١

339 12 5
                                    


تمت الرحلات الأولى لهجرة اليهود في فوضى عارمة ، الدماء تصل للركب، الفلسطنيون يمشطون المدن، لن يتركوا يهوديا على قيد الحياة ، فيما لم يظهر أثر لجندي يهودي واحد منذ أسبوع، انقضت السيارات الرازحة بالأمتعة والذل والشهقات باتجاه الميناء والمطارات، والآخرون باتجاه الأردن في انتظار أمل زهيد بفتح الحدود، ينتظر المتأخرون بيع ممتلكاتهم قبل الرحيل، المحظوظ فقط من يتحصل على ثمن بخس.
في الشوارع بقيت النوافذ والأبواب مشرعة على منازل شاغرة، تكدست الحقائب والصرر على الأرصفة، يعجز محافظ المدينة على تنظيم عمليات الرحيل، عائلات تتشتت هنا وهناك لا يدرون أي اتجاه يأخذون، في محطة القطار يركض الناس من مكان لآخر تائهين، عيونهم جاحظة كعميان اطلقوا في الطبيعة.
كنت أركض كالمجنونة ألهث وقلبي يخفق في حنجرتي، كنت أخشى أن ترحل قبل أن أراها، رباه ماذا لو وجدتها تغرق في دمائها، لم يكن هناك أحد في الشارع، وحدها الكلاب تنبح هنا وهناك، دخلت منزلهم، كان الباب مفتوح، في آخر درجات السلم كانت متكومة، رأسها بين يديها تحتضن ركبتيها، بوجه شاحب وشفتان ترتعشان، سارة حبيبتي، أخذتها بين ذراعي، همست بصوت هلع، ماذا أفعل أين أذهب الآن؟
قلت لها ستبقين هنا معي، في حمايتي، لن يمسك أحد بسوء، لن يفرقنا أحد.
غمرتها في حضني كانت ضامرة بحيث كنت قادرة على إخفائها في تجويف يدي، كتلة من الهلع والذهول والانهيار، احمرت عيناها من فرط البكاء، قبلتها في خذيها المبتلتين بالدموع، ..سارة يا نبض قلبي لن يأخدك مني أحد.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 25, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

عشق من رحم الثورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن