الجزء -11-

2.5K 70 27
                                    

إبتسمت لها فردوس شبه إبتسامة مخفية بها ضعفها و تأثرها لتجيبها بلامبلاة مصطنعة:" لا يهم، ...دعينا في موضوعنا الآن، سأساعدك لا تقلقي ! سنجري إختبارا صغيرا لآدم لنرى إن كان معجب بك حقا أم لا !"
عائشة:" و كيف ذلك ؟
قاطع حوارهم دخول السيدة بسملة مناديةً:" هيا يا فتيات العشاء جاهز لا تدعوا ضيفنا ينتظر هيااا !"
عائشة:" أي ضيف الآن أمي !؟؟"
لكنها ذهبت دون أن تجيبها لتزفر الأخرى نفسها ناهضة من مكانها بغضب:" هذا ما كان ينقصنا ! ضيف يأتي الآن ليقاطع حوارنا و خطّتنا !"
فردوس:" لا بأس، لا داعي لكل هذا الإنفعال عائشة! سنكمل حديثنا فيما بعد لا تقلقي !"
و ذهبتا، للتجمد عائشة في مكانها بمجرد رأيتها الضيف بينما نهض هو بدوره ليصافحها قائلاً:
" سررت برئيتك آئشة الجميلة !"
و كأن كلماته كانت تنقصها لتغوص أكثر في سحره و تذوب بزيتونيتيه التي لم تُرفعا عنها ، حتى أنها لم تترك يده لولا همزة من فردوس أفاقتها لتسحب يدها مستحية و ترد بصوت بالكاد يسمع من خجلها :
" أهلا و سهلا آدم ...!"
قطعت السيدة بسلمة لحظتهما الرومنسية داعية آدم للجلوس و البدأ بالطعام لتسرع عائشة بالجلوس قبالته تاركة فردوس ضاحكة على منظرها هامسةً في نفسها ( الحب و ما يفعل ههه ...) لم يخفى همسها عن أسماع فارس الذي كان يجلس قربها ليجيبه بخفوت:" إسألني أنا عن الحب و ما فعله بي فردوسي !"
إنتفضت لسماع صوته فهي لم تتنتبه لجلوسها حذوه  بينما كانت منشغلة بالسخرية على عائشة و تصرفتها البلهاء، لكنها لم تعر كلامه إهتماما بل واصلت طعامها دون أن تلتف و تنظر إليه حتى، في حين أنه لم يرفع ناظريه عنها طول العشاء.
بعد العشاء جلس الشباب بمفردهم بالحديقة بعد ذهاب السيد فرحات للنوم باكرا كالمعتاد و إعتذار السيدة منية لأخذ قسط من الراحة بغرفتها بسبب صداع في رأسها، بينما إهتمت السيدة بسملة بتوضيب مائدة الطعام، فأخذت الفتاتان تتهامسان فيما بينهما عن موضوع آدم تحت أنظار فارس الذي ثبّت عينيه الماكرتين على فردوس لتستغل الموقف مخاطبة كل من آدم و أحمد: " هاي يا شباب ما رأيكم أن نخرج غدا للعشاء معا على شاطئ البحر و نتسامر قليلا !"
آدم:" أنا موافك !" ( أنا موافق)
أحمد:" فكرة جيدة فردوس لكن إلى أي شاطى سنذهب لأدعوا آسيل للذهاب معنا ؟!"
فردوس:" شاطئ المرسى ! لدى عائلة خليل بيت يطل على البحر هناك و هو من قام بدعوتي و أخبرني أن أدعوكم أيضا !"
جن جنون فارس بمجرد سماع إسم خليل بينما زاورته هي بنظرة شامتة ليهم بالنهوض و دخان الغضب يتطاير من رأسه قبل أن توقفه بسؤالها:
"إلى أين فارس ؟ لم تعطنا رأيك بالموضوع ألم تعجبك الفكرة ؟ إن أردت أخبر سارة أيضا لتذهب برفقتنا هي الأخرى ! "
توقف فارس في مكانه و تمالك نفسه ليرد عليها ظنًا منه أنه كلامه سيغيضها :" لقد نهضت لأقوم بالإتصال بها على كل حال ! ففكرتك أثارت إهتمامي لذلك لم أرد أن أمضي سهرة جميلة كهذه دون حبيبتي سارة !"
لكنها لم تتأثر برده بقدر ما تقززت منه فإكتفت  بإبتسامة مزيفة و إلتفتت غير مبالية به لتكمل كلامها مع البقية،
أحمد:" أعتذر منك صغيرتي أنا لن أستطع القدوم دون آسيل فهي لم تقبل الذهاب معنا بحجة أن لقائنا قبل الزفاف سيجلب الحظ السيء !"
ضحك الجميع على شكله الحزين و رد آسيل الغريب لتجيبه فردوس مخففة عنه:" ههه لا بأس أخي فلم تتبقى إلا بضع أيام لتلتقيا بزفافكما و لن تفترقا بعدها مدى الحياة إن شاء الله "
عائشة :" ههه إنها تتدلع أخي ! فلا يوجد لا حظ سيء و لا لعنة ! ...هي بالحقيقة تريد أن تثير شوقك لتأسرك بطلاتها يوم الزفاف لا غير .....هههه !"
أحمد:" هه دعيها تتدلع مثلما تشاء فلا مهرب لها مني يوم الزفاف !"
فارس:" ههه أنا أكثر حظ منك أخي فسارة قبلت دون إعتراض !"
قلبت عائشة عينيها لتجيبه بتهكم :" بالطبع ستقبل لو رفضت لكنت إحترت بشدة " ثم همست لفردوس:" أحسنت آنسة فردوس أحسنت !! هذا ما كان ينقصنا ! أن تلتصق تلك المائعة بنا و تخرب سهرتنا ... آااه منكِ ....آااه ! لو أعرف فقط بما كنت تفكرين عندما دعوتها !!)
فردوس:" لا تقلقي أنا أعرف جيدا ما الذي أقوم به !"
مرت سهرتهم بين مزاح و ضحك و لم تخلوا طبعا من تغزل آدم بعائشة و نظرات فارس الجاحظة لفردوس دون أن تعيره هي أي إهتمام كالمعتاد، ليذهب الجميع بعدها للنوم.
........................................................................
حل مساء الغد بسرعة، حيث كان الكل جالسًا على طاولة عشاء فاخرة بشرفة الفيلا يستمتعون بمشاهدة إنعكاس ضوء القمر و نجومه على سطح البحر و رائحة زبده تلفح أنوفهم و صوت الموج يمتع أسماعهم، ليقطع هدوئهم صوت السيد فريد والد خليل قائلا:" لقد تشرفت بمجيئكم يا جماعة و خاصة بلقائك أنت يا فرحات و الله لن تصدق كم إشتقت لك يا رجل ! شكرا لمجيئك "
فرحات:" أنا أيضا فرحت بلقائك كثيرا صديقي، لكن الشكر الأكبر يعود لأولادنا الذين دبروا لهذا اللقاء الحلو !"
فادية ( زوجة السيد فريد):" والله أنا أكثر شيء أفرحني لقائي بفردوس قد كبرت و أصبحت نسخة مصغرة عن فريدة، جميلة مثلها ما شاء الله ! "
خجلت فردوس لتجيبها:" شكرا لك خالة !"
إنتبهت فادية حينها لصحنها الذي لا زال ممتلئًا لتقول مؤنبةً:" كلي يا إبنتي و لا تخجلي إعتبريني بمثابة والدتك !"
خليل:" أهووه ما كل هذا الدلال أمي ! لو كنت أعرف أنها ستأخذ مكاني لما دعوتها ! "
ضحك الجميع من غيرته لتجيبه فادية:
" ههه أنت و هي منذ اليوم بنفس المعزة عندي فأنا لن أتركها تذهب لغيرنا سوف تصبح كنتي و زوجتك إن شاء الله !"
خليل:" أُهوووه ! أرى أنك طورت الأمور في دقيقتين أمي ! زواج دفعة واحدة !! ألن نقوم بخطبة على الأقل !؟"
فادية:" و الله أنا مستعجلة لا أريد لياقوتة مثل فردوس أن تذهب لغيرك بني !"
ضحك كل الحضور على حوارهما الطريف ما عدى فارس الذي سُعِق لما سمعه فتشدق بالطعام و أصبح يسعل بشدة لتسارع سارة بإعطائه كأسًا من الماء قائلة بدلعها المعتاد :
" أوه ما الذي حدث لك حبيبي ؟! إشرب من يدي الماء و ستتحسن هيا عزيزي خذ !!"
أخذ يشرب الماء بينما نظاراته لم تفارق فردوس التي نسيت وجوده تماما بينما كانت منشغلة بالحديث مع خليل و والدته و الضحك معهم، إنقطعت شهيته و أخذ  يشرب الكأس تلوى الآخر عله يطفئ  لهيب غيرته و جنونه...
إنتقل الشباب بعدها للشاطئ لتذهب فردوس مسرعة و تمسك بيد عائشة جارة إياها خلفها قائلة بتهكم:
" عن إذنك آدم أحتاج إبنتي عمي قليلا لو سمحت !"
آدم:"  OK no problem تفدلن !"
(حسنا لا مشكلة عندي تفضلن )
و ما إن إبتعدوا عنه قليلا حتى صرخت بها مؤنبة:
" ما الذي تفعلينه يا غبية لقد خربتي كل الخطة ! لو لم ألحقك بالوقت المناسب لكنت إعترفت له بحبك !"
عائشة:" أنااا ! لا و اللهي لم ألمّح له حتى ! نحن فقط كنا نتحدث حديثا عاديا لا غير .."
فردوس:" حديثا عاديا هااااه ! ألم ترى نفسك كيف كنت تناظرينه كالبلهاء و تضحكين لأي شيء يقوله ! أيتها الغبية ركزي معي:' أ..نا د..عو..ت...آدم.. ل..هذا الع...شاء.. لإ...ثارة... غيرته ' ! و ذلك لن يحدث بإلتصاقك المتواصل به هكذا يجب عليك أن تتجاهليه و تقتربي من علاء هل فهمتي !!"
عائشة:" أووف هذا صعب جدا ! كيف لي أن أتجاهله لن أستطيع فعلها !"
فردوس:" بل تستطعين و ستفعلين، إسمعيني جيدا ..." لم تكمل كلامها ليقاطعها علاء من خلفها مناديا:" هيا للعب يا فتيات ها قد أحضرت الكرة !"
فردوس:" قادمتااان !" ثم إلتفتت لعائشة:" ستقومين بكل ما خطننا له دون إعتراض ! إتفقنا !!؟"
لكنها لم تتلقى أي إجابة منها لأنها كانت هائمة بآدم بينما كان يتدرب على رمي الكرة، لتصرخ بها لافتةً إنتباهها بتحريك يدها بوجهها:" عــــائشة !! أنظري إلي !!! لقد قلت ...'إتفقنااا' !؟"
أجابتها بقلة حيلة متنهدةً:
" إييه حسنا إتفقنا ..!"
إلتحقتا ببقية الشباب الذين كانوا يقومون بتكوين فرقين،
خليل:" حسنا فردوس مع أي فريق تريدين اللعب ؟!"
فردوس:" مع فريقك طبعا صديقي !"
ضرب خليل كفّها ليجيب بحماس:" أحسنت الإختيار صديقتي سنشكل فريقا رائعا معًا و سنهزمهم لا محالة رفقة آدم ! فقد أخبرني أنه لاعب محترف بكرة الطائرة !"
آدم:" of course men we will rock them !!"
(بالطبع يا رجل، سنهزمهم !! )
كان فارس يراقبهم محكما قبضته و قد تمكن الغضب منهم غير آبه لسارة التي كانت تحدثه:
" فاارس عزيزي هل تسمعني !!؟"
فارس:" نعم ... ما الذي كنت تقولينه !؟"
سارة:" أووه عزيزي ! ما بك شارد الذهن هكذا ؟ أنت تفكر بالعمل بالتأكيد ! دع كل شيء خلفك أرجوك حبيبي نحن هنا لنستمتع، هيا إذهب للعب إنهم ينتظرونك ! أنا سأكتفي بتشجيعك عزيزي فلن أجازف بكسر أظافري خلال هذه اللعبة ..!"
قبلت خده ليتجه إليهم كثور هائج بينما كان خليل يخاطب علاء:" حسنا أخي لم يبقى لك إلا عائشة و ...فارس على ما أظن !"
علاء:" لا تستهن بفريقي أخي ففارس بطول قامته سيسحقكم جميعاً !" و ربت على كتف فارس الذي رد بحنق ظاهر موجها نظره نحو خليل:
"  سأسحقه لا محالة !"
خليل:" هُوْ هُوْ هُوْ هون عليك يا صاح إنها مجرد لعبة !"
فردوس:" ههه دعك منه خليل ! إنه بارع بالكلام فقط ! ...دعونا نرى الأفعال الآن !"
و سددت الكرة نحوه بقوة كادت تسحق وجهه لو لم يبتعد بآخر لحظة ليصرخ خليل بحماس ضاربا كف فردوس:" ڨوووول .....! يا له من هدف رائع أحسنت صديقتي !!"
لتجيبه فردوس بثقة موجهة نظرها نحو فارس:
" هكذا تكون الأفعال !!"
فارس:" لا تفرحي كثيرا مازالت المباراة بأولها !"
_________

ثأر الزمن (بقلم أميمة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن