الزقازيق

22 2 3
                                    

💢💀💢 جريمة في الزقازيق 💢💀💢

★ قصة حدثت في مدينة الزقازيق المصرية في الستينيات
★ تم تغيير بعض اسماء الشخصيات والاماكن وأي تشابه في الاسماء فهو محض صدفة
★ القصة من فصلين فقط

الفصل الاول :-

في صبيحة يوم خريفي استيقظ سكان زقاق من الزقازيق على صوت صراخ بعض النساء .. وكان السبب اكتشاف جثة لرجل مضرج بدمائه وملقى قرب القمامة فتم ابلاغ البوليس الذين حضروا مسرح الجريمة فورا ..
وبعد التحقيق اكتشف البوليس ان محفظة المجني عليه لا تزال في جيبه مع النقود وان اسمه هو (خليل العطواني) وانه يعمل محاسبا ويسكن في الزقازيق ايضا ولكن في زقاق يبعد أربع كيلومترات من هنا وسبب الوفاة طعنة قاتلة في أعلى الظهر بعد منتصف الليلة الماضية ولكن لم يتم العثور على سلاح الجريمة ..
اتجهت قوة من البوليس الى شقة القتيل بقيادة الضابط المحقق (فهمي أبو سلامة) الذي اراد ان يبني قضيته منذ البداية على اعتبار انها (جريمة عاطفية) بعد استبعاد دافع السرقة .
وكان للقتيل زوجة وولد وثلاث بنات حيث أخبر الضابط العائلة بالنبأ المشؤوم فأصيب الجميع بالصدمة وخصوصا الزوجة التي تدعى (بهيرة النبوي) والتي كادت ان تقلب البيت من فرط العياط والعويل ..
قام البوليس بتفتيش الشقة تفتيشا دقيقا بحثا عن ادلة أو ما يمكن ان يكون سلاحا للجريمة لكنهم لم يخرجوا بنتيجة مفيدة ..
وبقي التساؤل مطروحا : مالذي كان يفعله خليل عند منتصف الليل في ذلك الزقاق البعيد عن محل سكناه ؟
لم يكن لخليل من عائلة سوى شقيقة متزوجة تعيش في المنصورة ..
قام الضابط فهمي بالتحقيق مع معارف الضحية واحدا واحدا حتى وصل الى زوجته بهيرة فسألها ان كانت تشك بزوجها فعلم من خلال التحقيقات ان العلاقة كانت جيدة بينهما وانهم كانوا كأي اسرة مصرية عادية تعيش في الزقازيق ولم يكن هناك أي خلاف من أي نوع وهذا ما أكده افراد الاسرة وأصدقاء الضحية الذين أقسموا ان خليلا كان سعيدا في زواجه ..
فكر المحقق بأن الاصدقاء المقربون هم أكثر من يأتمنهم الرجل على اسراره السوداء .. لذا سألهم ان كان للمجني عليه عشيقة سرية وأكد لهم ان كتمانهم لمثل هذه الامور من شأنه ان يعرقل التحقيق ويتيح للجاني النجاة بفعلته ..
ومع ان التحقيق كان يتم بصورة منفردة مع كل واحد منهم الا ان اجاباتهم جائت متقاربة وكلهم شهدوا باستقامة خليل وأمانته مع زوجته ..
عاد فهمي مرة اخرى الى زقاق الجريمة واسترجع شريط الاحداث فكان ان قام هذه المرة بالتحقيق مع سكان البيوت القريبة من موقع الجثة علهم يكونوا قد رأوا أو سمعوا شيئا .. حيث اشارت الادلة على ان مسرح الجريمة هو موقع القتل الفعلي .. أي ان الجثة لم يتم قتلها في مكان آخر ثم إلقاؤها هنا ..
جائت نتيجة التحقيقات سلبية ايضا فلم ير أو يسمع أحد شيئا تلك الليلة حتى بزوغ شمس الصباح ..
فكر فهمي بطريقة جديدة .. اذ طلب من مخبريه في هذه المنطقة ان يحددوا له اسماء النساء سيئات السمعة حيث من الممكن ان يكون خليل قد زار احداهن تلك الليلة ..
لم تمض عدة دقائق حتى حصل فهمي على معلومات عن أمرأتين تقيمان قريبا من مكان الحادث لكل منهما شقتها الخاصة ..
قام الضابط بزيارة المرأتين بصفته الرسمية وعرض صورة الضحية بغية التعرف عليه ..
نفت المرأة الاولى ان تكون قد رأته من قبل .. لكن المرأة الثانية وتدعى (أشجان) تمعنت في الصورة مطولا وكأنها تحضر نفسها للأجابة فاستعجلها المحقق فأنكرت اخيرا رؤيته .. فسألها عن سبب ترددها في الاجابة فأجابت انها لم تره مؤخرا ولكن .. ربما تكون قد رأته قبل عامين هنا في شقتها ..
وهنا تحمس فهمي لكونه يمسك اخيرا بأول طرف خيط منذ تكليفه بالقضية ..
قال فهمي :
هل جاء بمفرده ؟
- جاء برفقة شخص آخر على ما اذكر .
- من ذلك الشخص الاخر ؟ صفيه لي .
- لا احد يخبرني باسمه الحقيقي .. ولكن اذا ما اسعفتني الذاكرة فهو رجل في نهاية الاربعين .. مقدمة رأسه صلعاء ..
ذكرت اشجان عدة اوصاف لذلك الرجل دونها فهمي في دفتر ملاحظاته ثم قال :
هل مازلت تقابلين ذلك الرجل ؟
- كلا .. الرجلان كلاهما لم اقابلهما سوى بضعة مرات قبل عامين ..
- اذن كيف تفسرين تذكرك لصديق الضحية بالتفصيل وصعوبة تذكرك للضحية نفسها ؟
- لقد جمعتني علاقة مع ذلك الرجل وكان يسمي نفسه رشدي لأنه من المعجبين بالفنان رشدي أباظه لكنه كان متزوجا .. وبعد عدة لقاءات انقطعت أخباره تماما هو وصاحبه القتيل منذ ذلك الوقت .
- وماذا كان القتيل يسمي نفسه ؟
- لست اذكر ذلك ابدا .. فقد نسيت .. آسفة .
- هل أقام خليل علاقة معك ؟
- ما هذا يا سيادة المحقق ؟ انا ست تكسب رزقها حسب القانون ...
- ارجوك يا ست اشجان .. لا يهمني ابدا طبيعة عملك .. كل ما يهمني الان ان اعرف هل أقمتي علاقة مع الضحية ام لا ؟ رجاءا ..
- اطمأن يا حضرة الضابط .. كان القتيل يأتي برفقة رشدي ليجلس في الصالة ويشرب ويدخن فقط ولا تهمه اقامة العلاقات مثل رشدي .. لأنه كان وفيا لزوجته ..
- اذا احضرت لك صور اصدقاء الضحية هل بأمكانك ان تحددي شخصية رشدي ؟
- استطيع تمييزه ولو من بين مليون .
تم احضار بعض الصور التي تضم جميع اصدقاء خليل المعروفين فتمعنت اشجان فيهن جميعا لكنها عجزت ان تجد الشخص الغامض فعاد التحقيق الى نقطة الصفر مجددا ..
بعد ذلك أمر فهمي بأحضار رسام من المديرية وطلب من اشجان ان تصف رشدي بدقة ليقوم الرسام برسمه ..
بعد نصف ساعة كانت هناك لوحة لرشدي أكدت اشجان انها مطابقه له بنسبة عالية جدا ..
قام فهمي بعرض تلك الصورة لزوجة ومعارف الضحية فلم يتعرف عليه احد بتاتا فعاد فهمي الى مكتبه في قسم البوليس يجر اذيال الخيبة حيث جلس على كرسيه وطلب فنجانا من القهوة ..
وبينما كان فهمي يحتسي القهوة مشغول البال بالقضية اذ دخل مكتبه ضابط كبير السن فنهض فهمي لاستقباله وهنا لمح ذلك الضابط صورة رشدي التخطيطية فحملها وحدق فيها بعناية ثم أخذ يفرك بلحيته فسأله فهمي باستغراب عما يجول بخاطره ؟ فأجاب :
أظنني رأيت هذا الرجل من قبل ولكن أين يا إلهي ؟ .... آاااه تذكرت ..
قال فهمي بحماس :
أين يا سيدي ؟ أرجوك اخبرني ..
- نعم .. الملف 455 !!!
بعد دقائق احضر الضابط المسن من الارشيف ملفا يعلوه الغبار يحمل الرقم 455 وفتحه فكانت صورة رشدي المطابقة للرسم التخطيطي تتصدر الملف فتسائل فهمي متعجبا :
ماذا يعني هذا ؟!!!
قال الضابط المسن :
انها قضية اختفاء غير محلولة .. فقبل عامين ابلغت احدى السيدات عن فقدان زوجها المدعو (برهان البحيري) وعدم عودته الى بيته في منطقة القنايات فتم البحث عنه دون جدوى حيث اختفى دون اثر يذكر ولم تحل قضيته حتى هذه اللحظة .. والان أجد صورته على مكتبك !!!
قارن فهمي بين تاريخ تقديم البلاغ وبين ادعاء اشجان حول انقطاع زيارات رشدي لها فوجدها متطابقة وذلك يعني انه فقد بعد ايام من علاقته بأشجان وربما تكون زوجته قد علمت بتلك العلاقة وتورطت باختفائه ..
هكذا حلل فهمي القضية وكي يتأكد من تحليلاته انطلق على الفور الى القنايات وقابل زوجة برهان وتدعى (نجاة) وسألها ان كانت قد ذهبت الى الزقازيق او انها تعرف احدا هناك فانكرت نجاة كلا الامرين .. فأخرج فهمي صورة خليل وأراها لنجاة فلم تتعرف عليه .. لكنها اخبرته انها تلقت مكالمة هاتفية غريبة من زوجها في ليلة اختفائه يطلب منها ان تستعد للسفر ..
ثم سألها فهمي عدة اسئلة وانصرف بعد ان علم انها ماتزال تعيش على امل عودة زوجها خصوصا ان لها منه ولد في العاشرة اسمه (صفوت) يعاني من متاعب في القلب ..
علم فهمي بقدوم (ماجدة) شقيقة خليل التي تسكن في المنصورة .. حيث جائت برفقة زوجها (فريد رمضان) الى الزقازيق لحضور عزاء اخيها ..فكان ان واجهها فهمي وعزاها برحيل الفقيد ثم سألها بضعة اسئلة لم تسفر عن شيئ جديد ..
وعندما كان فهمي يهم بالمغادرة تذكر صورة برهان فاخرجها وأراها لماجدة فكان جوابها :
نعم ..
التمعت عينا فهمي وهو يسمع تلك الكلمة فيما واصلت ماجدة حديثها :
لقد قابلت هذا الرجل مرة واحدة قبل عامين عندما جاء به اخي الى منزلي في المنصورة .. وقتها لم يكن زوجي في البيت .. بقيا لمدة ساعة ثم انصرفا ..
- هل تذكرين موضوع المقابلة ؟
- لقد ارادا ان يعرفا بعض المعلومات عن ابي .
- أبوكِ ؟؟؟
- نعم أبانا أنا وخليل .. فقد عاش ابي معي بعد خروجه من السجن قبل نحو خمس سنوات حتى وفاته قبل اكثر من عامين ..
- سجن ؟؟
- نعم يا حضرة الضابط .. فقد سجن ابي سنتين بعد ان تشاجر في العمل .
- وما طبيعة المعلومات التي أرادا معرفتها ؟
- أرادا بالتحديد معرفة اذا ما كان ابي قد اطلعني على أمر ما يخصه عندما كان مسجونا .. فأخبرتهما بأنه لم يفعل اطلاقا .
عاد فهمي الى القسم وهو يفكر : ماذا يريد الرجلان من شخص كان مسجونا ؟
وهنا تبلورت في ذهن فهمي فكرة ألمعية .. فذهب من فوره الى النيابة العامة وطلب ملف السجين (محمود العطواني) والد خليل العطواني .. وعندما اطلع عليه اكتشف حقيقة مذهلة .. فقد تشاطر معه الزنزانة المدعو (عبد الصبور البحيري) والد برهان البحيري وكانت تهمة عبد الصبور اختلاس مبلغ اربعين ألف جنيه دون العثور على ذلك المبلغ ..
وبعد البحث عن مصير عبد الصبور .. اكتشف فهمي انه قد مات في سجنه متأثرا بذات الرئة .. فقام فهمي بتحليل الامور كالتالي :
بما انه لم يتم العثور على المبلغ المختلس فلابد ان عبد الصبور قد قام بتخبئته في مكان سري .. وعندما شعر بقرب وفاته قام عبد الصبور بافشاء موقع النقود الى رفيق زنزانته محمود .. لأجل هذا السبب قام برهان ابن عبد الصبور بالتعرف على خليل ابن محمود وأبقى على علاقته معه سرية لأن برهان شك ان يكون اباه قد اطلع محمود على موقع النقود .. فشكل برهان مع خليل فريقا سريا وقاما بزيارة الاماكن المحتملة لوجود النقود حتى انهما قاما بالتحقيق مع ماجدة اخت خليل ..
ولكن يبدو انهما قد عثرا على النقود اخيرا .. فظهور النقود على السطح هو التفسير الوحيد والمنطقي وراء اختفاء برهان ومقتل خليل .. ولكن كيف اثبت ذلك بعد ان تجمعت امام ناظري قطع الاحجية ؟
بينما كان فهمي غارقا في تساؤلاته اذ دخل عليه احد العسكر وأخبره بأن هناك رجل مسن يرغب برؤيته بخصوص القضية فأمر بادخاله فاذا به شحات طاعن في السن والذي تكلم قائلا :
أرجوك اسمع ما لدي يا بني ولا تحكم علي من مظهري .
- تكلم يا عم .. هات ما عندك .
- انا بدوي الشحات .. اجلس دائما في ركن الزقاق الذي عثرتم فيه على القتيل الله يرحمه .. أسال المارة من مال الله وادعو لهم .. وقد شاهدت القتيل وتعرفت عليه .. فهو نفسه الذي كان يتردد هناك في الزقاق قبل عامين لبضع ليالي .. وقد ترسخت صورته في بالي لأنه كان يعطيني في كل مرة مبلغا كبيرا من المال وليس كالآخرين .
- لماذا لم تخبرنا بذلك من قبل ؟
- لم يحقق معي أحد يا حضرة الضابط مع اني كنت أجلس في مكاني في ركن الزقاق .
خرج فهمي من مكتبه مغضبا ونادى على أحد الضباط الاقل رتبة ووبخه قائلا :
لماذا لم تحققوا حتى الان مع هذا الرجل بدوي ؟
- آسف يا سيدي فهو شحات ولم نعره أهمية .
- حسابي معكم لاحقا .. انصرف الان .. هيااااا ..
عاد فهمي الى بدوي وترجاه ان يكمل فقال بدوي :
في الليلة التي قتل فيها المرحوم .. شاهدته وهو يدخل الزقاق ثم تبعه شخص بعده بلحظات .. بعدها شاهدت الرجل الثاني يخرج من الزقاق لوحده .. وانتظرت خروج المرحوم لكي أسلم عليه لكنه لم يخرج .. حتى حل الصباح حينما فوجئت بصوت العياط فتفقدت الامر فأذا بي اكتشف الحقيقة المفجعة .. الله يرحمه وينور قبره .
- شكرا لك يا عماه .. شهادتك ستفيدنا في التحقيقات .
- لم انتهي بعد يا ولدي .
- أهنالك المزيد ؟ اذن تفضل ..
- عندما علمت انهم اقاموا له عزاء في محل سكناه .. قررت الحضور وقراءة سورة الفاتحة للمغدور .. وهناك شاهدته !!! ... الرجل الذي لحق به في الزقاق .. الرجل الذي أظن انه قتله كان موجودا في العزاء ..
نهض فهمي من كرسيه وقال :
اتعني ان القاتل كان من ضمن المعزين ايضا ؟
- كلا يا سيدي .. بل اقول لك انه الرجل الذي كان يستقبل عزاء المعزين !!!!
صاح فهمي من الدهشة :
- ماذا تقول ؟؟؟ هل انت متأكد ؟؟؟
- والله العظيم يا بيه لقد رأيته بعيني هذه التي سيأكلها الدود .
بعد هذه التصريحات الخطيرة .. انطلق فهمي بسيارته رفقة بدوي الى سرادق العزاء وطلب منه ان يشير الى الرجل الغامض ففعل بدوي فتأكدت شكوك فهمي واكتملت لديه الصورة ولكن بقي ان يجد الدليل القاطع ..
فمجرد اتهام القاتل على ضوء شهادة شحات عجوز يعتبر دليلا لن يصمد في المحكمة .. لذا .. أمضى فهمي الساعات اللاحقة في تتبع ذلك الدليل بحماسة منقطعة النظير حتى وجده .. ثم حانت لحظة المواجهة ..

الفصل الثاني يتبع قريبا جدا ان شاء الله
تفاعلكم يشجعنا على كتابة ونشر المزيد

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 01, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الزقازيقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن