استيقظ من مكانه بتعب وإنهاك جسدي بسبب السفر وآخر فكري بسبب صديقة الطفولة 'أوديت'.منذ دلف غرفة الفندق وهو يحس بالضياع، التشتت والفراغ، لأول مرة يجد نفسه حائرا لا يدري ما يفعله، فكل ما خطط له حين عودته لبريطانيا ذهب في مهب الريح كون أوديت محور مخططاته ليست على طبيعتها المعهودة.
تنهد بعمق ثم استقام اتجاه الحمام، وقف أمام تلك المرآة لثواني بينما يتذكر كل محاولاته الفاشلة في محادثة أوديت أو فهم لما صارت هكذا.
هو لم يلتقي والدها مرة أخرى ليسأله عن سبب تغيرها الكلي شكلا ومضمونا، كما أنها تأبى الإجابة عن أسئلته وتعامله كغريب.
والعجيب أنها تبدو وكأنها لا تمثل عدم معرفته بل وكأنما هي حقا لا تعرفه.
فتح الحنفية ليمد يديه ويغسل وجهه بتلك المياة الفاترة لعلها تزيح تعبه وتفكيره اللامحدود.
أعاد نظره للمرآة مستندا على حافة المغسلة بكفيه وقد احتدت نظراته، هز رأسه بوعيد ثم تمتم لذاته بإصرار.
"يجب أن أفهم ما حدث لك يا أوديت لن أسمح لكل ذكرياتنا وانتظاري الشديد لرؤيتك بعد سنين أن يتبخر وكأننا لم نعرف بعضنا قط"
سحب المنشفة متجها إلى حوض الاستحمام،
وهدفه محدد في ذهنه 'معرفة سبب تغير أوديت'.
أوديت التي كانت مسجونة داخل علية تفكيرها المظلمة ودهاليز شرودها كالعادة، بخطوات بعيدة عن الاتزان تتمشى بمحاذاة أفكار معقدة كأحجية، وكالعادة الأسود كل ما يلف جسدها.
بعيدة كل البعد عن الواقع فأذانها مغلفة بسماعات رأس كبيرة وعيونها المرتخية الباردة تتخذ الأرض نياط نظرها، وفي جياب القلنسوة السوداء الخاصة بها تدفئ يديها علها تزيح الجليد عن مشاعرها، لنقل أنها عبارة عن سحابة بؤس باختصار.
ارتطمت بأحد المارين لتسقط أرضا معانقة الرصيف القاسي وترتمي سماعات الرأس خاصتها بعيدا بعد أن تحطمت بضعة أجزاء منها، وعلى مستوى فخذها برز خط رفيع أحمر سالت منه بضع قطرات من الدماء بعد أن تمزق جزء من جواربها الطويلة السوداء.
"هل تعانين العمى يا خرقاء !"
صاح ذاك الذي ارتطمت به غاضبا، ثم تابع شتمه تحت أنفاسه بينما يقطع الشارع للجانب الآخر.
نظرت له بحقد وبغض شديدين وهي تستقيم ببطء كزومبي قام توا من مرقده أما نظراتها فقد ازدادت برودة.
أنت تقرأ
لعنة داجية
Horrorعاد بعد سبع سنين هربا من ماض مشين، تواق لرؤية فتاته الدعجاء ليصفع بمرارة حاضر أسوء منه ماض، تغير عصف بها و من ملاك بأجنحة فراش تحولت إلى شيطان بأعين حمراء صارت. فهل له أن يعيدها؟ Odette Lucas