دائمـــًا يقولون أن الحب ماهو إلا عذاب للقلب، اختلاس نظرات للحبيب، لتمﻷ صورته غرفات قلبك المعتمة، الحب ليس بحرام، لكن طريقة الاختيار هي المحرمة، فــ الحـــلال ليس بمعصيه، فعندما تتقي الله فيمن تحبه سيكون الغد أفضل بكثير، الغد في حبك، الغد مع ربك، وأيضًا مع قلبك.
.......................
في منزل هاشم وأخوته.
كانت زينه تجلس متقوقعة في غرفتها كحال الآونة الأخيرة وخصوصـًا بعد زيارة ميرا، تلك الزيارة التي استنزفت طاقتها، ليس لشيء وإنما بسبب حزنها على أخت لم تلد من رحم نفس الأم، أخذت الدموع طريقها على وجنتيها، لتهاجمها كلمات نسمه التي كانت كالخنجر المغروس في غرفات قلبها، ليتدفق الحزن منه، ويسيطر على ابتسامتها، ومازال صدى صوت نسمه يتردد في أذنيها"مش عارفة ليه بتعاملني كدا، بس دايمـــًا بتحاول توضح لي أني غريبة في البيت دا، بتوقعني في مشاكل كتير مع حمزة، ممكن معرفش عنها حاجة أصلًا، من وقت م جت البيت وعلاقتي بحمزة بقى كلها مشاكل، توتر، مش بيعدي وقت غير لما نتخانق على أسباب تافهه، أنا فعلًا تعبت من كل حاجة، مواقف كتير استنزفت كل طاقتي ولو فضلت فترة كمان كدا ممكن انتحر علشان اريحهم من مشاكلي، الفرق مابين لهفة شوقي لحمزة وخوفي منه شبه الفرق بين الأبيض والأسود، بخاف ليحصل مسلسل أكون أنا البطلة فيه وانا معرفش، تقريبـًا كدا علاقتنا كانت محطمة، ومبقاش منها غير الرماد، بس لما حاولنا ترميمها بالرماد دا، جت كل المشاكل دي ونظرت الرماد، حياتي وقفت من يوم م الحاجه صفيه دخلت حياتنا، معرفش ليه بتحسسني اني السبب في حاجة بس معرفش ايه هي، أو بتعاقبني على حاجة انا ليا علاقة بها بس معرفهاش، بس اللي متأكدة منه أن علاقتي بحمزة مبقاش باين لها ملامح، بقت تحت الأنقاض حتى إشعار آخر".
شهقة مصدومة كانت مصدرها زينه حينما أحست بأحدهم يضع يده على كتفها، لتنظر بعين دامعه؛ لتجد إبراهيم يجلس بجانبها، لتشهق مصدومة لكن هذه المرة لأنه جالس بغرفتها، لتتحدث بصوت متوتر يشوبه بعض العصبية: انت دخلت هنا ازاي؟! وازاي تسمح لنفسك أصلًا انك تدخل الأوضة وانا من غير حجابي؟
إبراهيم رافعًا أحد حاجبيه: مبدئيـًا انا دخلت من الباب مش حرامي انا علشان ادخل من الشباك، ثانيًا انا مستني برا بقالي اكتر من نص ساعة وانتي مخرجتيش وكل شوية هاشم يقول لي حجه شكل، ثالثًا ودي الأهم، وياريت تحتها خطوط كتير انتي مراتي يعني مغلطتش لما شوفتك من غير حجابك، واتكي أوي على مراتي دي.
زينه بارتباك: طيب ليه تستنى كل دا؟! وازاي مقولتليش انك جاي؟!
إبراهيم بابتسامة زينت محياه: مفيش قلبي وجعني شوية قولت يبقى أكيد في حاجة مضيقاكي، وبعدين لو مجتش لكي زيارة هآجي أزور ابن عمي، يعني الأمر مش واقف عليكي بس.
زينه بمشاكسة: طيب روح لابن عمك واقعد معاه طالما خرجتني من الموضوع.
إبراهيم بضحك: بس انا عايز أقعد مع بنت عمي ونصي التاني، ولا ايه رأيك؟!
زينه بحب: ابن عمك دا حياتي اللي كنت فاكراها انتهت، اللي وقف جنبي في أكتر وقت كنت محتاجه حد يقويني ويدعمني، علشان كدا هاشم بالنسبه لي حياة.
إبراهيم بحب: وانتي بالنسبة لي روح زينت حياتي من قبل م اعرفها.
وقبل أن تهم زينه للرد كان هاشم يقطع عليهم حديثهم موجهًا حديثه لإبراهيم: يلا ي عم روميو العشا جاهز.
إبراهيم بمشاكسة: لأ انا حابب اتكلم مع اختك لأن كلامها بالنسبة لي أكسجين وكل فوائد الأكل، دا...
هاشم مقاطعًا بابتسامة متسلية: كلها خمس شهور وتبقوا مع بعض، وابقى وقتها وفر في الأكل براحتك.
كل هذا تحت نظرات زينه المراقبة للموقف بخجل كعادتها.
تمنت أن تبقى حياتها مستقرة، وألايصيبها عاصفة ما تدمرها، دعت الله أن يحفظ لها هذا الثنائي ذو المكانة الكبيرة في قلبها، ولما لا وأحدهما حبيبها، والآخر أخيها.
................
في أحد الكافيهات المطلة على النيل..
كالأفاعي كانوا، يرقصون على ألحان بعضهما، هي تود الانتقام رغبة في إخماد النيران المشتعلة بقلبها، أما هو فيوده رغبة في التلذذ بطعم الانتقام، يجلسا متقابلين لبعضهما البعض، لتتحدث هي أخيرًا بصوت منخفض نسبيـًا حتى لا يسمع آخر عما يقولانه.
هيثم بابتسامة صفراء: إنتي متأكدة من معلوماتك دي؟!
مريم بثقة: عيب عليك لما تسألني سؤال زي دا، انا مش بيخفى عني معلومة علشان تبقى عارف.
هيثم بصفير منخفض يدل على إعجابه: دا كدا اللعب هيحلو، والجوكر هيبقى في إيدنا.
مريم بغرور: لازم يبقى الجوكر معانا، انت عارف اني مش بحب أطلع خسرانه في أي حاجة لأن الخسارة حاجة كدا محذوفة من قاموس طموحاتي، مش موجودة من يوم م قررت اني خلاص...... بترت جملتها مع ازدياد عينيها قتامة وكره على كرهها.
...................
في أحد النوادي الشهيرة.
كانت شمس تجلس باستمتاع منتظرة ذلك الغائب منذ فترة، إلا أن ملت الانتظار، فقررت الذهاب حيث أشارت عقارب الساعه إلا مضي الوقت المتفق عليه، ليأتي صوت من خلفها ليخرجها من دوامة تفكيرها حين قال: رايحه فين قبل مانتقابل.
لتبتسم بغرور مصاحبـًا بابتسامة لزجة: انت اللي عايز تقابلني مش انا تفرق كتير، وانت بردوا اللي محتاج مساعدتي ي محمد.
محمد بغرور: احنا الاتنين محتاجين مساعدة بعض، انتي محتاجة مساعدة مني علشان ترجعي علاقتك بهند، وانا محتاج مساعدتك علشان اقدر اتجوز هند، يعني انا وانتي مصلحة واحدة ي شمس هانم...
شمس بإعجاب: لا برافو فعلًا بتعرف تتكلم كلام منطقي.
محمد بثقة: اتعلمت منك ي آنسه شمس.
شمس بهدوء نسبي: ممكن أعرف ايه سر المقابلة دي؟!
محمد بتوضيح: انتي عارفة كل اللي حصل بيني وبين هند، وكمان اللي حصل بينكم، انا عايزك تساعديني علشان هي تسامحني وتوافق تتجوزني.
شمس باندهاش: انت مش عايش، انا وهند مبقاش في بينا علاقة، مش بس كدا لا كمان هي مش حابة تتكلم معايا ودايمـًا بتتجاهلني، يبقى أكيد مش هتسمع مني، علشان كدا خطتك فاشلة قبل حتى ماتبدأ.
محمد بهـدوء: لا مش فاشلة وبكرا تشوفي، بس عايز مساعدتك بس.
شمس بثقة: ومين قال لك اني هساعدك، طبيعي اني أرفض أساعد واحد كان مستعد يعمل أي حاجة علشان يتجوزني، وفجأة بقى مستعد يعمل أي حاجة علشان يتجوز صحبتي، دا حتى عيبة في حقي.
محمد بابتسامة هادئة: انتي قولتي كان يعني في الماضى ومع ذلك هقول لك حاجة، انتي بالنسبة ليا كنتي إعجاب مش اكتر من كدا، إنما هند دي حبي الأول، فهمتيني، انا مش هضغط عليكي انا هستنى ردك على اللي قولته لو موافقة تساعديني فأنا طبعـًا هكون مبسوط، ولو لأ بتمنى تفكري تاني، مش علشان خاطري لأ، علشان خاطر صاحبتك اللي وقفت جنبك طول حياتك ومتخلتش عنك أبدًا.
تركها وانصرف، ومازالت تجلس مكانها تعيد هذا الحوار داخل رأسها، حتى أخرجها من شرودها صوت وصول رسالة جديدة من ذلك المجهول، عبثت ملامحها حينما قرأت نص الرسالة، وعلامات الاندهاش حطت على ملامح وجهها، لتقرأ بصوت منخفض عل أذنها تؤكد لعقلها تلك الرسالة" أنا رجل عاشق حد النخاع، غيور حد الموت، حبيبتي تجلس مع أحدهم ولم أستطع منعها من المكوث هناك، قلبي الثائر أعلن الحرب على عقلي، لأنه يدبر ويخطط، أما القلب ف يريد القرب من روح أهلكها بعد الانتظار كالغرباء".
لتترك النادي فورًا علها تخفف من حدة وقع الكلمات على روحها، وهي مازالت تفكر من ذاك القابع في يومها هكذا، أحقـًا يرغبها؟ أم أنه يتسلى ليقضي وقت فراغه؟!
......................
في أحد الأبنية المهجورة، وخصوصًا في تلك الغرفة ليزورها ضوء القمر خلسة، خاوية من كل شيء، ليزأر صوت أحدهم كالجريح، من فقد أهله وكل شيء، ليردد بصوت عالي نسبيـًا عله يتخلص من كل تلك الضغوطات في حياته، ليقول مرة بعد أخرى دون توقف، وكأنه يحفظ كل ذلك حتى لا ينحرف عن مساره: استعدي أيتها الشمس، حضر الضباب ليحجب ضوئك، انتظري تدميرك بكل نفس راضية فأنت لست إلا جسرًا لتحقيق انتقامي، لن أضعف ما حييت، فبعدما ادمرك لن أجد سوى الراحة.
ليضحك عاليـًا ويهذي كالمجنون، من فقد عقله أثر ضربة ما من قبل أحدهم، ثم تخمد علامات الغضب التي نحتت على ملامحه، ليعود لطبيعته ذلك الشاب الهاديء، لكن نيران الانتقام في قلبه لم يستطع إخمادها.
....................
أنت تقرأ
وعـدي ووعيـدي"ج2 أزمة نسب"..أسماء رمضان
Romanceكل مايحدث في حياتك لا يشترط أن يكون سيء، بالعكس بعض الأزمات تحدث لكي تعرف من معك ويريد مصلحتك، ومن يعتبرك جسر لهدف معين، هكذا كان الحال مع الأبطال، مشاكل ومكائد، حزن، وحرب، وعلى جميع الأطراف أخذ ما يلزمهم، استعدادًا بتلك اللحظة، فلا يشترط أن من يبتس...