كيف سيخبرها؟ ماذا يقول لها؟ كيف سيخبرها ان حلمها قد ضاع وان كل ما دفعته لقاء تحقيقه راح هباءا ، كيف سيتحمل هو فراقها؟ الم يكن هذا ما اراده؟ لا .. لم يكن هذا ، لم يكن هذا ابدا.. حتي وان غضب منها واستفزته فهو لم يرغب في رحيلها، ربما تجنب رؤياها احيانا و لكن كان يرتاح لوجودها، ويسعد برؤية اثارها ، ولا يتطمئن قلبه حتي يعرف انها نائمة في امان في بيته... كيف سيطمئن عليها الان، كيف سيعرف ماذا تفعل؟ و اين تذهب؟ هل لها اي اهل بمصر؟ لو كان لها احد هناك لما كانت تركتها هاربة؟ الي من ستعود؟ كان يعرف مصر جيدا و كان يعرف عنها انها اذا لم تكن "مترستق" فيها فيا ويلك منها..
دخل عليها حجرتها، كانت نائمة من اثار المسكنات، جلس بجوارها يتأملها، اي حيوان فعل بها ذلك؟! شعر بالعجز، كان يجب ان يكون هناك ليدافع عنها و يحميها. مرت ساعة ولم يحرك نظره من عليها وكأنه يحاول استغلال الفرصة للنظر اليها قبل تمضي ولا يستطيع ذلك ثانيا..
مر يوما كاملا وهي نائمة تصحو لحظات وتعود للنوم، و محمد باقي بجوارها لم يتحرك. اثناء اليوم حضر زين و حضرت تيا التي بكت حتي اغرقت المكان بدموعها وعرضت ان تبقي بجوارها، فرفض محمد تماما واصر ان يبقي هو. اخبرهم محمد بخبر ترحيل حبيبة الذي نزل عليهم كالصاعقة و زاد بكاء تيا وانهيارها ، حتي اضطر زين ان يساندها وهي تمشي الي خارج المستشفي.
استيقظ محمد في اليوم التالي علي نفس الكرسي وجد حبيبة مازالت نائمة فقام واغتسل وعاد ليجدها قد فتحت عينيها فلما رأته ابتسمت، ابتسم لها واقترب منها اكثر وملس علي شعرها قائلا بهدوء:"عاملة ايه دلوقتي؟"
ردت و هي تتامله:" مش حاسة بحاجة.. المسكنات هنا رائعة"
ثم سألت بجدية اكثر:" هم مسكوا الواد اللي ضربني؟ غير سجنه.. انا عايزة تعويض، عايزة اخرب بيته"
محمد محاولا ان يمهد لها:" حبيبة انت تعرفين انك مازلت مواطنة غير امريكية ، ولا اقامة لك بعد، لا يحق لك طلب التعويض.. لا حق لك اصلا في اللجوء للقضاء الامريكي"
حبيبة:"اتعني اني لن احصل علي تعويض عن ما حدث لي؟؟؟"
محمد:" الرجل سيدخل السجن لقد شرع في قتلك"
حبيبة:" واهانة انسانيتي وكرامتي ؟!!"
محمد مهدئا " حبيبة ! متعشيش الدور، لو حصلك ده في مصر كنتي حمدتي ربنا انهم اصلا عرفوا يمسكوه"
حبيبة بحماس علي قدر ما سمحتلها صحتها الضعيفة:" لو كان ده حصل في مصر كان الواد ده مات في مكانه (مـتاثرا بجروحه)، بعد العلقة الي الي كان هيكولها ، مع اول صرخة ليا..انت متعرفش الرجالة في مصر عاملين ازاي.. رجالة بجد!"
محمد :" يعني مش اولاد واحفاد سي السيد؟!"
لم ترد، واشاحت بوججها ناحية النافذه وعلي وجهها شبح ابتسامة فقد (زنقها) حقا..
فاكمل مبتسما :" عشان تعرفي ان الرجولة مش تحكم‘ دي حماية "
كيف انساق معها في حورا ضاحك ناسيا الكارثة التي لا تعلمها هي؟ لكم يعشق التحدث معها قد يظل بجانبها ليتحدثا الي الابد.. ولكنه يعلم الان ان هذا بات مستحيلا، لم يستطع اخبارها بالمصيبة التي وقعت علي رأسها الجميل، ولكنه حاول ان يمهد مرة اخري
محمد:" وحشتك مصر؟"
حبيبة:" حجات فيها.. بس مليش فيها حد ، امي و ماتت "
محمد وقد تيقن من مخاوفه ان لا احد لها بمصر:" يعني لو فكرتي تنزلي مرة مثلا مش هتلاقي حد تعدي عنده"
حبيبة" في عمي ربنا يسامحه، بس انا عمري ما هفكر انزل ولو زيارة ابدا، حد يسيب هنا و ينزل؟"
مزقت قلبه غفلتها، و امالها التي يعرف مصيرها.
محمد:" بس انا شايف انك ماستفدتيش اي حاجة من هنا، غير انك مرمية اهه في المستشفي مضروبة ومتبهدلة!"
حبيبة وقد ابتسمت ابتسامة غامضة ولمعت عيناها وهي (بتسبله):" لا في حاجة مهمة استفدت بيها من هنا.."
تسارعت دقات قلبه ولكنها ليست الدقات الي اعتاد عليها مع حبيبة، انها من نوع اخر.. دقات راقصة سعيدة.. هل ما فهم من تلميحها حقا صحيح؟
رد:" زي ايه؟"
حبيبة في دلال:" فين اتفاقنا عن الخصوصية؟ دا موضوع خاص بيا"
قرر ان يلاعبها:" اكيد قصدك طوني بأه.."
فعقدت حاجبيها و قالت بغضب:" متجبليش سيرته.. انا مش عايز اسمع اسمه تاني"
تذكر هو ماحدث ليلة الحفل و عادت اليه بعض المشاعر العدوانية فقال:" ليه مش ده الي عاجبك مغازلته ليكي و كلامه بيضحك، ولا نسيتي لما كنتو بتبوسوا بعض؟!!"
امسكت حبيبة بيد محمد في رجاء وقد شعرت انه علي اول طريق الشجار معها مرة اخري وقالت:"انا اسفة علي كل التصرفات الغبية الي عملتها في عيد ميلاد زين.. وكل الكلام اللي قلتهولك بعدها.. كنت فعلا غبية، وانت عندك حق في كل كلمة قلتهالي"
ابهره جدا ان راسها العنيد لان من تلقاء نفسه من دون اي محاولات منه، ولكنه قال في اقتضاب متصنع الزعل:" اعتذارك علي كلامك مقبول، محصلش حاجة .. انا كمان قلتلك كلام سخيف، بس تصرفاتك انتي حرة فيها ، مش دا اتفاقنا عن الخصوصية؟"
حبيبة:" محمد! مش هنضحك علي بعض، انا وانت عارفين ان كل اللي حصل ده بسبب ان احنا الاتنين كنا غيرانين علي بعض، وبنغيظ بعض..."
اذهله اعترافها ، هل هذا فعل المسكنات ام ان الحادثة اثرت علي عقلها؟
اكملت لتريحه من تساؤلاته:" لما حسيت بالضربة وشفت دمي علي الارض ، افتكرت اني هموت، فكرت ساعتها في اهم حجات في حياتي .. أمي وكنت سعيدة لاني هروحلها ، و حاجة تانية مكنتش اعرف انها من اهم الحجات و زعلت لاني هسيبها... انت!"
صمتت برهة لتري رد فعله كان ينظر لها بحب ويتنفس بصوت مسموع وكأنه كان يحبس انفاسه ولكنه لم يرد..
فاكملت :" فكرت فيك، في اني بحبك.. الحادثة دي خلتني ادرك حبي لك لما افتكرت اني مش هشوفك تاني، واقدر وجودي معاك واعرف قيمتك في قلبي"
ياالله.. لم يتخيل ابدا انه يمكن ان يحس بتلك السعادة و هو يسمع "بحبك" من فتاة، ولكنها ليست اي فتاة ، انها فتاته هو ، فتاة احلامه .. اميرة قلبه، هو ايضا يحبها، يحبها كثيرا و سيمضي عمره كله بجانبها.. و.. تذكر الان المأساة التي هم فيها.. حبيبة سترحل!
انتظرت حبيبة رد فعل منه، ولكنها وجدته صامتا سارحا، هل تسرعت ؟ هل ما كان يجب ان تقول هذا الكلام؟ وان يكن.. لم يعد يهمها، فهي تحبه وكان يجب ان يعرف.. ماحدش ضامن عمره ، هذه هي الحكمة التي (طلعت بيها) من ذالك الحادث اللعين..
قالت مازحة:" متخفش كده انا مش طالبة منك حاجة ولا بقولك اطلب ايدي من بابا وكلام الناس كتر علينا ولازم تتجوزني"
لم يبتسم بل نظر لها بحزن شديد، فقالت:" اد كده كلامي ضايقك؟ انا كنت فاكراك هتفرح عشان قلوب العذاري المحطمة بحبك زادوا واحدة"
قال و هو يبتسم في مرارة:" مهو موضوع العذاري ده هو سبب المصيبة اللي احنا فيها"
عقدت حبيبة حاجبيها في عدم فهم، فشرح محمد لها الموضوع بالتفصيل...
ظلت حبيبة لمدة ساعة ونصف كاملة تولول و تبكي و تنعي حظها المنيل ، وفلوسها اللي راحت واحلامها الي تبخرت في الهواء ومحمد يجلس بجوارها صامتا يسند رأسه بين يديه .. لم يدر ماذا يقول لها وبم يواسيها.. كان بحاجة الي من يواسيه هو، سيفقد حبيبته .. ومتي؟؟ في احلي لحظة! عندما صارحته بحبها وقد شعرحينها ان الدنيا كلها قد ابتسمت في وجهه..
يبدوا انها اجهدت نفسها اكثر من اللازم فبدون اي مقدمات سقطت نائمة في سبات عميق و مازال حاجبيها منعقدين .
احس انه لا يوجد داع لان يتعلقا ببعض اكثر من هذا ، فهو لم ولن يصارحها بحبه حتي لا تتألم عند رحيلها، كما ان وجوده معها الان غير مفيد بل ضرره اكثر عليهما الاثنان.. اتصل بتيا و طلب منها ان تاتي وتأخذ مكانه. وبالفعل اثناء نوم حبيبة اتت تيا في اقل من لحظة متورما وجهها من البكاء، اخبرها محمد انه لن يأتي مرة اخري الي هنا ولكنه يريد ان تتطمئنه هاتفيا باستمرار، حاول شرح وجهة نظره لها ولكنه اثر الا يفعل خشية ان تخبر حبيبة ، فتيا عاطفية جدا ويمكن ان تقول لها .
رحل ثقيلا حزينا قاد السيارة في صمت، هل تمطر الدنيا؟ لم لا يري جيدا؟ انها عينيه التي تمطر..
كان يبكى
أنت تقرأ
في ارض الحلم // للكاتبه منه فوزي
Roman d'amourرواية خفيفة تدور في إطار رومانسي كوميدي عن فتاة لا ترغب في شيء من الدنيا سوي العيش علي أرض الحلم (أمريكا) في اعتقادها، و يدفعها ذلك لاخذ خطوة جريئة جدا في هذا الطريق ،و تستمر توابع تلك المجازفة في صورة احداث مشوقة جميع حقوق الملكيه للكاتبه // منه ف...