(ميليسا) ذات العشرونَ ربيعاً كانتْ دائمة الملاحظةِ لزوجٍ من الأَعيُن الحَزِينَة
لَم تَكُنْ صَاحِبةُ الأَعْيُنِ الحَزِينَة سِوَى فَتَاةٍ أَجْهَدَهَا الحُزْنُ وإِمتَصَّ كُلَّ طاقتها كانت تَمتَلِكُ هَالَةً كَئِيبَة
قليلةُ الحَديثْ هادئة الطِّباعْ وكانَ ذلِكَ أَكْثرَ ما يُزْعِجُ (ميليسيا)
لم تَكُ هناك اي علاقة بين الفتاتين
سِوَى أنَّهُما في جامعةٍ واحدة
وإِقْتَصٓرَذلك بأحاديثٍ عميقة المعنى بين كِلتاهُما
إذ أن أول حديثٍ دار بيناهُما كان من طَرَفِ
( ميليسا)
فهي قد أَقْدَمتْ صَوبَ أعيُنِها الحزينة وستفهت بصوتٍ فضولي " لما هذا الحزن يتفجر من مقلتاك؟؟ "
ولم يكن جوابُ (فيونا) الهادئ شافياً للفضول " لأنهُ لَم يجد منفذاً آخر "" إِذاً رِفقاً بنفسكِ يا فتاة " و قَد كان حديِثُها أشْبَه بتأْنِيبٍ (لفِيونا )
وهكذا تَوَالت الأيَّام
لم تُحطْ (فيونا)بالعِلمْ أن (ميليسا) كانت تدرُسُ شخْصِيتها
إذ أن (فيونا)كانت تجدِّل شعرها إذا كانت منْزعِجة
وتسْدُلهُ حُراً عندما تشْعُرُ بالرَّاحة
كانت عَينَاها أشَبه بنافِذةٍ لمَشاعِرها المُندثِرة
إِذ أنَّ عيّناها كَانتْ تَبُوحُ بِمَا لم تبُحهُ شَفَتيها
حتى وَهـِيَ بِقعْرِ صَمْتِها كَانَت تَمْتَلِك الكَثِيرَ مِنْ الخَبَايَا
" ما بَالُ حُزنُكِ لا يَنجَلِي " سألت (ميليسا)بنبرةٍ محملةٍ بالشفقة
" لقد وهن عزمي و أصابت أسهُمُ الحقيقة سويداء قلبي "" سلامٌ على قَلبِكْ فالأَيَّامُ كَفيلةٌ بجَعْلِهِ ينسى الأَلم " ردَّت بهَمٍ
" إِذاً سارِعي بإِخْبَارِ الأيَّام عني " ولِوَهلةٍ فقط أقْسَمت ميليسا أنها أبصَرَتْ شبح إبتسامةَ لِ فيونا....دائما ما كان الفضولُ هو عامِلُ ميليسا
فَ كُل حديثٍ بينهما كان يَبْتدأُ منها
"قُصِّي لي عَن وليدِك " التوتر كان ما يسود حديثها
" ليس بالكثير سوى أن الموت إنتشل جلَّ من أحب حتى غدوت جسدا بلا روح "" لا تنثني وتمسكي بذاك الشُعَاع اللامع وسط ظلمتك " أردفت بتشجيع
" لكن ظلمتي لا تزال محدبتاً بالأحزان خاليتاً من أي شعاعٍ قد يخترقها "" إذا سأكون ذاك الشُعَاع و سأنْترزِعُكُ من ثوب حُزْنِكْ
وسأَجعَلُ من ندوبِكِ أطلالاً تَتَغنينَ بها "
وكانت هذه ثاني مرةٍ على التوالي تُبصِرُ فيها ميليسا إبتسامة فيونا
وهكذا مضى خمسون ربيعاً
ممتلئآ بحزنٍ وفرحٍ دفين
"عزيزتي ميليسا أنا الآن حيثُ لا توجدين
ها هو السَّوادُ يتجلَّى بمقلتاي بِعد رحيلك
بعمر يناهز السَّبعين أقف وداعاً لجثمانك
شكرًا لِكَونكِ شعاعاً وسط ظلمتي
عزِيزَتيِ
أنا بعلمٍ أنَّكِ إنطفئتي لكنَّ شُعاعُكِ لا يزالُ يُنيرُ دواخلي"
أقدمت حيثُ القماش الأبيض الذي يحتضن جثمان ميليسا
و كشفت عن وجهها وإنحنت بغية تقبيل رأسها
و امتدَّت كفَّتيها تُعانِقُ جَوانِبِ وجهِهَا
فترقرقت عينها واستمرَّ دمعُها بالإنسكاب بَعْدَ إذٍ
كانت تستمرُ بالهمس وهي تَرْتَعِشْ
"سلامٌ على قلبي فالأيَّامُ كفيلةٌ بجعله ينسى أيَّ ألمٍ سوى ألمِ رحيلك "
وكَانَ دمعُها يَستمرُ بالإِنْهِمارِ فَقَطْ كغَيّمةِ الرَّبيععندما تجد من يَتفهمكْ بلا كلمات
ويقرأُ تقاسيمك بلا أحْرُف
إعلم أن الله أوجد لك ضالتك
فتمسك بها وإحتضنها
و اعلم أن لَكَ
' صديق'
سَيكون لك شعاعاً لامع
وسَطَ ظُلمتك🌹
أنت تقرأ
شُعَاعْ
Short Storyحَتَّى وَهـِيَ بِقَعْرِ صَمْتِها كَانَت تَمْتَلِك الكَثِيرَ مِنْ الخَبَايَا