نظراته اخترقتني، كما يخترق الرصاص الزجاج.
بسهولة و لكن بأكبر ضرر ممكن.
ليّ و لحواليَّ.
بالنسبة ليّ، كانت تلك النظرات التي شُعرت كالليزر الموجه تجاهي.. استطيع أن اشعر بها و لكن لن التفت خوفاً من مصدرها.. تلك العيون العسلية حركت فيّ جبال و انهار ما كنت اعلم بوجودها بداخل جسدي الصحراوي الذابل يوماً، و ما كنت مستعدة بعد لأن اسمح لزلزال جديد ان يتحرك بداخلي. ليس بعد.
للذين كانوا حواليَّ، الضرر كان فوضويّ و اثره كان سينعكس عليّ ما ان يحتاط الجميع لما هو حولهم من زجاج مهشم. فَهُم لا يزالون في صدمة الاختراق تلك التي جمدتهم للوقت الحالي.
جيّد، اذن لازلت املك فرصة لأن اتهرب من ردة فعل غيري على الرغم من أن الضرر قد تم. و قد استقرتا الرصاصتان في قعر قلبي.
ولكن، قد تكون مشيتي الدالة على سعيي لأن اختفي، و عرجي الواضح اثر الاصابة ما فضحا تستري فانزاحت الستارة و ظهر لكل من يهمه الامر و من لا يهمه الامر الحقيقة التي كانوا يتوقان اليها منذ ما يقارب الأزل.
و ما ان توقفت حركة رجليّ بسبب انكشاف غطائي حتى تمرد كل ما بداخلي و سقطت بوابات الارادة التي منعتني من ان التفت.. ما سميّ بكبريائي خانني و هرب لأن يختبئ في اسوأ مكان يمكن ان يختبئ فيه كبرياء؛ قلبي.
بهمسة، نزع كبريائي الأصفاد التي اعتقل بها عقلي و سلّم المفتاح لقلبي الذي اختبأ فيه.
قبل هذا، كان قد سلّط كبريائي على عقلي ضابط الارادة. جعل ارادتي قوية لئلا التفت و استسلم لنظرة اخترقتني و كادت أن تودي بحياتي من اجل تلك العيون التي.. لطالما احببتها ولم تكن نيتي ان اتوقف عن حبها. ابداً لم تكن نيتي.
التفتت و في نيتي ان اواجه تلك العيون، مصدر الرصاص و في بالي ريحان و حبق و دخان سيجارة.
مصدر الليزر و في بالي تلك الورود الضخمة التي لا تنبت الا بندرة في المناطق الوعرة على يد حبيب ودموع حبيبة.
مصدر الخطر و في بالي لحن اغنية لقاء و فراق.
و في بالي تلك الذكريات، فارقني عقلي و طار باحثاً عن غيري ممن لن يستغنى عن تحذيراته و لن يثور على نصائحه التي كانت في كل لحظة تزداد حقيقة و شفافية.
تلك العيون العسلية التي كانت في يوم من الايام ليّ لكي انظر اليها ما عادت ليّ. التفتت و لم اجدها.
ترى بأي حق اجرمت لكي يخونني كبريائي؟ و بأي حق اجرمت لكي يفارقني عقلي؟
.. بأي حق؟
تلك الرصاصتين اللتان اخترقتا قلبي و ظننت انهما كادتا ان توديا بحياتي.. الذكرى الوحيد الباقية ليّ، الوحيدة التي ستبقى في قعر قلبي، حيث استقرتا لأن تذكرانني بأن تلك النظرة التي اخترقني قد حدثت حقاً. و على الرغم من أن الجبال التي كانت ستهتز بداخلي لن تهتز، و الانهار التي كانت ستثور بداخلي لن تثور، و كذلك السماء لن تتزحزح، و لا الغزلان ستصرخ ولا الغابات ستحترق. الزلزال لن يحدث و لكنني لست امانع. لدي الألم الذي كلفني الذكرى و هذا يكفيني.
النظرة التي اخترقتني بسهولة كما يخترق الرصاص الزجاج، كادت ان تودي بحياتي و لكننا كلنا بتنا نعلم ان النظرة التي تخترق الزجاج بسهولة، هي نفسها التي تخترق الزجاج بأكبر ضرر ممكن.
أنت تقرأ
نظرات خارقة
Short Storyنظرات اخترقتني، كما يخترق الرصاص الزجاج. بسهولة و لكن بأكبر ضرر ممكن.