I

8.1K 156 54
                                    

ليسَ كُل ما يلمعُ ذهباً، ولاَ كُل الأشجارِ قادرةً على إنباتٍ الثّمارِ، وإنتاج الأزهَار..

رُبمَا ترى أحد العصافيرِ يرفرفُ ويزقزق في السّماءِ.. لكِن في الواقعِ هُو يطلقُ نداءَ إستغاثةٍ..

لعلّكَ تستهزءُ بالخلقِ، وتقولُ أن الجميعَ سعيدٌ.. ومَن يعبِر عن حُزنه أو قلقهِ من شيء مُعينٍ فهُو يريدُ فقط "الإهتمامَ".. ولكِن ما العيبُ في طلبِ الإهتمامِ؟

ما العَيب في أن نبحثَ عن رُوح تقاسمنَا أوجاعنَا وآلامنَا؟

أليستِ الحياةُ طريقاً مليئاً بالتعرّجات وقُطاع الطُرق الذينَ تجرّدوا من الرّحمةِ؟

كُل قاطعِ طريقٍ يسرقُ منكَ شيئاً، يأخذُ من رُوحكَ
قطعةً.. وكي يلتئم ذلكَ الجُرح أنتَ تحتاجُ أن تسقيهُ حُباً وإهتماماً.. وكيفَ لكَ ذلكَ وأنتَ لا يُمكنك حتّى النّظر إلى نفسكَ في المرآة؟

كيفَ تتصالحُ مع ذاتكَ وأنتَ تتمنّى الموتَ كُل يومٍ.. تستيقظُ في الصّباح وتلعنُ الليلةَ التِي ولدتكَ أُمك فيهَا.. ترغبُ بكسرِ المرآةِ كُلما لمحتَ صورتكَ فيهَا.. كيف تُصلح ما أفسدهُ الآخرونَ فيك وأنت تُجرم بحق نفسكَ وتقترفُ إثماً أعظم من قُطاع الطُرق هؤلاَء؟

الكثيرُ من البشرِ يحملُ مشاعرَ الكآبةِ هذهِ ولا أحدَ منهُم يقفُ يوماً محاولاً مُواجهةَ نفسهِ.. لا يُفكر حتّى لمَا يحصلُ معهُ هذَا؟

لمَا الجميعُ مكتئبٌ؟ لمَا الكُل من حولِي يحملُ سخطاً على الدُنيا يعادلُ هُموم العالمِ أجمعينَ؟ هل ألقى علينَا أحدٌ تعويذةً سحريةً؟ هل نحنُ ملعونونَ من قبلِ إحدى السّاحراتِ الشّريراتِ؟..

لمَا أصبحت السّعادةُ كنزاً؟ ما السّببُ الذي يجعلنُا نذرفُ الدُموع مُطالبينَ بالسّعادةِ.. لا غيرَ!
أصبحَ السّعيدُ في زمنناً ساذجاً.. والمُبتسمُ في وقتناً هذا مُنافقاً.. لم نعُد نقدرُ على الوثُوق بأحدٍ.. لم يعُد العالمُ مكاناً آمناً..

أنتَ لم تعد تقدرُ على إدارةِ ظهركَ دُون تفقد خلفكَ مرّات لا تُحصى ولا تُعد.. كُله بسبب قُطاع الطُرق.. الذين لم يتركُوا لك مجالاً لراحة البالِ.. أنت لا تقدرُ على إرخاء رأسك على الوسادةِ.. دون أن لا تبدأ بالتفكير والبُكاء أحياناً بصمتٍ..

من كانُوا سبباً في إحضاركِ لهذا العالم، يتحملُون مسؤوليّة مواجهة كُل ماقد يجعلكَ تُقابل قطَاع الطُرق هؤلاءِ.. من المفروضِ أن تكونَ أحضانهُم دائماً جاهزةً عندمَا يرتجفُ جفناكَ ولو سهواً!

لكِن لاَ.. بسببهِم أنت تشعرُ وكأنك غلطةٌ نتجَت عن شهوةٍ في أحد الليالي الملعُونة، كأن قدركَ أن تكُون مجردَ عثرةٍ في حياتهمَا.. لكِن عدم إنجابكَ هُو أرحمُ من تجاهلكَ للأبدِ..

Two Lips || One Storyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن