في الجهة الأخرى بالحديقة إستغلت السيدتان بسملة و منية نهوض السيد فرحات من مجلسهم للهجوم على فارس بوابل من الأسئلة عن نتيجة الموعد و كيف سارات الأمور بينه و بين فردوس،
منية:" إذن بني كيف سار الموعد، إن شاء الله كانت نتيجته بالتفاهم !!؟"
بسملة:" أنا أعرفه جيدا أنظري إلى السعادة البارزة في عينيه لا بدّا أنهما تفاهما !"
أحمد:" على رسلكن على الولد، ألا ترين أنه سيموت خجلا و لم يستطع حتى الردّ "
حمحم فارس و كان على وشك الرد ليقاطعه نزار مستهزئاً:" ههه لا بدّا أن فردوس لم تقبل به، إنهما ليسا على نفس الطباع أبدا، لم أفهم لحد الآن كيف أردتن خطبة فتاة جميلة ومرحة مثلها لهذا البارد المغرور، حتما لم و لن يتفاهما ، فمع طباعه الصعبة و حبه للسيطرة سيخنق الفتاة و تنتهي علاقتهما كما إبتدت؛ فأنا أعرف فردوس جيدا لن ترضى برجل يتحكم بها، لها شخصية قوية و ثقة كبيرة بنفسها و لن تسمح لأي أحد أن يفرض أحكامه عليها مثلك ! 'أيها السيد المدير فارس غفار' !"
تغيرت ملامح فارس من الحلم إلى الغضب و إسودت عيناه و لم يستطع السيطرة على نفسه فإنقضّ عليه كالذئب الأهوج يضربه من كل جانب، ...كان وجهه محمرا و عروقه بارزة ففهمت بسملة ما حل به فأسرعت لتنقذ الموقف قبل أن يقوم فارس بشيء يندم عليه فهو تخيل فقط ما كان سيفعله لكن لحسن الحظ أنه لم يفعلها و ينقضَّ على أخيه فبلمسة من بسملة ليده أيقظته من غضب لا تحمد عقباه، إستطاع التحكم بنفسه أخيرا و بلع مرارة كلمات نزار التي نزلت على قلبه كأسهمٍ سامة دون رد، لترد بسملة عوضا عنه:
" عيب عليك ما تقوله نزار، فهذا أخاك الأكبر و لا يجوز أن تسيئ له بهذه الطريقة !! كما أنني لو لم أرى أنهما مناسبين لبعضهما لما خطبتها له !" ثم إلتفتت لفارس و أحكمت قبضتها على يده لتسترسل:" لا تؤاخذه فارس، فهو لم يكن يقصد تعرف أنه طائش و يتكلم دون تفكير "
أفلت فارس قبضتها و نهض دون ردٍ لمكتبه لتعترضه فردوس خارجةً من غرفتها مر عليها دون أن ينبس بكلمة و لاحظت هي كمية الغضب التي كانت ظاهرةً عليه، ( الله الله ما بال هذا الرجل، يتقلب حاله في الساعة ألف مرة ! و الله إنه غريب الأطوار فعلا و ليس ضنًا مني فقط ...) أكملت محادثة نفسها لتتجه إلى الحديقة حيث وجدت الجو مكهرب و بمجرد وصولها سكت الجميع، أحست أن الأمر له علاقة بغضب فارس، ظلت صامتة و لم تود التدخل في أمورهم العائلية، ثم إنتبهت لعدم وجود أبيها بالمجلس فتوجهت بقولها لنزار بصوت خافت لأنه كان جالسا حذوها:" نزاار ! أين أبي ؟!"
لم يفهم نزار ما قالته لأنه كان يتأمل تصرفاتها الطفولية، كاد ينفجر ضاحك لكنه تمالك نفسه ليجيبها بنفس الصوت الخافت:
" إنه بغرفته على ما أظن "
فنهضت متجهةً لغرفة أبيها لتعترضها بسملة بقولها:
" فردوس مائدة العشاء ستكون جاهزةً في غضون دقائق نادي السيد فرحات و تعالوا لنتعشى بالحديقة الجو عليل اليوم و القمر مكتمل"
فردوس:" حسنا سأناديه و أعود بسرعة لمساعدتك"
ذهبت فردوس و عادت بسرعة مصطحبة أباها لتساعد بسملة بمرافقة عائشة لتحضير طاولة العشاء،
جلس الجميع للأكل ما عدى فارس الذي إستقر بمكتبه و إستسلم لعمله متناسيا كلام نزار الجارح ظلت فردوس تترقب الباب تنتظر إلتحاقه بالعشاء غير أنه لم يأتي إلا بعد إلحاح السيدة بسملة عليه، و بمجرد جلوسه أصبح يتزور نزار بنظرات مخيفة ثاقبة، بينما إنتبهت له فردرس حيث كانت تنظر إليه بنظرات حائرة مستفسرة بعدما إنتبهت للجو المكهرب بينه و بين أخيه، لكنه سرعان ما نهض عن الطعام بعدما وضع ملعقتين في فمه فقط، لم تسطع فردوس التحمل فسألت عائشة بصوت خافت لكي لا تلفت الانتباه:" ما بال فارس عائشة !؟ كان بحال و أصبح بحال فجأة !!؟"
عائشة:" كيف كان بحال و أصبح بحال ؟؟ لم أنتبه !"
فردوس :" أقصد عندما عدنا من الموعد كان سعيد و منشرح و عندما تركته بالحديقة و عدت مر عليا غاضبا و لم يشأ حتى محادثتي، حتى أنني عندما جلست مع البقية سكت الجميع بمجرد جلوسي و أحسست أن الجو مكهرب بعض الشيء، لكني لم أشأ الإستفسار،أما الآن فلم أعد أستطيع التحمل أريد معرفة ما الذي يحدث، لأنني أصبحت أشك أن الأمر متعلق بي !!"
عائشة:" لا تقلقي أبدا، لا بدّا أن الأمر متعلق بالعمل و ليس بك، ففارس يقدس عمله و إذا حدث خطئ ما يغضب كثيرا، كما أنه لو كان الأمر متعلق بك لكنتُ سمعتُ بالأمر لذلك أزيحي كل هذه الشكوك من رأسك يا زوجة أخي العزيزة "
أنت تقرأ
ثأر الزمن (بقلم أميمة )
Romanceفقدان عزيز عليه جعل منه شخصا بارد ذو قلب قاسي، و لقائه بها حوّله لعاشق مجنون، لكن صراعه بين ماضيه و حاضره، بين فقيده و حاضنه، و بين حبه و مرضه جعله ينتقم منها، و يشعرها بإحساس الفقدان مثله، فتركها جسد بلا روح، عذراء بلا شرف، وأنثى بلا عاطفة. " لك...