيش ..
اسماعيل ب ابتسامه شريره : عاصم مات و خلصنا منه .. جه دورك انتِ كمان..
استيقظت سلا في هذا الوقت و قلبُها ينتفض رعباً ..
و اتجهت الي عاصم فوراً ..
تنهدت سلا و من ثم اردفت ب كذب : حلمت حلم وحش عن ماما ..
عاصم و هو يطمأنها : ده تلاقيها بس عشان وحشتك .. بكرا ان شاء الله هوديكي عندها تشوفيها ..
سلا و هي تتنهد ب عمق و الم : ان شاء الله ..
عاصم : يالا عشان ننام بقا ..
سلا و هي تدفن رأسها في عنقه و تشدد من احتضانها له : احكيلي حدوته ..
عاصم : بس مش بعرف احكي حواديت ..
سلا : اممم اغنيلك ؟!!
عاصم ب تساؤل : بتعرفي تغني ؟!!
سلا بمرح : الا بعرف ده انا اجدعها و لا ام كلثوم !!
عاصم ب قهقه : طب غني يا ام كلثوم ..
سلا بشرود : هغنيلك اغنيه بحسها قريبه من قلبي اوي ..
عاصم : غني ..
بدأت سلا تغني ب صوتها العذب و هي تردد
كان ياما كان
كان فيه عصفور
قلبه صغير .. ريشه قصير
حلمه يرفرف بره السور
كان إنسان من طين .. من نور
كان بيدور علي الي يخضر
قلب الناس القاسي البور
كان ياما كان قلب الحدوته رق و حن
علي البنوته في زمن اتجن
زمن الناس في قلوبها وحوش
زمن الغاب و الناب و وشوش
تحزن غش و تضحك زور

كان ياما كان
كان في عصفور
حلمه يرفرف بره السور
كان إنسان من طين .. من نور
كان بيدور علي الي يخضر
قلب الناس القاسي البور...

كان يا ما كان كان احلام بضفاير قلب و بس
ذنبها ايه لو قلبها طاير حب و بس
بنوته بحدوته تنام
و بتجري وراها الايام
هي و كل بنات الحور
كان يا ما كان
كان في عصفور
قلبُ صغير ريشو قصير
حلموا يرفرف برا السور
كان انسان من طين.. من نور
كان بيدور علي الي يخضر قلب الناس القاسي البور..

انهت سلا كلماتها و هي تبكي ب اسي علي حالها ..
عادت جميع الذكريات تطرق رأسها كالمطرقه..
الكل يعيش ب سعاده في حضن عائلته.. بين امه و ابيه .. الا هي
افترق والديها و لم يقف الامر علي هذا فقط ..
بل هما كل يوم في مشاكل بينهم .. و قد وقع الحالُ بها الي ان تعيش مع اب يعاملها ك سلعه تُجاريه .. و سلعه تُجاريه ليس لها قيمه ايضاً .. يبيعها الي من يُعطي اكثر ..
و قد ظهر هذا واضحاً عندما كان يريد بيعها لرجُلاً بسنه فقط ل يحصل علي شراكه معه ... اهي لهذه الدرجه بلا قيمه و بلا معني عنده ..
الا يكفي ما تعانيه من الم و هي تعيش بمفردها ... تبكي بمفردها.. لمن تشكوا ما بها غير الله ..
اللهم ارحم قلوبنا التي تأنُ من الألم فلم نعد نحتمل ..
اخذ عاصم يهدئها و لكنها تزيدُ في بكائها اكثر و اكثر ..
عاصم بقلق : مالك بس يا سلا ما كنتِ كويسه ..!!
سلا بحزن و بكاء : انا عمري ما كنت كويسه .. انا طول عمري لوحدي .. انا لما كنت بخاف مكنتش بلاقي حد اجي اترمي في حضنه و احكيله عن الي تاعبني .. انا عمر ما حد فكر فيا او مين يسعدني .. انا علطول خايفه .. عمر ما حد طبطب عليا و قالي مالك .. انا جمبك متخافيش ..
و من ابتسمت ب حزن ممزوج بالسخريه و هي تقول : اصلاً مكنش في حد معايا عشان يعملي حاجه ..
و من ثم تمسكت ب عاصم كثيراً و هي لا تريد ان تبتعد عنه مدي الحياة
اردف عاصم ب شرود و حزن : انا برضو عمر ما كان في كد جمبي ..
بيتي اتحرق و انا صغير و اتحرق معاه كل حاجه حلوه ..
اتحرق معاه امي و ابويا ..اتحرقت معاه سعادتي .. اتحرقت معاه طفولتي .. اتحرق معاه ذكرياتي .. و اتحرق وشي و شكلي و باظت حياتي ..
جربتي احساس انك متعشيش طفولتك لانك مشوهة .. جربتي احساس انك تعيشي يتيمه من صُغرك .. جربتي احساس انك طفله معدتش ال ٨ سنين و تدوق جميع الوان العذاب من واحده مبتعرفش معني الرحمه..
كُنت عايش مع عقربه .. اخدت فلوس ابويا و شركاته .. و تأكلني مع الخدامين و تقعدني في الضلمه لوحدي..
و من ثم اردف ب حزن و سخريه : و مع انها فلوس ابويا .. رفضوا يعملولي عمليه عشان اعيش حياتي طبيعي ..
طمعت في كل حاجه و رفضت تديني حقي ..
انا اتحرمت من حضن امي و حنان ابويا .. اتحرمت من دعوه حلوه في حياتي تفتحلي طريقي..
جربتي احساس انك تبقي منبوذه مع انك وسط الناس..
جربتي احساس ان الاطفال يبعدوا عنك عشان شكلك يخوف ..
انا مره حبيت واحده .. و اعترفتلها .. تخيلي قالتلي ايه !!
قالتلي مش ممكن اني احب واحد مشوه زيك ده كان مجرد شفقه ..
و من ثم سقطت دموعه و هو يكمل ب حزن : انا اتعذبت اوي في حياتي يا سلا و ما زالت بتعذب .. انا اتحرمت من كل حاجه حلوه .. انا اتحرمت من اني اعيش حياه طبيعيه..
شعرت سلا ب الحزن المُضاعف لاجله و لاجلها .. فهو تعذب اكثر منها ..
بكت سلا و هي تحتضنه .. احتضنها عاصم بشده و دموعه تغطي وجهه..
بكي كُلاً منهما اسي علي حالهما ..
اردفت سلا و هي تبتعد عنه و تنظر في عينيه : عاصم .. تعالي نبدأ حياه لينا .. بعيد عن كل دول .. دول كلهم مش فهمنا .. انا و انت شبه بعض اوي .. عاصم تعالي نبعد عن العالم دي كلها .. تعالي نسافر و ننسي كل دول .. احنا ملناش مكان بينهم ..
عاصم و هو يبتسم ب حزن : مينفعش..!!
سلا : ليه ؟!!
عاصم بتنهيده : عشان الدنيا مش هتسيبنا في حالنا .. و انتِ مش هتقدري تعيشي مع واحد مشوه زي ..
سلا و هي تضع يديها علي وجهه : انا عيزاك زي ما انت .. مش عيزاك تتغير .. عشان خاطري تعالي نبعد ..
عاصم : هنبعد .. هنبعد يا سلا .. بس مش قبل ما ارجع ابني شركات ابويا من جديد ...
سلا و هي تمدُ يدها له : توعدني ..
ابتسم لها عاصم و من ثم صافح يدها قائلاً : اوعدك..
سلا : و توعدني انك مش هتسبني
...
عاصم : اوعدك ..
سلا : و لو خلفت وعودك !!
عاصم و هو يرفع حاجبه و من ثم اردف بعد تفكير : اممم .. احرقيني ..
سلا ب ببراءه مصطنعه : لا حرام .. هتصعب عليا ..
عاصم بقهقه : ماشي يا ستي يالا عشان ننام بقا ..
سلا : يالا ..
تمدد عاصم و تمددت سلا بجانبه في حضنه ..
شدد عاصم في احتضانها ..
و هو سعيد و هي سعيده اخيرً

فقد قرر النهار اخيراً اعلان اشراقه علي ليلاً دام طويلاً..  

لستُ مشوه القلب  .....بقلمي / مايا هيثمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن