رحل "شيز" من يومين بعد ان تحولت لحظات السعادة بينه وبين "آني ويلز " الى كارثة . فجأة جمع ملابسه . ثم ركب سيارته "البيك آب" العتيقة ماركة "فورد" التى تستخدم في المزارع في اداء كافة المها من نقل المسافرين الى حمل العلف والمؤونة . الى مطاردة اللصوص . لم يقل لها الى اين هو ذاهب ولا حتى إن كان سيعود .
احست "آني" بالذنب الشديد لدرجة انها لم تستطع ان تقول أي كلمة لتمنعه من الرحيل . لقد خدعته وهذا امر لايمكن ان تنكره وكيف تنكره والدليل واضح لايقبل الشك . ولكنها خدعته دون مكر او سوء نية انها زوجته فعلا ورسميا وهي تتحرق شوقا لأن تمارس حقها كزوجة , وتحس أيضا بانه يرغب في ذلك بكل جوارحه ولدرجة يجب أن تجعله لا يعير أي انتباه لمسألة عذريتها . لقد كانت تتوقع ان يشعر الرجل بالفخر . لان المرأة انتظرته طوال حياتها لتهبه نفسها دون غيره وفي هذا الزمن الذى انتشرت فيه الحرية العاطفية بدرجة شديدة , واصبحت العلاقات بين الرجال والنساء في "امريكا" و "اوروبا" سهلة ومتاحة مثل الماء والهواء ولكن يبدو ان "شيز" ليس من النوع الذى يقدر للمرأة احتفاظها بفضليتها والا تهب نفسها الا لزوجها .
احست "آني" برطوبة انف الكلب "شادو" على خدها وضغطت يدها على ظهر الكلب الجالس بجوارها . لقد اصبح "شادو" امين سرها الوحيد الذى تبثه لواعج قلبها وروحها . كانت لاتجد غضاضة في أن تحدثه وقد رأت الوطنيين في "كوستاريكا" يفعلون ذلك دائما . بل لقد صارحت الكلب بأدق اسرارها واحلامها . خاصة الحلم الذى لم تكن تجرؤ على ان تفكر فيه لاستحالة تحقيقه وهو ان ينتهى "شيز" الى الاقتناع بأنه مرتبط بها ولايستطيع الفكاك من هذه الرابطة العاطفية الشديدة .
سألت الكب وهي تداعب طوقه :
- ما رأيك يا"شادو" ؟ هل اعتبر قضيتي خاسرة ؟
حدجها "شادو" بإحدي نظراته المليئة بالحزن والشجن والتى كان يتمتع بها دون غيره من الكلاب , بل نادرا ما كان يتمتع بها بعض الرجال مثل "شيز" , رأت "آني" في تلك النظرات الحزينة ما يؤكد ظنونها . بل إنها كانت تعرف من قبل ان القضية خاسرة . إن "شيز" يريد ان يخرجها من حياته . ان كل ما فعلته من اجل ان تجعله يقترب منها أدي الى ان يبتعد عنها .
لم تكن "آني ويلز " من النوع الذى خلق ليعترف بالهزيمة . وفكرت في كل الاهوال التى واجهتها في "كوستاريكا".
هل حانت ساعة استسلامها . نهضت وهي فريسة للحزن وجمعت أشياءها التى احضرتها معها وهي تتساءل ما الذى يمكن ان تفعله لو رحلت عن هذا المنزل والرجل .
القت نظرة اخيرة على المطبخ وفكرت في الطريقة التى عبر فيها "شيز" لها عن عواطفه , فقد تعرفت في عينيه على العاطفة والحنان .
قالت معلقة بصوت مرتفع :
- إن تصرفاته لايمكن ان تكون تصرفات رجل غير مبال .
ولكن بعد لحظات فهمت معني الكلمات التى نطقتها . انه ليس غير مهتم بل العكس هو الصحيح . ولكنه يصارع عواطفه وإن كانت ردود أفعاله شديدة العمق والتركيز فهي تدل على عمق عواطفه وانه متمسك فعلا بها .
ولكنها عادت وتراجعت في الحال . لا . لا ..انها تشعر بالقلق من العاصفة التى انطلقت من داخلها . ان ما تفكر فيه امر مثير للسخرية . انها تظن ان رغباتها هي حقائق واقعية .
حاولت ان تعيد بعض الترتيب الى افكارها ولكنها كانت في حالة من الاثارة لدرجة جعلتها تعتبر كل دلائل رغباته ورغباتها الخاصة إنما هي تاكيد حلمها المجنون . إن "شيز" يحبها ويريدها . بدأت الامور تبدو اكثر وضوحا . ان سلوك "شيز" الغريب والشاذ وغير المألوف والمتطرف اصبح مفهوما على ضوء الهامها وفلسفتها للأمور . ربما ايضا هرب لانه كان يخشى عنف عواطفه .. يا إلهي ! هل هذا ممكن ؟ هل يمكن ان يكون قد وقع صريع حبها ؟ هل يمكن ان يكون "شيز بودين " عاشقا ؟
فجأة فكرت في يأس . ان هذا سيحدث لو استطاعت الابقار تسلق الاشجار . ولكن الامل استعاد مكانه عندها في الحال . تساءلت أليس من المحتمل ان يكون مسلكه العنيف دليلا على مدى ارتباطه بها , وانه اتخذه ليخفى ذلك ؟ ثم أليس من المحتمل ان تكون تقلباته المزاجية وعنفه وقسوته انعكاسا لعنف الصراع الدائر بداخله ؟
لو كان الامر صحيحا ولو أن مسلكه البغيض هو أعراض لعواطفه الحقيقية ؟ فلابد ان الرجل عاشق حقا .. قليلا لا .. بل كثيرا بل لدرجة الجنون نفسه .
لو كانت على حق وان كل خلية في جسدها تقول لها : إنها غير مخطئة في ظنها , فلم يبق امامها الان سوى ان تعثر على طريقة تجعل "شيز" يفهم ذلك . لابد ان تساعده على الاعتراف بما بدأت تراه واضحا .
# # #
جلس "شيز" في المشرب , وقد كز على فكيه , واصبح وجهه جامدا كالخشب . طلب شرابا مقويا مضاعفا . واشار الى الساقي لكي يدعه في حاله .
جاءت ساقية ذات شعر أسود فاحم وانزلقت لتجلس بجواره وقد اسندت ذقنها على راحة يدها وقد بدا عليها ما يشبه الابتسامة وان كانت تنقصها الصدق .
نظر اليها "شيز" ولكنه لم يقل شيئا يشجعها على مواصلة الحديث والسمر . لقد حضر الى هذا المكان هربا من النساء ومن تدخلهن فيما لايعنيهن . احتسى كأسه مرة واحدة .
النساء ! إنهن يأخذن سيارات الرجال ليملأن البيوت بالزخرفة الكاذبة . انهن يتدخلن في خصوصيات الرجال ويسببن المتاعب لأنفسهن ويسرقن حب كلابهن لهن . وفوق ذلك هن غير قادرات على ترك الامور على ما هي عليه . انهن لابد ان يلمسن كل شئ ويقلبن التوازن الطبيعى للامور . قال موجها الحديث الى الساقية :
- ان النساء على وشك ان يخلقن فصيلة مهددة بالانقراض ..الرجال.
- ارجو المعذرة . لست أفهم ماذا تعنى ؟
ظل "شيز" مثبتا نظرات على كأسه , همهمت الساقية :
- هل رأيت هذا ؟
استدار نحوها ليلقى نظرة ليست بدافع الفضول وانما بغرض أن يلزمها الصمت رأي نصف دستة من رعاة البقر من المنطقة يحيطون بشاب لم تنبت له لحية . ووجهه ملطخ وفمه ملئ بالتبغ الممضوغ .
سأله واحد من مسببي الشغب والعراك :
- هيا يا صغير . هل أنت واثق بانك كبير بدرجة تسمح لك بوضع قدميك في هذا المشرب ؟
هز الشاب رأسه علامة الايجاب , ثم بصق على الارض بطريقة متعالية جعلت الهمس يسري بين رواد المقهي .
- هيا يا صغير .. ألا تريد أن تبدأ ؟
قام الصبي بالبصق الى مسافة ابعد نالت استحسان الجمهور . وقد احدث ضجة مقززة . اقترح احدهم ان يقدم له جعة او مشروبا مقويا .
اقتربت الساقية من دائرة رعاة البقر قالت وهي تحدج الشاب بإمعان:
- أراهن انك تستطيع ان تفعل احسن . أليس كذلك يا راعي البقر؟
ابتلع الصبى ريقه بصعوبة وشحب وجهه . سأله احد الرجال فإن من الواضح انه سائق شاحنة نقل الماشية :
- ألم تسمع الآنسة ؟ ألم يعلموك الادب ؟ لقد طلبت منك ان تعيد الكرة .
قاطعه رجل آخر :
- افسحوا لي الطريق .. اراهن اننى استطيع ان افعل احسن منه . هيا اطردوه للخارج !
ضاقت الدائرة حول الصبي عندما صاح احدهم من اقصى المشرب:
- اسمعوا ايها الرجال . قبل ان تنفذوا اسألوه أولا إن كان صبيا ام فتاة .
لايمكن ان يتصور الانسان ان هناك إهانة اسوأ من ذلك . فكر "شيز" انه سيحظي برؤية شجار ضخم ومثير .. كان قد بدأ ينتبه الى ما يحدث من الغريب ان الصبي كان يذكره بشئ ما . وكلما امعن في تأمله ساده اعتقاد بأنه سبق أن رأه . استند "شيز" على مائدة البوفيه وقد بدا نافد الصبر ومتلهفا لمعرفة ماذا سيفعل الصبي ليخرج من هذا المأزق السيئ .
بصق الصبي بقوة ونشاط شديدين وكأنه يطلق صاروخا . المزعج انه وجد عقبة في طريقه . راعي بقر من المزرعة المجاورة قال الرجل وهو يمسك به من سترته من الخلف . بينما مد رجل آخر يده نحو سلاحه , ولكنه ما إن تحرك حتى سمعت لطمة صامتة . وانزلقت المدية من بين اصابعه . استدار كل الزبائن كرجل واحد نحو "شيز بودين" الذى كان يعيد سوطه الى مكانه دون أن يطرف له رمش .
قال موجها الحديث الى رعاة البقر :
- لقد تمت تسوية الامر . والآن عندي كلمتان اقولهما لهذا المعتوه .
سأل احد رعاة البقر وقد بدا عليه الغضب وسيجاره بين شفتيه :
- وما شأنك انت لتتدخل ؟
طرقع سوط "شيز" ثانية وقطع السيجار من على بعد سنتيمتر من شفتى راعي البقر وقال :
- لدي حساب اريد تصفيته مع هذا الصبي هل لديك مانع ؟
ساد الصمت التام بين الجميع . طرقع سوط "شيز" مرة اخيرة واحاطه بوسط الصبي ثم جذبه نحوه دون أي صعوبة . وقال له بصوت منخفض :
- أتعشم أن يكون لديك سبب وجيه لتقديم هذه النمرة الاستعراضية يا صغير ! لأنها لا تعجبني على الاطلاق .
مسح "شيز" القاعة بعينيه وهو يحسب عدد الفرص المتاحة للخروج من المشرب دون ان يتسبب في انفجار فوضى عارمة .
قال احد رعاة البقر اخيرا :
- اقسم اننى سبق ان رأيته . إذا كان هذا الصبي رجلا فإننى أريد إذن ان اكون ملكة "سبأ"
قال "شيز" لـ "آني" :
- هيا بنا .. سنرحل . افضل ان نترك هذا المكان قبل ان يحاول هؤلاء المتوحشون ان يحولوك الى مسخة يلهون بها.
أحبت "آني" بالتأكيد ان تنفذ اوامره حرفيا , لاشك ان الضيق بلغ به حدا يجعله على استعداد لخنقها بيديه العاريتين , ولكن همه الوحيد في تلك اللحظة هو دون شك الخروج من هذا المأزق السخيف .
ظل "شيز" صامتا ولم يقرر ان يفتح فمه إلا بعد ان غادرا البلدة .
قال لها بصوت بارد كالثلج :
- إنني احس بفضول ان اعرف لماذا فعلت هذا وما الذى دفعك لان تبحثى عنى في هذا الجحر ؟
كان من الواضح ان اللحظة ليست مناسبة لان تقول له انها تتفهم تقلباته المزاجية وسلوكه المبالغ فيه والغريب . وانه مجنون بحبها وقد فضلت ان تقدم له اسبابا اخرى وان فهمت انها حقيقة وهي تخترعها .
- لقد قلقت عليك .. واردت ان اطلب منك ان تسامحني لاننى جعلتك تعتقد اننى سبق ان مارسنا حياتنا الزوجية الطبيعية .
قال لها بصوت حاد وقاطع وهو يحدجها :
- كفي !
كان "شيز" يتلهف لان يطرح عليها اسئلة . وان يسألها من اين واتتها الشجاعة لكي تفعل مثل تلك الاشياء . ومن علمها الخداع والتنكر ؟ والذى كان يريد ان يعرفه قبل أي شئ هو كيف امكنها ان تسبب له كل هذا الخوف ؟ انها جعلته يكفر عن كل الخطايا التي سبق له ان ارتكبها , انها تطلب عفوه ! كم سيكون ممتعا لو شاهدها تزحف على ركبتيها طالبة العفو منه ولكن عليه ان يحذر ! فإنها لا تكف عن اختراع الحكايات .
تحملت "آني" صمته في ألم شديد . وترددت في استئناف الحديث . ولكنها تتحرق شوقا لمعرفة ماذا يدور في رأسه ؟ هل يخطط للانتقام منها ؟ ان ثورة غضبه تذكرها بخطب ومواعظ الاخت "ماريا أنوسينتا" كبيرة الراهبات في الدير في "كوستاريكا" حول انكار الذات وكبح الشهوات والتوبة .
كانت "آنى " تجد صعوبة في فهم معنى كبح الشهوات في الممارسة الدينية . ولكنها بدأت تستشف ماذا يمكن ان يعنى كبح الشهوات في العلاقة بين الرجال والنساء ... يبدو أنه مكتوب عليهما هى و "شيز" ان يمرا بتجربة كبح الشهوات . قالت له أخيرا . وهى تتعمد ألا ترفع عينيها نحوه :
- ما الذى تدبره في رأسك ؟
- بالنسبة لموضوعك ؟ لست أدرى بعد . وطالما لم يستقر رأيى . فإننى افضل أن تمتنعى عن ان تقدمى لى اى اقتراحات او إيماءات ... إنني أتحرق شوقا لأن أحبسك مقيدة اليدين والقدمين في مخزن الغلال ، حتى أضعك في حالة تمنعك من مضايقتى ، وإحداث المتاعب الدائمة لى . انت لا تعرفين مدى شوقى لتحقيق ذلك .
قالت بصوت شبه مسموع :
- إنك لن تفعل شيئا من هذا ؟
كانت تعلم ان "شيز" يجدحها . وهى منكسة الرأس ، ولكن ذلك لم يعد يهمها فقد تعودت على ذلك كثيرا وهى في السجن ... إنها لن تجعله ينفذ تهديده . لن تسمح له بذلك أبدا .
عندما وجدت أخيرا الشجاعة للكلام أضافت بصوت مرتجف :
- إذا كنت قد سببت لك أذى فإن ذلك لسبب وجيه . أنا لم أرغب أبدا في أن أحرجك بل العكس هو الصحيح . لقد أردت ان أساعدك ، أردت فقط أن اضيف بعض البهجة على حياتك.
- إذن سأطلب منك معروفا يا آنسة ! أنسى هذا ! إن تعاستى في كل ما تفعلينه .
عندما لمحت "آنى" مدى وحشية نظرته لم تعد تشك في أنه سيحرقها حية ، بين لحظة وأخرى . أو ربما سينحرف بالسيارة لينتقلا معا إلى العالم الآخر .
أغمضت عينيها ، وأخذت تدعو السماء في سرها ، معجزة فقط هى القادرة على إنقاذها . لم يسبق لـ "آنى" ان أحست بطول الرحلة مثلما تحس الآن .
أوقف "شيز" السيارة وقفز في الحال منها تاركا إياها على مقعدها . وهى تتأمل الموقف قررت أن تضع مسافة بينهما وأن تدع الأمور تهدأ . ولكن فيما بعد عندما وضعت قدميها على الآرض . وجدت مفاجأة عندما شاهدت دستة من الرجال فوق الجياد يتجهون نحو البيت تتقدمهم فرقة من كلاب الصيد .
أحدث جرى الجياد ضجة أخرجت "شيز" من منزله واتجه نحو السيارة "البيك آب" قال وهو يشير لـ "آنى" ان تظل في السيارة وأن تختفى قدر المستطاع .
- يبدو هذا وكأنه مطاردة لرجل .
أخذ بندقيته من فوق الأريكة الخلفية للسيارة "البيك آب" وانتظر.
صاح أحد الرجال :
- أمتط جوادك يا "شيز" . لقد هرب أحد المساجين .
سأل "شيز" المأمور الذى كان يتقدم العديد من رعاة البقر من المزارع المجاورة :
- ومن هو ؟
أجاب المأمور وهو يقفز بجواده إلى داخل تحويطة الخيل :
- إنه "جاك لابواز" .... من المستحيل معرفة كيف تمكن من ذلك . ولكنه عقد صداقة مع أحد مساعدى وهم يصحبونه للمحكمة .
قال "شيز" بصوت متهكم وهو يفكر في الوقت الذى طارده فيه ووضع القيود في يديه .
- لقد أدار الحظ ظهره لـ "جاك " . على ما يبدو لقد أيقن سارق الماشية من أنه لا أمل في إصلاحه فضلا عن غبائه . لم تكن هذه أول مرات هروبه .
سأل المأمور "
- هل لديك فكرة عن الوجهة التى أتجه إليها ؟
حك رجل القانون جبينه مفكرا :
- لقد تفقدنا آثاره في ضواحى "بيج وش" ومن الواضح أنه يتجه نحو الحدود ... لقد فكرنا أنك ربما تود أن تكون من رجالنا ما دمت أنت أول من قبض عليه .
لم يكن "شيز" يأمل أحسن من ذلك . إن رائحة الجياد الثائرة والجلد المغطى بالعرق تسحره . ولكن مطاردة الرجال عادة ما تستمر عدة أيام وهو لا يستطيع ان يترك "آنى" بمفردها كل تلك الفترة . وهو لا يتصور أيضا أن هذه الكارثة المتحركة وما يمكن أن تفعله وأمامها ايام طويلة .
قال للمأمور :
- أنا آسف .... ليس هذه المرة .... لدى أمور لابد أن أسويها .... ولكن كلابك يمكنها الاستغناء عنى وستنجح في المهمة بدونى .... ستحصل عليه .
قال الرجل وهو يشير لرجاله :
- كما تحب . ولكن هذا سيئ بالنسبة لك .
ابتعد الفريق أمام نظرات "شيز" ... كم كان يجب أن يكون من ضمنهم ولكن هناك أمرا آخر يزعجه وبقض مضجعه . إنه لا يستطيع أن يكف عن التفكير أن هناك خطأ ما في خطتهم الاستراتيجية ... إنهم يتبعون طريقا خطأ .
كانت "آنى" تنتظر في السيارة حتى تبتعد ضجة فرقة المطاردة ثم برزت برأسها وسألته :
- هل رحلوا ؟
اجابها "شيز" :
- لقد رحلوا من فترة . اخرجى !
ما إن همت بأن تتحرك حتى فتح باب السيارة ، ثم مد لها يده ليساعدها على الهبوط منها ، ولكن من مظهره الشارد شعرت بأنه بعيد يفكر في مكان آخر .
سألته :
- ماذا هناك ؟
- لست أدرى كثيرا .... لدى إحساس بأن "جاك لابواز" قد خدعهم . في آخر مرة حاصرته فيها وقبضت عليه كان مختبئا في بئر منجم قديم ومهجور . ولدى شعور بأنه عاد إليه ثانية .
- وماذا سيفعل بذهابه إلى هناك ؟
- أريد حقا ان أعرف ذلك . ولكن ذلك ليس سوى شك مبهم ... ما لم يكن قد دفن فيه شيئا ما .
قالت "آنى" :
- إن الأحاسيس الداخلية لها أهمية . ربما كان من الأفضل لو ذهبت إلى هناك لتلقى نظرة .
- وأتركك هنا ؟ بمفردك تماما ؟ لا تفكرى في ذلك يا آنسة !
أحست "آنى" بشبه ارتياح من لهجة الحنان التى في كلامه .... حنان ربما كانت الكلمة وصفا مبالغا فيه ، ولكن على الأقل فإن نبرة الغضب اختفت من صوته . قالت له في لهجة تحد وإثارة :
- إذا كان يزعجك حقا ان تتركنى بمفردى ، فليس أمامك سوى أن تصحبنى معك .
عندما حدجها "شيز" في غيظ سارعت بأن أضافت في لهجة مصالحة :
- ولكن هذا فقط إذا كنت تظن أنه من المهم تسليم "جاك لابواز" لأيدى العدالة .
نظر إليها في ارتياب وقال :
- أصحبك معى ؟
- إنني لن أتدخل في شئ .... وهذا أمر طبيعى تقتضيه الحاجة . أنا لن أقول أى كلمة إذا كان هذا يسعدك .... ولا كلمة واحدة !
نزع "شيز" قبعة رعاة البقر العريضة وأخذ يمرر أصابعه في شعره وكأنه يجد صعوبة في اتخاذ القرار .
ثم تجهم وجهه واتجه نحو إسطبل الخيل
صاحت وراءه :
- ما الذى تفعله يا "شيز" ؟
- سأقوم بسرج الجياد ... خذى كيس من النوم من الحقيبة الخلفية للسيارة وما يكفى مؤونة لمدة يومين .
أغمضت "آنى" عينيها وأخذت تدعو السماء حمدا وشكرا ، وقالت بصوت منخفض :
- ها هى قد حدثت .... معجزتى !
أنت تقرأ
زواج بالقــوة ) للكاتبة فلورنس كامبل
Romantizmأطلقت "آنى" زفرة طويلة وقالت لـ "جونى" : - ولكن "شيز" لا يتذكرنى . ولا يتذكر ما حدث بيننا . . إنه يريد إلغاء الزواج . - وأنت لا تريدين ذلك . أليس كذلك ؟ قالت وقد زاد نشيجها وارتفع عويلها : - أنا أحبه . . أعتقد أن هذا واضح . . أليس كذلك ؟ - بلى هذا و...