"1"
بجلبابها المنزلى القطنى ....
عقصة الحزام "قمطة" على جبينها
فالصداع ينهش برأسها ويكاد يفجرها من صراخ صغارها
ترتب هنا وهناك خلفهم ....ترفع الألعاب عن الأرضية التى انتهت للتو من تنظيفها عقب إسقاط صغيرها لقطعة الشكولا الخاصة به وتلويث الأرضية والصوفة التى فوقها
كالنحلة لا تهدأ ......بعد مشاجرات أمومية مع صغارها تنهرهم على تضييع مجهوداتها فى التنظيف امتثلوا أخيراً لأوامرها وجلسوا بهدوء حذر يشاهدوا ذلك الفيلم الكارتونى
تناولت تلك الخرقة المبللة ورفعت يدها
تمسح زجاج الإطار الذى يحمل صورة زفافهما
توقفت فجأة عن عملها تطالع الصورة ....شردت بتلك الليلة "ليلة زفافهما"
كانت ..جميلة ...تبتسم ...تضحك من أعماقها .....تتذكر كلماته ليلتها ...
" ليتنا نحلق بين الغيمات لا نعود لأرض الواقع ثانية"
انسابت دمعة أزاحتها سريعاً فلا جدوى من البكاء على اللبن المسكوب "ذلك شعارها "
عائدة لعملها بين التنظيف والطهو ومراعاة صغارها ومراعاته هو بلى ترعاه وتلبى دون نقاش تسمع ولا تعترض....يسخر ويتهكم ويهين وإن لم تكن إهاناته جسدية لكنها إهانات نفسية ...هدر لكرامة أنثى تذبل يومياً .
انتهجت لغة الصمت تلك اللغة التى ينتهجها الضائعون .....المقهورين ...وبعض من الحالمين .....
وكأنها تخرج غضبها فى عملها المنزلى
لم تعد تلك بهية الطلة والهيئة بهتت تحت ضغوط الحياة متناسية أنوثتها أو بالأحرى متناسية ذاتها تماماً
التناقض التام بين الرجل المكتفى بجملة
"طنش تعش منتعش"
وبين الزوجة المفعمة بالطاقة حتى وإن كانت هادئة لا تحرك ساكناً غير اهتمامها بصغارها وبمنزلها كألة صماء تفعل ولا تتكلم
لا يتدخل مطلقاً بمجريات منزله يكتفى بإحضار الطلبات ودفع النقود ولها حرية التصرف ومواجهة مشكلاتها وحدها يكتفى بتضييع وقته أمام ذلك الحاسوب أو التلفاز أو زيارة رفاقه والتنزه ....
مل منها فهجرها بالتدريج حتى غدت حياته خارج منزله لا تشبه بداخله
مفعم بالطاقة خارجه جامد صامت "نكدى" داخله
بعد عام من زواجهما
وبداية فصل الخريف لعشقهما حل الصقيع والجليد بينهما لتغدو حياتهما جامدة باردة تفتقر الدفء العاطفى والسكون الزوجى كالألة حياتهما
تعطلت السباكة بشقتها يوماً ما ...
لم تكن كسيدة مدبرة لاحتياجات منزلها
لترضى بدفع المال على أشياء لا تستحق
فعافرت وجاهدت لتسلك تلك البالوعة المنسدة حتى أتمت عملها
والأمر سيان بالنسبة لأعمال الكهرباء والسباكة وكل الأعمال التى تحتاج رجل .
تعافر كأغلب النساء لتتم عملها وتنهى الأمر بتوفير بضع جنيهات كانت ستُبذر كأجرة لعامل السباكة أو الكهرباء
عيادة الطبيب بصغارهم ..
طابور العيش......التسوق كلها مسئوليات تفعلها هى وحدها ولم يتنازل يوماً ويعرض المساعدة عليها يكتفى بإعطاءها المال ولها حق التصرف ...
كأغلب الرجال الذين يروا المرأة "زوجة...أم...مربية...خادمة....أخت....رفيقة...
كهربائى.....عامل سباكة....وهلم جراً ....."
تناست ذاتها تدريجياً ومع أعبائها المنزلية والزوجية والأمومية ابتعدت تدريجياً عن حياتها الطبيعية لتغوص ببحر من الهموم والمشكلات المتتالية
إنها "مودة"
المرأة الخارقة بنظر مجتمعها
أنت تقرأ
متمردة بقلم :بسمة محمود أحمد
ChickLitمتمردة قصة قصيرة من سلسلة "نون النسوة " بقلم بسمة محمود أحمد