"١"
إسمي " سارة " أنتقلتُ مُنذ فترة إلى مسكن جديد بعد وفاة والدي ، فمنذ موته إلا إنني لم أهدر دمعة واحده لأجله ، كنت أكبت حُزني بداخلي ،وأقاوم ضعفي ، لأن هذا ليس بمقدورنا نحن البشر ،لايمكننا تحديد مصيرنا ،أو مصير الآخرين ، ولكن قدر الله وماشاء فعل ،ولكن هذا لايعني إنني لستُ حزينة عليه بل أنا مُتّ منذ وفاته ولستُ كما أنا ، احياناً مايٌخبرني الناس بأن أبكي وأصرخ وأن أفرغ طاقتي السلبية التي بداخلي ولكنني لاأريد أن استسلم لضعفي ،بحثت على منازل ولكنها كانت باهضه الثمن ،مللت من الآجار ودفع التكاليف كل نهاية الشهر ،عِوضاً عن تكاليف المياه والضوء ،أتصلت بمالك أحد المنازل الذي كان يعرض منزلاً للبيع منذ سنوات وبسعر اقل ،وطالبت برؤية المنزل ، فأخذت العنوان وذهبنا انا وزوجي إليه ، كان يبدو من الداخل مهجوراً ومضت عليه سنين طويله دون أن يُقيم فيه أحداً ، سعدتُ كثيراً لأنني سأستقر ،بعد فترة أشترينا المنزل وقمنا بنقل أغراضنا وقمنا بصاينته ،كما أغلقت بعض الغُرف لأنني لستُ بحاجتها ، كان المنزل بحاجه للأصلاح قليلاً ، فالجُدران مُتشققه والأنوار عاطله .
"٢"
ذات ليلة أتى إلي طفلي "يوسف" الذي يبلغ من العُمر خمس سنوات ، كان مذعوراً ويبكي ، قمت بأحتضانه وهو يُخبرني إنه رأى شيئاً في المطبخ ، كنت أظن إن أحد اخوته قام بأخافته فذهبت لأتفقدهم ،فوجدتهم يغطون في نوم عميق ،اخبرته إنه يحلم فقط ولكنه ظل يبكي بُكاءً حزيناً وكأنه يُخبرني بأن أبكي معه فأحتضنته حتى نام ،ومضت ليالي وهو يأتيني مذعوراً ويبكي ، قمت بتركيب كاميرات في المطبخ وغرفه المعيشة والحمام وزوايا المنزل،لأطمئن أكثر انتظرت إبني ليأتيني مرة أخرى ، ولكن سمعت شيئاً ما إنكسر داخل المطبخ ، سُرت في خطوات بطيئه وإذ بأبني يقف مُديراً لي ظهره أقتربت منه وقلت في تلعثم" عزيزي يوسف ماذا تفعل هنا " دار حولي وكان يرتعش من شدة الخوف والحُزن يبدو مُرتسماً على كامل وجهه، أشار بيده ورائي فصرتُ أحدق بذهول وأنا أرى شيءً كضباب أسود يقف وهو يقترب منّي ،شعرتُ ببروده بأطرافي وبأختناق شديد ، ذُعرت ورحت اصرخ بجنون وانا أنظر الى إبني وهو ينزف من فمه وذاك الشيء يضغط على انفاسي ،حتى شعرت بأن عروقي ستنفجر ،أستيقظت وأنا أصرخ وكان جسدي يتصبب عرقاً ، أستيقظ زوجي في ذهول وقال لي في فزع:
- " عزيزتي مابكِ"
كنت أحتاج الى الأوكسجين وكأن ماحدث لي ليس حُلماً !"٣"
أخذني زوجي الى صدره وطوق ذراعيه حول ظهري وهو يحاول تخفيف توتري :
-" حبيبتي ،هذا حُلم لاداعي للقلق ،سأحضر لك كوباً من الماء "
لكنني قمت مسرعه لأطمئن على "يوسف" فكان ينام في نوم عميق .
قمت بتفقد كاميرات المراقبة وهُنا كانت الصدمة ،كان كل شيء طبيعياً الا ان إبني "يوسف" لم يأتي إلي ولو لمرة واحده وهو يبكي، جلس بجانبي زوجي وهو ينظر الى الكاميرا ،لم أستطع النطق ولو بكلمه واحده ،فقد كُنت في موقف صعب ، اذكر أن ابني كان يأتيني وأنا ارآه ولكن كيف ؟
- " عزيزتي ”سارة“ مالذي تفعلينه ؟
- اللعنه ،أنا لاأُصدق هذا غير معقول !
- عمّا تتحدثين ،أهناك شيء ؟
- أنا لاأفهم هذا جنون .
- "توقفي رجاءً ،اخبريني بهدوء عما يحدث ".
وضعت مِلّ ثقتي فيه وأخبرته عن كل شيء ولكنه قابلني بالسُخرية ،وقال لي :
” ماهذا الهُراء ،إنها مجرد احلام يا " سارونتي" لاتدعي هذا الأمر يؤثر عليك ،إتفقنا “ .
اومأت بالموافقة ولكن كنت متأكدة إنه لم يكن حُلماً .