انهت نور التنظيف و أفرغت أمتعتها من الحقائب فى غرفتها ثم جلست أمام التلفاز فى غرفة المعيشة تفكر فيما ستفعله الأيام القادمة، كيف ستذهب إلى المدرسة و ماذا ستفعل فى درس التاريخ الذى كان من المفروض أن تكون فى طريقها إليه الآن بعد إنتهاء اليوم الدراسى فى المدرسة إذا كان هذا يومًا عاديًا، و لكنه ليس كذلك فهذا هو اليوم الذى ستبدأ فيه العيش مع رجل، فى شقته، وحدهما، و فوق كل ذلك هذا الرجل هو زوجها.
و لكنها يجب أن تحاول إكمال روتين حياتها بشكل طبيعى، فالصف الثانى الثانوى يحتاج إلى الدراسة بجدية إذا كانت تريد أن تظل من أوائل صفها فهى لم تتعود أن تهمل دراستها أبدًا، إرضاءًا لوالدها و رغبة فى جعله يفخر بإبنته الوحيدة، و رغم عدم وجوده معها الآن ، هى مازالت تريد أن تكون الإبنة التى يفخر بها أى أب لذلك أخرجت هاتفها بالخط الجديد و اتصلت بصديقتها المقربة "هنا".
هنا: ”ألو؟“
نور: ”ايوه يا هنا، معلش مروحت---“
و لكنها لم تكمل جملتها بسبب صياح هنا المفاجئ فى أذنها حتى أنها ابعدت الهاتف عنها قليلاً حتى تتجنب إنفجار طبلة أذنها.
هنا: ”إنتى مختفية فين، لا جيتى المدرسة إمبارح ولا النهاردة و موبايلك مقفول بقالك يومين و مفتحتيش نت، و كان هيجيلى سكتة قلبية النهاردة لما على ابن سهى جه سأل عليكى فى المدرسة و قاللى انهم صحيو الصبح ملاقوكيش ولا لاقو هدومك فى الدولاب و حاجتك كلها مختفية من الأوضة.“
ثم صمتت ثانيتين لتلتقط أنفاسها.
هنا بصوت أهدأ: ”ممكن تفهمينى بقى إيه اللى بيحصل؟“
نور: ”بصى هو الموضوع كبير و محتاج شرح كتير مش هينفع فى التليفون، إنتى فين دلوقتى؟“
هنا: ”أنا واقفة على باب السنتر بره قبل درس العربى اللى مالواضح إن سيادتك برده مش هتحضريه.“
نور: ”و الله كنت مشغولة فى شوية حاجات لما أشوفك بكرة فى المدرسة و احكيلك هتفهمى، و درس العربى هبقى اروح المعاد بتاع النهاردة الساعة ستة.“
هنا: ”لأ أنا مش هقدر استنى لبكرة أنا هنزل اقابلك النهاردة على تمانية كده بعد الدرس، و متحاوليش تتهربى و تمشى بعد الدرس على طول عشان عمرو هيحضر معاد الساعة ستة و هخليه يقف شاويش جمبك ميخلكيش تمشى لحد ماجى.“
أنهت نور المكالمة مع هنا و أغلقت عيناها و أسندت رأسها إلى الوراء على ظهر الكنبة فى تعب و ضيق مما تعلم أنه ينتظرها بعد بضع ساعات، فعمرو هو توأم هنا و لطالما كانوا هم الثلاثة دائمًا مع بعض منذ الصغر حتى عندما كبروا و أصبح لدى عمرو أصدقائه الصبيان بعيدًا عن أصدقاءها هى و هنا مازال يجلس معهما من حين لآخر و دائمًا ما يحاول أن يكون معهما عندما يخرجان و حدهما بدون أن يكونا فى مجموعة كبيرة بداعى أن يحميهما، و لكنها أيضًا دائمًا ما تراه كأخيها الأصغر بسبب أنها أكبر منه و من هنا و من جميع دفعتها بعام، هو ليس فرق كبير و لكنه مازال يعد فرقًا بالنسبة لها، و السبب أنها أكبر منهم جميعًا هو أنه عندما كانت بالخامسة من عمرها و يجب أن تلتحق بالمدرسة كانت تلك هى الفترة التى توفت بها والدتها و والدها كان مستغرقًا بشدة فى أحزانه و ألمه على فراق زوجته لينتبه إلى شئ كهذا و أقاربها الآخرون لم ينتبهوا لهذا أيضًا أو ينبهوا أباها فهم بالكاد يعلمون إسمها، و بالتالى عندما أفاق مصطفى والدها كان قد فات معاد التقديم و اضطروا إلى الإنتظار إلى العام الدراسى التالى.
أنت تقرأ
زواج خاص جدًا
Romanceنور، فتاة فى الثامنة عشر من عمرها تتزوج من ابن صديق أبيها يحيى ذو الثلاثة و عشرون عامًا، على الورق زواجًا مؤقتًا لأسباب ليس لها أى علاقة بالحب بتاتًا، أو على الأقل هذا كان الإتفاق المعلن. و لكن هل هذا ما يريده يحيى حقًا و ينويه؟ و نور ماذا تريد؟ حت...