أمضت جنيفر الأيام الخمسة الأولى من فترة العيد بصورة عادية , ولكن اليوم السادس تحول الى مفاجأة .
شهدت العطلة تدفقا للنزلاء الذين أستغلوا أجازاتهم للتمتع برياضة التزلج , وبأسباب اللهو والتسلية التي يوفرها لهم الفندق , وكان لوغان حاضرا طوال الوقت لمساعدة شيلا في أدارة الدفة , أخذت جنيفر كافة الأحتياطات لتفادي الأقتراب منه بقدر الأمكان , مستعينة بديرك هاملتون لأقامة حاجز بوجه جاذبية لوغان وسحره , ولكنها لم تتمكن من تخفيف خفقان قلبها كلما وجه اليها نظراته المشبعة بالجمال والأغراء , ولم تقدر أيضا على كبت مشاعر الغيرة والحسد , كلما شاهدته مع أختها.
حاولت التظاهر بأنها مرحة ومسرورة ,ولكنها أحست بوهن تلك المحاولات اليائسة , كاد قناع الفرح المصطنع يهوي ويتحطم , عندما رأت ديدي هنتر... الشقراء اللعوب التي ألتقتها في المطار... تغازل لوغان وتمازحه , شعرت بالغيرة.... بالحسد المؤلم ... والأنقباض ... والتعاسة ....! آه , لو كان بأمكانها التطلع الى عينيه بالسهولة التي تراها في نظرات هذه الشقراء اللعينة ... وتشعر بدفء رجولته وشبابه موجها اليها... دون سواها !لا , لا يمكنها ذلك! لن تسمح لها كرامتها وعزة نفسها بالأرتماء أمامه على هذا الشكل! لن تقبل بالفتات ... ولن تسمح لعواطفها بمنافسة أختها, التي نالت أكثر من نصيبها من العذاب والآلام !
وصلت موظفة الأستقبال التي ستحل محلها في فترة ما بعد الظهر , فأستعدت جنيفر للعودة الى البيت , أرتدت بسرعة معطفها الواقي من المطر , وهي تسمع بأنزعاج ضحكات ديدي هنتر , هرعت عبر القاعة الرئيسية كيلا تواجه لوغان , الذي سيكون بالتأكيد مع ديدي ,وقفت أمام الباب وهي تتأمل بذهول وجوه القادمين الجدد, توقف رجل طويل القامة أمامها , وقال بدهشة واضحة:
" جنيفر!".
حدقت بعينيه اللتين تنظران اليها بأستغراب بالغ, ولم تعرف ماذا تقول ,وضع يديه على كتفيها , وخاطبها بلهجة من لا يصدق عينيه قائلا:
" جنيفر! لا أصدق أنني أراك الآن أمامي!".
أستعادت أنفاسها تدريجيا ,وقالت له هامسة :
" برادلي! ماذا تفعل هنا؟".
ردد سؤالها ضاحكا , ثم ضغط على كتفيها وكأنه يحاول ضمها اليه , وأضاف قائلا:
" لن تعرفي مدى العذاب الذي لقيته وأنا أحاول أيجادك , أو الأستفسار عنك وعما أذا كنت على ما يرام , وها هو القدر يرسلك اليّ! يا لحظي العظيم!".
نظرت اليه بعينين تقدحان شررا , وهي تتذكر الذي عانته مع هذا الرجل و ثم قالت:
" كيف عرفت أنني هنا؟".
" لم أعرف! أردت الأبتعاد لبعض الوقت , أتخذت القرار في اللحظة الأخيرة , لم أجد غرفة شاغرة في فندق كولورادو فأتيت الى هنا".
ثم أبتسم ومضى الى القول بنبرته المعتادة:
"لا تنظري الي هكذا , يا جنيفر , أعلم أن الذي حدث أمر لا يمكن غفرانه".
أبتعدت عنه بعصبية بالغة , قائلة:
" لا أريد التحدث عن هذا الموضوع".
" أنت مخطئة , يجب أن نتحدث عنه ,وبكل صراحة".
أقترب منهما لوغان في تلك اللحظة , فنظر الى برادلي بتأدب قبل أن يقول لجنيفر:
" عفوا , تسألك أختك أذا كان بالأمكان أحضار الأولاد من المدرسة , لأن لديها أعمالا كثيرة ستمنعها من ذلك".
" طبعا ,طبعا".
تطلع لوغان نحو برادلي ثم نحو جنيفر , متوقعا منها أن تعرفه على الرجل الآخر , لم تكن راغبة في ذلك أبدا
ولكن نظراته الحازمة أرغمتها على القول:
" برادلي , أعرفك بالسيد تايلور....... صاحب هذا الفندق".
" برادلي ستيفنسن , صديق من مينابوليس".
تصافح الرجلان بتهذيب , وأستهل لوغان الحديث بالقول:
" أننا مسرورون بوجود أحد أصدقاء جيني بيننا , هل لديك أجازة طويلة؟".
" ثلاثة أيام فقط؟ آمل برؤية جنيفر خلالها مرات عديدة , وبما أنك رب عملها الآن , فمن الواجب أن أنذرك مسبقا بأنني سأبذل قصارى جهدي لأقناعها بالعودة معي لأستعادة وظيفتها السابقة".
تطلعت جنيفر بخوف وذعر شديدين , فيما كان لوغان يسأل مستفسرا:
"وظيفتها السابقة؟".
" نعم , كانت جنيفر سكرتيرتي الخاصة , بالأضافة الى..... الى أمور أخرى ".
حدق لوغان بوجهها المحمر حياء وأنفعالا , ثم قال لبرادلي بغطرسته المعهودة:
" أنه أمر مؤسف حقا لأن جيني لم تبلغني مسبقا بموعد وصولك , كان بأمكاني أحلال موظفة أخرى طوال الأيام الثلاثة هذه ,ولكننا الآن في ذروة الموسم ,ولا يمكن بالتالي الأستغناء عنها دقيقة واحدة".
رد برادلي على التحدي الواضح في صوت لوغان بقوة شخصيته المعتادة , ونبرته الهادئة , قال:
" أعرف , أعرف ذلك".
ثم أمسك بذراع جنيفر وجذبها نحوه , قبل أن يقول بشيء من الأمتعاض:
" والآن أعذرنا , يا سيد تايلور!".
أنتظر لحظة حتى غاب عنهما لوغان ,وقال لجنيفر :
" لنذهب الآن الى مكان يمكننا التحدث فيه بحرية".
" لا .... لا يمكنني ذلك , علي أحضار الأولاد من المدرسة , كذلك فلن تعود شيلا الى البيت ألا في وقت متأخر جدا , مما يعني أنني مضطرة للبقاء معهم والأهتمام بهم".
" سأحضر أذن الى البيت".
أجابته بسرعة وبحدة:
" لا! لا!".
ثم أضافت بهدوء:
" لن يسمح لنا بوجود أولاد ثلاثة بالتحدث في أمور خاصة ".
" نلتقي غدا".
" سأكون في عملي طوال النهار".
" جنيفر , أريد أن أتحدث معك على أنفراد ,ولن أقبل بأي أعذار تبعدك عني خلال هذه الفترة الوجيزة , يجب على الأقل منحي فرصة للتفسير والأيضاح , أذا قررت بعد ذلك الأصرار على موقفك هذا, فأنني أعدك منذ الآن بأنني لن أزعجك أو حتى أحاول مقابلتك والتحدث اليك".
من كان سيظن قبل شهر من الآن بأنها ستتصرف معه بمثل هذا الجفاء وهذه البرودة ؟ تنهدت
وقالت:
" حسنا , ستقام غدا في الفندق حفلة رأس السنة الجديدة , ولكوني شقيقة شيلا , وموظفة في الفندق , فأنني مضطرة لحضورها , ولكنني متأكدة من أنه سيكون لنا بعض الوقت بعدها كي نتحدث ".
" لن تندمي على ذلك أبدا , يا جنيفر".
لم تؤثر بها أبتسامته الجذابة ولم تحرك عواطفها , كما كان يحدث سابقا , قالت له بتأدب:
" أعذرني الآن , يجب أن أذهب".
" الى اللقاء غدا , بأذن الله".
قبلها على جبينها بتردد وحنان , هزت رأسها , وتوجهت بسرعة نحو الخارج.
سألتها عاملة الهاتف:
" هل أنت ذاهبة الآن الى الغداء , يا جيني؟".
" نعم , سأعود خلال فترة قصيرة".
" متأكدة".
نظرت جنيفر بأستغراب الى زميلتها كارول , وسألتها عما تعني بذلك , ضحكت الشابة بصوت عال الى حد ما , وقالت:
" أذا ذهبت أنا لتناول طعام الغداء مع رجل وسيم وجذاب , فسوف أمضي ساعة أو أكثر مع المقبلات فقط!".
" عما تتحدثين يا كارول, وماذا تقصدين؟".
" جاء رجل ساحر صباح اليوم , وسألني عن موعد ذهابك الى الغداء , تصورت أنك ستتناولين معه الطعام , يا لك من شابة سعيدة الحظ! ويا له من رجل جذاب يسلب العقول!
لم يذكر برادلي أمامها شيئا عن الغداء , أبتسمت لزميلتها ,وقالت:
" الجاذبية الحقيقية هي في القلوب والعقول , لا تدعي الشكل الحسن يخدعك , يا كارول, في بعض الأحيان , تكون داخلية الأنسان فاسدة وقبيحة".
ضحكت كارول بأغراء ودلال , وقالت:
" لو كان لدي رجل كهذا , لفعلت أي شيء في الدنيا كي أرضيه وأسعده , أوه , أذكر الذئب......".
تطلعت جنيفر نحو المكان الذي أشارت اليه كارول , فشاهدت رمز الوسادة والجاذبية... برادلي.
" مرحبا , يا جنيفر , ما رأيك لو نتناول معا طعام الغداء قبل أن أذهب الى التزلج؟"
." برادلي , أنا..........".
تدخل لوغان بسرعة , قائلا:
" آسف , يا سيد ستيفنسن , جيني غير قادرة على ذلك".
" لم لا؟".
أجابه لوغان بلهجة حازمة:
" نتبع في هذا الفندق سياسة تمنع أختلاط الموظفين بالنزلاء بصورة علنية , أذا كان لا بد من وجودكما أنت والآنسة غلين معا , فمن الواجب أن يتم ذلك بعد أنتهاء عملها".
" أين تكمن المشكلة الكبرى أذا تناولت وأياها وجبة خفيفة؟ ألا يمكن أستثناء هذا اللقاء القصير ؟ وصلت أمس من مينابوليس, وسأعود اليها بعد غد!".
تطلع بسخرية نحو جنيفر , التي كانت متضايقة الى أبعد الحدود , ثم أبتسم لبرادلي بأسف وقال:
" لا أدري كيف يمكنني مساعدتك , أنا متأكد من أن كل قضية تصبح خاصة وهامة في عين صاحبها".
مارس برادلي ضبط النفس , وسأله بهدوء مصطنع:
" وهل هذا هو قرارك الأخير؟".
" نعم , أعذرني الآن , فلدي أعمال هامة تتطلب أهتمامي الشخصي".
هز رأسه لكل من برادلي وجنيفر , وعاد الى المكاتب الخاصة التي تقع وراء مكتب الأستقبال , تبادلت جنيفر وزميلتها كارول النظرات الحائرة , ثم نظرت نحو برادلي مذهولة غاضبة , حدق بها بعينين تشتعلان حنقا ,وقال:
" لا شك في أنه أحد أكثر الأشخاص غرورا وغطرسة وتسلطا.....".
" صحيح ,ولكن هذا الأمر لا يغير التعليمات المتبعة في الفندق, في أي حال , وقتي لا يسمح لي ألا بتناول سندويشة صغيرة , سأراك الليلة , يا برادلي".
أجابها بصوت عال , قبل أن يخرج غاضبا من بهو الفندق:
" حسنا ,وآمل ألا أضطر لرؤية هذا الدخيل المتطفل مرة أخرى!".
همست كارول في أذنها , خوفا من أن يسمعها لوغان:
" ما هذا الهراء الذي سمعته قبل قليل؟ لم أعلم أبدا بوجود أعتراضات على تناول أحد الموظفين الطعام مع نزلاء الفندق , كل ما في الأمر أننا ندعوهم الى طاولة الموظفين".
" أعرف ذلك ,ولكنني أصبحت على ما يبدو الأستثناء الوحيد... من المؤكد أنني أريد معرفة السبب!".
" وهل ستسألينه؟".
" أذا.... أذا سنحت لي الفرصة , أما الآن , فسوف لأذهب لتناول طعامي بمفردي".
أنت تقرأ
حبيبتي جيني ...
Romanceالملخص الجراح درجات ...وجرح القلب أخطرها.... البعض يداوى حروق قلبه بالسفر والنسيان , والبعض الآخر يعض على جرحه وينام مكسورا من الألم. جنيفر خدعها مديرها ستيفنسن , وزرع فى كفيها أحلاما جرفها نهر الحقيقة , فأقفلت باب قلبها وهربت حاملة جراحها فى حقيبة...