نظرت إلي بحسرة ، كانت صورتي تنعكس داخل عينيها الحزينتين ، تنهدت بأسى و كأنها يئست من الحياة كلها ثم نطقت أخيرا و هي تشيح ببصرها بعيدا
" ثم ماذا بعد ؟ "
" ماذا بعد ؟ مالذي تقصدينه تحديدا ؟ " أجبتها باستغراب
نظرت إلي بتجهم و قالت بعينين يملؤهما السواد
" أهذه حياتك ؟ أهذا كل الذي حلمتي به ؟ أطفال و تربية ، شغل البيت الذي لا ينتهي و الذي يأكل صحتك دون رحمة ، و ذلك الزوج المتكاسل و أوامره البليدة ، أكل و شرب ، غسيل و كي ، تغيير حفضات ، ثم مذا بعد ؟ هنا تنتهي حياتك لا شيء جديد ، لا تطور ، روتين يتكرر عليك يقتلك دون أن تشعري به ، وجهك صار شاحب اللون، الهالات السوداء هي ما تبقى لك من زينة ، حتى زوجك المدلل لا يعرف كيف يضحكك رغم ان الضحك كان أفظل صفاتك ، نكته ساذجة و حديثه مملل إعترفي بذلك فهو لا يجد سوى عزلك عن العالم، إبعادك عن الأماكن التي تحبينها ، ما عدت تملكين الحرية في الخروج أو النوم متى شئتي و مشاهدة التلفاز و برامجك المفضلة ، ماذا عن محل البوضة المفضل لديك منذ متى لم تذهبي إليه ؟ منذ أن تزوجتي أليس كذلك ، إذا أجيبيني ، ماذا بعد ؟ تربين أطفال ليربو أطفال بدورهم أهذه هي حياتك التي حلمتي بها ، تجعلينني أشعر بالإحباط كلما رأيت وجهك البائس، يا للسخرية "
تركتها تهدء بعد أن أفصحت عن مكنونها شعرت في نظراتها الموجهة نحوي الغضب ممزوجا بالندم ، ربما ما كان عليها التحلي بهذه الوقاحة و صب هذا ألكم الهائل من العتاب دفعة واحدة
" صحيح " أجبتها أخيرا " صحيح انا أشتاق لأيام العزوبية ، إلى صديقاتي و مواعيدنا الجميلة ، الضحك معهن و عيش مغامرات لا تنسى ، أشتاق إلى نكت إخوتي و الحديث مع أمي كل يوم و كل لحظة ، أتخيل نفسي ذوا مكانة مرموقة في المجتمع صاحبة عمل يذر بالكثير ، سيارة و رحلات نحو بقاع العالم ، لكن عندما أقران نفسي بسلوى التي لم تتزوج بعد و قد تجاوزت الأربعين تفكر في مستقبلها المجهول و تندب حظها رغم أنها من رفضت الكثيرين و هي تبحث عن الرجل الثري ، يتقطع قلبي ، عندما أتذكر فتحية عشر سنوات و لم ترزق بعد بمولود ، و أبكي حرقة على وداد من لديها أطفال مرضى تحارب كل يوم من أجلهم ، تلك ابتسام التي لم تسعد مع زوجها الذي يعاملها معاملة سيئة و أغلب المتزوجات في مشاكل عويصة مع الحماوات و أخريات لا يملكن منزل يحتمين تحته ، حينها أحمد الله من صميم قلبي الذي إختار لي أفظل مما قد أختاره لنفسي ، الحمد لله و الشكرلله على هذه الحياة التي منحني إياها ، سقف يأويني و زوج متفهم و أولاد أصحاء فلا أريد بعدها شيء سوى رضا ربي و الجنة ."
أشرق وجهها فجأة و ضحكت بسعادة حتى أغمضت عينيها من الفرح ثم قالت :
" كنت أعلم أنك قوية و ستتغلبين على هذا الوسواس ، عيشي حياتك و اهتمي بأسرتك و لا تبالي بكلام الناس " .
" ماذا تفعلين ؟ أتحدثين نفسك أمام المرآة مجددا "
إلتفت نحو وجه زوجي البشوش الذي يختلس النظر إلي من خلف الباب
" هذا دليل على النضج و الذكاء "
" بل دليل على الجنون " قال ممازحا و هو يتقدم نحوي ليضع أمامي علبة من الشكلاطة و هو يقول :
"أعلم أن يومك كان متعبا لهذا تناوليها إنها المفضلة لديك ستريح نفسيتك "
إتسعت إبتسامتي، هو حقاً يعرف متى يسعدني و لو بأشياء بسيطة ، من كان ليفعل لي هذا في السابق ؟ أليس كذلك . غمزت لنفسي في المرآة و سارعت بفتح العلبة و أكل الشكلاطة قبل أن يكتشفها أولادي و يقضوا عليها ؛).
أنت تقرأ
همسات من خيالي
Chick-Litو لأنك ستحتاج للحظة مع نفسك و لأن هنالك صمتا أقوى من الكلمات و لأنني سأمنحك بصيصا من المشاعر لتواصل نهارك الطويل في هذه الحياة ربما بعض الهمسات ربما بعض القصص مصحوبة بالنغمات خواطر من القلب إلى قلبك ملاحظة : كل ما هو موجود من نسج الخيال و لا أ...