المقدمه

998 34 3
                                    


مازال القرآن كتاب المسلمین المعجزة یتحدى العقول بعد ألف و أربعمائة عام من نزولھ و كأنھ
نزل الیوم لیتحدث عن علوم الیوم و شواغل الیوم و أسرار الیوم و حروب الیوم.. و بین دفتیھ
سوف یفاجأ كل شغوف بعلوم الفلك و الطبیعة و الجیولوجیا و الطب و التشریح و الحیاة بلمحات
من ھذه العلوم و بالجدید في علوم الباطن و النفس و الروح و ما وراء الطبیعة و بالجدید في
عوالم الغیب و خفایا الزمن و المكان و المادة.. و بالجدید و المبھر في الأخلاق و الدستور و
الشرائع و الأدیان.

و قد ظل علماء الفلك یتحدثون عن سبعة كواكب تدور حول الشمس حتى نزلت آیات القرآن
تتحدث عن أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر في سورة یوسف:

(( إِذْ قَالَ یُوسُفُ لِأَبِیھِ یَا أَبتِ إِنِّي رَأَیْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَیْتُھُمْ لِي سَاجِدِینَ (٤)
)) [ یوسف ]

و نعلم الیوم أن التلسكوبات الفلكیة رصدت بالفعل أحد عشر كوكبا تدور مع الأرض و القمر على
أبعاد شاسعة متفاوتة حول الشمس.. و ھو أمر جدید تماما لم یعرف إلا قریبا.

و لم یكن أحد من العرب القدامى أیام الجاھلیة یعلم شیئا عن البصمة المرسومة على طرف البنان
و التي ینفرد بھا كل مولود لتدل على شخصیتھ التي لا یشاركھ فیھا مخلوق حتى أخیھ التوأم..
فإذا بكل إنسان لھ بصمتھ التي ینفرد بھا.. فیقول ربنا في قرآنھ المجید عن یوم البعث الذي كان
یشك فیھ الجاھلیون إن یوم القیامة سوف تقوم الأجساد من قبورھا و سوف یعود الموتى إلى
سالف ھیئتھم.. و یقول لھذا الجاھلي الذي یشك في البعث:

(( أَیَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَھُ (٣) بَلَى قَادِرِینَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَھُ (٤) )) [ القیامة ]

و یخص البنان بالتسویة لأنھ الحامل للبصمة المعجزة الدالة على شخصیتھ المتفردة التي لا
تتكرر و التي سوف تعود إلیھ یوم البعث.
ھل كان العرب الأوائل یعلمون شیئا عن ھذا ؟.. لم یكونوا یعلمون.. و لم یكن یعلم العرب و لا
الفرنجة في أوروبا و لا في أمریكا شیئا عن ھذه البصمة.. فنزلت كلمات القرآن قبل ألف و
أربعمائة سنة لتعلن عنھا.

كانت البصمة التي على البنان إعلاما قرآنیا بحتا.

ھل كان علماء الأرض حینذاك یعلمون أن كل جبل لھ جذر ممتد تحت الأرض أكثر منھ غلظة
كالوتد لیزیده ثباتا (( وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧) )) [ النبأ ] .. و أن ھذه الجبال موزعة على محیط
الأرض بشكل محسوب، و مقدر كثقالات لیكون دوران الأرض منتظما.. و ھذه قضیة معلومة
الآن في المیكانیكا و الحركة.. إن ھذه الثقالات الدائرة على الأطراف ھي التي تنظم الحركة و
تجعل الحركة منسابة غیر قلقة.

(( وَأَنزَلْنَا الْحَدِیدَ فِیھِ بَأْسٌ شَدِیدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ.. (٢٥) )) [ الحدید ]

القرآن_محاولة لفهم العصري" للدكتور مصطفى محمودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن