"خدتيها خلاص؟" سألت مريم.. "اه خدتها" اجبتها.. "طيب ما الموضوع طلع سهل أهو" قالت معلقة.. "ليه معملتيش كدة من بدري بقي ؟!" أكملت بتساؤل عندما لم أقل شئ.. "معرفش يا مريم.. كنت خايفة من ردة فعل بابا أو ماما علي ما اعتقد" قلت لها بصراحة.. "متقلقيش لو فضلنا ماشين زي ما خططنا مش هيعرفوا حاجة و مش هيعملولك حاجة بالعكس هيبقوا فخورين يبكي اوي" اجابتني بثقة مما جعلني اطمئن قليلاً.. فأنا منذ أخذت تلك الرواية و انا في حالة توتر شديد و اتمني فقط أن انشرها بسرعة.. "طيب إيه هاروح بكرا دار النشر؟!" سألتها في قلق.. "لأ يابنتي لازم تبصي علي الرواية الأول و تقرأيها كمان عشان لو الناشر سألك علي حاجة تعرفي تردي عليه" قالت بسرعة و بثقة واضحة في نبرة صوتها.. "هففف و افرض حتي شافها معايا و انا ببص فيها؟!!" سألتها فوراً في هلع.. "يا سلمي اهدي مش هيحصل أي حاجة من ال انتي بتقوليه ده.. بكرا خليكي في اوضتك و اقرأيها لحد ما تخلص و محدش هياخد باله متقلقيش" قالت مجدداً بنبرة واثقة جداً لتجعلني ارتاح و آخذ نفسي.. "بجد مش عارفة من غيرك كنت عملت إيه" قلت لها بإمتنان و ابتسامة علي وجهي.. "عشان تعرفي قيمتي بس" أجابت بتفاخر.. "بس برضو انتي كمان عملالي جو كدة في حياتي.. ساسبنس و كدة يعني" أكملت و هي تقهقه مما جعلني اقهقه معها..
تحدثت معها لمدة من الوقت في مواضيع شتي قبل أن أغلق معها الهاتف حتي اقرأ تلك الرواية.. نهضت من علي فراشي و اتجهت إلى خزانة ملابسي لأفتحها و أخرج تلك الرواية منها.. و لكن فور أن مسكتها شعرت بالتوتر و قليل من الخوف.. لا أعلم لماذا.. هل لا ينبغي علي أن أفعل ذلك ؟! هل ينبغي علي أن أتوقف الآن و ارجع تلك الراوية إلي مكانها ؟! و لكن لماذا ستوقف من الأساس ؟! هل هي توقفت عندما لاحظت قلة اهتمام والداي بي ؟! أو حتي عندما ابتعدنا عن بعض و خربت علاقتنا ؟! لا بالعكس لم تتوقف بل تجاهلت كل ما يحدث و استمرت في لعب دور الفتاة المطيعة.. و انا الآن سأتجاهل أي شئ يوقفني عما أريد فعله أيضاً.. حتي لو علم والداي بالأمر.. علي الأقل سوف أحظي بإهتمامهما مرة أخرى.. وإن لم يعلموا فسيصبحوا فخورين بي كما قالت مريم لي منذ قليل.. لذا فليس هناك أي شئ يجعلني أتوقف.
عدت مجدداً إلى فراشي و معي تلك الرواية في يدي ثم فتحتها و بدأت اقرأ ما كتبته ابنة عمي العزيزة...*************
أشعة الشمس داعبت وجهي بخفة مما جعلني ابدأ في فتح جفوني ببطء.. ثم ارتسمت ابتسامة علي وجهي عندما تذكرت ما حدث مع يوسف بالأمس.. فقد نمت فعلا في الطريق و عندما وصلنا حاول كثيراً أن يجعلني افيق و لكني كنت متعبة بشدة إلى أن قام بتشغيل اغنية بصوت عال ففتحت عيوني في فزع و عندها بدأت نوبة ضحك الأستاذ يوسف.. لو كنت في وعيي كنت سأضربه بأي شئ أمامي و لكن من حسن حظه إنني كنت مرهقة بشدة.
و أتضح أن يوسف لديه جانب مجنون أيضا.. و اعلم إنه مع الوقت ستظهر كل جوانبه.. فقط يحتاج القليل من الوقت و الصبر مني...
نهضت من علي فراشي و انا أشعر بكثير من النشاط ثم خرجت من غرفتي.. وجدت عمي جالس في غرفة الجلوس و أمامه تجلس هالة، يشربان معا الشاي و يتابعان نشرة الأخبار.. كان مظهرها جميل للغاية مما جعل ابتسامتي تنمو.
"صباح الخير" قلت لهما و انا أتوجه إليهما و أقبل كلا منهما.. "صباح النور" أجاب كلا منهما.. "إيه سبب الروقان ده ؟" سأل عمي و هو يغمز بعنينه.. "بس يا ياسر قول الله و اكبر" قالت له هالة بعتاب و هي تضربه بخفة.. "متخفيش مبحسدهاش والله" قال عمي و هو يرفع يديه في استسلام و انا قهقهت علي مظهره.. "بس خلاص صلوا علي النبي" قلت لهم و انا اقهقه.. والنبي يا هالة حضرليلي أي حاجة آكلها بسرعة قبل ما انزل" أكملت و انا انظر إلي هالة.. "لين بتطلب تاكل من نفسها" اجابتني و هي تتحدث في دهشة.. "انا قلت فيها حاجة و انتي مصدقتنيش" اجابها عمي مما جعلني اضرب جبهتي في قلة حيلة.. "هو ده بقي ال كنت شايلة همه" قلت لهما بصراحة.. "خلاص خلاص هقوم احضرلك حاجة لحد ما تخدي دش كدة و تفوقي" قالت هالة بسرعة و هي تنهض متجهة إلى المطبخ.. قهقهت قليلا قبل أن أتوجه إلي الحمام و بعد أن قضيت حاجتي و أخذت حمام دافئ خرجت لأجد هالة أعدت لي وليمة و ليس فطور طبيعي.
"ايه يا هالة كل ده ؟!" قلت بدهشة و انا انظر إلى ما اعددته من أجلي.. فول و بيض و العديد من أنواع الجبن و كوب شاي باللبن بالإضافة إلي المربة و القشطة.. "هو انتي بتطلبي تاكلي كل يوم ؟" سألت في لوم.. "اممم واضح إنك كنتي مستنية اليوم ده من زمان" قلت مازحة.. "يالا يا عمو لم الجيران عشان يفطروا معانا" أكملت بسخرية.. "بس يا بت بطلي غلبة و كلي" عنفتني هالة و لكن بمزاح و هي تدفعني لأجلس و أتناول.. و انا لم يكن بيدي شئ، فقد جلست و تناولت إلي أن شعرت إنني اختنق من الطعام.. واضح إننى لم آكل منذ وقت طويل.
"بالهنا و الشفا" قالت هالة و هي تأخذ الأطباق إلى المطبخ و انا كنت اساعدها في ذلك بينما أمسك بطني من كثرة الأكل.. "شفا ربنا يستر مروحش المستشفي اقعد مع العيانين" قلت لها.. "بس يا بت كل ده عشان كلتي كام لقمة" قالت و هي تعاتبني علي ما قلته.. "كااام لقمة.. دانا كلت بتاع الف لقمة" اجبتها و انا أضع يدي علي معدتي.. "خلاص يا ستي معلش هتنزلي دلوقتي و تشتغلي و كله هيتهضم" أجابتني.. "يالهوي هتأخر علي المستشفي !!" قلت في هلع ثم ركضت إلى غرفتي بسرعة حتي أبدل ملابسي و سمعت قهقهة هالة من خلفي.
انتهيت من تبديل ملابسي ثم أخذت حقيبتي و توجهت إلى الخارج ثم ودعت عمي و هالة في سرعة قبل أن أخرج من الشقة.
أنت تقرأ
برنامج بدون موضوع
Non-Fictionالماضي.... شئ ملازم لنا في كل حين و وقت، لا نستطيع أن نتخلص منه بسهولة و خاصة إذا كان يذكرنا بشخص فقدناه أو خطأ ارتكبناه أو حتي تجربة مأساوية من تجارب الحياة... وللأسف ليس لدينا أي حل سوي المضي قدماً في محاولة لنسيانه و لكن تكمن مشكلة أخري في الطريق...