الفصل الخامس

8.6K 278 23
                                    

الفصل الخامس
-------------
كفاني منكَ تهكمًا وبخس لقيمتي وما أفعل.
ها هم صغارك فليعلموا من بيننا فقير العطاء.
ومن ستُنقش على محياه هزيمةً سوداء..
_______________

رنين مزعج شق سكون غرفته، فتململ بعبوس ومازالت أجفانه منغلقة فوق عيناه! يتحسس هاتفه بالجوار، ليوقف رنينه، عائدًا بكمل نومه الذي آتاه بصعوبة ليلة أمس، حين عاد ولم يجد زوجته هند في المنزل!!
تكرر رنين الهاتف، فانتفض فجأة متذكرًا موعد ذهاب أولاده للمدرسة، فهب هاتفًا لنفسه:
الولاد هتتأخر والأتوبيس خلاص جاي!

أسرع ليغتسل سريعا، ثم ذهب لصغيريه يوقظهما :
يلا يامحمد قوم يابطل فوق واتشطف عشان تروح مدرستك.. وانتي يا نونة قومي حبيبة بابا عشان باص المدرسة خلاص قرب يوصل.. فوقو ياولاد على ما اعملكم الفطار والسندويتسات!
هتفت حنان: صباح الخير يا بابا، هو فين ماما ؟
فتبعها أخيها: ماما لسه مش جت من عند تيتة؟
حزن غزى روحه عندما تذكر ما حدث، وأنها ماعادت معهم! كيف سيتعامل مع أولاده فيما بعد؟
نفض عنه شروده، متمتما بابتسامة كاذبة:

معلش ياحبايبي أنتوا عارفين تيتة تعبانة، وماما هتقعد معاها كام يوم لحد ماتخف شوية، وانا قلتلها إن محمد بقي راجل كبير وشاطر وحنان عسولة ومش هيتعبو بابا.. صح؟
هتف محمد ببراءة: أيوة أنا كبرت، بقى عندي تسع سنين ودول كتير أوي يا بابا..!
ضحك عصام: هما دول كتير؟! ده أنا عايش بقالي كتير بقى على كده .. ثم قبل رأسه هاتفا: ربنا يباركلي فيك، وطبعا بطلي بقى راجل زي العسل .. يلا بقي أنت واختك روحوا اتشطفوا على ما احضرلكم الفطار. واللبن!

هتفا سويا: حاضر يا بابا.. ثم هتف محمد لشقيقته:
يلا يانونة أعملي زي ما ماما علمتك، تغسلي أسنانك وتتشطفي كويس وتلبسي الهدوم لوحدك..!
حنان : أيوة بس ماما هيا اللي بتعرف تعملي ضفيرة حلوة في شعري.. هتعرف تعملهالي يابابا؟؟؟

لم يجربها يومًا.. كيف سيصنع للصغيرة چديلة مثل ما تفعل هند؟! يبدو أن الأختبارات ستتوالى عليه ولا يعرف فيما سيخفق بصنعه وما سيُصيب به..!
أجاب الصغيرة: حاضر ياحبيبتي هعملك ضفيرة حلوة بس روحي الأول أعملي زي ما قالك محمد على ما أعمل أنا الفطار وسندوتشات المدرسة!

واقفًا يتملكه الحيرة! بماذا يبدأ أولا ؟!
هل يسلق البيض أم يسخن الخبز أم يعد مشروب اللبن الدافيء أم يجلي بعض الأكواب والصحون المتسخة التي سيحتاجها وهو يحضر فطور صغاره؟؟

لمحت عيناه مؤشر التوقيت فأدرك أن الوقت داهمه وهو حائرا فيما يبدأ.. وبالفعل وضع طنجرة صغيرة ليسلق البيض ثم أخرج الخبز ووضعه بالمايكرويف، وراح يحضر من الثلاجة بعض الجبن الذي يفضله محمد والمربى التي تعشقها حنان، ثم أخذ جولة رتب بها سريعا سفرتهم الصغيرة حتى يجد مساحة يضع بها أطباق الإفطار.. وما أن أنتهى حتى راح يحشو لهم أرغفة الخبر الأبيض الذي كاد أن يحترق لولا إنقاذه من حرارة الميكرويف.. والذي تزامن مع فوران الحليب فوق الموقد حين غفل عنه أثناء ترتيب السفرة المزدحمة ببقايا عشاء أمس!!

جاري سداد الدين "كاملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن