الفصل الثاني
لم تطل عودتهما الى المخيم كما طال طريق النزهة...جلست ليليا بصمت واستندت الى وسائد مريحة ثم بدات تتامل من طرف عينيها دي وهو ينحني على النبع...كانت مدركة انه يراها ويعرف انه تراقبه لكن كان يعتقد انها لا تلاحظ ذلك...
جالت افكار عدية في ذهن دي فتساءل ماذا سيكون موقف والده عندما يعود الى القصر مع الاميرة كما خرجا منه...
لكن اكتشاف ذلك لم يطل كثيرا فما لبثوا ان جمعوا الاغراض وركبو الاحصنة سالكين طريق العودة...
كانت الشمس في طريقها نحو البحر للغروب عندما لاحظت ليليا شيئا غريبا لم تعهده من قبل...كانت الطريق الزراعية التي سلكوها خالية من الفلاحين الذين اعتادو في مثل هذا الوقت سلوك طريق العودة الى منازلهم...دهشت للطريق والحقول المقفرة التي مروا بها فلم يكن من عادة احد الفلاحين ان يرحل عن ارضه قبل بدء الشمس بالمغيب...انتبه دي الى ذلك ايضا ولكنه لم يقل شيئا فقد كان يعرف تماما السبب وراء ذلك..
في تلك اللحظة اقتربا من القصر وبدت ابراجه البيضاء بالظهور وما كادت ليليا ترفع راسها نحوها حتى شعرت بقلبها قد اصبح بين قدميها..
كان خيط رفيه من الدخان يرتفع نحو السماء من الجناح الرئيسي...بينما كانت النار بادية للعيان تماما وهي تشتعل في احواض الزهور في الحديقة....
تجمدت يد ليليا وهي ترى هذا المشهد وقبل ان يوقفها دي كانت قد انطلقت كالريح على ظهر حصانها نحو القصر...وكلما اقتربت كانت اصوات الاستغاثة تصل اليها اوضح فاوضح..وصوت صلصلة السلاسل والاسلحة يسمع الى خارج حدود القصر...
ما كادت تصل الى البوابة الكبيرة حتى كان سهم يمر بجانبها يخدش وجهها وقطع الضفيرة المجدولة على جانب وجهها..ذعرت من المشهد فقد كان القتلى والجرحى من جنود وحراس والدها مرميين في كل مكان...
نزلت بسرعة عن الحصان وقبل ان تخطو خطوة اخرى كانت يد حديدية تقبض على ذراعها فاستدارت ورات دي يمسكها ويجرها معه الى داخل القصر...في البداية اعتقدت انه يسلك طريقه ليخلصها ويوصلها الى والدها ولكن بعد قليل بدات الامور تتضح اكثر...
استطاعت ان ترى ان جنود رئيس الوزراء وحراسه الخاصيين هم السبب في هذه المعركة وحاولت ان تسال دي عما يجري لكنهما كانا قد وصلا الى قاعة العرش وهناك كان الهدوء يسود المكان عند دخولهما فقد قطعت الاحاديث وسلطت النظرات عليهما...
لوهلة اعتقد ان والدها يجلس على العرش وبعد نظرة اخرى وجدت ان والد دي هو من استولى على مكان والدها...وفي تلك اللحظة فتحت عيناها على الحقيقة المرة كاملة امامها...سحبت يدها بشدة مدهشة من ذراع دي وتقدمت نحو رئيس الوزراء ووقفت امامه سائلة:
ـ اين والدي الملك ايها الوزير؟
فنظر اليها ساخرا ثم نهض وقال: لم يعد هناك ملك غيري..وحذار ان تناديني بلقب وزير بعد اليوم ايتها الفتاة الحقيرة...