يخطو بحذائه الرياضي الأسود خارج أرضية المطار ليزفر براحة بعد أن ترك حقيبة سفرهابتسامة علت ثغره بينما يراقب كل شبر أمامه،
السيارات، المباني، الأزقة، والمارون أيضا، ففي النهاية هو عاد لمكان اشتاق له قلبه أشد شوق."لندن لم تتغير كثيرا"
نطق هذه العبارة و مازالت عيناه تتأمل المكان، حمل حقيبته مجددا ثم أشار لإحدى سيارات الأجرة بالتوقف، وضع الحقيبة ليتقدم لمقعده ويجلس في انتظار الوصول لوجهته.
وها قد عادات عيناه لتتأمل هذه المدينة الآسرة النابضة بالحياة، كيف لا و هي موطنه، مسقط رأسه وحيث قضى طفولته.
غفت عيناه بسبب التعب لتبادر ذهنه بعض الأحلام الغريبة حيث أن هناك طفلة صغيرة تبكي، معزولة عن الكل، الجميع يرتدي اللون الأسود.
كما هناك هالة من البؤس تحوم حول المكان، وصوت البكاء هو أغلب ما يسمع.
تقدم ببطء اتجاه تلك الطفلة الصغيرة وأمسك يدها لترفع رأسها بأعين جاحظة سرعان ما عادت إلى بكائها الشديد لترتمي في حضنه.
استفاق من قيلولته على صوت سائق الأجرة يخبره بوصوله لوجهته، فابتسم بحرج متآسفا ثم قدم المال له ساحبا حقيبته.
نظر بتمعن لذاك المبنى الضخم ذو الواجهة الزجاجية التي تلمع بسبب انعكاس أشعة الشمس المقابلة للمبنى.
خطا خطوات ثابتة اتجاهه متقدما لتلك السكرتيرة والتي تبدو في بداية الثلاثينيات بملابس سوداء رسمية، وخصلات شعرها رفعت على شكل كعكة مرتبة.
"عفوا سيدي كيف أستطيع مساعدتك"
"أريد رؤية السيد رايتشل لو سمحت"
أجرت اتصالا سريعا ثم أعادت نظرها له مع ابتسامة صغيرة
"تفضل بالدخول سيدي"
فتح الباب الأسود ذو المقبض الذهبي ليقابله جسد ذاك الكهل المنهك بأعماله والذي رفع نظره ببطء ظانا منه أنه أحد العاملين إلا أن تعابير الصدمة ارتسمت على ملامحه سرعان ما أبدلها بابتسامة متسعة.
وقف سريعا من على كرسي مكتبه متجها إلى ذاك الفتى بينما يمد يديه بهدف معانقته.
وضع الآخر الحقيبة ثم ركض ليضمه فرحا،أكيد سيفرحان فهو فراق سبع سنين، هما ليسا ابنا وأبا لكن علاقتهما جد قوية إذ أن هذا الرجل هو من ساعده في أحلك أوقاته، سحبه من مستنقع الأحزان، وحاول أن يخرجه من بؤرة الاكتئاب التي أصابته في مراهقته.
أنت تقرأ
لعنة داجية
Horrorعاد بعد سبع سنين هربا من ماض مشين، تواق لرؤية فتاته الدعجاء ليصفع بمرارة حاضر أسوء منه ماض، تغير عصف بها و من ملاك بأجنحة فراش تحولت إلى شيطان بأعين حمراء صارت. فهل له أن يعيدها؟ Odette Lucas