الفصل الثالث
فتحت ليليا عنيها فوجدت نفسها في غرفتها وخادمتها ترتب ملابسها في الخزانة...شعرت كأن ما مر بها البارحة مجرد كابوس وانها لن تلبث
ان تنزل الى والدها لتحييه ثم تقضي بقية النهار مع دي..ولكن سرعانما تبخر هذا الامل عندما وجدت قفازات دي على المنضدة بقربها
وهي التي خلفها عندما حملها الى الفراش...
شعرت بالغثيان لمجرد التفكير انها فقدت وعيها بين ذراعي عدوها...ولكنه في الحقيقة لم يكن عدوها..فهو البارحة انقذ حياتها واليوم هو
اول شخص ترى صورته في ذهنها بتلك النظرة الجذابة والذراع السمراء المفتولة وهي تعتني بالازهاؤ المفضلة في حديقة ليليا...
اقتربت الخادمة منها عندما لاحظت عينيها المفتوحتين: هل احضر لك الافطار سيدتي؟
اجابتها ليليا باشمئزاز: وهل يسمح للسجناء بالافطار ايضا؟
ـ لا اعتقد ان السيد ديون يعتبرك سجينة..فقد امرني ان البي كل مطالبك عدا الخروج من الغرفة...
تاملتها ليليا مليا ولدنها بذلت جهدا لتزيل دي من ذهنها: اين هو الان؟
ـ لقد خرج من مدة الى المدينة..واما الملك فهو ما يزال في قاعة العرش...
راود ليليا الشعور بالغثيان مرة اخرى وهي تتخيل والد دي جالسا على كرسي والدها بكل غروره وعجرفته...
نزلت من فراشها وبدلت ملابسها ثم اتجهت الى النافذة المفتوحة واطلت منها...كان العادة ان تجد الازهار اليانعة تتفتح مع شروق الشمس
وترسل عبيرها الى نافذتها متباهية بالوانها الزاهية المشرقة...ولكن بدل ذلك وجدت ارضا يابسة محترقة وازهارها قد تحولت رمادا..وانتابها
الغضب عندما تراءت لها صور جنود الوزير وهو يدوسون الحديقة ومشهد والدها الملك يقتل في نفس المكان الذي عرفها فيه ديون اول
مرة...كان غضبا لم تتحمل كتمانه في صدرها فاطلقت صرخة مدوية من اعماقها:...لا..
واستدارت نحو الباب الموصد وفتحته قبل ان تدرك الخادمة ما يجري...وبدات تهبط السلالم وهي تشعر برغبة في الطيران...اجتازت جميع
الحراس والخدم ولم تلتفت حتى نحو غرفة العرش عندما مرت بها...
اخيرا وصلت الى الحديقة فوقفت تلتقط انفاسها وتاملت المشهد امامها....كان كل شيء ذابلا..والصمت مطبقا على المكان كالموت..بل
ان انه بالفعل كان صمت الموت..لم تسمع صوت الطيور المغردة ولم تشم رائحة العبير العطر وحتى لم تر ابتسامة والدها في الصباح...
امسكت باقرب مجرفة وجدتها واتجهت وسط الحديقة حيث كانت قد زرعت اعز ازهارها...اذا لم تستطع ان تعيد والدها الى الحياة فلتعد