" الفصل الثالث والعشرون "

10K 271 3
                                    

صرخة ... إثنتين ... ثلاثة
وقبل الرابعة كانت تسقط خائرة القوى لتصتدم بالأرضية القاسية التي إستقبلتها بكل رحابة صدر
وهي معلقة عينيها على ذلك الباب اللعين التي يحتضن بداخله جثمان من كانت لها
الحياة ... الحب ... الأمل ...الوفاء ...الإخلاص
الصداقة ... التضحية ...

في حين وقع السيد جمال فاقدا لوعيه من هول الفاجعة التي سرقت منه صغيرته كما والدتها في السابق ... ليسرع له الأطباء يحملونه لأقرب غرفة للكشف عليه حيث كانت حالته لا تبشر بالخير مطلقا

وقفت السيدة مها تساند والدة مصعب في فاجعتهم هذه وهي تبكي بحرقة وألم على فتاة لم تنجبها ولكنها كانت بمثابة إبنة لها ...

يقف وهو يحمل إبنته التي كان صراخها يدمي قلب كل من يسمعها في تلك اللحظات ...
تبكي ام لم تراها مطلقا
تبكي حنانا فقدته مبكرة
تبكي حياة حكم عليها عيشها بدون جنتها
تبكي نفسها التي ستكبر من غير من كانت ستكون لها الحياة ...

ولكن الله أراد غير ذلك ...

قربها منه يحاول إحتوائها ومنحها ذرة من حنان والدتها وقلبه يتقطع ألما عليها ...

بدأ يأذن في أذانها الصغيرة وهي تبكي قهرا
وفي كل تكبيرة تنزل دموعه على وجنته بقوة

دموع على زوجة لم تقصر في حقه يوما
دموع على حال طفلته الصغيرة التي لم تعي شيئا في حياتها بعد ...

طفلة كتب عليها أن تحرم من والدتها كما حرمت الأخيرة من والدتها أيضا ...

توجهت الطبيبة ناحيته ببعض الحزن قائلة :
" معلش يا مصعب باشا بس لازم أخذ الصغيرة على الحضانة "

اومأ برأسه بتفهم وهو يناولها تلك التي تمردت فجاءة ولم تصمت عن البكاء ...

نهضت عن الأرضية مغيبه عن الوعي وبدأت تسير خطوات متعثرة حتى وصلت أمام ذلك الباب

فتحت الباب بيدين مرتجفتين وبتلقائية وقعت عينيها على ذلك الجسد المغطى بغطاء أبيض بغيض

تقدمت وهي تمسك قلبها حتى لا يتوقف وهي تقفت أمام السرير مباشرة ...

رفعت الغطاء بيد مرتجفة
لتشهق ببكاء شديد وهي ترى وجه صديقتها قد بدأ يتحول للون الأبيض الشديد
تغلق عينيها بإستسلام ويظهر شبح إبتسامة على وجهها ...

وبتلقائية شديدة إحتضنتها بشدة
بكت وبكت حتى أوشكت الدموع على الجفاف

تحدثت بصوت يكاد يسمع من شدة بكائها :
" ليييه سبتيني يا ورد ورحتي ؟ ليه عملتي كده ؟
أنا مش هقدر أعيش بدونك ؟ قومي يا ورد وقوليلي إنك بتهزري معايا ، يااا رب أكون لسه نايمة ويكون ده كله كابوس فضيع أصحى منه ..... ياااااا رب "

ولكن دون إجابة
فالروح خرجت من الجسد وإستقرت بين يدي الله
فجميعنا على هذه الأرض سنرحل يوما
فنحن أمانة وسيستردها الله يوما ...

بين إمرأتين  - كاملة - حيث تعيش القصص. اكتشف الآن