السواك
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء).
مما سبق يتبين لنا مدى حرص النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على صحة أمتهوعلى كل صغيرة وكبيرة فيما يتعلق بذلك. فالسواك مندوب عند الوضوء وعند الصلاةعلى الراجح من أقوال العلماء.
ولا يخفى علينا أن الإمام الشافعي رضي الله عنه قد أوجبه في القديم، عندما كان في العراق لكثرة شجر الأراك، وعندما جاء إلى مصر ولاحظ قلة شجر الأراك حكم باستحبابه فقط.والآن ما هو الأراك؟
الأراك شجرة تتبع الفصيلة السلفادوريةSalvadoraceae في تقسيم النبات واسمها العلمي سلفادورا برسيكا salvadora Persica وهي شجرة تكثر في الأودية الصحراوية، وتقل في الجبال، أما الأجواء الحارة والاستوائية فهي مناخ نموها الأمثل، ولذا يوجد في عدة بلدان في القارة الآسيوية مثل المملكة العربيةالسعودية، لا سيما في عسير وأبهاوجيزان.
وشجرة الأراك تشبه شجرة الرمان، وهي جميلة، دائمة الخضرة طوال العام. ومن حيث الطول، فهي قصيرة، يتراوح طولها ما بين مترين وخمسة أمتار.
عود الأراك تحت المجهر (بعد غليه ونقعه في مزيج يتألف من مقادير متساوية من الماء والكحول والجلسرين):
1 - طبقة خارجية، وهي عبارة عن نسيج فليني.
2 - طبقة وسطى، وهي عبارة عن نسيج خشبي، وهما يشكلان الجزء الخارجي الذي يحمي الطبقة الثالثة.
3 - طبقة داخلية، وهي عبارة عن أليافسليلوزية رائعة البناء.ميكانيكية تسوس الأسنان
في أفواهنا أعداد هائلة من الكائنات الدقيقة تسمى (الزمرة الميكروبية الفموية) وهي تعيش في التجويف الفموي، الذي يشمل كل من الشفتين من الأمام والخدين من الجانبين ويحيط بالفكين، وما يحملانه من أسنان، وكذا الغدد اللعابية واللسان والأوعية الدموية التي تغذي كل هذه الأعضاء بالدماء والأعصاب التي تمدها بالحركة والإحساس.
وإذا عددنا الميكروبات الموجودة في سنتيمتر مكعب من اللعاب، فقد نرى أكثر 5 بلايين ونصف بليون ميكروب وهي تبلغ نحو 29 نوعا ميكروبيا. ويوجد توازن دقيق وتعايش سلمي بين ميكروبات الفم كافة، وكذلك بينها وبين جسم الإنسان(المضيف). فالحق أن المناعة الطبيعيةلدى الفم هي التي تلجم الميكروبات، فلا تقوى على إحداث أي أضرار تذكر بالتجويف الفموي، على أنها لا تلبث أن تغير من سلوكها، حيث تتخلف بقايا من مواد سكرية بين الأسنان، فهي تشرع على الفور في استغلالها لإنتاج جزئيات طويلة من مادة جيلاتينية تلتصق بقوة على سطوح الأسنان، وإذ يطيب العيش لبلايين البكتريا في كنفها، فإنها تزداد نموا وتكاثرا وعتوا مكونة بما يعرف باللويحة السنية Dental Plaque أو اللويحة الجرثوميةBacterial Plaque وهي تبدو على هيئةطبقة طرية لزجة، يميل لونها إلى البياض، وقد تبدو أحيانا بدون لون معين.
المهم هو ما تنطوي عليه طبقة البلاك من أعداد ميكروبية هائلة تقدر بنحو 300 مليون خلية في كل ملليجرام (الملليجرام يمثل جزء من الألف من الجرام).
هكذا يبدو الخطر الحقيقي يزحف على الأسنان فثمة سلالات بكتيرية من أمثالالاستربتوكوكس و اللاكتوباسلس ونحوها لا تزال تطلق أنزيماتها المحللة للبقايا السكرية، حتى تحولها إلى سكريات أبسطكالجلوكوز، ثم تمضي عاملة عليها بغيةتحويلها إلى أحماض عضوية كاللاكتيك والبيروفيك والخليك والبروبيونيك.
ولا يخفى ما لهذه الأحماض من قدرة على إذابة الجزء الصلب الملاصق لمينا الأسنان، محدثة فجوة تسويس الحامض، وعندها يبدأ سطح السن في التآكل، ممهدا لدخول موجات جديدة من البكتريا المحللة إلىأعماق أبدع حتى يصل الهدم إلى منتهاه.
إذا فميكانيكية التسوس تكمن في تكوين البلاك، وبدون البلاك لا يحدث تسوس، وعند الرغبة في القضاء على التسوس يجب القضاء على البلاك.ماذا تفعل طبقة البلاك؟
إن طبقة البلاك هي التي تحتضن ملايين الميكروبات إن هي أهملت ولم تطرح عاجلا، فإن ميكروباتها تقتنص الفرصة، ولا تزال تتآزر بل تتآمر مع فضلات الطعام التي تنتشر هنا وهناك على سطوح الأسنان، حتى تفرخ المؤامرة التهابا بسيطا في اللثة، إنه بسيط حقا، ولكن أعطه زمنا ومزيدا من الإهمال، ولاحظ ما يحدث! فالمواد السامة الناتجة عن الالتهابات لا تلبث أن تقوم بتفتيت الأنسجة الليفيةالضامة في اللثة حول الأسنان، مكونة بؤراصديدية عفنة تحت اللثة، وفيما بين العظام وجذور الأسنان. وهنا تحدث الكارثة! فلا تزال تلك البؤر الصديديةتمتلئ بخليط من صديد ممزوج بخلايا ميتة وميكروبات وفضلات طعام، حتى تصاب اللثة بالبيوريا، وتغدو الأسنانعرضة للسقوط، ولا حول ولا قوة إلا بالله.تأثير البلاك على أجهزة الجسم الداخلية
وصلنا في البند السابق إلى أن البؤرةالصديدية تصيب اللثة، فيما يعرف (باليوريا) وقبل أن تسقط فإن بكتريا البؤرة الصديدية وسمومها كثيرا ما تتسرب، عبر الدماء إلى أجهزة الجسم والأعضاء، فتصيبها في الصميم.
أولاً : ثمة تقارير علمية حديثة تفيد أنأنواعا من الجراثيم الفموية مثل بكتريا (بورفيروموناز جينجيا فالس) تستطيع التسرب إلى الشرايين القلبية، وإحداثعطب بجدرانها على نحو يوفر الفرصةلانسدادها، ولو بعد حين.ثانياً : وتفيد تقارير أخرى أن معظم المصابين بقرح المعدات يوجد بأفواههمعدد هائل من بكتريا (هليوكوباكتربيلوري) وهي نوع مشاغب يستطيع التسرب إلىالمعدة، والتشبث بجدرانها، وإحداث ثقوب دقيقة فيها، تتسع شيئا فشيئا حتى تتقرح المعدات.
ثالثاً : تقارير أخرى تفيد أن خطر البكتريا الفموية يمكن أن يبلغ الدماغ، حيث تنتج إنزيمات تزيد من تراكم الدهنيات بشرايين الرقبة السباتية، حتى يقل الإرواء الدموي للخلايا المخية، مما يهدد بكارثة في المخ توشك على الوقوع.
رابعاً : ليس هذا فحسب! فخطر البكتريا الفموية يمكن أن يمتد إلى العيون والرئتين، والى المرارة والجلد، والكليتين والى مفاصل البدن أيضا! وتظل آثار البؤرةالصديدية تمتد إلى أجزاء الجسم المختلفة، على أن هذا كله يمكن حظره إذاأزيلت طبقة البلاك التي هي السبب الرئيسي لكل ذلك، فكيف يمكن لعود الأراكأن يزيل البلاك؟! وبالتالي منع لائحةالأمراض السابق ذكرها من الحدوث؟
إعجاز السنة في السواك
أوردت المجلة الألمانية الشرقية في عددها الرابع (1961) مقالا للعالم (روادارت) مدير معهد الجراثيم بجامعة روستوك يقول : قرأت عن السواك الذي يستعمله العرب كفرشاة للأسنان في كتاب لرحالةزار بلادهم، وقد عرض للأمر بشكل ساخر اتخذه دليلا على تأخر هؤلاء القوم الذين ينظفون أفواههم بقطعة من الخشب في القرن العشرين، وفكرت! لماذا لا يكون وراء هذه القطعة حقيقة علمية؟
وفورا بدأت أبحاثي فسحقتها وبللتها ووضعت المسحوق المبلل على مزارع الجراثيم، فظهرت عليها آثار كتلك التي يقوم بها البنسلين. أضف إلى ذلك ما قاله الدكتور (فريد ريك فيستر) أنه لم يستعمل طوال السنوات السبع الماضية سوى عود الأراك.