السادي
وقفت علي حافة سطح منزلها وشعرها البني يتطاير بفعل الرياح... عينيها العسلية استحالت للون الأحمر من كثرة البكاء وتشعر بألم في قلبها لا يطاق ولا يحتمل.. أخبرها شيطانها أن خطوة واحدة.. واحدة فقط وتنال الخلاص.. الخلاص من حياتها القذرة والخلاص من والدها الحقيرة... وأخيرا الخلاص من زوجها السادي المريض.. تأوهت بألم و شريط حياتها البائس يمر أمامها ببطئ ووضوح .. تذكرت والدها السكير الذي تخلي عن شرفه و أجبرها أن تعمل كراقصة في ملهي ليلي لتجلب له المال و زجاجات الخمر.. أي أب تمتلكه هي لطالما عرفت أن الأب هو السند والراعي لأطفاله ولكن والدها لم يكن السند لها بل رمي كل مشاكله علي اعتاقها وجعلها في مواجهة عالم بغيض وقاسي .. لم يرحم والدها توسلاتها ولم يبالي بنظرات الرجال النهمة والمشمئزة لجسدها شبه العاري فكل ما كان يهمه هو المال فقط.. شعرت بالرخص والمهانة وهي تتلقي نظرات نهمة جائعة تارة ومشمئزة راغبة تارة اخري.. لذلك استسلمت لقدرها نهائيا وأيقنت أنه لا يوجد لها أمل في حياة كريمة وأنها سوف تعيش في هذا الوحل القذر للأبد..
.. ولكن فجأة أتي ذلك الأمل في هيئة رجل وسيم وساحر وراقي. بإختصار كان فارس أحلامها وأميرها .. سحبها لعالمه السحري وببضعة زهور وكلمات غزل امتلك قلبها البرئ.. اشعرها أنها إنسانة ذات قيمة وليست رخيصة كما كانت تعتقد... غرقت في بحور عشقه شيئا فشيئا انجذبت إليه كالفراشة التي تنجذب لزهور الربيع ولكنها دون أن تدري احترقت بالسنة اللهب .. ثم توالت الأحداث بسرعة رهيبة.. تقدم لها هذا الأمير الساحر واخذها علي حصانه الأبيض وطار بها بعيدا ولكن يبدو أن حظها السئ سوف يلاحقها مدي الحياة... آمالها التي شيدتها بخصوص حياتها معه انهارت وتساوت بالأرض في ليلة زفافهما عندما علمت أنه سادي مريض لديه رغبات شاذة وعجيبة .. ما زالت تذكر ليلة زفافها وكيف عاملها كجارية لديه ومارس علي جسدها طقوس شذوذه... أصبحت كحيوانة الاليف.. كان يشتمها بأفظع الألفاظ ويضربها لدرجة أنه قد كسر يدها مره... وساقها المرة الثانية.. ارتفع صوت شهقاتها .. كانت مثل الدمية في يديه يحركها كما يشاء .. يفرض عليها كيف تأكل والملابس التي يجب أن ترتديها.. كيف تتحدث وإن حدث وأخطأت خطأ بسيط يعاقبها بأكثر الطرق الوحشية لدرجة البارحة عندما لم تستطيع أن تطهو له قام بضربها بحزامه الجلدي لدرجة أنها فقدت الوعي من شدة ضربه... عندها قررت أن تهرب منه فهو قد يقتلها في يوم من الأيام في فورة غضبه .. لذلك خططت أن تهرب من المنزل بعد أن يذهب إلي عمله ولم تجد أحد تلجأ له إلا والدها.. ولكنه هو أيضا تخلي عنها وطردها من المنزل خوفا من زوجها الظالم والمريض .. ثم وجدت نفسها هنا فجأة علي حافة سطح منزل زوجها وقررت فجأة أن تنهي تلك الحياة البائسة..فقط خطوة واحدة وسترتاح تقدمت أكثر ولكن يد قوية جذبتها لتجد نفسها بين احضانه نظرت الي عينيه وتبينت الهلع فيهما.. لا يصدق أنه اوصلها لهذة الدرجة من اليأس... هل اوصلها لدرجة انها تفضل الموت علي ان تعيش معه.. هو يعترف أنه جذبها لظلام حياته متعمدا.. ولكن هو يحبها لذلك تعمد جذبها إلي حياته المظلمة.. لأنه كان خائف من العيش في الظلام بمفرده .. أرادها معه في الظلام.. علي رغم خوفه من الظلام إلا أن خوفه من النور أعظم.. ولكنه لم يتوقع في أسوء حالاته أنها ستلجأ إلي الانتحار لكي تتخلص منه.. هل تفضل الموت عليه؟ .. هل هو بهذا السوء؟ ... نظر إلي عينيها العسلية ليخوض معها حوار طويل حوار يعبر فيه عن أسفه وندمه وحبه.. نعم حبه لها.. فهي مالكة قلبه التي حاولت اخراجه إلي النور ليقتلها هو بالظلام... لم يستطع منع لسانه من الاسترسال في قص طفولته المشوهة عليها.. هو يريد التحرر من ظلامه.. يريد تجميل حياته المشوهة ... تأهبت حواسها وهو يقص لها السبب الحقيقي لمرضه.. وهذه كانت الكارثة فزوجها قد تعرض للتحرش والإعتداء منذ صغره ومن من؟ من زوجة والده... تلك الشيطانة!!! .. وضعت يديها علي فاها وهي تفكر أن يوجد من عاش حياة بائسة أكثر من حياتها.. كيف يمكن أن يفعل شخص هذا بطفل صغير؟ هل اختفت الرحمة من الكون؟ وهي التي كانت تفكر بالإنتحار منذ قليل.. ضمته بقوة وهي تردد بداخلها "لن اتركك.. سنتجاوز ذلك معا.. سنجد سعادتنا معا ".....كانا يقفان أمام مبني ما يحمل لافتة إعلان ضخمة لطبيب نفسي مشهور.. نظرت إليه لتلمح التردد في عينيه هي تعرف كبرياء الرجال .. شدت علي كفه بقوة وهي تطمئنه وتبث فيه الشجاعة ولكنه سحب يديه وازدرد ريقه بتوتر.. هذا صعب عليه.. لا يمكن أن يفعل ذلك حتي ولو من أجلها هي.. سوف يعرض نفسه للسخرية.. ولكن إن حدث وشفي من مرضه ألن تكون حياته أفضل.. سوف يعيش سعيدا مع حبه الحقيقي وسوف يشعر بنعمة الأبوة معها هي.. هل سيظل في الظلام كثيرا؟ .. عندما تغلفنا الحياة بظلامها يتسرب شعاع ضئيل من الضوء ليعطينا الأمل ويرشدنا إلي النور كثيرا منا يتجاهل هذا البصيص من الأمل وينهار لاعنا تلك الحياة الظالمة.. نتصرف بحماقة ونتحجج أن الحياة ظالمة.. ولكن هو ليس أحمق.. يعرف أن الله هو العدل.. هو يري ذلك النور جيدا ولن يتجاهله.. هي.. هي ذلك الشعاع الضئيل من النور سوف يسير صوبها حتي يخرجان معا إلي النور..الآن سوف يخرج لتغلفه شمس السعادة بنورها وتعطيه الطاقة لكي يكمل ويعيش ويحارب من أجله ومن أجل حبه... ابتسم ونظر إلي اللافتة بتصميم وشد علي كفها وابتسم .. ربما الآن كل شئ سوف يكون بخير.. ربما يوجد أمل.. ربما سوف يتخلص الان من اشباح ماضيه وهي سوف تكون بجانبه.. زوجته وحب حياته.. وامله في الحياة ابتسم وهو يتذكر أن الحياة لا تخلو من الأمل فالحياة قد اعطته الأمل علي هيئتها هي..
تمت
ناوية أعملها رواية رأيكم 😊
أنت تقرأ
سادي
Romanceتتكلم عن فتاة سيئة الحظ اجبرها والدها علي العمل كراقصة في ملهي ليلي لتقابل فجاة رجل احلامها وتقع في حبه ثم تتزوجه لتكتشف انه سادي مريض لديه ماضي مظلم